حوار يرسم ملامح المستقبل
بقدر كبير من الشفافية والوضوح، تناول معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية قضايا الشأن الداخلي ومواقف خارجية لدولة قطر حيال عدد من الملفات بالمنطقة.
في أول حوار مباشر بعد توليه المنصب في السابع من مارس الماضي، وبحضور حشد من الإعلاميين استضاف تلفزيون قطر معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، تحدّث عن مختلف الملفات بدءا من كأس العالم والإرث الذي شكلته هذه الاستضافة، مرورا بالصحة والتعليم والقطاع الخاص والتوظيف والاستثمارات القطرية بالخارج وضريبة القيمة المضافة والتأمين الصحي وقانون التقاعد.. وانتهاء بالفوائض المالية للدولة، وإن كان التركيز بدرجة كبيرة على التعليم والصحة، القطاعين اللذين يتصدران اهتمامات الدولة، وتوليهما الأولوية.
اللقاء – الذي كان منقولاً على الهواء مباشراً – جدد التأكيد على ما يتمتع به الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني من قدرات قيادية من طراز رفيع، وحضور قوي في مختلف القضايا التي كانت مثار حديث وتساؤل الحضور، رغم أنه لم يمض على توليه المنصب إلا نحو 38 يوماً، لكن إجاباته على مختلف تساؤلات مقدم الحوار والإعلاميين كانت تدل على أنه قريب من كل هذه القضايا والملفات، وضليع بها كأنه مضى عليه سنوات في هذا المنصب.
قدم إجابات عميقة ومقنعة على مختلف التساؤلات، وحدد مسارات عمل الحكومة خلال المرحلة المقبلة بصورة واضحة، ورسم الأهداف التي تتطلع لها حكومته بصورة جلية، ولم ينف وجود قصور إداري في بعض القطاعات، وإن كانت هناك نجاحات في أزمات معينة، كالقطاع الصحي خلال أزمة كورونا، لكنه لا يبالغ في الحديث عن المكاسب في القطاعات الخدمية، بل كان طرحه متوازنا، مقنعا، عقلانيا، كما عرفه الجميع في مواقفه السياسية خلال السنوات الماضية، والتي استحق وصفه بـ “فارس الدبلوماسية”.
لذلك هذه المقابلة وما جاء بها من طرح لقضايا المجتمع، لهي مؤشر على مرحلة جديدة سنشاهدها في المنظومة الحكومية، وباعتقادي سيكون لها ما بعدها، وستظهر أمور إيجابية وتطورات على القطاعين العام والخاص، استكمالاً لجهود إخوانه الذين سبقوه في هذا المنصب.
الإمكانات التي يتمتع بها معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، والخبرات التراكمية التي اكتسبها في مسيرة عمله، والتي من بينها توليه مديرا لمشروع دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في 2009 ومديرا لإدارة شراكة القطاع الحكومي والخاص بوزارة الأعمال والتجارة، ورئيسا للجنة التنفيذية لشركة تنمية المشاريع، ورعاية برامج التنوع الاقتصادي، وصولا إلى توليه منصب وزير الخارجية في 2016، وقبلها في 2013 مساعدا لوزير الخارجية، وفي 2018 رئيسا لجهاز قطر للاستثمار..، هذه المناصب وغيرها شكلت شخصية قيادية نوعية للشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
لم يغفل معاليه الحديث عن القوة الناعمة التي تتمتع بها قطر، والتي جزء منها الدعم والمساندة والمساعدات التي تقدمها للدول والشعوب الأخرى، واستحضر هنا حديث “صنائع المعروف تقي مصارع السوء”، وقال إن أهل قطر جميعا عرف عنهم مواقف الخير والدعم، وتساءل: هل يستكثرون على حكومتهم مثل هذه المواقف؟.
المؤشرات تقول إن هناك مرحلة جديدة سوف تبدأ من العمل في مختلف القطاعات، وسوف نرى ثمار هذه الجهود قريباً على مستوى وجودة الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم في مختلف المجالات، وانفتاحاً أكبر ودعماً أكثر للقطاعين العام والخاص، بما يواكب متطلبات المرحلة.