الرئيس السابق إميل لحود: قطر لم تشترط علينا شيئا مقابل دعمها لبنان
الرئيس اللبناني السابق العماد اميل لحود هو نفسه داخل سدة الرئاسة وخارجها، ذلك أن مواقفه السياسية لم تتبدل باختلاف المناصب، لأنها مبنية على قناعات راسخة ومبادئ وطنية استند اليها في نهجه في الحكم، مما عرضه لأشد وأقصى أنواع الضغوط المحلية والاقليمية والدولية، لكنه أبى أن يرضخ للضغوط وينخرط في المعادلة التي تضمن له نفوذه ومصالحه الشخصية وآثر الانحياز المطلق لمصلحة الوطن واستقراره مهما غلت التضحيات وبلغت الاثمان.
كان يكفي الرئيس لحود أن ينصاع لمرة واحدة للارادة الأمريكية لتشرع له كل الأبواب وربما كان سيحظى بولاية جديدة مقابل رفع الغطاء عن المقاومة، لكنه أصر أن يكون أول رئيس جمهورية للبنان يتبنى النهج المقاوم لاسرائيل سياسيا وميدانيا، ليؤرخ بذلك صفحات مشرقة في تاريخ لبنان الحديث.
وعندما يتحدث الرئيس لحود عن تجربته في الحكم، يتحدث بلغة الواثق من الكلمة الأولى والأخيرة للتاريخ الذي سينصفه حتما وليس للكلام السياسي الذي يتبدل ويتغير بتبدل المصالح والمواقف.
لقد ترك الرئيس لحود رصيدا كبيرا من المواقف الخالدة ليكتبها التاريخ، حيث تمكن على امتداد ثمانية عشر عاما موزعة بين توليه منصب قائد الجيش ومنصب رئاسة الجمهورية ان يضمن السلم الأهلي ويحقق للبنان ثلاثة انتصارات متتالية على اسرائيل. وربما يعلم الجميع في الداخل والخارج أنه لولا وجود الجيش الوطني لانهار لبنان تحت وطاة الانقسام السياسي لكن قليلون الذين يعلمون أن هذا الجيش الوطني غير الطائفي صنعه وبناه الرئيس لحود، عندما بادر إلى خطوة دمج الطوائف في الجيش لتصبح جميع الألوية العسكرية مشكلة من كل الطوائف، رغم أن مبادرته هذه تعرضت للرفض والضغط لكن الأيام اثبتت صوابية خطواته.
كما ان الرئيس لحود أول من أطلق شعار أن الجيش يجب أن يكون داعما للمقاومة وليس رادعا لها، ليحقق استراتيجية دفاعية جلبت إلى لبنان الانتصار تلو الانتصار على إسرائيل.
ولأن هذا الرجل حكم لبنان في أخطر المراحل التي شهدتها منطقة الشرق الوسط، فإن لديه الكثير من الاسرار والتجارب التي ترضي طموح الباحثين عن الحقيقة والوقائع السياسية.
الشرق زارت الرئيس لحود في منزله في بيروت وحاورته بجرأة فتحدث بصراحة متناهية كاشفا عن كثير من الأسرار والخفايا السياسية التي يحتفظ بها في جعبته.. وهذا نص الحوار:
***
* فخامة الرئيس نبدأ حوارنا من القمة العربية التي ستعقد في الدوحة.. هل تجد فيها تأسيسا لمرحلة جديدة؟
– الحقيقة كل ما يجري حاليا في المنطقة انعكاس لما يجري خارج المنطقة على المستوى الدولي خصوصا بعد الانتخابات الأمريكية ومجيء اوباما، وهو بالتأكيد أفضل من الرئيس الأمريكي السابق بوش الذ ي يعتبر الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة. وأعتقد أن أوباما يرغب في هذه المرحلة أن يسمع ويعرف ما يجري، خصوصا وأنه يدرك أن سياسة بوش اساءت كثيرا لأمريكا. وهذا بالرغم من معرفتنا أن أمريكا تفضل إسرائيل على العرب.
ومن خلال تجربتي على امتداد عشرين عاما بين قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية التي سبقتها دراستي في الولايات المتحدة وبريطانيا. تبين لي أن أمريكا منحازة بشكل مطلق إلى إسرائيل سواء كانت الادارة جمهورية أو ديمقراطية. لكن المهم هو أن مجيء اوباما ساهم في ترطيب الأجواء بالمنطقة. كما أن الدور المميز لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير دولة قطر كان له الأثر الكبير في هذا الحراك السياسي في المنطقة ، هذا فضلا عن دور سموه في استقرار لبنان، وأذكر أن سموه يخص لبنان بمحبة صادقة.. بمحبة خاصة واستثنائية.
ومثلما هو محب للبنان، فإنه أيضا حريص على التضامن العربي، وبما أنه رئيس للقمة العربية القادمة، فقد اتيحت له فرصة التحرك السياسي الدؤوب لرأب الصدع العربي، تكريسا لقناعته بأهمية الوحدة العربية، وقد لمست لديه سياسة عدم التفرقة بين العرب ورفض سياسة المحاور ولذلك يعمل دائما على مد جسور وتواصل مع الجميع، وعلى هذا الأساس أجزم بأن القمة العربية في الدوحة ستكون ناجحة بكل المقاييس وقد بدأت المؤشرات من خلال التقارب السعودي – السوري. وبذلك ستكون قمة الدوحة قمة الوحدة العربية.
قمة الدوحة
* ما هو مردود نجاح قمة الدوحة على الوضع اللبناني؟
– لبنان هو أول المستفيدين من نجاح قمة الدوحة، لأن الصراع الداخلي في لبنان ذات بعد إقليمي، حيث إن قسما من اللبنانيين مع محور الممانعة وقسما آخر مع المحور الآخر، وإذا توجت قمة الدوحة المصالحات بين المحورين فمن الطبيعي أن تتكرس المصالحات في لبنان. وكذلك أهمية نجاح قمة الدوحة في انها توفر الأجواء الملائمة لاجراء الانتخابات بهدوء وسلام، بعيدا عن التشنجات، وذلك أن الساحة اللبنانية هو انعكاس للصراع الإقليمي، ولو بحثت عن اسباب اختلاف اللبنانيين لما وجدت اسبابا داخلية بقدر ماهي صراعات إقليمية، لكن النقطة الجوهرية تبقى حول مصلحة لبنان في موقفه من الصراع العربي – الإسرائيلي، فمقولة قوة لبنان في ضعفه أدت إلى حرب أهلية استمرت سنوات وادت الى احتلال اسرائيل لأجزاء واسعة من الجنوب.
إرسال الجيش للجنوب
*كانت لكم تجربة مميزة في ارسال الجيش الى الجنوب فما هي وقائعها؟
– عندما كنت قائدا للجيش تلقيت امرا خطيا بارسال الجيش الى الجنوب وكان الجيش لم يدخل الجنوب منذ ثلاثين عاما بسبب الاحتلال، وكان الجميع يظنون أنني سأتراجع عن تنفيذ القرار، لكنني أصررت على التنفيذ، وتلقيت استفسارا من قائد اللواء عن كيفية التصرف إزاء المسلحين الذين يقومون بعمليات ضد الاحتلال فأبلغته أن هؤلاء المسلحين هم مقاومة وواجب الجيش دعمهم لا اعتقالهم، علما أنه لم يكن لدي انذاك أي معرفة او اتصال بالمقاومة وبحزب الله. وكانت هذه بداية التحول في عقيدة الجيش. وعندما علم رئيس الجمهورية انذاك استدعاني، وحذرني من هذا التوجه لأنه قد يتخذ مبررا من قبل اسرائيل لضرب الجيش، فأبلغته أن من يريد جيشا وطنيا لا يخشى تهديد العدو الإسرائيلي، وإذا قررت التراجع فابحثوا عن قائد آخر للجيش، لأنني لن أتراجع.
وفي عام 1993م حصلت مواجهة مع اسرائيل فاستدعاني رئيس الحكومة انذاك الشهيد رفيق الحريري وطلب مني ضبط المسلحين ووقف العمليات ضد اسرائيل كي لا تأخذها ذريعة فاعتذرت عن تنفيذ الأوامر. وقلت له لديكم حرية اختيار قائد جيش آخر. فأصدر أمرا خطيا للجيش بنزع سلاح المقاومة، لكنني أصررت على موقفي وقلت إن الجيش يجب أن يكون داعما للمقاومة وليس رادعا لها، خصوصا وأن الولايات المتحدة تدعم اسرائيل بكل أنواع الأسلحة بينما سلاحنا الاستراتيجي هو المقاومة، ولذلك اعتبر ان أفضل استراتيجية دفاعية للبنان هي العلاقة النموذجية بين الجيش والمقاومة، وقد نجحت في ذلك حيث حررت الجنوب عام 2000م، وعام 2006م أثبتت هذه الاستراتيجية جدواها وانتصر لبنان.
ان قوة المقاومة تكمن في عدم معرفة مكان وجودها، لذلك فإن ما يطرح الآن من افكار حول الاستراتيجية الدفاعية ليست مضمونة النتائج، لأنه متى أصبحت المقاومة معروفة فقدت جدواها، ونحن لا نطالب بوجود المقاومة إلى ما لا نهاية فعندما تحترم اسرائيل حدود لبنان ومياه لبنان وتنسحب من مزارع شبعا ويصبح هناك سلام عربي – اسرائيلي، فإن المقاومة من الطبيعي ان تتوقف.
المقاومة سبب الانتصار
* إذا مقولة المواءمة بين الجيش والمقاومة هي مقولتكم؟
– هذه المقولة هي سبب انتصار لبنان في ثلاث حروب حيث ربح عام 2000م وعام 2006م وفي صفقة تبادل الأسرى، وتعلمت من هذه الدروس فلسطين وانتصرنا في حرب غزة، ولذلك فإن تركيز اسرائيل ينصب على وقف نبع المقاومة هنا في لبنان، ولذلك تستخدم كل انواع الحروب وخصوصا الحروب السياسية والاعلامية التي تظهر وكأن المقاومة دولة ضمن دولة، وقلنا ردنا على ذلك أنه لو كانت دولتنا قادرة وقوية لما احتجنا لوجود المقاومة في الأساس.
وللحقيقة والتاريخ أقول إنني اتخذت هذا الموقف انطلاقا من قناعة ومبادئ وليس لأنه لدي تنسيق واتصالات مع المقاومة، وأذكر أنني حتى الآن لم ألتق مسؤولا عسكريا في المقاومة انما بحكم موقعي في رئاسة الجمهورية كنت ألتقي نواب ووزراء حزب الله، والسيد حسن نصر الله. وقد تعرضت لشتى أنواع الاتهامات، لكن المهم بالنسبة لي أن هذه الاستراتيجية هي التي ربحت ومهما قيل في السياسة لكن التاريخ سيكتب ان الانتصارات التي حققها لبنان تحققت بفضل هذه الاستراتيجية، ولذلك احذر من تورط بعض السياسيين في النظرية الأمريكية – الإسرائيلية بوجوب نزع سلاح المقاومة. لأن المقاومة هي قوة للبنان وهي سلاحه الاستراتيجي.
كما ان التورط في مشروع نزع سلاح المقاومة يمنح اسرائيل فرصة العودة لاحتلال أرضنا، كما يفجر حربا أهلية، ويكفيني فخرا أنه خلال 18 سنة من عملي قائدا للجيش ورئيسا للجمهورية حققنا انتصارات للبنان وضمنت السلم الأهلي، حيث لم يحصل طيلة هذه المدة أي نزاع مسلح بين اللبنانيين، وهذا دليل على سلامة عقيدة الجيش، وسلامة التوجه الذي نفذته داخل المؤسسة العسكرية.
وأذكر عندما تسلمت الجيش كان مقسوما مجموعة ألوية، لواء سني، لواء شيعي ولواء ماروني وهكذا، ولذلك بادرت فورا إلى دمج الجيش بحيث يكون كل لواء عبارة عن مزيج مختلط من كل الطوائف رغم تحفظ رئيس الجمهورية على مشروع الدمج، ونتيجة إصراري على الدمج ظن الجميع أن الدمج قرار سوريا فوافق عليه الجميع. ولولا خطوة الدمج، ما كان لدينا اليوم جيش وطني ولكان لبنان انهار تحت وطأة الانقسام السياسي، ولذلك اكرر القول الا خلاص للبنان سوى بالتمسك بهذه الاستراتيجية لكي نتمكن من الالتفات إلى مواضيع التنمية والاصلاح بدل الانشغال في موضوع انهاء المقاومة، لا يجوز أن تبقى القضايا الاجتماعية والتنموية والمعيشية مهملة لحساب الاهتمام بالشأن السياسي فقط.
المصالحة السعودية ـ السورية
* كيف تنظر إلى موضوع المصالحة السورية – السعودية وتأثير ذلك على الساحة اللبنانية؟
– من المهم جدا حصول التقارب السوري – السعودي – المصري لأن هذا الأمر يسهل الأمور لكل العرب، ولكن المصالحة المطلوبة ليس بـ “تبويس” اللحى، بل يجب تحديد اسس المصالحة وخصوصا مبدأ عدم الجري وراء السلام كيفما كان وبأي سعر كان، فإسرائيل لها اطماع وكلما تنازلنا امامها رفعت سقف مطالبها، والمطلوب ان تكون المصالحة مبنية على مبدأ السلام العادل والشامل، لأنه لا أحد يمكنه التنازل عن شبعا والجولان والقدس.
لبنان وسوريا
* على صعيد العلاقات اللبنانية السورية هل أنت راض عن التطورات الأخيرة بهذا الشان؟
عندما عينت قائدا للجيش لم يكن لدي اي علاقات مع سوريا، لا بل ان علاقاتي مع الأمريكيين والأوروبيين كانت أقوى بكثير، وخلال الممارسة كنت أفرض ما اريد ولا يفرض عليّ ما تريد سوريا، وهذا الأمر أعجب الرئيس حافظ الأسد، لأنه كان يدرك صوابية توجهي، وهكذا تعرفت على الرئيس حافظ الأسد والتقيته لأول مرة بعد رفضي قرار ضرب المقاومة عام 1993م، ولذلك احترمت توجهات الرئيس الأسد التي تنسجم مع توجهاتي، ثم أرسيت علاقات سورية – لبنانية مميزة، وجاء بعد ذلك الرئيس بشار الأسد وسار على خط والده نفسه، وبالتالي كانت العلاقة على ما يرام إلى أن حصلت جريمة اغتيال الرئيس الحريري، فمن استفاد منها؟ وكيف ترفع صور الضباط الاربعة فور الاغتيال ثم اعتقالهم، مما يدل على ان كل شيء مدبر سلفا تماما كما حصل في اوكرانيا وجورجيا، إنها ألاعيب مخابرات دولية وليست جريمة محلية، فاذا الجريمة دبرت للنيل من العلاقات السورية -اللبنانية، وبالتالي لا يمكننا الاستمرار بدون علاقات طيبة مع سوريا، وانا متفائل بعودة العلاقات مع سوريا إلى طبيعتها لعدة اسباب منها قمة الدوحة العربية، وهي ستكون قمة ناجحة، وثانيا توجه الإدارة الأمريكية الجديدة، فهي حتما تحتاج إلى الحديث مع سوريا وايران ومع حزب الله ومع حماس، حاليا الإدارة الأمريكية تطالب بلقاء حماس، وهذه امثولة يجب ان يدركها العرب، نحن لا نطلب من العرب ان يحاربوا عنا لكن نطلب ان يستفيدوا من المقاومة في لبنان وغزة كأوراق قوة في المفاوضات.
المحكمة الدولية
* تجدد الجدل بشأن المحكمة الدولية فكيف تنظر الى ذلك فخامة الرئيس؟
– كلما كان الإسراع في المحكمة كلما كان ذلك افضل بكثير، وهنا أود ان اسأل مضى على الجريمة اربع سنوات وهم يملكون احدث تقنيات التجسس والتنصت فهل يعقل أنهم لا يعرفون من قتل الرئيس الحريري؟
ولذلك ينطبق عليهم المثل القائل: “قتلوا القتيل ومشوا في جنازته”.. وأذكر أنه قبل اعتيال الرئيس الحريري بيومين كنت في منطقة فاريا والتقيت هناك الأمير عبد العزيز بن فهد ومعه سعد الحريري، وجلسنا نتحدث وأخبرني أن بلدكم أجمل البلدان وأنت فعلت ما لم يفعله احد في بناء الجيش الوطني.. وبعد يومين اغتيل الرئيس الحريري، وانقلبت الدنيا على سوريا مرة واحدة، إذا الجريمة مدبرة وهي تستهدف سوريا أيضا. وأنا منذ البداية اتهمت اعداء لبنان وهم اسرائيل والأصولية المتطرفة، لأن هذين الطرفين يجمعهما الحضن الأمريكي، والأصولية المتطرفة بدأت في لبنان قبل 11 سبتمبر، من خلال العملية الارهابية ضد الجيش في الضنية وقد صدمنا عندما تبين لنا ان رئيس المجموعة يحمل جوازا أمريكيا، وقد تلقيت تأنيبا من أمريكا على قتل هذا الشخص بوصفه مواطنا أمريكيا، وبعد ذلك اعتذر الأمريكيون لأنه تبين لهم ارتباط شبكة الضنية بشبكة 11 سبتمبر، ولكن للأسف بعد اغتيال الرئيس الحريري تم اطلاق هذه المجموعة من السجن ومعهم سمير جعجع، وهو قاتل رئيس الوزراء الأسبق رشيد كرامي، وكان في سدة رئاسة الحكومة يوم اغتياله وليس مستقيلا كحال الرئيس الحريري، ومع ذلك اطلق سراح سمير جعجع. وبعد ذلك انقلب الارهاب الى لبنان وشهدنا ما جرى من احداث في مخيم نهر البارد، نحن نأمل ألا يتم تسييس المحكمة الدولية وأن تظهر الحقيقة سريعا ولكن السؤال هل ستكشف الحقيقة اذا كانوا هم وراء الجريمة.
تسييس المحكمة
* هل تعتقد أن المحكمة ستسيس؟
-أكيد ستسيس المحكمة لأنهم اعتقلوا اربعة ضباط بدون تهمة منذ أكثر من ثلاث سنوات ويخشون اطلاق سراح الضباط كي لا يسقطوا في الانتخابات ويصرون على أخذ الضباط إلى لاهاي ونحن نعلم من هم هؤلاء الضباط ولو كانوا متورطين بالجريمة لماذا لا يتم اتهامهم، وكيف يمكن تفسير اعتقالهم هذه المدة بدون تهمة، ووفقا للدستور لا يجوز اعتقال اي شخص بدون توجيه تهمة. فأين هي حقوق الإنسان؟ أم أن حقوق الانسان مسألة استنسابية، وانا قلت منذ اليوم الأول اذا كان هؤلاء الضباط متورطين فليعلن ذلك وانا مستعد لتعليق مشانقهم، ولكن بدون تهمة لا يجوز اعتقالهم لاسباب سياسية وملامح تسييس المحكمة بدأت مع المحقق ميليس.
* اذا تم اطلاق الضباط الأربعة هل نطمئن إلى عدم تسييس المحكمة؟
– لا ليس هذا القصد، نحن نريد ان تباشر المحكمة عملها وفي الوقت نفسه أن يتضح اسباب اعتقال الضباط الأربعة، ويحق لكل انسان أن يعرف تهمته للدفاع عن نفسه.
الانتخابات النيابية
*فخامة الرئيس نحن نقترب من موعد الانتخابات النيابية، فهل ستجري الانتخابات في موعدها وتمر بسلام؟
– أتأمل أن تجري الانتخابات في موعدها وبسلام خصوصا في ظل الأجواء الايجابية، ولكن هناك مشكلة التدخل الخارجي، حيث يظن بعض الجهات الدولية والاقليمية أن الفوز بالانتخابات النيابية قد تعوض خسارتهم امام دول الممانعة، من خلال الهيمنة على لبنان ونقله من موقع الدول الممانعة إلى الموقع الآخر، وضمان إزالة حق عودة الفلسطينيين، وهذا ما يهم اسرائيل وقد كافحت كثيرا خلال قمة بيروت عام 2002م لادخال عبارة حق عودة الفلسطينيين إلى فلسطين في نص مبادرة السلام العربية، وأصررت على ذلك بوصفي رئيسا للقمة العربية، والآن أؤكد ان كل هم اسرائيل هو الخلاص من المقـــاومة ومن حق العودة وذلك عبر فوز الفــــريق الآخر في الانتخــــابات النيــابية. وأنا على ثقة أن جهات دولية وضعت كل الامكانات لتحقيق ذلك سواء عبر الاثارة السياسية أو عبر المال السياسي، قد تلقيت معلومات عن دفع مبالغ تصل إلى 3000 دولار أمريكي للصوت الواحد.
*إذا الانتخابات ستكون حاسمة لخيارات لبنان السياسية؟
– نعم بالتأكيد لأن فوز فريق 14 آذار يعني المطالبة الفورية بنزع سلاح المقاومة، وأظن أنهم أغبياء لأن مصلحة لبنان أهم من المصالح الأمريكية – الإسرائيلية وفي هذه الحالة قد نجد أنفسنا أمام 7 أيار جديد وبالتالي يخرب البلد.
*للتوضيح أكثر كيف ترى المشهد السياسي في حال فوز 14 آذار؟
– قبل شهرين كنا نسمع فريق 14 آذار يقول إذا ربحت المعارضة خرب لبنان، وأنا أقول العكس صحيح إذا فاز فريق 14 آذار ولديهم الرغبة بالغاء المقاومة والغاء حق العودة سيخرب البلد، لذلك أقول كما تقول المعارضة المطلوب هو المشاركة في الحكم وليس الاستئثار بالسلطة.
*من خلال تجربتكم في الحكم اين تجد الخلل في المؤسسات الدستورية؟
-بناء الدولة اللبنانية على غرار بناء الجيش الوطني والغاء الطائفية السياسية. وفقا لما نص عليه اتفاق الطائف وتحويل لبنان إلى دائرة انتخابية واحدة، إلى جانب مجلس شيوخ يحافظ على التمثيل الطائفي.
الدور القطري
* كيف تنظر إلى الدور القطري في لبنان؟
– تعاملت مع جميع الدول العربية لكن ما لمسته من قطر أميرا وحكومة وشعبا مختلف تماما انه محبة صادقة مجردة لا ترتبط باي مصالح، وسمو الأمير لا يتردد في تقديم أي دعم سياسي ومالي للبنان بدون تمييز أو تفرقة بين فئة وأخرى، كما أن تجربة قطر في اعمار الجنوب كانت أفضل التجارب وأنجحها، لأنها الدولة الوحيدة التي انجزت ما تعهدت بإعماره، وكذلك لا ننسى الاتفاق التاريخي الذي انقذ لبنان وهو اتفاق الدوحة الذي لولاه لما كان لبنان بهذا الاستمرار، والأهم من كل ذلك أن سمو الأمير لم يطلب مقابل ذلك شيئا سياسيا أو اقتصاديا، كل ما يطلبه ان يستقر لبنان ونعيش بسلام، بينما الدول الأخرى مقابل كل خدمة لديها شرط سياسي، ولديها مطالب بوضع لبنان في هذا المحور العربي او ذاك، وكل إنسان عاقل بإمكانه أن يدرك نقاوة الدور القطري في لبنان.