حوارات

الأمير الحسن بن طلال: انتقاد قطر يعكس نظرة إقصائية

دعا سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي، القادة العرب إلى وضع استراتيجية للتكامل تحفظ ماتبقى من إرادة عربية، منوها بأنه اذا كانت اوروبا تأسست على مشروع للصلب والفحم فإنه آن الاوان للعرب ان يتحدوا حول المياه والطاقة والعمالة لبناء قاعدة انتاجية عربية، منتقدا السطحية التي يتم التعامل بها مع القمم العربية الاقتصادية، قائلا انه لايتم التحضير لها على مستوى القيادات.. داعيا لحوار عربي حقيقي ولكن وراء الابواب المغلقة سعيا للتكامل المفقود.. منوها بدور مجلس التعاون الخليجي في هذه المرحلة وانه اصبح جزءا من الحل لكثير من الملفات الإقليمية.

وقال في حوار مع الشرق ان لدولة قطر الحق في البحث عن التكامل الاستراتيجي لخطوط التجارة بالاستثمار في السويس.. مؤكدا ان انتقاد قطر في هذه الحالة يعكس نظرة إقصائية لاترغب في رؤية مثل هذه المظاهر التكاملية العظيمة.

وتحدث الامير الحسن عن الاوضاع في سورية مطالبا بحل عاجل لمشكلة اللاجئين التي تضغط على دول الجوار خاصة الاردن، ودعا سموه الشيخ القرضاوي لتبني تأسيس صندوق زكاة للتعامل مع اللاجئين كأبناء سبيل.

وتحدث عن الثورات العربية ومستقبلها محذرا من وسائل التواصل الاجتماعي التي وإن كان لها دور في التغيير لكنها فتحت الباب للزيف والوهم والشائعات.. كما أن الفضائيات لم تعد تكترث بالحقيقة وتروج لشائعات تؤثر على بنيان الدولة.

وقال ان التوافق بعد الثورات لن يكون بالاقصاء منوها بأن ربيع “براغ” الذي شهدته اوروبا أفرز قيادات لم يفرزها الربيع العربي.. وحذر من تدهور الاوضاع في مصر مؤكدا ان جهات خارجية وداخلية تعمل على إبقاء الأنظار مشدودة إلى السلبيات في مصر، واصفا الرئيس مرسي بأنه حسن النوايا لكن الدعوة للحوار تمثل هروبا إلى الأمام.

ودعا الامير الحسن العالم العربي الى الاهتمام ببناء اقتصاد معرفي يتجاوز مظاهر الاعمار قائلا ان عرب الخليج حققوا انجازات.. متسائلا: اين القاعدة المعرفية التي تضع أمامنا محطات للانجاز كما انه لايوجد حتى الان مركز عربي احصائي معلوماتي معرفي واحد على اليابسة العربية.

كما طالب باقامة فرق سلام عربية اسلامية للعمل الميداني في قطاعات التنمية في العالم الاسلامي بدون قبعات زرقاء وان نستدرك مافاتنا في افريقيا قائلا ان اسرائيل قفزت فوق العرب ودخلت افريقيا قبلنا بعقود وانه في غياب القذافي وما قام به من عبث في افريقيا ننتظر بناء صحيحا للعلاقات العربية الافريقية.

وانتقد الدعوات الطائفية والعرقية بين السنة والشيعة والعرب والفرس قائلا ان الخليج عربي وفارسي وهندي وأمريكي.. داعيا الى بدر اسلامي بعيدا عن هلال سني او شيعي وانه لن يستفيد من الفتنة السنية الشيعية المزعومة سوى أعداء الإسلام.

وتحدث عن مستقبل الثورة في سوريا قائلا انها تتجه لمحاولة إحياء الحوار المسئول بين عناصر المقاومة وحذر من ان استمرار الصراع سيحول سوريا إلى دولة فاشلة بسبب الآثار المدمرة لها وللمنطقة.. وفيما يلي نص الحوار..

***

◄ اذا بدأنا برؤية سموكم للمتغيرات في العالم العربي كيف يقرؤها سمو الامير الحسن؟

► ارى انه منذ 2009 ان البعض منا كان يتصور منظومة متكاملة من التغيير، وهنا أتحدث في اطار منتدى الفكر العربي حيث تناولنا الدستور والانتخابات وتناولنا محتوى متطلبات التغيير، وهذا سبقا من حيث منهجية العمل وقبل ذلك لكوننا نعمل في مجال الاستشراف، في منتصف التسعينيات كانت لنا فرصة اللقاء مع القيادات الاسلامية، وبالخصوص جددت المعرفة في المملكة المغربية في الاونة الاخيرة برئيس الحكومة المنتخب السيد بن كيران وكانت لنا فرصة لقاء مع الاخوة في موقعهم الجديد ولكن العنوان في التسعينيات كان: كيف المواءمة بين الديمقراطية والاسلام والعنوان اليوم هو كيفية المواءمة بين التوافق والخيارات الحرة والاولويات النابعة من الاقليم، فالحديث عن الميثاق الاجتماعي لم يكن مقتصرا على المفكر فأشرك قطاعا كبيرا من الشباب من كافة الدول العربية ودول المهجر، ووجدنا انه عندما بدأت ظاهرة الاعتصام ثم التظاهر ثم التغيير في ساحة التحرير كانت الشعارات ثلاثية لقمة العيش الخبز وهي بطبيعة الحال تعكس واقعا تعيشه مصر حيث نصيب الفرد 2 دولار في اليوم وبطبيعة الحال فان العمل الجزئي ليس ميسرا في ظروف عدم الاستقرار والعدالة الاجتماعية والحرية، فالمتغيرات الآن لارجعة لما قبل ما اسموه هم الربيع العربي واقول هم لان ربيع براغ اختزل فأصبح الربيع العربي عنوانا للتغيير، ولكن التوافق بغية الاتفاق على الاولويات لن يكون بالاقصاء، فالاقصاء والاندماج هو مفترق الطرق التي نقف عليها اليوم فنرى انه عندما كانت المبادرة ذاتية عصامية من قبل الجيل المتفتح المتعطش للتغيير السليم اتت الاحزاب وعبأت الفراغ، وكما نرى في بعض الاحايين تدخلت قوى الامن والقوات العسكرية هي الاخرى تدخلت او تتحفز للتدخل بشعارات سمعناها في العقود الماضية مثل الانقاذ، ولو نظرنا الى اطراف المعمورة ومداخل اوروبا من المدخل العربي الافريقي، وما يجري في مالي الآن يذكرنا بانه كانت قضية القاعدة في افغانستان سببا للتدخل بداية في افغانستان ثم عبر العراق الى سورية، لمنظمة تحمل اسماء متشابهة وتعود لجذع واحد، ونرى ايضا مثل هذا الواقع على ارض الجزائر وعلى ارض الدول المجاورة العربية الشقيقة، فهنالك تياران اساسيان الاول عصامي نابع من الشعور لدى الجيل في غياب الرؤية في غياب القيادة، وهنا المفارقة مع ربيع براغ حيث افرز فاليسا وهافيل، ونحن مع شديد الاسف لاتجد لدينا رؤية او تصور او خطاب سياسي اجتماعي اقتصادي او برامج، بسبب غياب القيادات او الاقصاء لبعض القيادات التي من المفروض ان تثري الركب.

 

التغيير لابد منه

◄ ألا يعد هذا انعكاسا — سمو الامير — للواقع العربي الذي حاولت بعض الانظمة، حيث تكرس عدم ايجاد قيادات او صف ثان في هذه الدول وبالتالي حدثت الثورات في غياب قيادات تقودها على عكس الثورات في البلدان الاخرى حيث توجد قيادات بينما لانجد في العالم العربي غير الشباب الطموح؟

►  القيادات لابد ان تكون سياسية واقتصادية واجتماعية ومدنية واليوم نرى القيادات عادة ماتفرز اما من خلفية عقائدية يمينية او يسارية، وانظر في المشهد الاردني نجد هناك قيادات اخوان مسلمين او اسماء في الساحة السياسية الوسط او يسار الوسط وقيادات قومية.. ولكن عند الحديث عند الموضوع المثير وهو أغلال الانسان حيث كانت الشعارات في ساحة التحرير تنادي بالمساواة بالفرص والخبز والحرية، تأتي الدول الغربية وتتحدث عن الديمقراطية وكأنما في هذه الكلمة حل سحري. واقول ان الخطاب الاجتماعي الذي قدمناه من خلال الميثاق الاجتماعي ثم الميثاق الاقتصادي على الاقل يضع محتوى للمطالب ويفصلها ايضا. ولو اخذنا موضوع ربيع براغ ومن عول عليه لكي ننتقل من السلطوية الى الديمقراطية، علينا ان نشاهد من منطلق انني اخدم في اكثر من لجنة دولية ان موضوع الانتقال من وإلى في اطار العالم العربي بصفة عامة تموقع، فمن يتحدث عن التغيير بسرعة معينة يجد ان هناك من يعارض التغيير للخصوصية الوطنية.. واوروبا عندما شرعت في موضوع التغيير لم تقدح فيمن تخلف عن الركب بتهمة الرجعية او المحافظة وما الى ذلك من مسميات الحركات السياسية، وادركت ان التغيير لابد منه والمؤتمر الوحيد اللائق في المرحلة الحالية هو ذلك اللقاء الوحيد بين العربي واخيه العربي، في اطار اقامة مجلس اقتصادي اجتماعي عربي يقرر ماذا يقال للامم المتحدة عند الذهاب الى الخارج، نرى اليوم ان الامم المتحدة تجمعنا الى جانب لقاءات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتجمع هذه الدول التي عاشت التغيير، لتلتزم الحكومات التي افرزتها هذه الحركات الشعبية بمقررات التجمع المعروف، اما في صندوق النقد الدولي او في الامم المتحدة، فكانت هناك دول عربية مؤسسة لعصبة الامم ومن بينها العراق على سبيل المثال، ووضعنا المزري اليوم لايمهد لنا التغيير في البكاء على الاطلال والجامعة العربية، من الافضل اليوم ان نتحدث عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي واحيي من يسعى الآن لاقامة مجلس اقتصادي اجتماعي يضع الاوليات لمفهومنا للامن، الامن الانساني والحق في الحماية للمواطن في كل الظروف ففي لغة الام المتحدة يوجد حق الانسان في الحماية وتساق كلما تقع ازمة لتبرير التدخل العسكري الاجنبي في فتح المجال امام العمل الانساني، ولكنني اعود لأساس الفكرة عندما وضعت الحكومة السويسرية آراءها قالت في كافة الظروف اي استدركوا الازمة قبل وقوعها وانظروا الى الدراسات التي تحدثت عن جنوب شرق آسيا ولو تحدثنا عن الديمقراطية في الوطن العربي او الجمهورية ومستقبل العلاقة بين هذه الانظمة انظروا الى جنوب شرق آسيا كمثال من حيث الملكية في تايلاند او ماليزيا او بروناي وانظروا الى التجربة العصامية الاشتراكية من القاعدة العريضة من الشعب الكادح في فيتنام، وكذلك عندما نتحدث عن الديمقراطية في الهند ذات المليار ونصف المليار نسمة فالرتابة في تنظيم الانتخابات التي ليست عليها شائبة لان الهيئة المستقلة للانتخابات تعمل على تحضير الانتخابات وتعمل لتهيئة انتماء المواطن مابين الانتخابات بما في ذلك اقامة برامج التدريب والتوعية، واقول ان الحكومات عادة ماينظر اليها على انها هي الفيصل وان الحكومات هي الراعية للمراحل الانتقالية فلماذا التدخل من قبل الحكومات في الحق الدستوري للمواطن في الانتخاب ولماذا لا يترك هذا الامر واقول ان القاعدة العلمية المعرفية واهنة فأكون شاكرا لإخواني لو استطاعوا ان يسموا لي مركزا واحدا احصائيا معلوماتيا معرفيا ملما بالقاطنين على اليابسة العربية وهذه المفارقات لا يمكن السكوت عليها الا اذا كانت الغاية ان نستمر في قدح بعضنا البعض على اساس الوهم والشائعة وابواب الزيف عديدة من بينها التواصل الاجتماعي الذي مدحناه في بدايته والذي كان له دور كبير في التغيير والآن عندما نأتي الى مراحل الانتخاب نجد المحطات الخاصة للتلفاز والاذاعة لا تكترث بالمعلومات لانها ليست متوافرة اصلا فتبني قصصا وتروج لشائعات تؤثر بالاساس على بنيان الدولة من حيث انها بديل للتفتيت والتمزق الذي يحدث عادة وهو ليس نتيجة للحروب الداخلية والاقتتال بقدر ما هو نتيجة للتموقع والفردانية.

 

بداية جديدة

◄ الا تعتقد سمو الامير ان التغييرات التي تشهدها الساحة العربية هي بداية لميلاد جديد ووضع القطار على السكة الصحيحة للعالم العربي بعد سنوات الغياب؟

►  انا متفائل من هذا المنطلق وهي بداية جديدة لان النهضة العربية بالنسبة للكثيرين منا تعود الى بدايات القرن العشرين حيث الانتقال من 600 عامل ايام الدولة العثمانية والدخول في نكوث الوعود البريطانية او الفرنسية تحت اشكال الحكم المباشر واليوم الوقوع تحت تأثير الدولة العملاقة الولايات المتحدة وللدولة العملاقة حلفاء اساسيون في هذا العالم وهم ثلاثة حلفاء: بريطانيا في الساحة الاوروبية والاورواطلسية واسرائيل في الاقليم وفي شرق آسيا اليابان، وللاعتماد على ما يسمى حروب الانابة والدول الثلاث المذكورة مثقلة بالتحديات الداخلية وإحدى هذه الدول — اسرائيل — تعتبر من المفعلات الاقتصادية الاساسية التي تولدت نتيجة الاضطراب في الساحة العربية فكنا في وضع قبل هذا الربيع الذي رأينا فيه 12 ترليار دولار فرصة خلال فترة مابين مدريد واوسلو لمضاعفة مرة ومرتين دخل كل مواطن عربي لولا ان هذه المبالغ الهائلة ذهبت وانفقت على السلاح، وسؤالي اذا مع تفاؤلي حول التغيير وبراءة التوجه لو أخذنا الامر موضوعيا في مصر على سبيل المثال كما قيل فان الدلتا وهي مأوى لـ 43 مليون انسان وهي مهددة بالغرق من هنا حتى سنة 2050 مع الرغبة في التغيير هل يستطيع الشعب المصري ان يعالج قضاياه الحياتية والآن بدأنا نسمع عن مقاربة ليبية مصرية سودانية واستئناف للحديث عن حقوق الدول الثماني في حوض النيل بغية الاحتفال بمرور 50 عاما على تأسيس الاتحاد الافريقي، والتغيير الحقيقي لن يأتي في نظري الا بتحييد الموضوعات او البنود التي هي فوق قطرية عن السياسة والزفر او الزنخ المرتبط بالفساد وعن الاعتبارات الحزبية لكيفية التعامل مع القضايا المختلفة الا بعد التوافق فيما بينها اذا كانت هي المحرك الاساسي للوصول الى التوافق بغية الشروع في الاولويات، فلو أخذنا موضوع المياه هي لا تتلون بحسب القوميات ولا بحسب الطوائف ولا بحسب الفرق فالمياه والطاقة صنوان، وكما سمعت هنا في الدوحة فان هناك رغبة اكيدة ان نستطيع نحن وابناؤنا ان نسافر في زيارات الاجازة والراحة كما يسافر المواطن الاوروبي بـ”شنجن” بلا فيزا ويجد امامه طرقا مفتوحة وخطوطا للنفط والطاقة وما الى ذلك ولنكن واقعيين فان الاحداث الاخيرة ضاعفت من الاجراءات الامنية ورفعت الاسواق بين الدول العربية ولم تعزز الثقة بالقدر الذي كنا نتوقعه بحيث عندما يلتئم لقاء قمة اقتصادية مثل الرياض لا ينتهي بفترة وجيزة ويستمع على الاقل لو كان المجلس المعني يحضر لمثل هذا اللقاء على مدى 6 اشهر على مستوى القيادات السياسية والاقتصادية والمدنية لربما كان هو قمة العطاء لهذه القيادات كافة ولكن نرى القرارات تقدم شبه عنق زجاجة وسامحوني اصحاب الالقاب القيادية في العالم العربي اصحاب الجلالة والفخامة والسمو فقد أكون من القلة الذين حضروا مؤتمرات القمة منذ نشوئها ومؤتمرات القمم الاسلامية كذلك واقول اننا بحاجة الى استراتيجية عمل مدبر فيما بيننا ان اردنا ان نحافظ على ماتبقى لنا من ارادة عربية وهناك ارادة ولكن لن نحييها الا بالحوار فيما بيننا دونما مجاملات ولذلك ربما من الافضل ان تكون تلك الحوارات وراء الابواب المغلقة وليست مشرعة لكل من يريد ان يجهضها خاصة في عالم الاستجابة السريعة الاعلامية دونما خلفية، وارجو الا يكون حديثي مواربا للواقع اذا قلت لماذا في اوروبا اتت حركة مبنية على الصلب والفحم لتؤسس الاتحاد الاوروبي أن نبني واقعنا مستقبلا على المياه والطاقة والانسان. وهناك قيادات في الشرق والغرب تتحدث عن الحاجة الى نظام عالمي جديد وهناك مشروع مطروح ومقبول لدى الاسرة الدولية وهو نظام انساني عالمي جديد اللهم اذا قبلنا ان الامن وليس فقط اسلحة الدمار الشامل ولا محاربة الارهاب ولا غسل الاموال وليس مكافحة هذه الشرور فقط ولا مكافحة التهريب للمخدرات الذي يأتي من افغانستان عبر شمال افريقيا الى مالي على سبيل المثال فهذه المظاهر هي مظاهر يأس لان الانسان يبحث عن مردود الاقتصاد الموازي في غياب تأسيسنا للاقتصاد المبني على ثرواتنا الاساسية المياه والطاقة والانسان. وفي سورية الان نتحدث عن 4 ملايين نازح داخل سورية ولو اتينا للامم المتحدة وقلنا كيف تصنفون هؤلاء لأجابوا بانهم يصنفون تحت ادارة الشؤون الانسانية اي بمعنى آخر 4 ملايين حالة انتهاك لحقوق الانسان ولكن انا كدولة جارة اتوقع ارتفاع النسب اليوم نستضيف 4 % مايعادل مجموع السكان وقد نصل الى 11 % خلال 18 شهرا دون تدخل الاسرة الدولية والعالم العربي لانها ليست مشكلة اردنية ولا من صنع الشعب الاردني الذي كان مضيافا للهجرات من فلسطين ومن العراق وحتى من آسيا الوسطى والبلقان والشركس والشيشان والارمن فكيف نستقبل كل ذلك والحقيقة انه دونما استراتيجية اقليمية للتكامل فيما بيننا، وما تبقى من مياه في ظل تآكل النيل والفرات ودجلة والعاصي والليطاني والاردن اصبح واقعا جديدا نعيشه فما تبقى من ثروات مائية هل لنا ان نتساءل في غياب قاعدة معرفية كيف نستطيع ان نوزع السكان داخل هذا الاقليم حيث نسبة وتناسب بما سيتوافر من استراتيجية للمياه وللطاقة؟ نقول خطة مارشال ولكن خطة مارشال كانت لها معايير سليمة بما في ذلك المنتصر البريطاني الذي استفاد من الخطة بصورة اقل من المهزوم الالماني تحت اسم جامع هو اوروبا ونحن لدينا الاسم الجامع واللغة الجامعة والدين الجامع والاديان الجامعة اذا تحدثنا عن الاسلام والمسيحية فأين نحن من الخطاب الاجرائي القانوني الذي يضع في الاولوية الثانية الاقتصاد والاجتماع في حزمة واحدة وليس الاقتصاد الريعي ولكن بداية الاستجابة لمطالب الناس في ساحات التحرير وفي كل مكان بالحرية والمساواة ومن الفواضح ان اجد كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولي تقول ياعرب عليكم ان تتبنوا موضوع توفير 8 مليارات دولار لبناء اساس للقاعدة الانتاجية للعمالة في منطقتكم، ومتى كان الغرب مهتما بكرامة الانسان والاهتمام الاساسي كان للدول المستوردة للنفط لايجاد الاسواق في الغرب والشرق. والنمط الغربي في التعامل معنا كان نمط الاستغلال لمواردنا الاساسية.

والحديث عن سعادة الشعوب امر جديد حقيقة مرتبط بالرغبة في تغيير الانظمة القائمة بعد ان وجدت ان صداقاتهم في العراق وفي سورية وفي ليبيا وفي تونس وفي اليمن لن تستوفي الشوط فيبحثون عن الهدوء حول المصادر الاساسية حول قناة السويس

ولكن هل يحققون ذلك الهدوء في غياب التزام من قبل الشعوب وقياداتها؟ نحن عندما يتحدث عنا الغرب يتحدث عن عرب الخليج مع احترامي للانجازات الكبيرة التي تتحقق في الخليج العربي والتغيير السنوي الكبير الذي أراه، اقول اين القاعدة المعرفية التي تضع امامنا محطات للانجاز ان اردنا ان نستجيب لشعوبنا في وضع خطة متوسطة الامد؟ وقد قال لي احد السيناتورية في الدول التي تصنع السلاح:” صداقة أمثالك لاتخدم البيزنس ” فقلت له ربما على المدى القصير ولكن على المدى المتوسط هل سنأكل خردة؟ وهل استثماراتنا في افريقيا بمساحات هائلة زراعية على حساب الزراعة التقليدية او الملكية الافريقية تعزز احترام الافارقة لنا؟ واين الشراكة العربية الافريقية؟ نرى مع شديد الاسف نماذج للاسرائيلي الذي يعمل بيديه مع المزارع الافريقي لتحسين جودة التربة وهذه الريادة كانت من مدة طويلة تجعلني اطالب باقامة فرق سلام عربية اسلامية تذهب لا بالقبعة الزرقاء ولكن بلبس الميدان للعمل مع اخوتنا في كل مكان في العالم العربي، نعم نرى الهيئات تذهب الى المخيمات للاجئين ولكن بعد وقوع الكارثة فماذا عن استدراك الكارثة بتعزيز التضامن الانساني؟

 

صندوق زكاة للاجئين

لقد التقيت  سماحة الشيخ القرضاوي لأسمع صوته للمناداة بوجوب اقامة صندوق للزكاة للتعامل مع ابن السبيل وهم اللاجئون والبعض قال لن نتعامل الا في سبيل الله فقلت واين ابن السبيل كمصرف من مصارف الزكاة؟ وكلهم من العالم الاسلامي ولم نقدم حلا الا باقامة البنوك الاسلامية في لندن وباريس ونيويورك ونستذكر بعد 11 سبتمبر مقاطعة مؤسسات الزكاة في الدول العربية والاسلامية خشية من ان تؤدي الحوالات المالية الى دعم الحركات المتطرفة.

◄ فيما يتعلق بالعرب وافريقيا يقال ان مصر الاخوان لن تجد طريقها الى افريقيا خوفا من المد الاسلامي الى القارة السمراء هل يبدو ان حرب مالي تعزز هذه القناعة وما علاقة العرب بافريقيا مستقبلا؟

— اقول ان اسرائيل قفزت فوق الدول العربية ودخلت افريقيا قبلنا بعقود وعززت علاقتها بجنوب افريقيا الصانعة هي الاخرى للسلاح النووي ولكنها اتخذت قرارا بتفكيك الترسانة النووية نحترمه مثلما نحترم قرارها بتفكيك نظام التمييز العنصري. وعندما ننظر الى امن البحر الاحمر وقد حاضرت سنة 1981 في جامعة بغداد فهم كانوا ينظرون شرقا الى ايران والحرب الدائرة وانا اتحدث عن امن البحر الاحمر والقرن الافريقي واقامة قيادة مستقلة للقوات الامريكية للبحر الاحمر وافريقيا ونجد الاهتمام الفرنسي الآن بمالي كجزء من الانابة وان كانت القوات البريطانية ستحل مكان القوات الفرنسية فهناك تناغم بين حلف الناتو في ذلك والاهم من هذا وذاك المصادمة بين الهوية العربية الافريقية والهوية الزنجية من موريتانيا والسنغال عبر الصحراء وأذكر هنا احاديث من الرئيس السنغالي الراحل سنجور الذي كان لديه اصرار على تعظيم مفهوم التكامل العربي الافريقي ليس لغايات الطرب والنغم ولكن لغايات استرجاع خطوط التجارة لمئات السنين بين تمبكتو والسودان وساحل البحر الاحمر لكن اقول مع شديد الاسف هناك نظرة استكبار عربية لكثير من الشعوب الافريقية التي أتت راضية مرضية للعمل في الساحة العربية وفي طهران قلت تقولون الخليج العربي او الفارسي او الجانب العربي للخليجي الفارسي او الجانب الفارسي للخليج العربي ولكن هو ايضا خليج هندي والأمريكي يقول مادامت الاساطيل موجودة فهو خليج امريكي كل على نسق ما يعتقد، كأنما هناك خط استواء جديد سياسي يمر بدول الساحل ودول البحيرات والصحراء والمحيط وفي غياب القذافي وما قام به من عبث في الساحة الافريقية لعل وعسى يأتي اليوم الذي نجد فيه حسن تدبر  للعلاقة الافريقية – العربية من جديد في قوالب جديدة، ولذلك أقترح التعاون الموضوع حول المياه والطاقة والبيئة والانسانية ايضا لأن هذا التعامل المتسامي فوق المصالح الضيقة ربما أفضل بكثير لتبرير البنى التحتية، وأذكر هنا أطروحة للدكتور فاروق الباز لبناء محور إنمائي من العلمين غرب القطارة غرب النيل لسحب العشوائيات من على النيل وتنظيف النيل وإعادة النظر في السدود الكبرى كسد ناصر وإيجاد تدرج في هذه المشروعات التي قد تصل من البحر المتوسط في يوم من الايام إلى دار السلام. فربما النظرة شمال — جنوب تعزز النظرة التكاملية بين الدول والاتفاقيات البالية التي لا وقع لها، والتي تعود الى عهد الاستعمار البريطاني وتستبدلها بعتبة جديدة للتفاهم.

النظرة الشاملة للتكامل ربما تقاطع بنظرة قاصرة فعندما تطرح دولة مثل قطر مشروعا للتكامل في منطقة السويس على خطوط الملاحة نفاجأ بأصوات تقول إن هذا استعمار قطري في حين اننا شهدنا في الماضي مدناً في مصر بأسماء زعماء عرب فيصل وزايد.

 

التدخل الأجنبي

◄ هل بسبب تدخل أجنبي؟

► ليس تدخلا أجنبيا بقدر ما هو نوع من الحوزة والحيازة العربية لهذه الأرض وما عليها فلا حق لأي أحد في أية ذريعة أو سبب من الأسباب أن ينظر استراتيجياً إلى البنى التحتية، هذا دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي في الجامعة العربية.

فمنذ سنوات ونحن نتحدث عن حلم سكك حديدية تربط بين البحر الأحمر والخليج والبحر المتوسط.

ـ كل هذه المشروعات لم تترجم إلى واقع فهل هذا بسبب حيازة كل قطر أم لإملاءات خارجية؟

ـ ترجمتها أننا لا نصارح بعضنا البعض خلف الأبواب المغلقة بالنظرة الكلية، لأنها تشتمل على برامج الطاقة النووية وبرامج الطاقة البديلة وبرامج الزيت الصخري وبرامج الزيت وبرامج الغاز.

الموضوع أهم بكثير من أن يترك فقط للمتخصصين مع احترامي لهم، لأننا عندما نتحدث عن قناة السويس أساساً، القرار هنا سياسي أكثر مما هو اقتصادي بحت، وبالتالي ذلك القرار ربط بين بريطانيا على وجه الخصوص والقارة الهندية، فأقول مرة ثانية آن الأوان أن نفهم تماماً ما ينتظرنا من استمرار العلاقة الثنائية.

فالعلاقة الثنائية أو الأحادية الجانب هي التي نقلد بها الآخر، خاصة في أوروبا وشرق آسيا هناك الكثير ينتظرون أن نتحدث عن الإقليم بمسمى وبمضمون التواصل في ما بيننا، ذلك المضمون المغيب يفضل العلاقات الثنائية وهي من شأنها بطبيعة الحال لا تخدم ثنائياً إلى فئات معينة من الناس.

◄ كيف تقرأ الأحداث الأخيرة في مصر.. سواء ما يتعلق بجانب العنف ومايتعلق بدعوات الحوار والخطوط المتشابكة داخل الساحة المصرية؟

► سعدت بلقاء الرئيس مرسي خلال مؤتمر طهران، وأعتقد بأن كل من يعرفه يدرك حسن النوايا لدى هذا الإنسان من حيث التطبيق والتطلع إلى تحسين الأوضاع في مصر.

أقول إن تجدد الأحداث في كل يوم وكل جمعة على سبيل المثال، والمناكفة والمنازلة وتفريق المتظاهرين تخلق في مصر وفي كل مكان حالة من التوتر المستمر.

والدعوة للحوار حسب تهمة الأقل حظاً تبدو وكأنها هروب من الواقع أو هروب إلى الأمام، وتأجيل تلبية الطلبات للمتظاهرين، وأنا هنا لا أتدخل في الشأن المصري، فالموضوع متروك للقرار المصري.

ولكن الفارق بين الرئيس مرسي في بدايات العهد الجديد واليوم، أنه قد مضت فترة له في سدة الحكم وأقول إن في هذه الفترة لابد من الوصول إلى تفاهمات تتسامى فوق الأحداث المريرة على مرارتها وربما بسببها أيضاً.

أنا لا أستطيع أن أرى أن الدولة تتشنج بعشرات الملايين على أحكام صدرت في جنايات ارتكبت خلال فترة العنف لكرة القدم وإن كانت أحكاماً مريرة، لكن أهل مكة أدرى بشعابها، وكيف يحصنون الإجراء ويفسرون أسبابه ويتدخلون بين الجماعات المتأثرة والمطالبة في إحقاق الحق، فدولة القانون هي دولة التوعية العامة.

هنا أقول إن الثورات لا تأتي بالضرورة في المؤسسات المتناغمة التي تستطيع أن تعالج الأزمات وتجاوزها، كذلك أمر صعب عندما تكون هناك جهات خارجية وداخلية تعمل على إبقاء الأنظار مشدودة إلى السلبيات دونما ذكر لأي نوع من التوجه الجمعي لإيجاد ذلك التوافق الذي أشرت إليه.

◄ هل كانت هناك أنظار خارجية على الساحة المصرية؟

► نعم بكل تأكيد، فعالم الاتصالات اليوم يطلع العالم الخارجي على تفاصيل أداة المطبخ السياسي المصري، بصورة حقيقة ليست لنا أحقية في التعرف عليها أصلاً، فهذا يدبر للآخر والثاني يوقع بالأول وكل دولنا الآن مشرحة في هذا الجانب.

 

حوارات التوافق

◄ بعد سقوط الأنظمة حدث نوع من المغالبة في إطلاق الدعوات للتوافق لأن صندوق الانتخاب أعطى لتيار معين الفرصة بأنه الأحق مقابل تيارات أخرى تدعو إلى التوافق وعدم أخونة الدولة؟

► تماماً..أين القرار الشعبي فيمن هو أولى بأن يتقدم للتعبير عنه، في المقابل للصور الخلافية، استمعت لرئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل يتحدث باللغة الانجليزية وباللغة العربية، وأراه مقنعا للرأي، وأتصور أن أدوات الإقناع أن تستقيم خلال الفترة القادمة.

ـ الثورات العربية أفرزت في جميع الدول صعود التيار الإسلامي.. إلى ماذا يرجع هذا في نظرك.. هل إلى سنوات الكبت التي تعرض لها هذا التيار أم شعبيته أم طبيعة الشعوب العربية؟ وهل هناك مغزى لصعود التيار الإسلامي على حساب التيارات الأخرى؟

► هنالك بطبيعة الحال الغلبة لتيار معين فترة طويلة من الزمن ومصادمات بين التيار القومي والتيار الإسلامي، فالكبت حاصل في كثير من الدول التي مارست هذا الأسلوب، وكانت الأردن والحمد لله استثناء في هذا الجانب.

واسمحوا لي أن أقول إن المشكلة ليست صعود هذا التيار أو أفول ذاك، المشكلة هي غياب الفكر السياسي أو اضمحلال الفقه السياسي، أي فقه الحاكمية.

أي أن تأتي إلى الكرسي وتمارس صلاحياتك لا يعني أنك تمارسها بخبرة الوصل بين الحاضر والمستقبل لأنه لا توجد لديك القدرة على التفكير، ناهيك عن التحليل والعبر والدروس المستفادة من الماضي، خاصة أن الحاكم أتى من الخارج، وكذلك أقول إن فترة الحكم على هذه الأمور قصيرة جداً.

عندما سئل جوين لايي في الخمسينيات عن رأيه في الثورة الفرنسية قال: الحكم سابق لأوانه.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x