جائزة تيبيراري اعتراف عالمي بدور قطر صانعة السلام
مثلت لحظة تسلم معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، جائزة تيبيراري للسلام في أيرلندا، مجددا، اعترافا دوليا بالدور الرائد والمتعاظم الذي تقوم به دولة قطر وقيادتها الحكيمة، في مسارات الوساطة واستجلاب الأمن وإحلال السلام والاستقرار العالميين، وهو النهج الذي تسير عليه منذ أكثر من ربع قرن، ورسخ اسمها كواحدة من أهم وأبرز الدول الصانعة للسلام، والباعثة للأمل.
وقف معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية ليقول للعالم في خطاب حملت كل كلمة وكل مفردة فيه رسالة سلام لعالم أحوج ما يكون فيه اليوم لسلام عادل ودائم، يجب أن تطمئن الشعوب، وتلتفت إلى التنمية وبناء مجتمعاتها.
قد لا نبالغ في القول إن كلمة معالي رئيس الوزراء خلال حفل التكريم جاءت بحجم الجائزة وجاءت معبرة، وكأنها تنطق بلسان كل قطري يزهو فخرا بأنه ينتمي إلى دولة قطر التي أصبحت أيقونة السلام العالمي و”صوتا ثابتا للسلام، ومدافعا عن الحوار، وأمة لا تلين أمام التحديات”.
هذا التكريم المستحق لمعالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، ربان الدبلوماسية الحكيمة والعقلانية، عنوانه الأكبر تقدير عالمي لهذا الوطن وأبنائه وقائده حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، الذي يمثل “نموذجا نادرا للقيادة في عالم اليوم، فهو لا يكتفي بالحكم، بل يشعر ويكرس كل جهده وروحه لكل واجب من تلبية احتياجات مواطنيه إلى دعم السلام الإقليمي والدولي”.
هذه الجائزة تعد الأرفع والأبرز بين الجوائز العالمية في هذا المجال، حيث تمنح سنويا تكريما للجهود الإنسانية والأنشطة الرامية لبناء السلام والعدالة للأفراد والمؤسسات على المستوى الدولي، مما يجعل نيلها تقديرا مستحقا للدور البارع الذي قاده معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن لتسوية النزاعات والملفات الساخنة والبالغة التعقيد من غزة إلى الملف النووي الإيراني وصولا إلى التسوية الأخيرة بين الكونغو وروندا، وقبل ذلك ملفات عدة من النزاعات تمكن من تفكيكها وإيجاد الحلول لها، بفضل من الله أولا ثم بالرؤية الحكيمة والرشيدة لسمو الأمير المفدى.
وعندما يأتي الحديث عن جهود قطر في الوساطة والحوار ومحاربة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في العالم نجد أنفسنا أمام سجل ناصع من العمل السياسي والدبلوماسي الممتد لسنوات، يقوده حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في العديد من الملفات الدولية الساخنة التي شكلت تهديداً للاستقرار والتعايش، بل أدت إلى العديد من المواجهات والحروب التي كان لها بالغ الأثر على حياة الشعوب، وتسببت في حرمان الملايين من نعمة الأمن ومن حق التعليم والخدمات الصحية والغذاء.
سعي قطر لتعزيز السلام والاستقرار العالميين بدأه صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حفظه الله ورعاه، ويسير على الطريق ويكمل هذا النهج سمو الأمير المفدى، سدد الله على طريق الخير خطاه، الذي يؤمن إيمانا كاملا بالوساطة والحلول السلمية، ولم تعد ترفا أو واجهة، بل هي اليوم مرسخة في الدستور القطري.
وخلال مشاركة سمو الأمير المفدى في الاجتماع رفيع المستوى للاحتفال بالذكرى 75 لتأسيس الأمم المتحدة أكد سموه أن “الأمم المتحدة ما زالت قاصرة عن إيجاد الآليات اللازمة لفرض مبادئها على أعضائها، وما زال حق القوة يتفوق على قوة الحق في مناطق مختلفة في العالم وفي مجالات مختلفة من حياتنا”.
ونحن اليوم في العشرية الثالثة من القرن الحالي ورغم هذه الجهود المقدرة إلا أن العالم ما زال يواجه تحديات مستجدة وغير مسبوقة في مختلف الجوانب وفي مقدمتها استفحال بؤر التوتر والصراعات الإقليمية والدولية.
ويومها أكد سموه أن التزام قطر بالعمل مع الأمم المتحدة، ومواصلة تقديم الدعم لها وتعزيز الشراكة مع أجهزتها لتمكينها من مواجهة التحديات العالمية المشتركة وتحقيق الأهداف التي تنشدها.
وقد كانت تلك الكلمة تشخيصا جريئا للأزمات التي تعاني منها شعوب العالم والتي تتطلب حلولا جذرية بتغليب الحوار ودعم الاستقرار واحتواء بؤر التوتر.
وتولت الدبلوماسية القطرية دون ملل ملفات تسوية النزاعات في فلسطين والسودان والصومال ولبنان وإثيوبيا وإريتريا وبين الكونغو ورواندا، فضلا عن الملف النووي وإيقاف الحرب الإيرانية الإسرائيلية، وقبل كل هذا جهود قطر الإنسانية التي لم تتوقف في مساعدة الفلسطينيين وأهالي غزة وهم يعانون ويلات الحصار، وتصدت كذلك إلى الوساطة الصعبة بين “إسرائيل” وحماس بمشاركة مصرية أمريكية في هذه القضية المعقدة.
إن المواقف الداعمة للحوار وخفض التصعيد، هو ما يميز دور ومساعي سمو الأمير المفدى بممارسة دبلوماسية الوساطة والحوار وحل النزاعات بالطرق السلمية، وهو موقف مبدئي وثابت ولا تسبقه أي أجندة وليس له أهداف سوى حماية الأمن والاستقرار للشعوب، التي قال عنها معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية إن “سمو الأمير يرى شعوب المنطقة والأبرياء حول العالم أبناء له، ويحزن على كل روح تزهق، ويؤمن بأن السلام إرث يجب صيانته”.
وكان ثمرة هذه الجهود المكانة المتميزة التي تحظى بها اليوم دولة قطر، والتي أصبحت قبلة يقصدها كل طرف لديه رغبة حقيقية لإيجاد حلول لمشكلات يعاني منها أو أزمات تعصف بين فرقاء البلد الواحد، أو بين دول مجاورة أو أطراف لديها مشكلات عالقة تبحث عن حلول لها.
جائزة تيبيراري الرفيعة للسلام التي منحت لمعالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني تعتبر جائزة لتقدير المبادئ والقيم التي وضعها حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وهي أيضا جائزة لدولة قطر لما قامت به في كل ما يخدم قضايا البشرية خلال السنوات الماضية، وهي أيضا جائزة مستحقة وتحمل كل معاني التقدير للدور الكبير الذي قام به ـ ولا يزال ـ معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، في مختلف الوساطات، وبالتالي وكما قال معاليه فإن “هذه الجائزة هي فرصة للتأكيد على الدور القطري والتزام دولة قطر في هذا الصدد، ليس كصانعة للسلام فقط بل وكمهندس للسلام عالميا».
ولعل خلاصة القول يكمن في الرسالة التي وجهها معاليه إلى الجيل القادم بقوله “لا تظنوا أن السلام سذاجة. إنه أصعب من الحرب، لكنه يستحق كل جهد. إنه أقوى من السخرية، وأعلى صوتا من العنف”.
تلك هي خلاصة رسالة قطر: السلام يستحق كل الجهود مهما بلغت التضحيات.
لقد رسخت جائزة تيبيراري موقع قطر على الخريطة العالمية من وسيط محايد إلى صانع للسلام قادر على التعامل مع جميع الملفات المعقدة والساخنة.