الأمير يكشف للعالم همجية العدوان على غزة
خطاب يكشف للعالم حقيقة ماتتعرض له فلسطين منذ أكثر من 7 عقود .هذا أقل ما يمكن أن يوصف به خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بحضور رؤساء دول وحكومات أكثر من 200 دولة.في كل مرة يخطب فيها سمو الأمير المفدى تتابع الشعوب العربية والإسلامية باهتمام كبير ما يعلنه من مواقف، كونه يمثل لسان حالها تجاه مجمل القضايا المطروحة على الساحتين العربية والإسلامية وأبرزها مواقف قطر الجريئة والصادقة والحاسمة بشأن القضية الفلسطينية، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة.وفي كل مرة يلقي سموه خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يستأثر الخطاب باهتمام دول العالم، لما ينطوي عليه من رؤى حكيمة تؤكد التزام دولة قطر بواجباتها الدولية، ودورها الحضاري والإنساني لحل النزاعات عبر جهود الوساطة والحوار والتلاقي كسبيل وحيد لحل النزاعات الإقليمية والدولية.
وفي كل مرة تتصدر القضية الفلسطينية خطابات سمو الأمير المفدى في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي جميع المحافل الإقليمية والدولية، باعتبارها القضية المركزية لأمتنا، ونعتبرها قضيتنا نحن في قطر قيادة وشعباً، ولا يمكن أن تسقط من ذاكرتنا أو أجندتنا، كما أشار سمو الأمير بالقول «في كل عام أقف على هذا المنبر وأبدأ كلمتي بالحديث عن قضية فلسطين، وغياب العدالة ومخاطر الاعتقاد أنه يمكن تجاهلها، وأوهام السلام من دون حلها حلاً عادلاً، فعلت ذلك كل عام في الوقت الذي باتت قضية فلسطين تغيب عن خطابات ممثلي قوى رئيسية في عالمنا»، فكانت البداية لخطاب سموه وصفه لما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من عدوان سافر، هو الأشد همجية وبشاعة، والأكثر انتهاكًا للقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، مؤكدا أنها جريمة إبادة بأحدث الأسلحة لشعب محاصر في معسكر اعتقال لا مهرب فيه من وابل القنابل الذي تلقيه الطائرات.
عدا عن الرسائل والمفردات والفقرات التي وردت في خطاب سمو الأمير المفدى، حفظه الله ورعاه، والتي كانت تدافع عن فلسطين، الأرض والشعب، كانت نبرات صوته، وملامح وجهه، وحركات جسده، تشير بكل وضوح إلى إيمانه الكامل بعدالة القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق بدولة مستقلة، وحياة كريمة، على أرضه المسلوبة والمغتصبة، فهم سكان الأرض الأصليون، كما أوضح سمو الأمير عندما قال «قضية فلسطين عصية على التهميش، لأنها قضية سكان أصليين على أرضهم يتعرضون لاحتلال استيطاني إحلالي».
ثوابت السياسة القطرية ومواقفها حيال الدفاع عن القضية الفلسطينية، تجددت في خطاب سمو الأمير المفدى بالأمس، وأكدت صوابية المواقف القطرية، تجاه هذه القضية العادلة، التي تواجه اليوم أبشع أنواع الجرائم التي لم يعرف لها مثيلا عبر التاريخ، وترتكب بأسلحة فتاكة، أتت على البشر والحجر والشجر، ولم تبق ولم تذر، والعالم أجمع ليس فقط يتفرج على هذه الجرائم وحرب الإبادة التي ترتكب في غزة، إنما هناك من يبرر لهذا العدوان الغاشم الذي يقوم به الكيان الإسرائيلي، وهناك من يرفع صوتاً مدعياً حق الدفاع عن النفس بالنسبة لإسرائيل، وهؤلاء هم شركاء في الجرائم التي ترتكبها «إسرائيل» بحق المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ، وبحق البنى التحتية والمرافق التعليمية والصحية ومراكز الإيواء، فلم يعد ممكنا الحديث عن حق «إسرائيل» بالدفاع عن نفسها في هذا السياق من دون التورط في تبرير الجريمة، ولم يعد بوسع أي مسؤول الادعاء أنه لا يعلم، فالحقائق معروفة، والتقارير، عن قصف المدارس والمستشفيات، واستخدام الغذاء والدواء سلاحاً، تصدر عن منظمات دولية، ونوايا القادة الإسرائيليين منشورة، وتقال على رؤوس الأشهاد، لذلك فإن عدم التدخل لوقف العدوان هو فضيحة كبرى، هذا ما قاله سمو الأمير المفدى بكل وضوح، وبصوت عال، وأمام المجتمع الدولي، الذي يتواجد رؤساؤه ومسؤولوه وصناع قراره في هذا المحفل الدولي، ولن تألو قطر جهدا في تقديم مختلف أشكال الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني الشقيق.
في كل كلمة قالها سمو الأمير كان يعبر عن نبض الشعب الفلسطيني ووجدان الشعوب العربية والإسلامية، وفي كل موقف أعلنه في الخطاب كان يعبر عن صوت الأمتين العربية والإسلامية.
لقد كان الخطاب على درجة عالية من الوضوح والصدق والحكمة، كان صوتا مدويا بكلمة الحق تجاه شعب أعزل تغاضى العالم عن جريمة إبادته، فهذه الحرب الوحشية أطلقت رصاصة الرحمة على الشرعية الدولية، وألحقت أضرارًا فادحة بمصداقية المفاهيم التي قام على أساسها المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية.
صمت المجتمع الدولي والدول الكبرى اليوم عن الجرائم الوحشية التي تقوم بها «إسرائيل» بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة تجاوز مرحلة التواطؤ إلى المشاركة في الجريمة، فلا يمكن بعد عام من مشاهد القتل المروعة التي يقدم عليها الكيان الإسرائيلي باستخدام كل أنواع الأسلحة، بما فيها المحرمة دوليا، دون أن يكون هناك لجم حقيقي من قبل المجتمع الدولي، بدوله ومنظماته، ووقف لهذا العدوان، لا يمكن وصفه إلا بهذا الأمر بشكل واضح لا لبس فيه.
هذا السكوت والصمت الذي يوفر الغطاء الكامل للكيان الإسرائيلي، مع إمداده بكافة أنواع الأسلحة، يراد منه منح هذا الكيان الغاصب مزيدا من الوقت سعيا لتركيع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، ومن ثم تفصيل المنطقة كلها على قياس «إسرائيل» كما قال سمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه.
وأياً كانت قوة الكيان الإسرائيلي اليوم، ومعه داعموه، فإن هذه القوة الغاشمة لا يمكن أن تلغي الحق، الذي سيظل هناك من يؤمن به ويحمله، ويدافع عنه، إلى أن ينتصر.
سمو الأمير المفدى، الذي كان جل خطابه دفاعا عن الشعب الفلسطيني، وبعد أن قدم كل الحجج، وأزال اللثام عن الكثير من المغالطات في تعاطي بعض الدول والمسؤولين مع القضية الفلسطينية، تطرق إلى جميع الملفات العربية من اليمن والسودان إلى سوريا وليبيا، وفقا لسياسة قطر الخارجية التي تقوم على ثوابت دعم الحق والعدل ونصرة الشعوب المظلومة.
على الدوام كانت قطر ـ قيادة وشعباً ـ تقف مساندة لكل مظلوم، وظلت قطر، كعبة المضيوم، تدافع بكل ما تستطيع عن المظلومين، وتنتصر لهم، في أحلك الظروف، ولا تتردد في إعلان مواقفها بكل وضوح، وستظل على هذا النهج تسير.
حفظ الله قطر وقيادتها وشعبها، ونصر بها قضايا أمتها، وجعلها لسان حق على الدوام، وحفظها من مكر الماكرين، وتآمر المتآمرين، ورد عنها كيد الكائدين.