جاسم البديوي أمين التعاون: السكك الحديدية والسوق الخليجية على رأس أولوياتنا
أكد سعادة السيد جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أن التأشيرة السياحية الموحدة على المستوى الخليجي من أبرز المواضيع المطروحة على قمة الدوحة. موضحا أن المواقف السياسية التي ستصدر في بيان الدوحة واضحة ومتوافق عليها من قبل جميع الأعضاء وستكون هناك العديد من الإنجازات الرائعة في البيان الختامي للقمة. وأعلن سعادته في حوار شامل مع “الشرق” أن الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية سيكون ضيف القمة مؤكدا أن مشاركته لها دلالة هامة على التطور الإيجابي في العلاقات الخليجية التركية. وشدد البديوي على أن دول مجلس التعاون يربطها مصير مشترك ورؤية ومستقبل واحد، وان الدول الخليجية تسعى لتفعيل المؤسسات والمشاريع الموحدة حتى يشعر المواطن الخليجي بالنتائج والتطورات الإيجابية للمّ الشمل وتحقيق المصالح المشتركة. وأشار سعادته إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي قامت بجهود كبيرة لخفض التصعيد في قطاع غزة مشيدا بالدور الكبير لدولة قطر فيما يخص التوصل إلى الهدنة الإنسانية وإدخال المساعدات للأشقاء الفلسطينيين ومذكرا بالأدوار الهامة لدول المجلس في مساندة الأشقاء في فلسطين. وقال: «نحن لن ندخر جهدا واحدا على كافة المستويات لمساعدة الأشقاء، أتوقع أن أي حل مستقبلي لفلسطين سيكون بكل تأكيد للدول الخليجية دور كبير في التوصل إليه.» مؤكدا أن إنهاء الحرب ليست مسؤولية مجلس التعاون وحده فهذه المشكلة الدولية تحتاج لتضافر جهود المجتمع الدولي برمته من أجل حل دائم وشامل.
وشدد سعادته على أن مجلس التعاون يحرص على الحفاظ على سياسة خارجية متزنة وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. كما تسعى دول مجلس التعاون لمساعدة الدول الأخرى من خلال أذرعها التنموية وتعمل على ربط علاقات سواء بشكل ثنائي أو من خلال منظومة مجلس التعاون عبر تعاون وشراكات استراتيجية مع الدول ومع المؤسسات والمنظمات الإقليمية. وذكر سعادته أن المجلس خلال عام 2023 نفذ تسع فعاليات مع دول مؤثرة وتجمعات إقليمية هامة تسعى لضمان استمرار علاقاتها ومصالحها مع دول مجلس التعاون. لافتا الى أن دول الخليج لم تحقق هذه المكانة وهذه المصداقية من فراغ بل حققتها بعمل دؤوب وأثبتت للعالم أجمع بأنها منفردة ومجتمعة تعد شريكا موثوقا وحقيقيا يهدف إلى تحقيق المنفعة المتبادلة والحفاظ على الاستقرار والأمن والتنمية المستدامة في المنطقة والعالم.
وفيما يخص العلاقات الخارجية لمجلس التعاون الخليجي بين سعادته أن الدول الخليجية تجمعها علاقات متميزة مع تركيا ولمشاركة الرئيس أردوغان في قمة الدوحة دلالات على تطور هذه العلاقات مبرزا كذلك أن كافة دول مجلس التعاون تؤمن بأن الطريقة الوحيدة للتوصل الى علاقات طبيعية مع ايران هي من خلال الحوار الصريح وضمان عدم تدخل طهران في شؤون دول مجلس التعاون واحترام قرارات الشرعية الدولية ومن هذا المنطلق جاء الترحيب الخليجي رفيع المستوى بتطبيع العلاقات ما بين المملكة العربية السعودية وايران في شهر مارس الماضي. وتطرق الحوار الى عدد من القضايا والتحديات الإقليمية والعالمية.
فيـمـــا يلـي تفاصيل الحوار..
– بداية نرحب بكم في «الشرق» ومنصاتها الإعلامية، القمة الخليجية الـ 44 تنعقد وسط ظروف ومستجدات إقليمية ودولية مختلفة، كيف ينظر معالي الأمين العام إلى انعقاد هذه القمة بالدوحة وإلى التوقيت والظروف التي تحيط بها؟
شكراً لكم، أنا سعيد بالتواجد في دوحة الخير وفي بلدي الثاني قطر، وأن أتواصل مع الجمهور في قطر والعالم العربي من خلال مؤسسة الشرق الإعلامية المتكاملة. أعتقد أن المنظور الأول الذي ننظر من خلاله – كمجلس تعاون خليجي- إلى السؤال الذي تفضلت به، هو (العمل من الداخل إلى الخارج، وليس من الخارج إلى الداخل)، وكبداية ننظر إلى عملنا في هذه القمة وتحدياتنا الخليجية الخليجية التي نواجهها وعملنا الخليجي المشترك، ومنها ننطلق إلى إقليمنا ثم إلى مجتمعنا الدولي، وهذا هو النهج الذي تسير عليه دولنا وقادتنا.
ومن هذا المنطلق، نبدأ بالحديث عن عملنا الخليجي المشترك، وأؤكد هنا أننا سعداء وفخورون بما تحقق خلال 42 عاماً، فهناك إنجازات تلو الإنجازات، وعمل تلو العمل، ووحدة تلو الوحدة، واتحاد تلو الاتحاد، وهذا الذي نطمح له ونأمل به سواء على مستوى القادة أو على مستوى الشعوب، وهنا أتساءل: هل نحن سعداء بما حققناه؟ الإجابة، نعم.. وهل هذا يلبي طموحنا؟ بالطبع لا، فنحن نحتاج أن نعمل أكثر، وهناك العديد من الأمور التي من الممكن أن نحققها، وهناك العديد من الموضوعات الموجودة على جدول أعمالنا ونأمل أن نصل إليها، لكننا بالطبع سعداء وفخورون بما حققنا، فمنظومة مجلس التعاون الخليجي واحدة من أنجح المؤسسات الإقليمية على مستوى العالم بلا منازع، ولك أن تنظر فقط في الأرقام التي حققتها طوال هذه السنوات.
وبالنسبة للمسار الخليجي، فنحن ننظر إلى عملنا على مستوى الدول، كل دولة على حدة، ومن هذه النجاحات يُستكمل النجاح الخليجي، فالأرقام التي حققتها الدول الخليجية «استثنائية»، ولا يمكن لأي دول أن تحققها في هذه المسيرة القصيرة منذ استقلالها، وما قدمته لشعوبها من رخاء وازدهار وبنى تحتية واستثمار مهم في المواطن الخليجي، ولك أن تنظر في الأرقام التي تحققت على مستوى التعليم والصحة والثقافة والرياضة والاقتصاد، لكن يظل الاستثمار الحقيقي في المواطن الخليجي، ومن هذه الأسس شرعنا في بناء منظومتنا، ففي عام 1981 عندما أنشئ مجلس التعاون كان وضع الدول الخليجية مختلفا عما نحن عليه الآن في عام 2023، ومنظومة مجلس التعاون تواكب دول المجلس وتطور من حالها وعملها حتى تصل إلى هذا التطور الذي وصلنا إليه. وهنا أعود للتأكيد على أهمية العمل من الداخل إلى الخارج، فعملنا الخليجي المشترك يجب أن يكون ثابتا وراسخا ويحقق إنجازات تصل إلى المواطن الخليجي ومن ثم ننتقل إلى التحديات الإقليمية والدولية.
– حقيقة، هذا الطرح مميز للغاية، أن تحمل الأمانة العامة هذه الرؤية للعمل الخليجي الموحد، وخاصة ما أشرتم إليه فيما يخص المواطن الخليجي، وهنا يتبادر إلينا سؤال وهو.. أين هو المواطن الخليجي في كل القطاعات؟ هل بالفعل نجد اليوم تطبيقاً للقرار الذي صدر منذ سنوات عديدة، وترجمة فعلية لتطبيقه في قطاعات مجلس التعاون؟
لا شك في ذلك، فالمواطن الخليجي يتمتع بمميزات التنقل الحر والتملك الحر والعمل الحر والدراسة الحرة، فالمواطن القطري على سبيل المثال له حرية السفر إلى عمان والبحرين والكويت والإمارات والسعودية، وله نفس الحقوق والمميزات التي تقدم لهذه الشعوب، وله أن يتملك ويعمل كما يشاء. وأنا أعتقد – وهذا رأيي الشخصي- أننا كشعوب عددنا ليس كبيراً لذلك نحن نستثمر في دولنا، ولم نحتاج إلى الخروج منها أو أن نطبق هذه القوانين بقدر ما هو مطلوب أن نطبقها، وهذا على مستوى التنقل وتوحيد التعرفة الجمركية والدخول عبر المنفذ الواحد وهذه كلها وغيرها مطبقة على أرض الواقع.
– دعني أتحدث هنا بلغة المواطن الخليجي، فاليوم عندما أريد أن أخرج من مسقط إلى الكويت أحتاج أن أمر على كل هذه المنافذ الحدودية بين الدول الخليجية، وطالما نحن نتحدث عن مواطنة خليجية موحدة وعن اندماج وتكامل خليجي، نسأل.. ألم يحن الوقت لأن تُرفع هذه الحدود بين الدول؟ كما هو الحال بين دول الاتحاد الأوروبي؟
لكل إقليم أو منظمة رؤيتها وظروفها وبيئتها التي تعيش فيها، وحرية التنقل الآن مكفولة للمواطنين الخليجيين، أما للإخوة المقيمين من الدول الأخرى فيحتاجون إلى تأشيرات.
– أنا أتحدث هنا عن مرور المواطن الخليجي عبر مراكز حدودية خليجية، ألا يجب أن يتوقف هذا الأمر؟
دعني أوضح لكم أنه حتى في الاتحاد الأوروبي هناك مراكز حدودية، قد لا تكون مفعلة، لكنها تظل موجودة، وأنا كنت أعيش في أوروبا أثناء فترة جائحة كورونا، حينها أعادوا العمل بالمراكز الحدودية عندما احتاجوا إليها، واستمر ذلك لمدة عامين، وأعيد التأكيد على أن لكل إقليم ظروفه والتحديات والاستراتيجيات الخاص به. حقيقة، أنا لا أرى تحدياً كبيراً في مسألة المراكز الحدودية، وما يشغلني أكثر بالنسبة لمنظومتنا الخليجية هو أن نصل بشكل نهائي إلى تكاملنا الاقتصادي، واتحادنا الجمركي الموحد، وأن نربط الدول الست بمشروع السكك الحديدية، هذا هو التحدي، والإنجاز الصحيح، أما موضوع المنافذ قد لا يكون بهذه الأهمية، ولا يمكن أن تربط النجاحات المتعددة والكبيرة التي حققها مجلس التعاون بموضوع المنافذ، وأعتقد أنه لا مجال للمقارنة.
تقدم في المشاريع
– لا خلاف على أن هناك منجزات ومكتسبات تحققت خلال العقود الأربعة التي مضت، لكن من ضمن القضايا التي أشرتم إليها، مشروع السكك الحديدية، الذي كان يفترض أن يتم في عام 2018 ويتم ترحيله من عام إلى آخر، وكذلك السوق الخليجية المشتركة، والاتحاد الجمركي، والبنك المركزي، وكل هذه المشاريع صدر بحقها قرارات للمضي فيها، وهنا أؤكد أن بقاء كيان مجلس التعاون إلى هذه اللحظة رغم كل ما يحيط به من تحديات أمنية وعسكرية وأحزمة نارية مقارنة بكل التكتلات العربية التي أنشئت ثم زالت هو نجاح في حد ذاته ولا خلاف على ذلك، لكن أعود إلى المشاريع التي أشرتم إليها وهي حتى الآن معلقة أو تمضي ببطء.. كيف ترون ذلك؟
هذا طبيعي، فعمر مجلس التعاون الخليجي 42 عاماً، ونحن كدول تطورنا وأنشأنا هذه المنظومة، وهنا أسأل: هل حال وفكر ونهج الدول الخليجية في عام 1981 كما هو عليه الآن؟، بالطبع لا فالأمور اختلفت، والدول تتطور والمشروع يتطور معها، والوصول للمشروع موجود، والرؤية موجودة، ورؤية خادم الحرمين الشريفين وضعت التواريخ، ونحن الآن أمام التحدي لتنفيذ هذه المشاريع، ربما بعضها يتم تنفيذه في عام 2025 وبعضها الآخر في عام 2026، لكن المشاريع قائمة، ولكل دولة من الدول الست ظروفها ومسارها الخاص ووضعها الاقتصادي الخاص، لكن في نهاية المطاف هناك تصور واضح وإيمان كامل ويقين من القادة الست وكافة الشعوب أن نصل لهذا التكامل الاقتصادي والتجاري، ودعني أؤكد أن المسار لم يتعطل، فالدول الست الآن مرتبطة كهربائيا لدرجة أننا ولله الحمد لدينا زيادة في الكهرباء، ووقعنا في شهر يونيو الماضي اتفاق الربط الكهربائي مع جمهورية العراق، وبدأنا في تنفيذ هذا المشروع، وأؤكد لكم أن خريطة الطريق واضحة والكل يعرف أين المسار وإلى أين نحن ذاهبون.
– المشاريع التي أشرتم إليها مثل السكك الحديدية والسوق الخليجية المشتركة، هل هناك برمجة لتنفيذها؟
نعم، نحن نعمل حالياً على قدم وساق، وسنقدم تقريرنا إلى المجلس الوزاري غداً حول المسار الكامل لهذه المشاريع.
قمة الدوحة
– ما هي أبرز محاور النقاش المدرجة على قمة الدوحة لمجلس التعاون الخليجي ؟ ومن هي أهم الشخصيات المدعوة للقمة؟
أبرز المواضيع المطروحة على قمة الدوحة هي التأشيرة السياحية الموحدة على المستوى الخليجي التي بواسطتها سيتمكن السائح من الدخول إلى الدول الست بكل أريحية، وهذه واحدة من الإنجازات الرائعة لمجلس التعاون. كذلك سيتم طرح استراتيجية مكافحة المخدرات الموحدة وكيفية التعامل مع هذه الآفة بشكل مشترك. هناك مواضيع متعلقة بالتحول الرقمي، وقعنا اتفاقية تجارة حرة مؤخرا مع باكستان، وهنالك اتفاقيتان، كنا نأمل أن ننتهي من توقيعهما قبيل القمة مع جمهورية كوريا الجنوبية ونيوزلندا لكن وقع تأخير من الجانب الآخر. بالنسبة للمواقف السياسية التي ستصدر في بيان الدوحة فهي واضحة ومتوافق عليها من قبل جميع الأعضاء. ستكون هناك العديد من الإنجازات الرائعة في البيان الختامي للقمة. وفخامة رئيس الجمهورية السيد رجب طيب أردوغان سيكون ضيف القمة.
الأمن السيبراني
– الأمن السيبراني من التحديات التي تواجه المنطقة، كيف تتعامل منظومة مجلس التعاون الخليجي على هذا الصعيد؟
هناك تنسيق وتعاون خليجي في موضوع الأمن السيبراني وكان آخر اجتماع في شهر نوفمبر الماضي للوزراء المعنيين بالأمن السيبراني، وتم التوصل إلى العديد من الخطط والبرامج المشتركة ووكل للأمانة العامة لدراستها وإعادتها مرة أخرى للدول الخليجية لأخذ قرارها، لكن هنالك تنسيق جدا رائع بين الدول الست فيما يخص مجابهة الهجمات السيبرانية.على سبيل المثال إذا تعرضت الدولة لخطر أو أي هجمة سيبرانية يخطر الجميع فيها لتكون الدول الأخرى مستعدة لنوعية هذه الهجمة وقادرة على التعامل معها.
حياد واتزان
– منظومة مجلس التعاون الخليجي أنشئت عام 81، جاءت في ظل ظروف أمنية دقيقة الحرب العراقية الإيرانية، ولا زالت هذه الحروب ممتدة إلى اليوم، يمكن أن نقول إن منظومة مجلس التعاون تطوقها عدة صراعات وإشكاليات من اليمن والعراق وسوريا إلى لبنان. اليوم كيف يتعامل مجلس التعاون بعد 42 عاما مع هذه المخاطر الأمنية القائمة؟ كيف يحافظ هذا الكيان على استقراره في ظل هذه الاضطرابات الإقليمية وحتى الدولية؟
نعم تأسس مجلس التعاون في خضم الحرب العراقية الإيرانية في بدايتها وأشرس أوقاتها وحافظ المجلس طيلة سنوات عمله على سياسة خارجية متزنة تعمل على ضمان الأمن الداخلي والمصالح الاستراتيجية للدول الست. وتحرص دول المجلس في الوقت نفسه على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. كما تسعى دول مجلس التعاون لمساعدة الدول الأخرى من خلال أذرعها التنموية وتعمل على ربط علاقات سواء بشكل ثنائي أو من خلال منظومة مجلس التعاون عبر تعاون وشراكات استراتيجية مع الدول ومع المؤسسات والمنظمات الإقليمية.
أعطيكم مثالا على انجازات مجلس التعاون فقط عام 2023: تم انجاز لقاء وزاري مشترك مع دول الكاريبي، لقاء وزاري مشترك مع روسيا، لقاء وزاري مشترك مع اليابان، لقاءين وزاريين مشتركين مع الولايات المتحدة، لقاء وزاري مشترك مع المملكة المتحدة، قمة مع دول آسيا الوسطى، قمة مع دول الآسيان، حوار مع دول الاتحاد الاوربي. اذ قام مجلس التعاون بتسع فعاليات مع دول مؤثرة ومع تجمعات إقليمية هامة تسعى لضمان استمرار علاقاتها ومصالحها مع دول مجلس التعاون. ودول الخليج لم تحقق هذه المكانة وهذه المصداقية من فراغ، حققتها بعمل دؤوب، حققتها عندما أثبتت للعالم أجمع بأنها منفردة ومجتمعة، شريك موثوق فيه، وشريك حقيقي يهدف إلى الوصول إلى نجاح واستفادة متبادلة، نحن لا ندخل في شراكة لنستفيد فقط بل نفيد الطرف الآخر ونعمل على تأسيس شراكة متبادلة المنافع ليس فقط للطرفين بل في أغلب الأحيان للمنطقة بأكملها تكون مستفيدة.
لن ندخر جهدا من أجل فلسطين
– هناك اليوم أحداث ضاغطة سواء كان على المنظومة الخليجية وعلى العالم، موضوع غزة معالي الأمين العام، ربما الموقف الخليجي ظهر في هذه الأزمة تحديدا على درجة عالية والحق يقال من التنسيق، كيف تنظرون إلى هذه الأزمة، إلى هذا العدوان المتواصل حتى هذه اللحظة من قبل إسرائيل على غزة دون أن يكون هناك خطوات عملية سواء كان عربيا أو حتى دوليا؟
نحن كدول خليجية عربية نشعر كما يشعر العالم أجمع بأسى كبير لما حصل ولا يزال مستمرا في حق الأشقاء والشقيقات في غزة وفي فلسطين بشكل عام. لعبنا دورا مهما من اليوم الأول من طلقة الصاروخ الإسرائيلي البربري الأول على غزة وكانت هناك اتصالات كثيفة. نحن أول جهة أصدرت بيانا كمنظمة إقليمية، طبعا أول من أصدر بيانا مشتركا ما بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي وتمت الإدانة فيه لكافة العمليات التي يتعرض لها الأبرياء من أي طرف في العالم، واستطعنا أن نقنع الجانب الأوروبي بالموافقة على هذا البيان الذي أصبح منصة لبيانات عديدة من كافة دول العالم.
إلى جانب اجتماع مجلس وزاري استثنائي في مسقط ومنها انطلقت الدول الخليجية بشكل مجتمع وبشكل ثنائي في العمل من أجل تخفيض التصعيد. نجد المملكة العربية السعودية أبلت بلاء حسنا وجمعت العالم في قمة استثنائية عربية إسلامية. كذلك دولة قطر لعبت دورا كبيرا فيما يخص التوصل إلى الهدنة، وإدخال المساعدات إلى الأشقاء والشقيقات في غزة، دولة الإمارات العربية لعبت دورا استثنائيا في استصدار قرار 2712، الدول الخليجية الأخرى، الكويت، عمان والبحرين، يعني على مدار الساعة لم يتوقف التواصل مع المجتمع الدولي والتنسيق من أجل التوصل إلى هدنة وإنقاذ الشعب الفلسطيني في غزة. دول خليجية دورها الحالي والمستقبلي أساسي ورئيسي في التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية. نحن لن ندخر جهدا واحدا على كافة المستويات لمساعدة الأشقاء، أتوقع أي حل مستقبلي لفلسطين سيكون بكل تأكيد للدول الخليجية دور كبير في التوصل إليه. نحن لن نقبل بأي شيء أقل مما أقره المجتمع الدولي والشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة واضحة توجب ضرورة تنفيذ حل الدولتين، يجب أن تكون مبادرة السلام العربية هي الأساس، كما ذكر بذلك سمو الأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية المملكة العربية السعودية مؤخرا في كلمته من الضروري أن يصدر عن مجلس الأمن قرار يضمن حل الدولتين في القضية الفلسطينية.
تضافر جهود المجتمع الدولي
– يعني قرارات وبيانات، وإسرائيل لديها أفعال على الأرض؟ ألا تملك منظومة مجلس التعاون الخليجي أدوات فاعلة ضاغطة على شركائها يمكن استخدامها كعنصر ضغط على الكيان الإسرائيلي لإيقاف آلة الحرب على غزة؟
جهودنا المتعددة أفضت إلى التوصل لوقف إطلاق النار والهدنة. ومن الأكيد أن إنهاء الحرب ليست مسؤولية مجلس التعاون وحده فهذه مشكلة دولية تحتاج لتضافر جهود المجتمع الدولي برمته وتحتاج أن تقوم الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالأخص بدورهما، الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يجب أن يطبق على إسرائيل، يجب على أصدقاء وشركاء إسرائيل أن يتواصلوا معاهم وأن يقنعوهم بأن ما تقوم به إسرائيل من أعمال بربرية تجاه الشعب الفلسطيني سيكلف ليس المنطقة وحسب زعزعة الأمن والاستقرار بل العالم أجمع، فالمسألة دولية تحتاج إلى قرار دولي من أجل حل شامل.
– هل هناك خوف خليجي من توسيع دائرة أزمة غزة إلى جر المنطقة إلى حرب إقليمية؟
كل أزمة وكل فعل له ردة فعل، وكل أزمة تتوالد منها أزمات كثيرة، دول مجلس التعاون تؤمن بأن حل الدولتين وتنفيذ قرارات مجلس الأمن هو الحل الوحيد للصراع ولإنقاذ الشعب الفلسطيني وتمكينه من تحقيق حلمه في التوصل إلى بلده، نحن سنفعل ما في وسعنا لمحاولة إنقاذ الشعب الفلسطيني وتحقيق حلمه في استقلال أراضيه.
الدوحة تستضيف الوزاري الخليجي اليوم
تستضيف الدوحة اليوم الاجتماع الوزاري الـ 158 لمجلس التعاون وذلك للتحضير للدورة الـ 44 لمقام المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ينعقد الاجتماع برئاسة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية -رئيس الدورة الحالية- للمجلس الوزاري، وبحضور أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء خارجية دول مجلس التعاون.
وأكد معالي الأمين العام لمجلس التعاون بأن انعقاد المجلس الوزاري بدورته التحضيرية الـ 158 يأتي استكمالاً للاستعدادات التي تجري حالياً لانطلاق أعمال الدورة الـ 44 لمقام المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والمقرر عقدها يوم الثلاثاء الموافق 5 ديسمبر 2023م، بحضور أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس – حفظهم الله ورعاهم-.
وأوضح معالي الأمين العام بأن المجلس الوزاري لمجلس التعاون سيبحث خلال انعقاده عدداً من التقارير بشأن متابعة تنفيذ قرارات مقام المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي صدرت عن القمة الـ(43) بمدينة الرياض، وكذلك المذكرات والتقارير المرفوعة من اللجان الوزارية والفنية والأمانة العامة، والموضوعات ذات الصلة بالحوارات والعلاقات الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون والدول والتكتلات العالمية، بالإضافة إلى آخر التطورات الإقليمية والدولية، التي تشهدها المنطقة.
– هل ممكن أن نقول إن هذا التنسيق الخليجي في موضوع غزة يؤسس لمرحلة جديدة من التنسيق في التعاطي مع ملفات أخرى هناك اختلاف أحيانا في التعاطي مع بعض الأزمات أو بعض الأطراف الإقليمية وخارجها على سبيل المثال حتى في قضية فلسطين دول خليجية ذهبت في إقامة علاقات مع إسرائيل ودول خليجية لديها تحفظ في ذلك؟
بالنسبة لمسألة التطبيع هي مسألة سيادية، كل دولة لها رؤاها وأهدافها واستراتيجياتها الخاصة، يطبع من يشاء ويتخلف عن التطبيع من يشاء، هذا موضوع سيادي متروك لكل دولة أن تقيمه.
علاقاتنا مع تركيا متميزة
– الرئيس التركي كما أشرت، سوف يكون حاضرا في هذه القمة، ربما لفترات كانت أيضا العلاقة الخليجية التركية فيها شد وجذب وأنتم قبل ربما أسبوع أو أكثر باعتقادي كنتم في تركيا في حوار اقتصادي عربي خليجي تركي، نعم كيف هي اليوم العلاقة الخليجية التركية، هل أخذت تصحح مساراتها في السياسة الاقتصادية؟
تتمتع الآن دول مجلس التعاون بعلاقات استثنائية ورائعة مع تركيا. المجلس الوزاري في اجتماعه 155 في مارس 2023 تبنى قرارا باستئناف الحوار الاستراتيجي ما بين دول مجلس التعاون وتركيا، كنا بصدد تحديد موعد لعقد الحوار الاستراتيجي الخليجي التركي، ولكن مع الأسف أحداث غزة حالت دون استكماله. علاقاتنا مع تركيا متميزة ورائعة، مشاركة فخامة الرئيس أردوغان في قمة الدوحة لها دلالات على تميز هذه العلاقات. تركيا شريك استراتيجي هام في المنطقة، وهنالك علاقات استثنائية معها وننسق في العديد من الملفات، ونحن نتطلع بكل تأكيد لمشاركة مثمرة من قبل فخامة الرئيس أردوغان في هذه القمة.
إيران جار تاريخي
– بالنسبة إلى إيران في الفترة الماضية حدثت مصالحات بين السعودية وايران، هل ترون أن هذه الحوارات يمكن أن تثمر عن مزيد من الاستقرار للمنطقة؟
كافة دول مجلس التعاون ترى وتؤمن بأن ايران جار موجود منذ الاف السنين ونحن نؤمن ايمانا تاما بأن الطريقة الوحيدة للتوصل الى علاقات طبيعية مع ايران هي من خلال الحوار الصريح ومن خلال ضمان عدم تدخل ايران في أي شؤون لدول مجلس التعاون وضمان احترام ايران لقرارات الشرعية الدولية وضمان ان تكف ايران عن عملية تصدير الثورة والسياسات التي تتبناها في هذا الموضوع ومن هذا المنطلق جاء الترحيب الخليجي رفيع المستوى في تطبيع العلاقات ما بين المملكة العربية السعودية وايران في شهر مارس الماضي وانعكس هذا الترحيب على بياناتنا الرسمية الصادرة عن اجتماعاتنا الوزارية وخمس دول من مجلس التعاون لديها سفارات وسفراء في طهران وهناك سفراء من ايران في هذه الدول ونحاول ان نضمن ان نتوصل لعلاقات طبيعية مع ايران ولدينا تبادل تجاري كبير ما بين اغلب دول مجلس التعاون مع ايران وهناك العديد من المواطنين الايرانيين الذين يقيمون ويعملون بأمن وأمان وسلام ويقومون بتحويل اموال من دول مجلس التعاون الى ايران ونحن كعنصر اقليمي نساهم بشكل ايجابي في دفع عجلة الاقتصاد الايراني بسبب ما يتم تحويله من اموال من المقيمين الايرانيين الى ايران فنحن لا نشكل لإيران سوى عنصر ايجابي ونحن لا نوفر لهم الا المصالح الخيرة التي تهدف الى ضمان امن واستقرار المنطقة وتهدف الى مصالح الشعوب ونتمنى ان نصل الى علاقات طبيعية اخوية ودية مع ايران يكون عنصرها الاساسي واركانها الاربعة الاساسية ضمان أمن واستقرار المنطقة ومصالح الشعوب ومصالح المنطقة والفائدة لكلا الشعبين.
– هل هناك توجه لإقامة حوار خليجي إيراني مثلما هو مع أطراف أخرى؟
هذا قرار يبحث ما بين منظومة دول مجلس التعاون وهذا يتم الاخذ فيه حسب الطريقة الطبيعية لإنشاء حوار استراتيجي، وايران بلد مهم وجار مهم تربطنا به علاقات جيدة نتمنى ان نطورها لما هو افضل وان نصل الى علاقات طبعيية 100 % تعود بالفائدة على أمن واستقرار المنطقة وعلى الشعب الايراني.
نووي إيران تحكمه قرارات مجلس الأمن:
والملف النووي الايراني تحكمه قرارات مجلس الامن وتحكمه اتفاقيات دولية وهنالك منظمة دولية هي الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي من تشرف على البرامج النووية في دول العالم ونحن نتمنى ان تكون ايران صادقة فيما تقول انها تعمل ضمن النظم والقوانين الدولية التي تضع الاطر للبرامج النووية. نحن نتمنى ان يكون برنامج ايران برنامجا سلميا وان يصل المجتمع الدولي وايران الى اتفاق يمكن من خلاله للمجتمع الدولي ان يراقب ويتحقق من كافة البرامج النووية.
دعم استقرار لبنان
– هناك دول تنظر الى المنظومة الخليجة كداعم وتترقب دعما منها على سبيل المثال لبنان، خاصة في ظل الفراغ الرئاسي وما تمر به من اشكاليات عديدة، هل يمكن ان يلعب مجلس التعاون الخليجي دورا في إعادة مؤسسات الدولة في لبنان؟
لبنان بلد مهم جدا والارقام توضح مدى اهتمام الدول الخليجية والشعوب مع لبنان وعملنا مع لبنان وساعدناه على كافة المستويات في السابق ،ونحن نأمل بأن تصل المؤسسات اللبنانية والاطراف اللبنانية الى اتفاق يهدف الى انتشال البلد من الوضع الذي هو فيه الان وان تنجح المؤسسات اللبنانية في لعب دورها الاساسي لضمان امن واستقرار لبنان وشعبه الشقيق.
التأشيرة فور إقرارها
– التأشيرة السياحية التي ستعرض على قمة الدوحة، هل تم التوافق على البدء في تنفيذها، وهل كل دول مجلس التعاون الخليجي سوف تعمل بها بشكل كلي؟
أكيد، وهناك تسلسل بدأ فيه مشروع التأشيرة السياحية الخليجية هي تبدأ بفرق عمل ولجان مكونة من الوزارات المعنية بهذا الموضوع، وهذه اللجان تدرس المقترح وترفع الى اللجان الاعلى وهم وكلاء الوزارات المعنية بهذا الموضوع والوكلاء الستة بالتوافق يرفعون الى اللجنة المعنية بهذا الشأن، وهم مجلس وزراء الداخلية الستة وافقوا على هذا المشروع ورفعوه الى أصحاب الجلالة والسمو القادة، حفظهم الله ورعاهم، لكي يثار هذا المشروع في القمة – قمة الدوحة – ومن ثم بعد أن يأتي التوجيه من أصحاب الجلالة والسمو في هذه القمة يبدأ العمل التنفيذي الذي يتكون من ايجاد الآلية والشبكة اللازمة للتنفيذ وربط الوزارات وهو أمر لا يبدأ إلا بعد أن يأتي التوجيه السامي من القادة.
حلم المواطن الخليجي
– سؤالي الأخير للمواطن الخليجي جاسم محمد البديوي: ما الذي يريده من قمة الدوحة ومن مجلس التعاون الخليجي كمواطن بعيدا عن المنصب الرسمي؟
دعني أعد إلى سنوات انشاء مجلس التعاون الخليجي، حيث كنت في الصف الاول الثانوي وكان الاحتفال السنوي بالقمم الخليجية عبارة عن عيد وطني لنا جميعا، كلنا كنا امام التلفزيون نشاهد وصول القادة والافتتاح والاغاني الخليجية المتميزة ونشاهد روح الالفة التي ولله الحمد لازلنا نشاهدها. هذا الحلم الخليجي بالنسبة لي كمواطن كويتي خليجي هو حلم الجميع والله لا توجد ديوانية أجلس فيها ولا مجلس ولا تجمع الا ويطالب بأن نفعل المؤسسات وان نشعر المواطن بالنتائج نحن اهل وهذا هو المفهوم لدى الشعوب الخليجية ترابطنا مع بعض وحبنا لبعض فلا يوجد كويتي ينسى ما قامت به دول مجلس التعاون عام 1990 من مساعدة للشعب الكويتي وكيف تم احتضانه وكيف دخلنا البيوت وهذه هي المشاعر الحقيقية والرؤية الحقيقية التي وضعها القادة المؤسسون رحمة الله عليهم والذين أسسوا مجلس التعاون من اجلها، فهي في نهاية المطاف مصير واحد مشترك ورؤية واحدة ومستقبل واحد وهذا ما أتمنى أن أحقق جزءا منه خلال فترة وجودي كأمين عام للمجلس إن شاء الله.