5 نوفمبر 2024.. تاريخ مشهود في مسيرة الوطن
سيظل الخامس من نوفمبر 2024 تاريخاً محفوراً بالذاكرة القطرية، جسّد اللحمة الوطنية والتلاحم وإعلاء مصلحة الوطن العليا في أبهى صورها، وشكّل يوما آخر من أيام الولاء والتكاتف والأسرة الواحدة في قطر.
صحيح أن هذا اليوم، وهو الاستفتاء على مشروع التعديلات الدستورية، قد ينظر إليه البعض أنه مجرّد تصويت على مواد دستورية، لكنه في رسالته الأشمل كان عنواناً بارزاً لوحدة وطنية، تعزز من النسيج الاجتماعي المتماسك والقوي بين أهل قطر جميعاً، والمتجذر عبر عقود من الزمن، والمتوارث عبر الأجيال.
صورة التلاحم ظهرت جلية بين كافة أفراد المجتمع، فالمشاركة الشعبية الواسعة النطاق منذ اللحظات الأولى لفتح أبواب التصويت قالت بصوت واحد: تجمعنا قطر.. ونلتف خلف القيادة الرشيدة.
إنه يوم استثنائي في مسيرة هذا الوطن العزيز، أكد فيه رجالاته وأبناؤه أنهم على قلب رجل واحد، ويشكلون جسداً واحداً.
كان سمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظه الله ورعاه، منذ الصباح الباكر في مقدمة المتجهين إلى مقار الاقتراع ليدلي بصوته كواحد من أفراد هذا الشعب، وكمواطن بار ومخلص لوطنه، أصر على أن يتوجه سيراً على الأقدام للوصول إلى مقر الاستفتاء بكل تواضع وبساطة دون تكلف أو رسميات، وفضّل أن يدلي بصوته حضورياً، ليؤكد مجدداً في رسالة واضحة هذه العلاقة الوطيدة والمتأصلة التي تربط القيادة بالشعب في قطر، بعيدا عن الرسميات، وهو ما عهدناه دائما من سمو الأمير في علاقته مع أبناء شعبه.
وهكذا شاهدنا سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي تواجد حضورياً بمقر لجنة التصويت للإدلاء بصوته في الاستفتاء ليضرب مثلاً رائعاً، وليعزز روح الأسرة الواحدة التي تجمعنا في قطر، كبيرنا وصغيرنا.
والأمر كذلك مع سمو نائب الأمير الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني، وسمو الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لسمو الأمير، وسمو الشيخة موزا وحرم سمو الأمير الشيخة جواهر، وشخصيات كثيرة من رجالات قطر فضّلت الحضور المباشر.
شاهدنا بالأمس صورة مميزة أخرى من المجتمع القطري الذي عرف على الدوام عبر التاريخ أنه المجتمع المتآلف والمتحاب والمتجانس والمتماسك، ضرب مثالا رائعا في الحضور والمشاركة الشعبية الواسعة منذ الصباح الباكر حتى اللحظات الأخيرة من موعد إغلاق صناديق التصويت على مشروع التعديلات الدستورية.
كلنا في قطر أهل.. قالها سمو الأمير المفدى، فترجمها المواطنون عبر هذه المشاركة الشعبية الفاعلة والإيجابية، والتي قالت بملء الأفواه: لبيه سمو الأمير.. ونعم للتعديلات الدستورية.
مشاهد كثيرة خلال الاستفتاء حملت رسائل مميزة عن الوطن وأهله، إن كان ذلك على حجم المشاركة الشعبية، أو صعيد التلاحم الشعبي، أو العلاقة الأصيلة بين القيادة والشعب، والثقة المتبادلة بين سمو الأمير المفدى وأبناء شعبه، أو على مستوى الوعي والإدراك لأهمية هذه التعديلات على مسيرة الوطن، أو مشاركة قطاع واسع من الشباب، أو تلك التي رأينا فيها الكثير من المواطنين الذين اصطحبوا أبناءهم الأطفال معهم خلال التصويت، لترسيخ المعاني الوطنية، ولتظل المواقف الوطنية راسخة في أذهان وعقول الأبناء، ولتتناقل الأجيال هذه المواقف العالية القدر والمرتبطة بالوطن جيلاً بعد جيل.
ملحمة وطنية سجلها أهل قطر في المشاركة والحضور، على الرغم من وجود خيارات أخرى في التصويت، منها عبر تطبيق «مطراش»، إلا أنهم فضلوا الحضور المباشر في مقار التصويت الورقي والإلكتروني.
ولابد هنا من التنويه بالجهود الكبيرة، والتجهيزات العالية، والتسهيلات النوعية، التي قامت بها اللجنة العليا للاستفتاء برئاسة سعادة الشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني رئيس اللجنة وزير الداخلية، وللدور الكبير الذي قامت به وزارة الداخلية عبر خدمات وسلاسة إجراءات وتسهيلات وفرتها للمواطنين، والذين حضروا للتصويت في المقار المخصصة الـ «28» مقرا، والتي فاقت كل التصورات، حتى وصلت لتوفير سيارات صغيرة لنقل كبار السن ومن يرغب من المواطنين، من مواقف السيارات إلى أبواب اللجان ومقار التصويت، مع ترحيب وتسهيل في الإجراءات، فلا تكاد تستغرق عملية التصويت أكثر من دقيقة في غالبية المقار، وهو أمر يحسب للإخوة بوزارة الداخلية بقيادة سعادة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني.
ولا ننسى متابعة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وحرصه على تفقد مقار التصويت، والوقوف على جاهزيتها، وهو دليل على حرص الحكومة على توفير كل السبل لإنجاح هذه المشاركة الشعبية، وتقديمها بأفضل صورة، فأي حدث أو مناسبة تقام في قطر ينتظر دائما أن تكون مميزة، فما بالكم إذا كانت هذه المناسبة هي الاستفتاء على تعديلات دستورية، تمثل تاريخاً مهماً في مسيرة هذا الوطن؟.
5 نوفمبر 2024، سيظل يمثل محطة تاريخية مهمة في مسيرة وطننا، تتعزز به وحدتنا الوطنية، ويزداد نسيجنا الاجتماعي تلاحماً، ومجتمعنا تماسكاً وقوة ومنعة، ونبني على مكتسباتنا وإنجازاتنا وإرثنا التاريخي مستقبلاً أكثر إشراقاً لوطننا.