حوارات

رئيس محكمة الاستثمار والتجارة: منصة إلكترونية جديدة لتيسير التقاضي في 2024

برؤية رشيدة وإستراتيجية حكيمة أُنشئت محكمة الاستثمار والتجارة، قبل نحو عام ونصف العام، بناء على القانون رقم 21 لسنة 2021، لتوثق النهضة التي يشهدها النظام القضائي في الدولة، وتطور البنية التشريعية الداعمة لقطاع الاستثمار والتجارة، وتعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني، وتسهم بشكل مباشر في تعزيز جهود جلب الاستثمارات في شتى القطاعات، من خلال بث رسائل طمأنة للمستثمرين ورجال الأعمال من خلال العدالة الناجزة وإجراءات تقاضٍ متطورة ومرنة وفاعلة ومركزة.

ولتوثيق ما حققته محكمة الاستثمار والتجارة منذ بدء أعمالها، أجرت «الشرق» حواراً شاملاً مع سعادة القاضي خالد بن علي العبيدلي رئيس محكمة الاستثمار والتجارة، حيث أكد سعادته أن المحكمة في تطور مستمر لتحقيق الأهداف التي أنشئت لأجلها، كاشفاً عن وجود خطة يجري العمل عليها لإحداث تطوير شامل على النظام الإلكتروني الخاص بإجراءات تسجيل الدعاوى والمراحل المرتبطة بالتقاضي، مرجعاً السبب في ذلك إلى حرص المحكمة على تبسيط إجراءات الدعاوى والتقاضي وجعلها أكثر سهولة وتقليل أمد التقاضي من أجل تعزيز الوصول إلى قضاء عادل وسريع في الوقت نفسه.

وأوضح أن الخطة الجديدة التي يجري العمل عليها حالياً تتضمن مشروعاً إلكترونياً متقدماً جداً، وسيرى النور خلال الربع الأول من عام 2024، وهو نظام إلكتروني مرن ومتطور من شأنه أن يعزز سهولة إجراءات التقاضي والتيسير على المتقاضين، بدءاً من رفع الدعوى إلى انتهاء المحاكمة، حيث تم استعراض الخبرات والتجارب والأنظمة في شركات تقنية عالمية، وقد تم الاتفاق مع شركة سنغافورية متخصصة لتنفيذه.

وأضاف القاضي العبيدلي أن المحكمة أثبتت وجودها اللازم والضروري في تعزيز مناخ الاستثمار وتطوير الأنشطة التجارية في الدولة خلال الفترة الماضية، لافتا إلى أنها استقبلت آلاف الدعاوى الخاصة بقطاع الاستثمار والتجارة، وقد فصلت في القضايا التي استوفت الإجراءات والشروط في وقت وجيز مقارنة بالمعايير العالمية وهو ما يثبت أنها حققت الهدف المنوط بها بشكل أساسي، مؤكداً أنّ المحكمة لا تدخر جهداً في خلق بيئة قانونية وقضائية آمنة تواكب أحدث التشريعات والتطورات الفكرية التي تتعلق بالتجارة والاستثمار، بما يسهم في تعزيز بيئة استثمارية جاذبة.

وحول علاقات التعاون مع القطاعات والهيئات التجارية والاستثمارية والمالية، في الدولة، قال إنّ العلاقة بين المحكمة ومختلف قطاعات الدولة المالية والاستثمارية علاقة تكاملية، مشيراً إلى أن أحد أسباب تقصير عمر الدعوى وسرعة الفصل فيها يرجع إلى إبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع جمعيتي المحاسبين القطرية والمهندسين القطرية فيما يتعلق بالشق القضائي. مضيفاً أن جامعة قطر ترفد المحكمة بكفاءات إدارية وقانونية في كل المجالات.

 النص الكامل للحوار..

 

 

– بداية..هل نحن بالفعل بحاجة لمحكمة متخصصة في قطاع الاستثمار؟

نعم بكل تأكيد، نحن بحاجة لوجود محكمة متخصصة في قطاع الاستثمار والتجارة، وهو مطلب حيوي جاء تنفيذاً لرؤية قطر الوطنية 2030 وتحقيقاً لبرنامج المجلس الأعلى للقضاء في تطوير الأنظمة القضائية وإيجاد قضاء متخصص، وعليه فإن وجود محكمة الاستثمار مهم وضروري وجاء في الوقت المناسب، من أجل تعزيز التنمية في هذا القطاع الحيوي.

طمأنة المستثمرين

– ماذا يعني وجود المحكمة بالنسبة للمستثمرين ورجال الأعمال.. وهل أعطت رسائل إيجابية؟

حقيقة، وجود محكمة مختصة في قضايا الاستثمار والتجارة أعطى رسائل طمأنة للمستثمر المحلي والأجنبي، وذلك من خلال تطبيق لائحة إجراءات واضحة ودقيقة ومختصرة وإلكترونية لرفع الدعاوى وتنفيذ عملية التقاضي بشكل عام، وهذا يساعد في تعزيز ثقة المستثمرين بالقضاء، ويسهم بشكل مباشر في جذب الاستثمارات الخارجية وتعزيز بيئة الاستثمار، وتشجيع إنشاء شركات محلية بما يخدم مسيرة التنمية.

– حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله، يركز دوماً في خطاباته على تحقيق العدالة الناجزة.. هل وضعتم ذلك ضمن أهداف المحكمة؟

بالتأكيد، إنّ العدالة الناجزة هي هدف أساسي لجميع المؤسسات القضائية لأنّ تعطيل وتطويل أمد التقاضي مضر، كما أن العدالة الناجزة مطلب للجميع من القضاة والمستثمرين والمتعاملين أيضاً، ولتحقيق ذلك لابد من تهيئة إجراءات قانونية وإدارية لتحقيق هذا الهدف، وهذا ما تضمنه خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في افتتاح دور الانعقاد السنوي الحادي والخمسين لمجلس الشورى.

أبرز الإنجازات

– بعد مرور نحو عام ونصف العام منذ بدء عمل المحكمة في مايو 2022.. ما هي أبرز الإنجازات التي حققت من جملة أهداف المحكمة؟

دعنا في البداية نسلط الضوء على أهداف إنشاء هذه المحكمة المتخصصة في قطاع الأعمال والتجارة والاستثمار، والتي من أبرزها سرعة الفصل في المنازعات التجارية عبر تطبيق إجراءات مرنة لتسويتها وفق المعايير الدولية الحديثة، فضلاً عن حماية الحقوق وتعزيز الشفافية وتكافؤ الفرص، حيث تميزت المحكمة بنظام إدارة الدعوى الذي تضمن مجموعة من الإجراءات المبسطة والحديثة في رفع الدعاوى التجارية، مما أدى إلى تقصير المدة الزمنية في عمر الدعوى من خلال الإنجاز السريع مع الجودة في الوقت نفسه، وقد شهدت المحكمة أول تطبيق لنظام إدارة الدعاوى في دولة قطر الذي يهدف إلى التسريع من الإجراءات القضائية وتهيئتها قبل العرض على هيئة المحكمة تمهيداً للفصل بها.

لقد أثبتت المحكمة وجودها اللازم والضروري في تعزيز مناخ الاستثمار وتطوير الأنشطة التجارية في الدولة خلال الفترة الماضية، من خلال الفصل في العديد من القضايا ذات الصلة، بالإضافة إلى التعاون مع الخبراء في مجال الأعمال والاستثمار، وقد حظيت المحكمة بدعم قوي من الدولة والمؤسسات المرتبطة بها، مما أتاح لها القدرة على العمل بفاعلية وتنفيذ مهامها بكفاءة.

 

تقصير المدد الزمنية

– حدثنا عن نظام إدارة الدعوى.. وما هي أبرز أهدافه؟

هو مكتب شُكل من رئيس ومدير إداري وعدد من الباحثين القانونيين ومساعدي القضاة والقضاة المشرفين، يهدف إنشاء المكتب إلى السيطرة المبكرة على الدعوى والتحقق من اكتمال الملف وتقديم جميع الطلبات والإجراءات الأولية قبل رفع الدعوى ثم إتاحة الفرصة للأطراف لتقديم الدفوع أمام مكتب إدارة الدعوى وليس أمام المنصة، وهذا كله يتم إلكترونياً خلال مدد زمنية محددة بالقانون، حيث تبدأ مدد تبادل المذكرات منذ تحول طلب التسجيل إلى دعوى 30 يوماً للمدعى عليه للتعقيب على مذكرة المدعي، و15 يوماً أخرى لتعقيب المدعي على رد المدعى عليه و10 أيام للتعقيب على التعقيب من قبل المدعى عليه وتنتهي بذلك الدعوى أمام المكتب وتكون قد استكملت مدد تبادل المذكرات وكافة الدفوع ليصل إلى العدد الإجمالي 55 يوماً أمام المكتب مع إمكانية تقصير أو تمديد المدد بحسب الحالة في كل دعوى، وإمكانية عرض تسوية النزاع بين الأطراف عن طريق الوساطة ولذلك إجراءات مختلفة.

حيث يمكن أن تنتهي الدعوى في مرحلة إدارة الدعوى عن طريق الصلح أو التسوية، أما إذا تم استكمال التقاضي فيتم إعداد تقرير من الباحث القانوني بالمكتب يلم بكافة إجراءات الدعوى، ومن ثم تحال إلى منصة القاضي مرفقة بالمستندات ثم تترك للقاضي ليأخذ قراره بشأن دراسة الدعوى أو حجز الدعوى للحكم أو طلب رأي فني وتعيين خبير معين لحين صدور الحكم فيها، وهذا ساعد كثيراً في السيطرة على الدعاوى وتقصير مددها الزمنية.

12.635 حكماً

– وماذا عن أحدث إحصائيات الدعاوى منذ بداية عمل المحكمة؟

تعمد محكمة الاستثمار والتجارة إلى تحديث إحصاءاتها بشكل مستمر، لتقييم مستوى الخدمات المقدمة للجمهور، ففي أحدث إحصائيات الدعاوى منذ مباشرة المحكمة أعمالها في 10 مايو 2022 حتى 30 نوفمبر 2023 تظهر قائمة التسجيل والطلبات الإلكترونية أنه تمّ تسجيل إجمالي 27.412 طلب تحول عدد 16.574 إلى دعوى وتم إصدار 12.635 حكما قطعيا فيها.

هذه الدعاوى المختلفة تدخل في اختصاصات محكمة الاستثمار وفق القانون وهي 12 اختصاصاً يقابله 22 تشريعاً قانونياً من ضمنها منازعات الشركاء والبنوك والتأمين والعلامات التجارية والنقل البحري والتخصصات الفرعية التي تندرج ضمن الاختصاصات.

كما بلغت نسبة تسجيل الدعاوى على البوابة الإلكترونية 97% وهذا يعتبر إنجازاً نوعياً للقضاء.

– وماذا عن الدعاوى المتداولة وآلية تصنيفها؟

إنّ محكمة الاستثمار والتجارة تنظر في عدد من الدعاوى المتداولة، ووفقاً للإحصائيات الحديثة فإنّ الدعاوى المتبقية بمكتب إدارة الدعوى بلغت 1921 دعوى، وفي الدوائر الابتدائية بلغ المتبقي 1469 دعوى، وفي دوائر الأمور المستعجلة والوقتية بلغ المتبقي 107 دعاوى، وفي الدوائر الاستئنافية بلغ المتبقي 1083 دعوى، ليصل إجمالي الدعاوى المتبقية وهي المتداولة والمنظورة أمام دوائر المحكمة 4580 دعوى.

تقوم المحكمة بتصنيف عدد الدعاوى ما بين تجاري وبنوك وتمويل وحل وتصفية وإفلاس، فقد بلغ عدد الدعاوى التجارية 21,650 دعوى ونسبتها 91%، ودعاوى البنوك والتمويل بلغت 1,435 دعوى بنسبة 6%، ودعاوى حل وتصفية وإفلاس 819 دعوى بنسبة 3%.

 

  54 – 90 يوماً

– ما هو العمر الزمني للدعوى وصولاً إلى مرحلة الفصل فيها؟

لقد حققنا أرقاماً جيدة في متوسط العمر الزمني للدعاوى منذ بداية إنشاء المحكمة في مايو 2022 إلى اليوم، ونحن في هذا المقام نشيد بتعاون الجميع وخاصة المتقاضين أنفسهم الذين عرفوا جيداً كيفية التعامل مع النظام الإلكتروني الذي نتعامل به بنسبة 100% في ظل عدم وجود نظام ورقي.

في البدايات كان عمر الدعوى يصل إلى 150 يوماً، واليوم يتراوح بين 54 إلى 90 يوماً، وبالمتوسط فإنّ عمر الدعوى في القضية أمام المحكمة الابتدائية يستغرق 118 يوماً تقريباً ومرحلة التقاضي أمام محكمة الاستئناف إلى 90 يوماً، وفي مرحلة القضاء المستعجل وصلنا إلى 45 يوماً.

وقد رصدت الإحصائيات تقدماً نوعياً في متوسط عمر الدعاوى، فقد بلغت دعاوى الدوائر الابتدائية (هيئة) 1195 دعاوى، وسجلت 781 حكماً قطعياً، وكان متوسط عمر الدعاوى 123 يوماً، وبلغت دعاوى الدوائر الابتدائية (فرد) 11,880 دعاوى، وسجلت 9545 حكماً قطعياً ومتوسط عمر الدعاوى 103 أيام.

وبلغت دعاوى دوائر الأمور المستعجلة 696 دعوى، وسجلت 589 حكماً قطعياً، ومتوسط عمر الدعاوى 61 يوماً، وبلغت دوائر الاستئناف 2803 دعاوى، وسجلت 1720 حكماً قطعياً، ومتوسط عمر الدعاوى 92 يوماً.

وهذه الإحصائيات تدل على القفزة النوعية التي حققتها المحكمة منذ بداية عملها، مع التأكيد على أننا نحرص باستمرار على تطوير آلية العمل في مختلف الإدارات وتطبيق الأنظمة الحديثة لضمان تحقيق المزيد من الإنجازات بما يخدم الهدف الرئيسي من إنشاء المحكمة.

– هذه الأرقام التي ذكرتها.. ماذا تعني مقارنة مع الأرقام الدولية؟

بالتأكيد هذه الأرقام جيدة جداً، قد وضع تقرير البنك الدولي الأخير مؤشرات لعمر الدعوى إلى 400 يوم، ونحن في محكمة الاستثمار والتجارة اختصرناه إلى 90 يوماً فقط، وهذا يرجع إلى البنية التشريعية الجيدة التي قامت عليها المحكمة، وتطبيق نظام إدارة الدعوى الذي نجح بامتياز، وهو نظام جديد يميز القضاء في قطر، ونأمل في تعميمه على المحاكم.

 

 دعم بيئة الأعمال والاستثمار

– هل أسهم تقصير أمد التقاضي والمدد الزمنية للدعاوى في دعم المستثمرين والشركات؟

إنّ حصول المستثمر على حقه من خلال سرعة الفصل في دعواه مع الطرف الآخر سواء أكان مستثمراً أو شركة فإنه يسهم بكل تأكيد في دعم بيئة الأعمال والاستثمار ويعزز ثقة جميع الأطراف في الاقتصاد الوطني، إذ تعتبر سرعة فض المنازعات التجارية عاملاً أساسياً في استقطاب الاستثمارات وتعزيزها.

– كم عدد القضاة القطريين في المحكمة؟

هناك عدد كبير من القضاة في محكمة الاستثمار والتجارة وهم يشكلون ما بين 60 و70% من مجموع القضاة.

– ماذا عن علاقاتكم مع القطاعين الاستثماري والتجاري فيما يخص جهود التوعية القانونية التي تسبق إنشاء الشركات؟

إنّ التوعية القانونية مسؤولية مشتركة لعدة جهات في الدولة من بينها: وزارات العدل والتجارة وغيرها، وقد أخذت القوانين التجارية حيزاً جيداً من النشر والتوعية، وما زلنا نطمح للمزيد، وهذه التوعية متوافرة على الصفحات الإلكترونية سواء للمجلس الأعلى للقضاء أو وزارة العدل ووزارة التجارة حتى السفارات الخارجية توفر تلك النشرات الإرشادية القانونية لتوعية الجمهور في التعرف على التقاضي التجاري في قطر.

– حدثنا عن العلاقة القائمة بينكم في مجالات الاستثمار والتجارة مع القطاعات الأخرى من هيئات تجارية واستثمارية ومالية..

إنّ العلاقة بين المحكمة ومختلف قطاعات الدولة المالية والاستثمارية علاقة تكاملية، بعض الهيئات والجهات المالية لديها لجان متخصصة للفصل في المنازعات.

جامعة قطر الرافد الحقيقي

– توجد كلية للقانون بجامعة قطر.. ما مدى التعاون بين المحكمة وجامعة قطر وبالتحديد كلية القانون؟.. وهل يوجد تعاون في مجال ابتعاث الكوادر الوطنية أو تأهيلهم؟

جامعة قطر هي الرافد الحقيقي لكل القانونيين في دولة قطر، وهي ترفد المحكمة بكفاءات إدارية وقانونية في كل المجالات، وجميع الباحثين القانونيين المنتسبين إلى محكمة الاستثمار والتجارة من خريجي جامعة قطر وكذلك القضاة، والعديد منهم يكملون دراساتهم العليا في الجامعة. وقد شاركت المحكمة مؤخراً في المعرض المهني لجامعة قطر واستقبلنا طلبات عديدة في التخصصات القانونية والإدارية، وقد تم إطلاق مبادرة مع كلية القانون – جامعة قطر – بتنفيذ برنامج قضاة الغد لتأهيلهم للتعيين كمساعدي قضاة.

– هل هناك تعاون مع جمعيات مهنية أخرى موجودة بالدولة؟

بكل تأكيد، ففي هذا الإطار لابد أن نشير إلى أن أحد أسباب تقصير عمر الدعوى وسرعة الفصل فيها يرجع إلى إبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع جمعيتي المحاسبين القطرية والمهندسين القطرية فيما يتعلق بالشق القضائي. ونحن أسندنا مهمة عمل الخبرة الهندسية وكل مجالاتها وأيضاً عمل الخبرة المحاسبية في كل مجالاتها إلى الجمعيتين ولمسنا سرعة إعداد التقارير وتقديمها في قالب قانوني موحد. حيث تم تحديد 14 يوماً لإنجاز تقارير الخبرة الهندسية والمحاسبية، وهذا ساعد كثيراً في إنجاز الفصل في الدعاوى بشكل جيد جداً.

 

 

– إلى ماذا استندت التشريعات واللوائح القطرية التي ترتكز عليها المحكمة.. هل من خلال زيارات ميدانية أو طرح أفكار قريبة من المجتمع القطري أو الاستفادة من تجارب ناجحة لدول أخرى قبل تأسيس المحكمة؟

في عام 2019 أُنشئت لجنة متخصصة قبل انطلاق المحكمة، وشرفت برئاسة هذه اللجنة وضمت في عضويتها جهات عدة منها: جامعة قطر ومصرف قطر المركزي ووزارتا المالية والتجارة وغيرها، ودرست اللجنة مدى حاجة المجتمع لمحكمة متخصصة في هذا المجال في هذا التوقيت، وقد أجمعت اللجنة على الحاجة الماسة لإنشاء المحكمة ومواكبة التطور المحلي والعالمي ولتحقيق رؤية قطر 2030 ولاستقطاب رأس المال الأجنبي والاستثمار إلى قطر، ومن هنا كان لابد من تهيئة البيئة القانونية والقضائية الجيدة والصالحة التي تساعد في هذا المجال.

وقد خرجت اللجنة بتوصيات جيدة، ثم شكلت لجانا أخرى بالمجلس الأعلى للقضاء لاستعراض التجارب العالمية وتمت زيارة عدة دول نجحت في هذا المجال، حيث تم تبادل الأفكار والاستفادة منها، كما قمنا بزيارة لمحكمة لندن التجارية بالمملكة المتحدة عدة مرات للاستفادة من تجاربهم والأخذ بما يتوافق مع المجتمع المحلي. ولله الحمد: إنّ قانون محكمة الاستثمار والتجارة هو أحدث ما توصلت إليه القوانين والتشريعات في هذا المجال عالمياً.

جلسة نموذجية لمحكمة الإنترنت

– ماذا عن مشاركتكم في منتدى تشوانجو الدولي للتعاون القضائي..

بدعوة من محكمة الصين الشعبية العليا، شارك وفد من محكمة الاستثمار والتجارة برئاسة رئيس المحكمة ونائب رئيس المحكمة القاضي عيسى بن أحمد النصر في منتدى تشوانجو الدولي للتعاون القضائي لـ «طريق الحرير البحري» خلال أكتوبر الماضي، لبحث سبل مواجهة التحديات في مجال القانون والقضاء في ظل التغيرات العصرية، وقد ألقينا كلمة خلال المنتدى، وقمنا بزيارة إلى المحكمة التجارية الدولية في محافظة فوجيان – تشوانجو لتبادل الخبرات والآراء، تم فيها زيارة مكتب «التحكيم القانوني والوساطة القانوني» الشامل لتسوية المنازعات المتعددة التابع لمحكمة تشوانجو التجارية الدولية، ومركز خدمات التقاضي، ومحكمة الإنترنت، وصولاً إلى قاعة معرض «معرفة تشوانجو عبر السمفونية»، واختتمت بزيارة لمحكمة الشعب المتوسطة في تشوانجو.

وتم الاطلاع على آلية تقديم الطلبات عبر الإنترنت وإصدار الشهادات، كما تم الاستماع لعرض جلسة نموذجية لمحكمة الإنترنت، إضافةً إلى استعراض الدعاوى التجارية المقامة أمام محكمة التجارة الدولية بمختلف المواضيع من خلال معرض تشوانجو عبر السمفونية، وقد أدت هذه الزيارة والتبادل إلى توسيع أفكار وآفاق العمل القضائي المتعلق بالخارج، وإنشاء منصة تواصل لمحاكم البلدين.

خطط تطويرية

– بالنظر إلى القفزات النوعية في عمل المحكمة منذ إنشائها.. ما هي ملامح التطوير خلال الفترة المقبلة؟

نحن دوماً في تطوير مستمر ولدينا خطط تطويرية لإدخال بعض البدائل القضائية الجيدة ويجري الاستعداد لها ومن ضمنها الوساطة القضائية التي ستشهد دوراً أكبر خلال الفترة المقبلة بإذن الله.

– فيما يخص التحول الرقمي في الأنظمة القضائية.. هل سنشهد نقل جلسات المحكمة إلكترونياً؟

يتم حالياً تطبيق النظام الإلكتروني العام في جميع مرافق المجلس الأعلى للقضاء وإن كان البرنامج الذي يطبق في محكمة الاستثمار له خصوصية ويحقق نتائج جيدة.

على الجانب الآخر، لدينا مشروع إلكتروني متقدم جداً، وسيرى النور خلال الربع الأول من عام 2024، وهو نظام إلكتروني مرن ومتطور من شأنه أن يعزز سهولة إجراءات التقاضي والتيسير على المتقاضين، بدءاً من رفع الدعوى إلى انتهاء المحاكمة، ولكي نحصل على هذا النظام أو المنصة استعرضنا الخبرات والتجارب والأنظمة في شركات تقنية عالمية، وقد تم الاتفاق مع شركة سنغافورية متخصصة لأننا في محكمة الاستثمار أردنا جلب نظام إلكتروني، أكثر تطورا ودقة، ومجرب في محاكم عالمية، كما تم تجريبه في دول شقيقة مجاورة، وهو نظام جيد ويناسب احتياجاتنا وخططنا ويجري الاستعداد لتطبيقه وربطه مع الأنظمة الإلكترونية الحكومية ذات الصلة لتبادل البيانات، وسيتم العمل عليه من قبل جميع القضاة والفنيين والإداريين.

إمكانيات الذكاء الاصطناعي

– وكيف تنظرون إلى الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي؟

هناك خطة طموحة لدى المجلس الأعلى للقضاء للاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي في المبادرة القضائية، سيتم تفعيلها قريباً بإذن الله.

– ما هي أقصر مدة زمنية لقضية تمّ الحكم فيها؟

إنّ أقصر مدة شهدناها وأثارت استغراب الكادر القضائي هي قضية تمّ الفصل فيها خلال 15 يوماً من تاريخ تسجيلها حتى الحكم فيها، ويرجع السبب في ذلك إلى أن المدعي كان قد جهّز مستنداته وطلباته ومذكراته قبل البدء بالتسجيل، وأودع هذه الملفات في اليوم الأول للتسجيل بنظام إدارة الدعوى، وبعد إعلان المدعى عليه إلكترونياً وبرسالة نصية للاطلاع على ملف الدعوى، والرد خلال مدة أقصاها 30 يوماً، فوجئنا أنّ المدعى عليه رد على الدعوى خلال يومين فقط. وأتيحت للمدعي الفرصة للرد على المدعى عليه الذي كان هو بدوره جاهزاً لذلك وتم ذلك خلال مدة بسيطة وانتهت الدعوى بتبادل المذكرات والدفوع، وقام مكتب إدارة الدعوى بإعداد تقرير كامل عن القضية وعرضت على منصة السادة القضاة وفصل فيها.

– وما هي أكبر قضية (من حيث القيمة المادية) تم الفصل فيها خلال الفترة الماضية؟

القضايا في هذا الشأن عديدة، ولكن أذكر أن أكبر قضية كانت تقريبا (1.6 مليار ريال قطري)، وقد تم الفصل فيها بعد اكتمال إجراءات التقاضي.

دورات مكثفة

–  هل هناك إشكاليات أو عدم تعاون بين الأطراف بما قد يطيل عملية التقاضي؟

لابد أن يعلم الجميع أنّ الدعاوى عبارة عن خصومة بين طرفين، وهناك اللدد في الخصومة، وأحيانا يواجه بعض الأفراد صعوبة في التعامل مع النظام الإلكتروني، علماً بأننا وفرنا قبل بدء هذه المحكمة دورات مكثفة بالتعاون مع جمعية المحامين القطرية التي قامت بدور جيد وفاعل جداً، وأقمنا دورات لمكاتب المحاماة والشركات بهدف الاستعداد لهذا النظام في رفع المستندات من ورقية إلى إلكترونية والتعامل مع شاشة المحاكم بجميع متطلباتها. كما أنشأنا مكتبا للخدمة الذاتية، وقام بدور كبير بشكل يومي في تقديم العون والمساعدة والتدريب لكل من يجد صعوبة إدارية أو تقنية أو فنية في التعامل مع النظام الإلكتروني والوصول إلى ملف الدعاوى، وفي رفع المستندات وغيره من طلبات المحكمة. وقد أثمر ذلك بالفعل في تقليص عدد المراجعين نتيجة استخدام هذا النظام وهو أمر جيد.

– هل تنظر المحكمة في دعاوى الأفراد ممن يتعرضون لمنازعات ضد جهات اقتصادية؟

نعم، يأتي ذلك ضمن اختصاصات المحكمة إذا كان العمل يختص بمعاملات تجارية واستثمارية، وقد وردتنا قضايا عديدة تجارية يكون فيها الخصوم أفرادا والطرف الآخر شركات مقاولات.

– هل تختص المحكمة بالنظر في قضايا المواطنين الذين يتعرضون لإشكاليات استثمارية وتجارية خارج الدولة؟

إنّ امتداد اختصاصات المحكمة وفق القانون ينحصر داخل الدولة، أما الإشكاليات التجارية أو الاستثمارية خارج الدولة فتنظمه قوانين الدول الأخرى.

– هل يوجد تعاون بين المحكمة ومحاكم مثيلة في قضايا معينة؟

التعاون مستمر مع مختلف الجهات، لكن لا توجد قضايا مشتركة بين المحكمة ومحاكم خارج الدولة.

– ما هي رسالتكم للمستثمرين ورجال الأعمال؟

نؤكد أنّ المحكمة لا تدخر جهداً في خلق بيئة قانونية وقضائية آمنة تواكب أحدث التشريعات والتطورات الفكرية التي تتعلق بالتجارة والاستثمار، بما يسهم في تعزيز بيئة استثمارية جاذبة.

 

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x