رئيس الوزراء الاردني: واثقون من تطور العلاقات القطرية – الأردنية نحو الأفضل
على الرغم من الأجواء الباردة التي أجري فيها اللقاء، فإن دفء الاستقبال الذي لقيناه من دولة الرئيس سمير الرفاعي رئيس وزراء المملكة الأردنية الشقيقة، الذي يبدأ اليوم زيارة للدوحة تستمر يومين، بدد هذه الاجواء الباردة.
كان الموعد المقرر لإجراء المقابلة كالمعتاد في مثل هذه المقابلات الصحفية في مقر رئاسة مجلس الوزراء، إلا أن دولة الرئيس اصر على نقلها الى منزله الخاص الذي يقع بواحدة من اجمل مناطق المملكة، وهي منطقة بدر الجديدة غرب العاصمة عمان، والتي يطلق عليها كذلك قرية البلوط، نظرا لكثرة اشجار البلوط، وكثرة الاشجار الموجودة بمنطقة بدر الجديدة، والتي ترتفع عن سطح البحر بنحو 1000 م، وتشرف على وادي شعيب الجميل، وتطل على البحر الميت وجبال فلسطين والقدس الشريف، وتظهر بجلاء مدينة اريحا الفلسطينية.
وقد بدا هذا الموقع الجغرافي الجميل مطابقا لموقع الاردن الاستراتيجي في السياسة العربية والاقليمية، حيث المملكة الاردنية معنية مباشرة بالمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية وهي الاكثر حرصا على قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وخصوصا انها اكبر دولة مضيفة للاجئين الفلسطينيين وهي ايضا المعنية برعاية المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الشرقية وهي الأكثر تضررا من سياسة الاستيطان الاسرائيلية مما انعكس فتورا واضحا في العلاقات الاردنية – الاسرائيلية
واذا كانت عملية السلام العربي – الاسرائيلي تتصدر الأولويات الاردنية فان ما يجري في الدول المجاورة وخصوصا في العراق ليس بمنأى عن الاهتمام الاردني الذي يؤكد حرصه على استقرار العراق ولبنان وسائر الدول العربية.
وعلى الرغم من حرارة الملفات الاقليمية فان الاردن يبدو البلد الاهدأ في عين العاصفة حيث الاستقرار السياسي الذي لا يشوبه سوى بعض التحركات الشعبية الاقتصادية، لذلك يحرص دولة الرئيس الرفاعي على وضع الأمور في نصابها، حيث الازمة الاقتصادية عالمية بفعل ارتفاع اسعار البترول وليست حالة اردنية، رافضا تشبيه قرارات الحكومة برفع الرواتب ودعم بعض القطاعات بـ “التونسة” مطمئنا الجميع الى سلامة الاقتصاد الاردني الذي يتمتع بثقة عالمية كبيرة.
كان حوارا بعيدا عن الرسميات، تخلله في كثير من الاحيان احاديث اخرى عن قضايا جانبية، مع تواضع في التعامل، فكما استقبلنا بحفاوة عند وصولنا الى منزله، ودعنا كذلك بحفاوة اكبر، واصر على ان يصاحبنا الى الباب الخارجي لمنزله. وكرم الضيافة لم يقتصر على حفاوة الاستقبال بل على كرمه بان يخص الشرق بحوار شامل عشية وصوله الى الدوحة متحدثا بكثير من الاهتمام عن العلاقات القطرية – الاردنية، معربا عن تفاؤله بنتائج المحادثات مع كبار المسؤولين القطريين، مبشرا بأن العلاقات الثنائية ستشهد تطورا كبيرا وتعاونا شاملا في المستقبل القريب، كاشفا ان جدول الاعمال سيكون حافلا بالمشاريع المشتركة ومن ضمنها إعادة إحياء الصندوق القطري الاردني الاستثماري، مشيرا الى تسمية اعضاء اللجان التي ستتم دعوتها للاجتماع قريبا.
ويبدي دولة الرئيس الرفاعي فخره واعتزازه بالانجازات الكبيرة التي تشهدها قطر بقيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى معتبرا ان فوز قطر بتنظيم مونديال 2022 هو فوز للعرب، مبديا استعداد الاردن للمشاركة في انجاح هذا الحدث الرياضي الكبير.
الحوار مع رئيس الوزراء الاردني دولة الرئيس سمير الرفاعي كان شاملا وغزيرا يشبع طموحنا الصحفي ويثري القراء بالمعلومات القيمة عن مختلف المواضيع والقضايا.
وفيما يلي نص الحوار:
***
◄ دولة الرئيس.. كيف تنظرون الى زيارتكم لدولة قطر اليوم؟
► انني اتطلع الى زيارة دولة قطر تلبية لدعوة كريمة من أخي معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بكثير من التفاؤل، كون مثل هذه الزيارات بين الدول العربية خاصة في هذه الظروف التي تمر بها أمتنا مهمة جدا.
حقيقة العلاقات الاخوية التي تربط بين قيادتي بلدينا جلالة الملك عبدالله الثاني واخيه صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة وهذه العلاقات مستمدة من القواسم المشتركة التي تجمعنا على صعيد الدين والقومية والهدف المشترك، والأردن يتطلع إلى تعزيز هذه العلاقات والدفع بها إلى الأمام.
ونحن نعمل على ترجمتها بعلاقات مماثلة وقوية بين الحكومات والاجهزة المختلفة،
وهناك العديد من المجالات التي يمكن للبلدين التعاون فيها، والبناء على ما كان موجودا، لان هناك ارضية قوية يمكن الانطلاق منها لتعزيز هذا التعاون خلال المرحلة المقبلة بما يخدم شعبينا، وبما ينعكس على حياتهما في المجالات المختلفة.
مشاريع مختلفة
◄ دولة الرئيس.. هل هناك مشاريع معينة ستتم مناقشتها خلال هذه الزيارة؟
► هناك عدد من المشاريع التي سيتم التطرق اليها خلال هذه الزيارة والمدرجة على جدول الاعمال، من بين ابرز هذه المشاريع التي بدأ الاردن فيها مشروع سكة الحديد وبناء البنية التحتية لربط سوريا والسعودية ومن ثم الى دول الخليج عبر الشبكة التي يتم انشاؤها في هذه الدول، حيث سيعمل هذا المشروع على ربط العقبة والسعودية بالعراق، وهذا امر مهم، حيث سيعمل على بناء العراق وستلعب هذه الشبكة دورا ايجابيا في هذا الجانب، وكنت مؤخرا في زيارة الى بغداد واظهر المسؤولون العراقيون اهمية كبرى لفتح كل نقاط الحدود للتعامل مع محيطهم العربي.
كذلك هناك مشروع اكبر وهو مشروع سحب مياه من البحر الاحمر الى البحر الميت، فكما هو معروف ان البحر الميت تنخفض فيه المياه سنويا نحو 90 سم، واذا استمر الحال على هذه الشاكلة دون ايجاد حلول وضخ مياه فيه عبر قناة، فان البحر الميت خلال 50 الى 60 سنة لن يكون موجودا، ولذلك فانه اضافة الى اهميته من الناحية البيئية فانه من الناحية المعيشية يمثل بقاء هذا البحر اهمية كبرى ، سيصاحب هذا المشروع استثمارات كبرى في مراحله المختلفة.
ايضا هناك مشروع نووي سلمي، والاردن حاليا في المراحل النهائية، وسيعلن في مارس المقبل عن الجهة الفائزة بالعرض، وبعدها في شهر نوفمبر سيتم الاعلان عن الجهة التي ستنفذ المشروع.
طبعا الاستثمارات القطرية في هذه المشاريع التي تحدثت عنها ستكون لها الاولوية، وقطر حقيقة من الدول الرائدة في مجال الاستثمارات على مستوى العالم. كذلك هناك مشروع الغاز القطري، فقطر اليوم واحدة من اهم الدول المصدرة للغاز، وتدرس تصديره بطرق مختلفة، ونحن في الاردن مهتمون بتنويع الطاقة لدينا والانتقال الى الغاز، وسيتم التباحث مع الاشقاء في قطر حول هذا المشروع.
ايضا يقوم الاردن حاليا بعمليات لاستكشاف الغاز، وسنتدارس كيفية التعاون مع قطر في هذا المجال.
وهناك استثمارات قطرية كبيرة في الاردن خاصة في مجال البنوك، وسنعمل على تعزيزها وتوفير المناخ الافضل بما يستفيد منه الجانبان.
تعزيز الاستثمارات
◄ هل سيتم تعزيز الاستثمارات القطرية اكثر خلال المرحلة المقبلة؟
► بالتأكيد، في السابق كان هناك حديث عن صندوق استثماري قطري اردني، قبل نحو عامين ونصف، وللاسف لم تتم متابعته، وهذا سيكون كذلك مطروحا على جدول الاعمال خلال هذه الزيارة مع اخي رئيس الوزراء.
ايضا هناك موضوع العمالة والاردنيين الذين يعملون في دولة قطر الشقيقة، فنحن سعداء جدا بالنهضة والتطور الذي تشهده دولة قطر، ونفتخر بالانجازات التي تتحقق في مختلف المجالات بفضل القيادة الحكيمة لسمو أمير دولة قطر، والفوز باستضافة كأس العالم عام 2022 ليس فقط فوز للاشقاء في قطر انما هو فوز للعرب جميعا، ونتطلع لان يكون هناك تعاون فيما بين بلدينا، وان يساهم الاردن والاردنيون في انجاح مثل هذه الاحداث الكبرى التي تشهدها دولة قطر، ونحن سنبذل كل ما في وسعنا ونضع كل امكاناتنا من اجل اشقائنا في قطر.
صندوق قطري – أردني
◄ اشرتم الى تأسيس صندوق أردني قطري وكان الاتفاق ان يكون برأسمال ملياري دولار وذلك قبل أكثر من عامين، ولكن هذا الصندوق لم ير النور حتى الآن.. هل يواجه عقبات معينة؟
► في حقيقة الأمر لا توجد صعوبات أمام تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ولكن هناك إجراءات وآليات تتضمنها مذكرة التفاهم من اجل البدء بتفعيل بنودها والمسألة مسألة وقت ونحن سنعمل مع الإخوة في قطر على تسريع وتيرة هذه الإجراءات، حيث اتفقنا في السنة الماضية وخلال اجتماعات الدورة الثالثة للجنة الأردنية القطرية المشتركة على تسمية أعضاء اللجنة المشتركة وسنعمل على دعوة هذه اللجنة للاجتماع في القريب العاجل لوضع التصورات والآليات المناسبة من اجل التنفيذ.
◄ دولة الرئيس.. قطاع الاعمال والقطاع الخاص.. كيف يمكنهما المساهمة في المشاريع الموجودة بالاردن وهي مشاريع كبيرة وطموحة؟
► نحن بالاردن نعتقد ان القطاع الخاص يمثل الطريق الامثل وربما الطريق الوحيد للنمو، فحتى اذا ما رغبت الدول بلعب دور في الاقتصاد فانه لن تكون لها الامكانية لشح الموارد والالتزامات المالية، وبالتالي فان القطاع الخاص مطلوب منه تعبئة الفراغ الحاصل، فنحن في الاردن 54% من النشاط الاقتصادي محصورة في الحكومة، وهذه ارقام لا يمكن ان تستمر، لذلك فاننا نرحب بالاستثمارات من القطاع الخاص.
ونحن على ثقة ان القطاع الخاص القطري لديه القدرة على تولي المهام، واعتقد ان الصندوق الاستثماري واية استثمارات قطرية سنعمل على تذليل كل الامور امامها.
◄ هل سيتم خلال هذه الزيارة التوقيع على اتفاقيات معينة؟
► خلال هذه الزيارة سيتم بحث مشاريع مختلفة ولن تشهد التوقيع على اتفاقيات، ولكن هذه الزيارة ان شاء الله ستكون زيارة ضمن سلسلة من الزيارات، فالاشكالية انه في كثير من الاحيان يتم الحديث عن مشاريع لكن للاسف ان المتابعة لا تكون على المستوى المطلوب، لذلك فان مباحثاتنا اليوم وغدا ستكون بشكل صريح حول كيفية استفادة الجانبين من هذه المشاريع. لدى الجانبين عدد من مشاريع الوثائق للدراسة في مجالات المنافسة والمعارض ومكافحة الدعم والإغراق والاستثمار، وهي مقترحات أردنية وبانتظار رد الجانب القطري عليها لإقرارها وتوقيعها، الأمر الذي من شأنه تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين بلدينا الشقيقين.
◄ هناك حديث عن زيارة مرتقبة لجلالة الملك عبدالله للدوحة.. هل حدد موعدها؟
► لم يتم حتى الآن تحديد الموعد، لكن هذه زيارة طبيعية بين قيادتي البلدين الشقيقين، فالعلاقات ممتازة، فمن المؤكد ان جلالة الملك سيقوم بزيارة الدوحة، وفي المقابل نحن واثقون أن صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني سيشرف الاردن، وهذا امر طبيعي، والاردنيون دائما يتذكرون لسمو الامير وقفته لما وصل المفغور له ان شاء الله جلالة الملك حسين وكان من اول المستقبلين له في عمان.
فتور العلاقات لماذا؟
◄ العلاقات القطرية الأردنية شابها فتور لفترة.. كيف يمكن إبعاد هذه العلاقات مستقبلا عن أي متقلبات؟
► كما أسلفت سابقا، لدينا علاقات أخوية قوية تاريخية تربطنا، إلى جانب العلاقة المتميزة بين القيادتين، ونحن نرغب بدفع العلاقة الثنائية إلى الأمام وفتح مجالات تعاون جديدة بين البلدين والشعبين الشقيقين وفي كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها.
والأردن يتطلع إلى مزيد من التنسيق مع إخواننا في قطر، كما نقدر أهمية الدور الذي تلعبه دولة قطر الشقيقة في كثير من القضايا الإقليمية، وهو دور يصب في المصلحة العربية ومصلحة المنطقة.
العلاقات التجارية
◄ هل أنت راض عن مستوى المبادلات التجارية بين قطر والأردن، ؟
► وصل حجم التبادل التجاري خلال عام 2010 ما يقارب (120) مليون دولار بزيادة نسبتها أكثر من 200% مقارنة مع العام 2005، وهذا عائد إلى عدة عوامل أهمها نشاط القطاع الخاص من الجانبين للاستفادة من الإعفاءات من منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والنتائج الطيبة لاجتماعات اللجان المشتركة التي نسعى إلى دورية انعقادها.
ولدى البلدين الشقيقين إمكانيات كبيرة من خلال مواصلة اللقاءات الرسمية على كافة المستويات ولقاءات فعاليات القطاع الخاص من الجانبين من اجل تحقيق مستويات اكبر في مجال التبادل التجاري،
ونحن سائرون بهذا الاتجاه بثقة وأمل ونعمل باستمرار بالتعاون مع الأشقاء على زيادة حجم التعاون الاقتصادي في مختلف المجالات وإزالة المعوقات التي تواجه حركة التبادل التجاري وتحفيز القطاع الخاص في كلا البلدين لإقامة مشاريع استثمارية في ضوء الفرص المتاحة.
◄ ما أبرز المشروعات التي يمكن للمستثمر القطري الاستفادة منها في الأردن؟
► فرص ومجالات الاستثمار جميعها مفتوحة أمام الأخوة القطريين ونرحب بهم دائما للاستفادة من هذه الفرص وامكانية تصدير منتجات استثماراتهم المقامة في الاردن الى أهم وأكبر الاسواق العالمية وخاصة الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الاوروبي وغيرها من الدول بحكم اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها الاردن مع العديد من البلدان بشكل ثنائي أو متعدد الاطراف.لدى المملكة مجالات عدة للاستثمار في القطاعات كافة، إضافة للمشروعات الاستراتيجية التي تعمل المملكة على تنفيذها حالياً في مختلف القطاعات الحيوية المتعلقة بالطاقة والمياه (ناقل البحرين) والنقل (سكة الحديد الوطنية)، ونتطلع إلى وجود استثمار قطري فيها.كما تم تحويل العقبة الى منطقة اقتصادية خاصة لما تتمتع به من مزايا وخصائص متعددة وتشهد المنطقة حركة استثمارات نشطة الى جانب اقامة العديد من المناطق التنموية في عدة مناطق في المملكة تتوافر فيها البنى التحتية اللازمة لاقامة مختلف الاستثمارات ولتحفيز النشاط الاستثماري فقد قامت الحكومة بتخفيض نسبة الضرائب المفروضة على الافراد وجميع القطاعات الاقتصادية.
حوافز للمستثمرين
◄ ما أبرز الحوافز التي يقدمها الأردن لجذب المستثمرين ورجال الأعمال القطريين؟
► لقد سبق وتحدثنا عن العديد من التشريعات المنظمة لعملية الاستثمار في المملكة وهي تحوي العديد من الحوافز والمزايا سواء في مجال الإعفاءات الضريبية والمدة الزمنية لهذه الإعفاءات حسب نوعية المشروع ومكان إقامته بما في ذلك ميزة النافذة الاستثمارية الواحدة التي تسهل على المستثمر إنجاز مشروعه الاستثماري بأسرع وقت ممكن ومزايا الأمن والأمان والاطمئنان على موجودات المشروع الاستثماري المالية والمادية التي كفلها له القانون بالإضافة إلى الناحية الإعلامية التي نتبعها لتعريف المستثمر العربي على مزايا الاستثمار في المملكة.
◄ هل تتوقعون دخول استثمارات قطرية جديدة إلى المملكة أو تأسيس شركات قطرية ـ أردنية مشتركة خلال الفترة المقبلة؟
► نحن متفائلون جداً وخصوصا خلال اللقاءات الرسمية التي تتم، حيث نرى توجها إيجابياً من قبل دولة قطر الشقيقة للاستثمار في المملكة، سواء عن طريق الصناديق السيادية أم من خلال فعاليات القطاع الخاص.
◄ ما زال حجم الاستثمارات القطرية في الأردن يراوح مكانه بحدود 500 مليون دولار في أنشطة وقطاعات خدمية وسياحية، ونحو 1.3 مليار دولار في بورصة عمان.. ما خططكم لجذب مزيد من الاستثمارات القطرية إلى الأردن؟
ـ نحن في المملكة جهزنا البنية التحتية الملائمة على الصعيد التشريعي والإنشائي لتحتضن الاستثمارات، ونحن هنا اليوم في الشقيقة قطر سوف نطلع الإخوان القطريين على أبرز الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة، وعلى مستوى التسهيلات التي سوف تقدمها الحكومة للمستثمرين القطريين.
لا “تونسة” لقراراتنا
◄ دولة الرئيس.. أعلنتم مؤخراً عن زيادات في الرواتب ودعم عدد من القطاعات.. لماذا الآن.. فالبعض ربط هذه الزيادات بما حدث في تونس.. ما صحة ذلك؟
► هذه القرارات لم يتم اتخاذها تحت اي ضغوطات، او كما يحب البعض ان يشير الى ان هناك “تونسة” في الشارع العربي، فتونس دولة نحترمها لكن لها خصوصيتها، وربْط ما حدث فيها بأي دولة عربية ـ ليس فقط بالأردن ـ غير منطقي ولا اساس له، فنحن بدأنا بالموازنة من العام الماضي، وما كان هناك تضخم كما هو حاصل اليوم، فاسعار النفط لم تكن بما هي عليه اليوم، كذلك بالنسبة للمواد الغذائية، فقد حدثت مشاكل في استراليا والبرازيل اللتين نحن ودول اخرى نتعامل معهما، سواء في السكر والقمح وقد حدث فيهما ارتفاع، اضافة الى الحرائق في روسيا، فهذه الاحداث لم تعمل مشكلة اسعار بل مشكلة حقيقية في ايجادها وتوفيرها، ونحن ورثنا تركة، وكانت موازنة 2010 صعبة، لانه لم تكن اخذت في عين الاعتبار دعم لسلع او الرواتب، ولكن تعاملنا معها، وقمنا بتخفيض بعض الضرائب، وواصلنا دعم الاعلاف والغاز، وكان السؤال: ما الذي يؤثر على المواطن أقل حتى لا يتأثر الايراد؟، لاننا لا نريد زيادة العجز، فتم زيادة البنزين الـ “90”، والـ “95”، طبعا بارتفاع الاسعار اصبحت هذه تؤثر على المواطن، وجلالة الملك مهتم بتخفيف الأعباء على المواطن.
في الاسبوع الماضي تم اتخاذ قرارات تمثلت في شطب الضريبة على الكاز والمازوت (السولار) وتم تخفيض اسعار البنزين 6 %، وقلنا: إن هذه إجراءات سوف تتبعها إجراءات اخرى، وقررنا زيادة الرواتب 20 ديناراً ودعم الاعلاف والاستمرار في الكهرباء تحت 500 كيلو واط، وتخفيض 1 % على القروض الزراعية، وهنا اود ان اشير الى ان البرنامج الاساسي للحكومة هو حماية الطبقة الفقيرة وتوسيع الطبقة الوسطى، وفي حالات استثنائية نبحث ضرورة اعادة النظر حتى في برامج الحكومة، ولكن دون الرجوع للخلف، انما نسير في نفس الاتجاه، لكن بوضع اولويات اخرى، وهذا دور الحكومة في ان تتعامل مع الاحداث الاستثنائية بقرارات استثنائية، وهذا الذي حدث.. وبالمناسبة في قمة شرم الشيخ الاخيرة ظهر هذا جليا، فهذه ليست حالة اردنية فقط، بل العالم كله، وهناك دول عربية اتخذت قرارات سواء في سوريا ام الكويت، وهذه ليس لها علاقة بربط امور، انما لها علاقة بالمواطن والتضخم.
◄ دولة الرئيس.. ما مدى اقتراب برنامج الحكومة من هموم المواطن الأردني، وكيف تكتسب الحكومة مقومات بقائها أطول فترة ممكنة؟
► الحكومة جزء من الشعب، ونحن قريبون من الشارع وندرك مشكلاته، لذلك نجتهد لتوفير الحلول للمواطنين ضمن إمكاناتنا، وأي قرار نتخذه في النهاية هدفه خدمة الوطن والمواطن.
الاقتصاد الأردني
◄ الاقتصاد الأردني يواجه خلال هذه الفترة تحديات كبيرة، يتمثل أبرزها بطبيعة الحال في الارتفاع المتصاعد في عجز الموازنة الكلي وارتفاع حجم مديونية البلاد.. إلى أي مدى يمكن للاقتصاد الأردني أن يصمد أمام هذه التحديات؟ وما السبيل لمعالجتها؟
► الاقتصاد الأردني مبني على أسس قوية مدعمة بحزمة تشريعات مالية ونقدية عصرية، أثبتت قدرتها على مواجهة الأزمات بدرجة مرتفعة، وأكبر دليل على ذلك قدرة الاقتصاد الأردني على تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية. أما ما يتعلق بالموازنة فقد استطاعت الحكومة من خلال تطبيق برنامج شامل من الإصلاح المالي والاقتصادي تخفيض عجز الموازنة بشكل ملحوظ، وسنعمل خلال العام الحالي على استكمال تطبيق البرنامج.
غياب الكتلة الإسلامية
◄ هناك غياب لكتلة الحركة الإسلامية عن مجلس النواب على الممارسة البرلمانية.. ما مدى تأثير ذلك على المجلس الحالي؟
► لقد حرصنا على محاورة حزب جبهة العمل الإسلامي وحثه على المشاركة في الانتخابات، وطبعا نأسف لقرارهم بعدم ممارسة حقهم الدستوري، لكننا نحترم هذا القرار. وبالرغم من استنكاف البعض، إلا أننا سعداء بمبادرة الكثير من الأردنيين الذين اختاروا أن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع لممارسة حقهم الدستوري في التصويت، وبكل الأحوال فان أبوابنا مفتوحة للحوار مع كل مكونات المجتمع المدني ومؤسساته بما فيها الاحزاب كافة.
◄ كيف ترى مستقبل الاقتصاد الأردني؟
► أنا متفائل بمستقبل اقتصادنا الوطني، فالأردن بلد واعد يوفر بيئة مناسبة للأعمال والاستثمار. كما أن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الوطني سيشهد نمواً للعام الحالي، فالحكومة ـ كما قلت سابقا ـ لديها حزمة من الإجراءات لتحفيز الاقتصاد الوطني وخفض عجز الموازنة، وأشير هنا إلى آخر التقارير الصادرة عن صندوق النقد الدولي، فقد أشادت بإجراءات الحكومة خلال العام الماضي في مجال تحفيز الاقتصاد وضبط العجز.
تركة ثقيلة
◄ ورثتم تركة ثقيلة في شقها الاقتصادي تحديداً.. كيف تتعاملون معها خاصة ان الملف الاقتصادي له احتكاك مباشر مع المواطنين؟
► صحيح هي تركة صعبة، وهذه كانت رسالة الحكومة منذ اليوم الاول فالقرارات الصعبة تكون فيها ردود فعل سلبية، ودائما اقول: انني افضّل الا اشتري شعبية على حساب ضميري وعلى حساب الافضلية للبلد، فأي شخص يتخذ قرارات ستؤثر على الاجيال في المستقبل، المعادلة دائما كيف يمكن تمكين المواطن عدم التأثر بالوضع الاقتصادي العالمي الذي يحدث فيه تضخم عالٍ جدا، وفي نفس الوقت لا نحمّل خزينة الدولة عجزاً اضافيا ومديونية اضافية، هي في نهاية المطاف مديونية على المواطن وعلى الاجيال.والحديث دائما ان المديونية والعجز دين عليك، فنحن نعمل على عدم تحميل المواطن مثل هذه الديون، وبالرغم من كل الظروف الا اننا في العام الماضي استطعنا تخفيض العجز 500 مليون دولار، وانخفض من اجمالي الدين نقطتين، والنمو كان نحو 3،5 %.
الأزمة العالمية
◄ أشرتم الى ان الأردن استطاع تجاوز تبعات الازمة الاقتصادية العالمية.. هل معنى ذلك ان الاقتصاد الاردني تجاوز بالكامل هذه الازمة العالمية بتبعاتها المختلفة؟.
► التبعات التي ترتبت على الازمة الاقتصادية العالمية ليست مقصورة على الأردن، فأي دولة مرتبطة بالعالم عليها تبعات مالية.. أي دولة تستورد عليها تبعات مالية.. أي دولة تتعامل مع بنوك خارجية عليها تبعات مالية.. وهذه التبعات لا تعني الانتقاص من الاقتصاد، بل على العكس تؤكد مدى ارتباطه بالعالم، وانفتاحه على العالم، الا ان هذه الازمة المالية بدأت دول العالم تتعافى منها، وبدأ الانتعاش والطلب يزداد، مما سيحرك عجلة الاقتصاد من جديد، خاصة من قبل الدول التي تستورد معظم الطاقة والأغذية، ولكن بالرغم من هذه الأزمة فإن الاردن استطاع في العام الماضي خلق فرص عمل إضافية، والنمو كان 3،5 % ونتوقع في 2011 أن يصل الى
4 %، بدأنا باستثمارات حقيقية، وعندما طلب الأردن سندات لأول مرة من العالم كانت الفكرة الحصول على 500 مليون دولار، فكان فيه طلب 3،1 مليار دولار، فأخذنا 750 مليون دولار على نسبة 3،8 %، وهنا يتضح مدى ثقة العالم بالأردن ومستقبله، وثقتهم بالاقتصاد الاردني.
منطقة ملتهبة
◄ دولة الرئيس.. الأردن يلعب دوراً محورياً ويقع في منطقة ملتهبة.. فهناك القضية الفلسطينية وبجواركم العراق اضافة الى لبنان والازمة التي يعيشها حاليا.. كيف يتعامل الأردن مع هذه الأوضاع؟
► كما يقال نحن المنطقة الأهدأ في عين العاصفة، الأردن استطاع بحكمة وبعد نظر قيادته ان يجد مكانا للاستقرار في هذا الاجواء الملتهبة، ولكن هناك ضرورة لحل هذه القضايا وإغلاق هذه الملفات، لأنه ليس فقط الأردن يتأثر بها، بل المنطقة العربية والعالم أجمع يتأثر،
وكما قلت سابقا فإن اي شيء يصيب دولة تكون هناك محاولة لربط ذلك بدول اخرى، فاذا لم تستمر عملية السلام بالمنطقة فهذا يعني في النهاية عدم قيام دولة فلسطينية، والخيار لن يكون في ان الامور ستحل تلقائيا، او تكون دولة واحدة هي اسرائيل، ويكون فيها عرب اسرائيل هم الأكثرية، وتكون اسرائيل في هذه الحالة دولة “ابارتايد”، وهذا بالنسبة للمنطقة لا يعقل القبول فيه، فالفلسطينيون لهم حقوقهم المشروعة في قيام دولتهم، وهذا ليس للفلسطينيين فحسب، بل للمنطقة والعالم، كون ذلك يمثل عنوانا للاستقرار، وآن الاوان لحل هذه القضية.. وما يحدث في العراق ولبنان من المهم ايجاد الاستقرار في هاتين الدولتين الشقيقتين، والمهم كذلك التوصل الى سلام بين سوريا واسرائيل بعد التوصل للسلام مع الفلسطينيين، بحيث تستقر المنطقة .