هل من خيارات لمدارس الفلل؟
لا خلاف على أهمية وجود بيئة تعليمية متكاملة ذات مستوى متطور، تواكب متطلبات الدولة والمجتمع على صعيد التعليم النوعي، والمحافظة في نفس الوقت على المستوى المتقدم الذي حققته دولة قطر على المؤشرات التنافسية الدولية.
وفي الوقت نفسه هناك تقدير للجهود التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم، والقائمون عليها والمنتسبون إليها، وثقة بحرصهم على تجويد التعليم، وتوفير أفضل التقنيات والمبادرات على صعيد التعليم، وتسخير كل الإمكانات في سبيل ذلك.
لكن..
هل الأخوة بوزارة التربية والتعليم درسوا جيدا التعميم الصادر بشأن الموقف من المدارس القائمة على مبانٍ سكنية أو ما تعرف بمدارس «الفلل»، وإيقاف التسجيل فيها اعتبارا من العام الدراسي 2025/2026 على أن يلغى الترخيص في 2029/2030 أي خلال 4 سنوات إن لم تتوفر مدرسة بمواصفات حددتها الوزارة، وهي مكلفة، وغير متاحة بصورة كافية، ومن غير المتوقع تنفيذها خلال هذه المدة القصيرة من قبل جميع المدارس المستهدفة.
باعتقادي أن المضي في تنفيذ هذا القرار سوف تكون له جوانب سلبية، وانعكاسات «مؤلمة» على قطاع لا بأس به، وأفراد استثمروا الكثير في قطاع التعليم، وربما «ظلاله» تسقط على مستثمرين آخرين كانوا يتطلعون للدخول إلى هذا القطاع.
هذه الفلل أو المباني السكنية التي اليوم تحوّلت الى مدارس جاءت بموافقة من وزارة التربية، وقام ملاك هذه المدارس بعمل تحسينات وتهيئة «الفلل» في جوانب مختلفة لتكون ملائمة ـ نوعا ما ـ لتلك المتطلبات، وصرفوا في سبيل ذلك أموالا طائلة.
أيضا هناك العديد من ملاك تراخيص مدارس «الفلل» لديهم تعاقدات مع أصحاب الفلل لمدد تتجاوز السنوات الأربع التي حددتها الوزارة، مما سيفرض عليهم دفع مبالغ مالية كبيرة، وستتراكم عليهم خسائر، فلماذا ندفع بهذه الشريحة لمنزلق خطير، وسوف يطول الضرر أيضا أسر هؤلاء ملاك المدارس، وقد نجد البعض منهم في قوائم «الغارمين».
الأمر الآخر هل هناك مبانٍ حاليا تتوفر بالسوق بها المواصفات التي حددتها الوزارة بما يلبي العدد الذي حسب معلوماتي يصل إلى 40 مدرسة؟ وهل يمكن للوزارة أن توفر جزءا من هذه المباني من ضمن مدارس تابعة للوزارة غير مستخدمة بأسعار رمزية؟.
للأسف الشديد هناك جهات تمتلك مباني تتوفر بها مواصفات وزارة التربية قامت برفع الإيجار الشهري بعد قرار الوزارة، مستغلة قلة ما هو معروض من مبانٍ يمكن استخدامها كمدارس وفق مواصفات التعليم.
كما أن خطوة شراء الأرض بالمساحة المطلوبة وبناء المقر والمرافق الخاصة بالمدرسة يمثّل عبئا ماليا كبيرا، والجميع يعرف أسعار الأراضي والعقارات عموما، وفي مثل مساحات المدارس فإن الأسعار لن تقل عن عشرات الملايين، على أن يتم الانتهاء منها كاملا خلال 4 سنوات، بدءا من الشراء والمخططات والموافقات والمقاول والبناء… وانتهاء بالتأثيث.
أعتقد أن الخيارات أمام اصحاب تراخيص مدارس «الفلل» محدودة جدا، وربما عدد منهم سوف يخرج من العمل بقطاع التعليم.
لذلك لا يمنع الأخوة بوزارة التربية ـ ونحن نعرف مدى حرصهم الشديد على التعليم بكل مساراته ومؤسساته والعاملين فيه ـ من إعادة دراسة القرار أو التعميم الصادر بشأن المدارس القائمة على المباني السكنية، والنظر فيه من كل الجوانب، سواء الخاصة بمقرات المدارس أو العاملين فيها أو أصحاب التراخيص وملاك هذه المدارس.
وإعادة الدراسة لا تعني التقليل من أهمية التوجه نحو إيجاد مقرات تعليمية بمواصفات متكاملة، لكن الدراسة قد ترجئ تنفيذ القرار، أو تمدد الفترة الزمنية الممنوحة لأصحاب التراخيص، الذين قد تلحق بالكثير منهم أضرار كبيرة ومتعددة.