الرئيس المرزوقي: اقترح قيام اتحاد للشعوب العربية يستغرق تأسيسه 25 عاما
قمة الدوحة تؤسس لمرحلة جديدة ننطلق منها لملامسة قضايا الشعوب العربية
دعا الرئيس التونسي المنصف المرزوقي لإقامة اتحاد للشعوب العربية يستغرق تأسيسه 25 سنة.
ورأى فخامته في حوار مع الشرق عشية وصوله للدوحة للمشاركة في القمة العربية الرابعة والعشرين، أنه لا فائدة من محاولة إصلاح الجامعة العربية، قائلاً: إنها كانت في وقت من الأوقات نادياً للديكتاتوريات.
وأكد المرزوقي عشية القمة العربية وهي الثانية بعد ثورات الربيع العربي أن قمة الدوحة تؤسس لمرحلة جديدة ننطلق منها لملامسة قضايا الشعوب العربية، مشدداً على أن الأمة بصدد التخلص من نظام سياسي واجتماعي قديم مهترئ، وما زالت تنظر الى هذه القمم بعين الاستهزاء وعدم الاهتمام او عدم التصديق، مضيفاً: إن هذه القمم هي جزء من سيناريو قديم يجب ان يذهب مع كل القديم الذي رحل، وأن “القديم لم يمت تماماً والجديد لم يولد بعد”. وطالب المرزوقي بإعادة هيكلة البيت العربي والتفكير في ميكانيزمات اخرى لاتخاذ القرار والبحث عن سبل جديدة للعمل العربي المشترك، تنطلق من نتائج القمم الاقتصادية، وأرجع تأخر الاندماج والوحدة المغاربية الى ما اعتبره سياسات حمقاء للديكتاتوريات الحمقاء التي فرقت بين شعوبنا وأنهكتها، وإن الاندماج اليوم هو ضرورة الضروريات وان من لا يفهم هذا سيجرفه التاريخ، قائلاً: إن هذا الاندماج يجب ان يتحقق على طريقة الاتحاد الاوروبي، وأكد ترحيب تونس باستضافة القمة الاقتصادية والاجتماعية العربية المقبلة في عام 2015، مشيدا بالافكار الاقتصادية الجديدة لحل مشاكل الأمة قائلاً: إن عدد سكانها سيكون بعد 25 عاما نحو 500 مليون عربي، ويجب ان تبحث عن دور لها بين الأمم. وتحدث الرئيس المنصف المرزوقي عن المأساة السورية؛ معرباً عن ثقته بسقوط الاسد وأنه سيلقى مصير القذافي مهما طال الزمن أو قصر، محذراً من بذور الحرب الأهلية في سورية، وان الخراب الذي تشهده سيكون له آثاره على دول المنطقة برمتها. وقال: ان النظام لا يريد شيئا الا ان تتسلح المعارضة حتى يستطيع إطالة أمد الحرب. وأكد ثقته في استقرار الاوضاع في تونس، مبدياً عدم اكتراثه باستطلاعات الرأي التي تشير الى تراجع شعبية حزبه — المؤتمر من أجل الجمهورية — قائلاً: إن هذه الاستطلاعات مدفوعة الثمن، وسبق أن وضعت الحزب في المرتبة السابعة بينما حلّ ثانيا في الانتخابات.
وفيما يلي نص الحوار..
***
◄ كيف تنظرون فخامتكم الى عقد القمة العربية في الدوحة في هذه المرحلة، وفي هذه الظروف التي تمر بها الامة؟
► نحن في منعرج تاريخي لأن الامة بصدد التخلص من نظام سياسي واجتماعي قديم مهترئ، وما زالت تنظر الى هذه القمم بعين الاستهزاء وعدم الاهتمام او عدم التصديق، لأن هذه القمم وكل الآليات هي جزء من سيناريو قديم، وربما ان هذا كله يجب ان يذهب مع كل هذا القديم الذي رحل، لكن الشيء الثابت أننا في وضع مثل ما يقول المفكر الايطالي انطونيو غرامشي، حيث القديم لم يمت تماماً والجديد لم يولد بعد، حيث من الممكن ان تكون هذه القمم آخر انواع من هذه القمم، ولا بد ان نعيد التفكير في هيكلية أخرى للبيت العربي وميكانيزمات اخرى لأخذ القرار، وانا شاعر ان كل الزعماء العرب واعون لكل هذا، لأن الحديث في هذه القمة بالاساس عن آليات العمل العربي ليس فقط فيما يتعلق بالقضايا، ولكن بالآليات واعادة التفكير في الجامعة العربية شيئاً فشيئاً، وبدأت الامور تتغير فقد لاحظت انه اصبحت هناك قمة اقتصادية واجتماعية وهذا امر مهم جداً، ودليل على التغيير في العقلية وان الامور الاقتصادية والاجتماعية لها نفس القيمة السياسية، وانا سعيد ان تونس في عام 2015 سوف تحتضن القمة الاقتصادية المقبلة ومن جهة أهمية القمم الاقتصادية والبحث عن سبل جديدة للعمل العربي المشترك، ونحن الآن في مرحلة مخاض، والآن يجب ان نجد افكاراً جديدة لآلية القرار العربي وأفكاراً جديدة لحل مشاكل الامة، ولأنه لايمكن ان نتابع الوضع كما لو أن الثورات العربية لم تقع.
مرحلة جديدة
◄ هل تتوقعون إذن أن تؤسس هذه القمة في الدوحة لمرحلة جديدة ننطلق منها لملامسة قضايا الشعوب العربية؟
► نعم تؤسس لمرحلة جديدة خاصة لإصلاح الاقتصاد العربي، واعتقد ان من الاهمية التركيز على نتائج القمة الاقتصادية والاجتماعية، وإيجاد آليات عمل عربية جديدة، وهذه القمم العربية وكل المنظومة التي نحن مازلنا عليها الآن، كل هذه آليات وتفكير من نصف القرن الماضي، والآن هناك ضرورات لمواكبة حركة التاريخ ان تكون لنا آليات وافكار جديدة وآليات تفكير جديدة، واذا اردت ان تعرف رأيي فاذا أردنا لهذه الامة ان تأخذ مكانها في الساحة العالمية، وان تحل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية فلابد أن يكون فيها اندماج أكثر وأحسن نموذج موجود الآن في الاندماج هو نموذج الاتحاد الاوروبي، وكل الناس تعلم ان المنطقة العربية والمنطقة المغاربية هي “فضيحة” لأنها اقل المناطق في العالم اندماجاً، بالنظر الى الاندماج الموجود في افريقيا.. والاندماج الموجود في آسيا أكثر بكثير من الاندماج الموجود في المغرب العربي أو في المنطقة العربية ككل، وهذا نتيجة السياسات الحمقاء للديكتاتوريات الحمقاء التي فرقت بين شعوبنا وأنهكتها، وبالتالي فالاندماج اليوم هو ضرورة الضروريات ومن لا يفهم هذا سيجرفه التاريخ، وهذا الاندماج يجب أن يتحقق — حسب رأيي — على طريقة الاتحاد الاوروبي، ويجب ان يكون واضحا لدينا اننا يجب ان نبني اتحاد الشعوب العربية، وهذا الاتحاد يجب ألا تكون له علاقة بالوحدة البعثية، او الكلام الفارغ او وحدة على الطريقة الناصرية، وانما اتحاد شعوب دول مستقلة وشعوب حرة وبينها اندماج كبير، تبني شيئاً فشيئاً نحو مفوضية واحدة وبرلمان واحد وفضاء اقتصادي واحد، على أن يكون هذا العمل تدريجيا، فلو وضعنا مثلاً لأنفسنا ان مثل هذا الاتحاد يرى النور بعد 25 سنة، فهو زمن كبير بالنسبة للأفراد، لكنه بالنسبة للامم لا شيء، ونخطط على مدى 25 سنة ليكون عندنا اتحاد للشعوب العربية المستقلة، وهذا يتطلب ان نندمج شيئا فشيئا ونفتح الحدود شيئا فشيئا، حتى نصل الى الجنسية العربية في وقت من الاوقات، ونتدرج ونكلف الجامعة العربية وآلياتها أن تكون في خدمة هذا المشروع، وآنذاك سيكون العمل حقيقة.. تاريخياً، وزعماء العرب سيدخلون التاريخ وسيواكبون التاريخ، لكنني لا ارى شخصياً فائدة في محاولة اصلاح شيء مثل الجامعة العربية التي كانت في وقت من الأوقات نادياً للديكتاتوريات، وإذا أردنا ان نصلح الجامعة العربية، فيجب ان نعيد لها مهمتها، ومهمتها الآن هي إعداد اتحاد الشعوب العربية والإعداد لمشروع البرلمان العربي، ومشروع السوق العربية المشتركة، واعداد مشروع الفضاء العربي، واعداد مشروع الجنسية العربية.. الخ، وهكذا نضع مشروعا تحتضنه كل القوى ويصبح باب أمل ونعرف انه بعد 25 سنة سيكون لنا اتحاد الشعوب العربية، مثلما هو موجود في اوروبا الآن وتكون لنا عاصمة سياسية مثل استراسبوج، وعاصمة اقتصادية او بيروقراطية مثل بروكسل وهكذا.
جمدته التناقضات
◄ أتعتقدون فخامكتم أن الجامعة العربية بحاجة إلى ثورة مثل ثورات الربيع العربي؟
► نعم وهي في الواقع عبارة عن هيكل خلق سنة 1945 وفي ظروف معينة، ثم جمدته التناقضات بين تلك الديكتاتوريات، ولم تعطها اي صلاحية، ونحن لا نعيب على الجامعة العربية لأنها ليست الا ترجمة وانعكاساً للواقع، واليوم اذا اردنا لهذه الجامعة حقيقة ان تلعب دورا فلا اراه الا في خدمة المشروع العربي، وان تكون المكان الذي تطبخ فيه المشاريع والافكار وتقدم الى القمم التي ستبني لبنة لبنة، والمشروع يجب ان يكون واضحاً واذا لم يكن هناك مشروع واضح فاننا سنبقى نعدّل هنا وهناك ولكن لأي غاية؟ يجب ان تكون هناك للامة غاية استراتيجية كبرى، والغاية الاستراتيجية الكبرى هي الاتحاد العربي؛ لسبب بسيط انه بعد 25 سنة ستكون هناك الصين بمليار واكثر، والهند بمليار واكثر، والاتحاد الاوروبي بنحو سبعمائة او ثمانمائة مليون وسيكون هناك اتحادات في امريكا اللاتينية الى آخره، والعرب مقزمون دائما وأبداً لانهم غير قادرين على ان يكون لهم حلم عظيم، لكن لو قام هذا الاتحاد بعد 25 سنة فمعناه أنه سيكون لنا وقتها 500 مليون عربي، وسيلعبون دوراً مهماً في هذا العالم، ولا يمكن لأحد ان يتجاوزه، بينما لحد الآن مهما بقي ان نبقى غباراً من الشعوب، أو الافراد، ولن نلعب أي دور حقيقي في مصير العالم.
◄ فخامة الرئيس.. الملف السوري يهيمن على قمة الدوحة، كيف تنظرون الى معالجة هذا الوضع لهذه الثورة التي تدخل الان عامها الثالث في ظل قمع وبطش النظام وانتم ابن اولى الثورات التي انطلقت؟
► والله هذه مأساة لكنها مأساة تحمل دلالة لكل الطغاة العرب انه سيقع تدمير النظام الاستبدادي العربي ولو كان ثمنه ما تدفعه سورية فهذه هي الرسالة التي يجب ان تفهم، وكل انسان يجب ان يفهم ان هذه الشعوب الان دخلت في عملية اعادة بناء الذات وهي مستعدة لدفع كل التكاليف ويحيا الشعب السوري العظيم، الذي دفع ثمنا رهيبا لهذه الثورة العربية. والرسالة الثانية انه حقيقة بطبيعة الحال فانني ادين باسم تونس العنف الذي يتعرض له الشعب السوري وادين ادانة مطلقة اغتيال البوطي وكل الشهداء وادانة واضحة لكل التجاوزات مهما كان مأتاها فنحن لا نقبل حتى ان الثورة نفسها تقوم بتجاوزات وهذا يجب ان يكون واضحا، ولا محالة نحن قلنا منذ البداية ان تسليح المعارضة والتدخل الخارجي سيؤدي الى كارثة وهو ما حصل، الان يجب وضع كل قوانا السياسية للضغط على الحلفاء الباقين لهذا النظام لإنهاء هذه المعاناة، لكن هنا ايضا فان عدم التخطيط وعدم الرؤية للمستقبل محمل بالاخطار ويجب ان نعلم ان هذه الاسلحة التي تعطى الان ستكون اسلحة للحرب بين اخوين، بين طرف ينتمي الى التيار الديني وطرف ينتمي الى التيار العلماني
وهكذا ونحن يجب ان ننتبه الى انه ربما ان الحرب الاهلية الاولى لم تنته ونحن نبذر بذور الحرب الاهلية الثانية، كذلك يجب ان ننظر الى الخراب الكبير الذي سنواجهه يمكن ان تكون له انعكاسات جبارة على استقرار كامل المنطقة وبالتالي فيجب من الان ان نفكر استباقيا وهذا ما ينقصنا في العالم العربي اننا نجري وراء الازمات ولا نستبقها، استباق الازمة السورية الثانية ونحن لم نكمل بعد الازمة الاولى لان بشار الاسد سيسقط طال الزمان او قصر وسيقصر هذا الزمان ولكن من الان يجب التفكير في مسألة حياتية وهي اعادة اعمار سورية، فسورية الان تحتاج الى مخطط مارشال عربي او عالمي لان هذا ما سيضمن استقرارها ومن الان يجب لعب كل الادوار السياسية الممكنة لمنع وجود تصادم بين قوى عسكرية مسلحة والسلاح الذي يعطى الان اخشى ما اخشاه انه لن يحارب فقط بشار وانما سيجعل السوريين يحارب بعضهم بعضا.
نرفض التسليح
◄ فهمت من فخامتكم انكم ضد تسليح المعارضة في الوقت الذي يقوم فيه النظام بالتسلح اقليميا ودوليا ويأتيه الدعم بالافراد والسلاح في حين ان المعارضة تقف مكتوفة الايدي وممنوع عنها اي سلاح او اي دعم عربي والعرب يتفرجون على قتل الشعب؟.
► لا العرب لا يتفرجون على قتل الشعب فنحن في تونس حاولنا مع كل الاصدقاء ان ندفع الى الحل السياسي وان ندفع المعارضة الى ان تتجمع بامكانياتنا الضعيفة وقدمنا المعونات للشعب السوري ونحن نتابع الوضع في سورية ولا يمكن القول ان العرب تتفرج فقد دفعت كثيرا لكن حتى لا اعود الى نبش الماضي اقول نحن كنا نرفض التسليح خوفا مما وقع الان فلماذا نحن رفضنا التسليح؟ لاننا كنا نعرف ان هذا النظام لا يريد شيئا الا ان تتسلح المعارضة حتى يستطيع اطالة امد الحرب. وخوفا على الشعب السوري وهو الذي كان وربما نحن على خطأ او على صواب اقول ربما لو بقيت المعارضة على سلميتها رغم وحشية النظام فانه ربما كانت الخسائر ستكون اقل وسرعة انهيار اكثر. وعلى كل حال نحن لا نستطيع اعادة كتابة التاريخ.، تونس في كل الاحوال ستدعم سياسيا وستدعم اقتصاديا وستدعم اخلاقيا ولكن نحن دولة ليست لنا امكانيات وليست لنا قوة عسكرية كي ندعم عسكريا وهذا ليس مطلوبا منا ولن نعطيه، ولكن مرة اخرى اقول انه يجب من الان ان نعلم ان مثل هذا السلاح قد — لا قدر الله — نظرا للمشكلات السياسية الموجودة قد يؤدي الى اقتتال السوريين، واحسن حل لتفادي حرب ثانية من الان هو العمل على جمع الفرقاء السياسيين ودفعهم الى التفاهم لوعينا بأن وجود هذه الاسلحة — لا قدر الله — يمكن ان يلهب هذا البلد سنوات وسنوات حتى بعد انهيار النظام.
منطق شمشون
◄ كيف تنظرون الى استقالة الخطيب واصابة رياض الاسعد قائد الجيش السوري الحر في تفجير وهل تعتقدون ان هذه العمليات مرتبطة بمرحلة جديدة تدخل لها المعارضة؟
► ما يتعرض له النظام السوري انا من الناس الذين عندهم عقدة شمشون “علي وعلى اعدائي يارب” والهيكل سيسقط على رؤوسهم وسيمحقهم محقا والشعب السوري سيبقى لان منطق علي وعلى اعدائي.. من هم الاعداء؟ الشعب والافراد يموتون، لكن الشعب لا يموت حتى لو انهار الهيكل وهيكل سليمان لو انهار سينهار هذا النظام والمسألة مسألة وقت وتذكرون انني منذ البداية قلت انه حتى لو لم يكن ذلك من العدل فيجب ان نفتح الباب لهؤلاء الناس ليرحلوا حتى نتفادى ما وقع للشعب السوري
وللاسف الشديد هم بمزيج من الحمق ومن الغباء ومن سوء التقدير رفضوا كل امكانيات هذا التفكير واعتقد ان هيكل سليمان سيسقط فوق رؤوسهم وسينتهون نهاية القذافي اللهم الا اذا هربوا في آخر لحظة، لكن المشكلة الثانية مرة اخرى هي مشكلة المعارضة السورية التي أعرفها جيدا لان فيهم الكثير من اصدقائي الحميمين وعشت معهم في المنفى واعرفهم جيدا واعتقد انه الان واكثر من اي وقت مضى يجب دفعهم كلهم دون استثناء الى الجلوس حول طاولة الحوار ودفعهم دفعا قويا الى منع الحرب الاهلية الثانية التي للاسف الشديد ارى ملامحها تبدو من الان، وضروري ان كل قوانا السياسية وكل الاطراف التي لها الحد الادنى من الوعي السياسي والانساني ان تدفع الاخوة السوريين الى ان يجلسوا مع بعضهم البعض وان يخرجوا بقرار جماعي.
محاولات لم تفلح
◄ فيما يتعلق بالشأن التونسي — فخامة الرئيس — شكلت مؤخرا حكومة جديدة بعد مخاض، كيف تنظرون الى عمل هذه الحكومة وما ضمانات استمرارها وعدم حدوث اشكال بين الاخوة المتوافقين على هذه الحكومة؟
► تونس الى حد الان استطاعت ان تقوم بثورة وكان ثمنها اقل الثورات العربية ثمنا رغم الهزات والمصاعب فانها لم تركن الى العنف ضد شعبها او ضد المعارضة وكل ما قامت به المعارضة الى الان من محاولة زعزعة النظام لم يفلح وكل الدعوات التي اطلقتها بعض اطراف المعارضة غير المسؤولة للفوضى ولعودة الجيش قوبلت بازدراء من طرف الشعب الذي لم يخرج للفوضى ومن الجيش الذي اكد اكثر من مرة تمسكه بالشرعية رغم الصعوبات فالاقتصاد رجع في 2011 ولم يكن لنا دولة ولم يكن لنا اقتصاد والان نقول انه بات لدينا دولة واقتصاد وصلت فيه نسبة النمو الى 3،6 % بينما كان 2 تحت الصفر والفكر التوافقي بات يلعب دورا كبيرا واننا توافقنا ووصلنا الى كثير من التفاهمات حول الدستور وان الرزنامة باتت واضحة وضوح الشمس وان الحكومة تأسست بالاساس على مطلب المعارضة التي ارادت ان تفسد علينا الانتخابات منذ البداية بالتشكيك في الانتخابات قبل ان تبدأ، حيث روجت ان الانتخابات لا يمكن ان تكون نزيهة لان وزارات السيادة محتلة من طرف النهضة، والنهضة من باب الوطنية تنازل عن هذه المقاعد وهو شيء لم يسبق له مثيل، بحيث اننا قدمنا للشعب وللرأي العام صورة حكومة توافقية بين العلمانيين المعتدلين الذين امثلهم انا والاخ مصطفى جعفر وبين الاسلاميين وهو نموذج لم يوجد الى حد الان في الوطن العربي، وخرجنا من عنق الزجاجة وكل المحاولات لزعزعة الاستقرار من طرف الثورة المضادة او من طرف المعارضة غير المسؤولة فشلت وبالعكس فقد اثبتت تونس صلابتها ومتانتها في المحن كاملة، والان عندنا خريطة طريق واضحة وبعد ثمانية اشهر او سبعة اشهر ستكون لدينا انتخابات حرة ونزيهة على اساس دستور سليم وتوافقات سياسية سليمة وعلى اساس حوار وطني لم يتوقف ووفق كثيرا في هذه الحكومة، وبالعكس انا سعيد جدا بما يقع في تونس وفخور ببلدي الذي اثبت ان فيه طبقة سياسية مسؤولة وامكانيات التوافقات قائمة وفيه جيش متمسك بالشرعية وكل هذا يدعوني الى التفاؤل فيما يخص مستقبل تونس واتمنى ان كل البلدان العربية يصير لها نفس الحق.
حرب اعلامية
◄ ما يتعلق بالانتهاء من الدستور والانتخابات وشعبية حزب المؤتمر من اجل الجمهورية وما يتردد عن تراجع هذه الشعبية كيف تنظرون الى ملامح المشهد التونسي خلال المرحلة المقبلة؟
► الدستور يكاد يكون اكتمل واغلب الصعوبات ذللت وحالما يتم الاعلان عن الانتخابات فان كل الناس ستدخل في حملة انتخابية وآنذاك سنعرف ما هو حجم هذا وذاك لأن هناك حربا اعلامية ضروسا داخل تونس وهناك محاولات للتشكيك وللبلبلة حيث اصبحت لدينا موضة في تونس وهي استطلاعات الرأي المدفوعة الثمن التي تحاول ان تلعب دورا وهذه جربتها عندما دخلت الانتخابات بحزب المؤتمر في 2011 كان ترتيبه رقم 7 وفق استطلاعات الرأي المدفوعة الثمن ولكن فوجئ الجميع بأنه رقم 2 وعلى كل حال فان كل الاطراف ستلعب دورها احيانا بنزاهة وشرف واحيانا بدون نزاهة وبدون شرف لان هناك اطرافا تستعمل السب والشتم والاشاعة ولكن لا خوف على تونس من الثورة المضادة. والثورة المضادة جربت نفسها عبر جزء من الاعلام من خلال محاولة اثارة البلبلة والتنبؤ بالفوضى لكن لم يحدث شيء من هذا.