إسماعيل هنية: زيارة الأمير تعزز صمود الشعب الفلسطيني
قطر وعدت بمشاريع جديدة وبمزيد من الدعم المالي لإعمار غزة
أكد السيد إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن الزيارة التي قام بها سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في شهر أكتوبر من العام الماضي 2012 الى غزة سوف يذكرها التاريخ إلى الأبد، إذ كان أول زعيم عربي يزور قطاع غزة، وأن هذه الزيارة كانت بمثابة كسرٍ للحصار السياسي الذي فرض على القطاع.
وأشاد هنية في حواره مع الشرق بالمباحثات الثنائية التي أجراها مع سمو ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في ملف إعادة إعمار قطاع غزة والحديث حول المرحلة التي وصلت إليها مشاريع الإعمار. وبينما أشاد بجهود قطر في إعادة إعمار غزة، أكد مجدداً أنه تلقى تأكيدات من سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني باستمرار قطر في إعادة إعمار القطاع وأنها تفكر بمزيد من المشاريع ومزيد من الدعم المالي الذي يخفف عن الأهل في قطاع غزة، وإعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال الحربين.
كما شدد على ترحيبه بالمبادرة التي أطلقها سمو الأمير لعقد قمة عربية مصغرة في القاهرة لمتابعة حوارات ملف المصالحة وقال: “أبدينا استعدادنا للالتزام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة وطالبنا بإجراء المزيد من الاتصالات مع الأخ أبو مازن لتشجيعه أكثر على أن يستمر في طريق المصالحة وإنهاء الانقسام وألا نعلّق الوحدة الوطنية الفلسطينية على شمّاعة التدخلات، أو على شمّاعة المفاوضات العبثيّة”.
ونفى هنية أن تكون العلاقة بين الحركة ومصر قد أصابها شيء من الفتور، مؤكداً أنه قبل مجيئه إلى الدوحة التقى بقيادات في جهاز المخابرات المصرية الذين يتابعون ملف المصالحة وأن هناك حديثا عن أفكار من أجل تحريك هذه المصالحة، وقال: “سيقوم وفد مصري بزيارة الضفة الغربية لقطاع غزة حتى يدخل على الميدان مباشرة ويقف على طبيعة المعوقات لهذه المصالحة”. كما وصف ما يردده الإعلام في مصر عن دخول حماس على خط الأزمة المصرية بأنه لا أساس له من الصحة إطلاقا مؤكداً أن المستويات الرسمية كالرئاسة أو الجيش أو المخابرات يعلمون أنّ هذه أكاذيب ولا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بحركة حماس. وحول ما تقوم به السلطات المصرية من إغلاق للأنفاق بين مصر وغزة أكد هنية أن حركته ليست ضد إغلاق كل الأنفاق، بشرط إيجاد البديل بحيث يأتيهم من فوق الأرض ما كان يصلهم من تحتها وأن تكون هناك حركة طبيعية للمعابر حتى لا يعتبر ردم الأنفاق تجديد حصار.
***
◄ نود بداية التحدث حول القضيتين اللتين حضرتم من اجلهما الى الدوحة: التشاور السياسي واجتماعات حركة حماس وملامح المكتب السياسي في المرحلة المقبلة بعد ان اعيد تشكيله ونتائج المباحثات في قطر؟
► بداية نود أن نعرب عن شكرنا وتقديرنا العالي لدولة قطر الشقيقة على استضافتها لاجتماعات المكتب السياسي لحركة حماس، والحمد لله أن هذه الاجتماعات جرت في أجواء إيجابية حميمية والمكان نفسه -الدوحة- ألقى بهذه المعاني على هذا الاجتماع الكريم. وأنا أعتقد بأنّ هذا ينسجم مع موقف قطر الثابت في دعم القضية الفلسطينية واحتضان الشعب الفلسطيني واحتضان فصائله على مختلف مسمياتها.
◄ ماذا عن مباحثاتكم مع القيادة القطرية، فقد التقيتم مع سمو ولي العهد وعدد من المسؤولين؟
► تناولنا في هذه اللقاءات عددا من الملفات؛ أولا العلاقة الثنائية. أيضا ملف إعادة إعمار قطاع غزة وتحدثنا في المرحلة التي وصلت إليها هذه المشاريع، واستمعنا إلى تأكيدات من سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد على استمرار قطر في إعادة إعمار القطاع وأنها تفكر بمزيد من المشاريع ومزيد من الدعم المالي الذي يخفف عن الأهل في قطاع غزة، وأن نعيد إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال الحربين. ثالثا تناولنا ملف المصالحة الفلسطينية وأكدنا بأن حركة حماس ملتزمة بتحقيق هذه المصالحة. وأنا رحبت بالمبادرة التي أطلقها سمو الأمير لعقد قمة عربية مصغرة في القاهرة لمتابعة هذه الحوارات. وأبدينا استعدادنا للالتزام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة. وطالبنا بإجراء المزيد من الاتصالات مع الأخ أبو مازن لتشجيعه أكثر على أن يستمر في طريق المصالحة وإنهاء الانقسام وألا نعلّق الوحدة الوطنية الفلسطينية على شمّاعة التدخلات، أو على شمّاعة المفاوضات العبثيّة.
◄ كيف تسير مشاريع الإعمار القطرية في غزة؟
► الحمد لله تسير بشكل جيد. وهي وفق آلية مريحة، بموجبها تُشرف قطر مباشرةً على إعادة الإعمار، والحركة المالية، وعلى المناقصات، والمتابعة مع الشركات. ونحن كحكومة وكوزارات نقدم الخدمات اللوجستية؛ من أراضٍ ومن معلومات ومن أولويات المشاريع التي يمكن أن تبدأ بها قطر في هذا الموضوع. وأنا أريد هنا أنْ أشير إلى أنّ الأخ السفير محمد العمادي (أبو اسماعيل) يقوم بجهد كبير على هذا الصعيد ويحتل مساحة واسعة في متابعة المشاريع حتى على أرض قطاع غزة ومن خلال أيضا وجوده في الدوحة.
◄ من فترة رأينا انتفاضة عربية في قضية زيارة غزة بعد زيارة سمو أمير قطر الى غزة، لكنْ في الفترة الأخيرة حدثت انتفاضة ثم هدأت ولم نجد زيارات متتالية لغزة؟
► أول زعيم عربي قام بزيارة غزة هو سمو أمير دولة قطر، مشكوراً. وكان هذا بمثابة كسرٍ للحصار السياسي المفروض على قطاع غزة. ورأيتم كيف خرجت جماهير غزة تستقبل سمو الأمير مرحبة وممتنة ومعبرةً عن تقديرها الكبير لمواقفه الأصيلة في دعم غزة أثناء الحصار وخلال الحرب الأولى والحرب الثانية. وأنا بالأمس أيضا أعدت التأكيد على أن زيارة سمو الأمير إلى قطاع غزة حدث تاريخي. وأنه فتح الباب لزيارات أخرى وقعت خلال الحرب. وبعدها قام رئيس وزراء ماليزيا أيضا بزيارة غزة. ونترقب زيارة لرئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، فقد أعلن أنّه سيزور غزة. وهناك محاولات أمريكية، وللأسف فلسطينية لثنيه عن زيارة قطاع غزة بحجة أنّ هذا ليس وقته، وأنّ هذا يمكن أن يُكرّس الانقسام. علما بأنّ هذه الزيارات تعزز صمود الشعب الفلسطيني وتؤكد على العمق العربي والإسلامي لقضية فلسطين، وتواجه سياسة الحصار الإسرائيلي الظالم، وتقول للناس في غزة إنّكم لستم وحدكم في مواجهة العدوان وفي مواجهة الحصار. لكن إذا أردنا أن نسجل فضل السبْق، فهو لسمو أمير دولة قطر الشقيقة.
◄ أنتم رحبتم بدعوة أمير قطر لعقد المؤتمر وموضوع المصالحة، هل هناك بوادر يمكن الحديث عنها بشأن خطوات إيجابية نحو التقارب مع فتح؟
► الحقيقة أنّ اللقاءات لا تتوقف، وكان آخرها لقاء بين الدكتور موسى ابو مرزوق والسيد عزام الأحمد في القاهرة قبل أيام. وتمّ الحديث عن كيفية استئناف حوارات القاهرة. أنا خلال وجودي في العاصمة المصرية قبل مجيئي إلى قطر أيضا التقيت بالإخوة في جهاز المخابرات المصرية الذين يتابعون ملف المصالحة. هناك حديث عن أفكار من أجل تحريك هذه المصالحة، منها على سبيل المثال: أنّ وفدا مصريا سيقوم بزيارة الضفة الغربية لقطاع غزة حتى يدخل على الميدان مباشرة ويقف على طبيعة المعوقات لهذه المصالحة.
برود العلاقات
◄ هناك حديث عن بُرودٍ في علاقتكم مع مصر تحديداً، خاصة بعد ما أُثير عن دخول أفراد من حماس في الاحداث في مصر؟
► كل ما يُقال في الإعلام عن مسألة حماس ودخولها على خط الأزمة المصرية لا أساس له من الصحة إطلاقا. وحتى الإخوة المصريون في المستوى الرسمي، سواءً كان الرئاسة أو الجيش أو المخابرات، يعلمون أنّ هذه أكاذيب ولا علاقة لها -لا من قريب ولا من بعيد- بحركة حماس. وعلاقتنا مع مصر علاقة طيبة ومستقرّة ونحن على تواصل دائم. ومصر تعرف وهي تمثل لنا الحاضنة لفلسطين ولغزة، وبوابتنا إلى العالم، والشقيقة التي نتابع معها الملفات الفلسطينية الكبيرة سواء كان ملف المصالحة أو غيره.
◄ ماذا عن إغلاق عدد من الأنفاق في ظل عدم فتح المعبر؟
► توجد هناك إغلاقات تتم من آنٍ لآخر ونحن نتابع مع جهات الاختصاص في مصر لمعالجة هذا الموضوع. نحن بشكل عام نقول: نحن لسنا ضد إغلاق كل الأنفاق، لكن بشرط إيجاد البديل، بأن يأتينا من فوق الأرض ما كان يأتينا من تحت الأرض. لكنْ أن لا تكون هناك حركة طبيعية للمعابر؛ بمعنى أن يكون معبر رفح تجاريا وللأفراد. وأن نمنع الأنفاق، هذا معناه تجديد حصار، وشعبنا لا يقبل، ونحن لا نقبل لمصر هذا الضرر.
◄ هل يساعد وجود الإخوان في الجهتين في تحريك موضوع المعبر؟
► المعبر الآن لا شك أفضل من الأول؛ أفضل من عهد مبارك. فمثلا الآن المعبر يُفتح يوميا من الساعة التاسعة حتى الخامسة. آلاف من المواطنين الفلسطينيين يسافرون ويعودون. أيضا دخلت مواد الإعمار والبناء وفق المشروع القطري، دخلت عن طريق معبر رفح من مصر. دخلت بعض الآليات الثقيلة -التي لها علاقة بمشاريع الإعمار- إلى قطاع غزة. الوضع أفضل من الأول، وإن كُنا نتمنى أن يتطور الوضع ليكون أفضل من ذلك بكثير معبّرا عن الروح الجديدة التي تسري في الجسد المصري.
◄ في انحيازكم إلى الشعب السوري، ألم تخسروا كثيرا؛ خروجكم وعدم إيجاد حتى مقر دائم لكم كما كان في سوريا؟
► انظر.. من ينحزْ إلى المبادئ وإلى الثوابت وإلى الشعوب لا يخسر، حتى وإنْ بدا أنّه يخسر بعض المكتسبات كالمقر، كالمقام، كالمكان. نعم، ولكن نحن منسجمون مع أنفسنا، مع حركتنا، منسجمون مع أمتنا وثوابتنا ومبادئنا. نحن لا يمكن أن نقبل ولا أن نُعطي غطاء لأيّ نظام يقتل شعبه، إطلاقا. والحمد لله نحن وإن كانت قد خرجت القيادة من سوريا فأبواب الدول العربية مفتوحة وليس أدلّ على ذلك من أننا الآن موجودون في قطر واجتماع المجلس السياسي حدث في قطر.
◄ الحديث عن دخول كتائب وأفراد من كتائب عز الدين القسّام للوقوف إلى جانب الجيش الحر، هل فيه من صحة؟
► لا صحة في ذلك. كتائب القسّام تعمل داخل الأرض الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني. ونحن لسنا موجودين في تفاصيل الثورة السورية. نعم نحن مع الثورة السورية، ندعمها إعلاميا وسياسيا ونتعاطف معها ونندد بالمجازر التي تُرتكب ضد الشعب السوري، ولكنْ أبعد من ذلك لا نخطو. هذا موضوع سوري وشأن سوري بحت.
◄ كيف تستشرفون مستقبل الصراع مع العدو الصهيوني من منظوركم وأنتم موجودون على الأرض؟
► صراعٌ مفتوح، والتهديدات مازالت قائمة. وهذا عدوّ ماكرٌ لا يُؤمن جانبه. وشعبنا الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة الغربية أو اراضي 48 أو في الخارج، كلٌّ من موقعه يرى أنّ المعركة مع هذا العدو معركة مفتوحة إلى أنْ نحرر أرضنا ونستعيد حقوقنا ويعود شعبنا إلى وطنه وإلى دياره التي هُجّر منها.
دون أي اتفاقيات سياسية؟
► لنا عشرون سنة بالاتفاقيات السياسية، والمفاوضات لم تُفضِ إلى شيء. بالعكس خلال المفاوضات وتحت ستار المفاوضات بنيت آلاف التجمعات الاستيطانية، وتم تهويد القدس، وتم بناء الجدار،
وتم الاستفراد بالأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وإعطاء غطاء لإسرائيل أن تتكيف مع المنطقة وأن يكون لها شكل من أشكال التطبيع مع هذه المنطقة. لذلك المفاوضات ليست طريقا للتحرير. والتحرير طريقه الصمود والمقاومة والعمل السياسي الدبلوماسي المنضبط بثوابت القضية وثوابت الأمة.
الربيع الفلسطيني
◄ هل ممكن أن يأتي الربيع العربي إلى الضفة الغربية؟
► نحن عندنا ربيع عربي من زمان، عندنا انتفاضة. نحن كشعب حقيقةً شغلنا ضد الاحتلال الإسرائيلي. وآمل ان شاء الله أننا من خلال طرد الاحتلال سيكون عندنا الترتيب للبيت الفلسطيني الصحيح.
◄ سؤال اخير عن رفع الحصار وربطه باعتذار إسرائيل؟
► لا، هذه الشروط تركية من الأساس فهم طلبوا الاعتذار ورفع الحصار عن غزة والتعويضات. والإسرائيليون قدموا هذه المطالب على الأقل من خلال الاتصال الذي تم مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. وهذه يمكن لأول مرة إسرائيل في تاريخها تعتذر لدولة، فهذا نوع من الانكسار. لكن حتى الآن لا يوجد تغيير على موضوع الحصار ويكمن واحد من أهداف زيارة السيد رجب طيب أردوغان إلى غزة أنه يريد أنْ يطمئنّ بنفسه أنّ الحصار قد رُفع.