حوارات

مستشار الرئيس السوداني: مطلوب من القمة العربية إعادة النظر في مفهوم الأمن القومي

قرار «الجنايات» لم يؤثر على تحركات البشير

جدد د. مصطفى عثمان إسماعيل المستشار السياسي للرئيس السوداني تأكيده على أن تحركات الرئيس عمر حسن البشير لن تتأثر بالقرار الأخير لمحكمة الجنايات الدولية، مشيرا إلى أن بلاده وجدت دعما عربيا وإفريقيا كبيرا في مواجهة هذا القرار، موضحا أن هناك ثلاث دول عربية أعضاء في محكمة الجنايات وهي الأردن وجيبوتي وجزر القمر، وانه لن يتم إحراجها بزيارة للرئيس البشير إلى هذه الدول.

وقال في حوار مع  الشرق إن هناك مؤامرة تدبر ضد بلاده، مشيرا إلى أن إسرائيل تعمل على استمرار عدم الاستقرار في السودان، وتفتيته إلى أقاليم، مؤكدا ان التعامل مع قرار محكمة الجنايات سيتركز بالدرجة الأولى على تحصين الجبهة الداخلية وتوعية المواطن والانفتاح أكثر على الأحزاب.

وشدد على أن بلاده مازالت متمسكة باتفاق الدوحة حول دارفور، مشيرا إلى ان قطر تحظى بمصداقية لدى جميع الأطراف، ومؤهلة للقيام بدور الوسيط النزيه، وتمتلك كل المقومات، خاصة قيامها بأدوار إيجابية سواء كان ذلك على الصعيد اللبناني أو الفلسطيني. ودعا الدول العربية إلى ضرورة إعادة النظر في استراتيجيتها، مشيرا إلى أن القمة العربية المقبلة والمقرر عقدها بالدوحة مطلوب منها ترسيخ المصالحة العربية و تنقية الأجواء العربية وإعادة الروح للقمة الاقتصادية وللتعاون الاقتصادي العربي وإعادة النظر في مفهومنا للأمن الإقليمي وعلاقتنا مع إيران وتركيا وبناء علاقات أفضل مع إفريقيا.. وفيما يلي نص الحوار :

***

* الآن وقد صدرت مذكرة محكمة الجنايات الدولية بتوقيف الرئيس البشير.. كيف يتم التعامل معها في ردود الفعل المتوقعة من جانبكم؟

– دعني أقل لك كيف يتصور الآخرون ان يتم التعامل معها، في تقديرنا أن القرار والمحكمة نفسها تشكل استهدافا للسودان نفسه وفق استراتيجية كانت في السابق خفية وأصبحت الآن معروفة، وأتمنى أن تكونوا قد اطلعتم على محاضرة وزير الأمن الإسرائيلي مؤخرا في إحدى الجامعات الإسرائيلية ويتحدث فيها عن السياسة الإسرائيلية في المنطقة، ويتحدث عن سياستهم تجاه دول عربية، مصر – لبنان – سوريا – العراق – إيران – والسودان.

وفي حديثه عن السودان قال: الرأي العام في إسرائيل يتساءل لماذا الاهتمام بالسودان وهي دولة بعيدة عن إسرائيل، لكن ذكر ان اهتمام إسرائيل بالسودان بدأ منذ وقت مبكر عندما كانت جولدا مائير مسؤولة عن دائرة العلاقات الإفريقية في وزارة الخارجية الإسرائيلية والاهتمام نابع من استراتيجية مفادها ان لإسرائيل دول جوار مباشر ودول جوار غير مباشر لكن لها تأثيرها على إسرائيل ولا بد من التعامل معها باستراتيجية وذكر منها العراق و السودان وقال إن استراتيجية إسرائيل تجاه هذه الدول تقوم على تفتيتها واضعافها واثارة الفتن عن طريق مكاتب الاستخبارات وبالنسبة للسودان ذكر بانها دولة تمتلك إمكانيات ضخمة جدا وانه اذا سمح للسودان ان يستقر ويستخرج هذه الامكانات ستصبح دولة عملاقة في المنطقة وان هذا لا يصب في مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي. وانه في كل الحروب التي دارت بين العرب وإسرائيل كان السودان مشاركا مشاركة مباشرة وذكر انه في حرب 67 كان السودان يمثل العمق الأمني الاستراتيجي بالنسبة لمصر وبعد حرب 67 كان السودان مشاركا بقوة في حروب السويس وكان الرئيس البشير موجودا ضمن تلك القوة السودانية، ولذلك فان استراتيجية إسرائيل ان يعيش هذا البلد في أزمات مستمرة ومن هنا ظلت إسرائيل باستمرار تدعم خطط التمرد في الجنوب وذكر انه في سنة 2003 عندما ظهرت مشكلة دارفور دعا شارون رئيس الوزراء السابق لاجتماع وذكر انه آن الأوان لكي تتدخل إسرائيل في غرب السودان ولم تكن عندهم طريقة الا بمعاونة الإدارة الأمريكية واستطاعوا ان يصنعوا الأزمة في غرب دارفور وان يصعّدوا هذه الأزمة وما زالوا يصعدونها إلى أقصى حد ممكن كاستراتيجية لهم.

* اذن انتم كنتم على دراية بهذه المؤامرة وتعلمون انها مؤامرة إسرائيلية أمريكية غربية فكيف تتعاملون معها وما هي خططكم لمواجهتها مادامت مؤامرة؟

– دعني أضف ان هذه الاستراتيجية الإسرائيلية لم تستهدف السودان فقط، فإسرائيل دولة قائمة على العنصرية الدينية والثقافية والاستعلاء كشعب الله المختار وفق الهوية اليهودية ولا توجد دولة لديها هذه العنصرية لذلك هي تسعى لإقامة هذه الدويلات ولذلك في نيجيريا في السبعينيات عندما استقل الديافرة على أساس ديني مسيحي وإسرائيل كانت الدولة الوحيدة التي اعترفت باستقلال ديافرة لانها تصب في استراتيجيتها بإنشاء دويلات قائمة على العنصرية الدينية وحتى نظرتها لإفريقيا تقوم على تقسيمها لقسمين إفريقيا جنوب الصحراء وتسميها إفريقيا الزنجية وشمال الصحراء وتسميها إفريقيا العربية، والنقطة الثالثة انها بعد حرب 67 ووقوف الأفارقة مع العرب قررت ان تدخل بقوة في العمق الإفريقي وان تعمل على ضرب العلاقات العربية الإفريقية، لذلك ظل اللوبي الإسرائيلي يروج بان مشكلة دارفور مشكلة عربية إفريقية ومشكلة عرب يريدون ان يبيدوا العنصر الإفريقي والرئيس النيجيري السابق اوباسانجو وكان رئيس الاتحاد الإفريقي قال لو لم ننتبه لوقعنا في هذا الفخ. والنقطة الرابعة هي ان إسرائيل تريد ان تبرر للرأي العام العالمي بأنها تضرب وتقتل العرب في فلسطين ولبنان وتدمر بيوتهم لأنهم وحوش وقتلة مثلما يفعلون في دارفور وبالتالي فان ما تقوم به ضد العرب في فلسطين يستحقونه على ما يفعلونه في دارفور. والنقطة الخامسة ان الإسرائيليين في الغرب طلب منهم ان يتحركوا لكي يتم ابتزاز الدول التي ساهمت في المحرقة اليهودية من خلال تبني قضية الإبادة الجماعية واستخدموها لابتزاز ألمانيا وسويسرا والآن ما يسمى منظمة إنقاذ دارفور التي تضم 150 منظمة غربية معظمها أمريكية يهودية مقرها متحف الهوليكوست في واشنطن حيث تتحرك منه المظاهرات والمسيرات، أما بالنسبة للغرب فهو لا يريد نظاما موجودا في السودان لا يسير في فلكه، والسفير الأمريكي السابق في محاضرته بمركز الدفاع الأمريكي في واشنطن عندما سئل عن مرتكزات السياسة الأمريكية في المنطقة قال انه لها ثلاثة مرتكزات؛ أولا نظام ليتحدى أمريكا والثاني انه ثروات هذا البلد إذا لم تكن كلها يكون جزء كبير منها لصالح الشركات الأمريكية والثالث ان الأمن القومي الإسرائيلي جزء من الأمن القومي الأمريكي وبالتالي لابد ان تكون هذه الدولة بصورة أو بأخرى على علاقة بإسرائيل وطبقوا هذه الاستراتيجية على السودان فوجدوه لا يسير في الفلك الأمريكي ووجدوه نظاما مستقرا في قراره وثانيا وجدوا ان الإمكانات والثروات السودانية هي اما في يد الشركات الصينية أو الماليزية أو العربية ولا توجد شركات أمريكية وثالثا يكاد يكون هذا النظام هو الوحيد الذي لا تربطه علاقات مع إسرائيل وبالتالي فان الشروط الثلاثة لمرتكزات السياسة الأمريكية الخارجية لا تنطبق على السودان ومثل هذا النظام اما ان يروض من خلال الضغوط عليه إلى آخره وإذا لم يروض يغيّب وهذا يريك كيف ان الاستراتيجية الإسرائيلية تريد للسودان ان يعيش في تأزم دائم سواء كان رئيسه صادق المهدي أو عمر البشير أو إسماعيل الأزهري أو الفريق عبود. والاستراتيجية قائمة من قبل ومشكلة الجنوب ورثتها هذه الحكومة ورئيس التمرد الأول كشف علاقاته بإسرائيل في الكتاب الأول الذي نشره وبالتالي فان الاستراتيجية الغربية الآن هي الضغط على السودان إلى ان يتم ترويضه ويسير في ذات الاتجاه أو كما قال لي احد صناع القرار الغربيين، قال لي يا مصطفى نحن نصيغ العالم مثل هذه الغرفة بطريقة مرتبة ونسير عليه انتم تعتبرون لبنة خارجة وسنظل حاملين لمطرقة ونضرب عليها فأما ان تعود إلى نفس الترتيب أو نكسرها فإما الترويض أو التغيير فنحن نفهم هذه الاستراتيجية ولكن كيف نتعامل معها؟ سأجيبك بأننا نتعامل معها وفق مرتكزات ثلاثة المرتكز الأول والمهم هو تحصين الجبهة الداخلية بتوعية المواطن السوداني والقوى الوطنية السودانية بخطورة المخطط وبانفتاح اكبر على القوى الوطنية وإشراكها في الخطط والبرامج وبمزيد من الحريات حتى اذا دفع المواطن ثمنا لهذه المواجهة ولهذا الحصار يحس بأنه مقتنع بموقفه لانه في ظل نظام قمعي شمولي يكون المواطن مستعبدا وبالتالي هو قد يسكت ولكن اي فرصة يجدها يحاول ان يخرج عليك، أنا أريد ان المواطن يمتلك قراره وحريته ويعرف ان القيادة تضحي من أجل ان يضحي هو ويعرف ان لتضحيته قيمة سواء كانت تضحية في اقتصاده أو في أمنه أو في حركته أو حريته وانه يقوم بها عن قناعة والشعب السوداني لو تلاحظ قبل المحكمة لديه حرية واسعة جدا اليوم سواء في الهجوم على الحكومة أو الرئيس البشير لكن لما صدر قرار اوكامبو كانت القوى السياسية ضاغطة لان هذا تحد للسيادة السودانية وللقرار السوداني ونحن نعرف ان الغرب سيشن علينا هجمة إعلامية ضخمة جدا بالاقتصاد في دارفور والحرب في دارفور والحريات في دارفور ظنا منهم انها ستؤثر على استقرار الأوضاع وسيحاولون استخدام شذاذ الآفاق الموجودين عندهم في العواصم الغربية لتسيير مظاهرات تأييد للمحكمة في شوارع باريس ولندن ولكن لن تؤثر علينا وستستمر هذه المسألة أربعة أو خمسة أيام أو أسبوعا وبعدها تعود إلى وضعها الطبيعي وستستمر المعركة الدبلوماسية والسياسية لكن تسألني إلى متى أقول إن السياسة الدولية متغيرة فسياسة بوش كانت تريد غزو إيران وسياسة أوباما الآن الحوار مع إيران وسياسة بوش كانت رفض الحوار مع سوريا لكن وجدنا مبعوثين أمريكيين في دمشق والان أوباما يراجع سياسة الدرع الصاروخية التي تبناها بوش فالسياسة الدولية متغيرة وكوبا الآن صامدة منذ عقود وهذه هي استراتيجيتنا التي نواجه بها هذا التحدي.

* لكن الا تعطي هذه السياسة مبررات لتدخلات اكبر في الشأن الداخلي السوداني على اعتبار ان هناك قرارا من المحكمة الجنائية قد يتيح مبررا للتدخلات؟

– هم سيحاولون لان هذه آلية من آليات التدخل لأنهم جربوا التدخل العسكري وفي 98 أولبرايت أخذت المعارضة وذهبت إلى كمبالا وقالت هم يريدون تغيير النظام بوسائل سلمية أو عسكرية ودعموا التمرد في دارفور وفي الجنوب وقصفوا بطائراتهم مصنع الشفاء وجمعوا دول الجوار ارتريا واثيوبيا واوغندا ورواندا والكونجو الديمقراطية لتأسيس حلف لغزو السودان والنتيجة ان تمزق الحلف إلى عداء بين ارتريا واثيوبيا إلى الآن لم ينته وحرب في داخل الكونجو حتى الآن لم تنته، عداء بين اوغندا ورواندا حتى الآن مستمر والغرب حاول استخدام المحكمة للتدخل ولكن سياستنا التي نتبعها تنطلق من توحيد الجبهة الداخلية بحيث لا يحدث اختراق وتحسين علاقاتنا مع دول الجوار وهي كلها الآن جيدة ماعدا تشاد وننتظر الآن مبادرة قطرية ليبية لتحسين هذه العلاقة والتحرك ليس فقط من خندق الدفاع وانما من خندق الهجوم وكسب المزيد من الأصدقاء خاصة في مجلس الأمن ونحن علاقتنا جيدة مع الصين وروسيا ومع الدول الثلاث الإفريقية داخل مجلس الأمن ومع دول عدم الانحياز ونحن نعرف انهم سيحاولون ومحاولاتهم لن تتوقف ولكن في المقابل فان محاولاتنا في الصمود ستستمر حتى ييأسوا.

 

موقف إفريقي رافض

* هل أنتم مطمئنون إلى موقف الدول الإفريقية؟

– عموما هناك موقف إفريقي رافض ونعرف ان الغرب سيمارس ضغوطا شديدة جدا على موقف الدول الرافضة مثل ما ان اوكامبو قام بجولة في كل الدول الإفريقية ووجد رفضا من بعضها ووجد تجاوبا من بعضها ووجد حيادية من بعضها ولذلك فالموقف الإفريقي عموما اتخذ في اديس ابابا لكن لو سألتني أنا لا أتوقع التزاما بنسبة 100% في الموقف الإفريقي ونحن لسنا أغبياء ونعرف جيدا الدول التي تقف معنا والدول التي تتخذ موقفا ضدنا ولذلك سنتحرك وفق استراتيجية مدروسة ومعروفة.

 

تحركات الرئيس

* تحركات الرئيس إلى أي حد ستتأثر بالقرار؟

– هناك دول أصلا تحركات الرئيس إليها ممنوعة قبل صدور القرار وأعطيك مثالا؛ فالرئيس البشير لم يزر واشنطن ولا مرة واحدة في حياته وهو 20 سنة في الحكم لم تدعه واشنطن ولا مرة لاهو ولا نائبه علي عثمان بينما هي كانت تستقبل جون قرنق وبعده تستقبل سلفا كير برغم ان الرئيس البشير هو الذي وقع مع قرنق اتفاق السلام ولو جئنا إلى دارفور سنجد ان بوش استقبل ميني اركو ميناوي كبير مساعدي الرئيس كمتمرد استقبله بوش ليوظفه ضد النظام في السودان لكن حتى الآن لم يتم استقبال الرئيس البشير في البيت الأبيض فاذا كان طوال 20 سنة لم يتوجه إلى واشنطن هل تظن انه سيزورها بعد قرار المحكمة؟ بالطبع لا أما لندن فلم يحدث ان زار الرئيس ولا نائبه العاصمة البريطانية زيارة رسمية طيلة العشرين سنة التي أمضاها في الحكم فالعواصم الغربية أصلا تقاطعنا ولم يذهب الرئيس إليها طوال فترة بقائه في الحكم وهناك دول إفريقية أصدرت بيانات بأنها لن تنفذ القرار وليبيا أعلنت باسم الاتحاد الإفريقي انها لن تنفذ القرار ولا تنسى ان الرئيس البشير كان واحدا من الرؤساء الأفارقة الذين ركبوا الطائرة وكسروا الحصار المفروض على ليبيا ومصر لن تنفذ القرار لأنها ليست عضو أصلا ولها مواقف مؤيدة للسودان والمملكة العربية السعودية لن تنفذ القرار ولا توجد دولة مهمة بالنسبة للشأن السوداني ستنفذ القرار.

* والدول العربية؟

– الدول العربية 22 دولة منها 3 دول فقط أعضاء في المحكمة الجنائية هي الأردن ودولتان إفريقيتان هما جيبوتي وجزر القمر وموقفهما معروف ولن ينفذا القرار بالرغم من انهما عضوان والأردن قد تنفذ القرار ولكن نحن لن نحرجها والرئيس لن يذهب إلى الأردن اذا شعر ان الأردن ستحرج بحكم انها دولة عضو، بقية الدول العربية ليست عضوا قطر الإمارات السعودية مصر البحرين.. جميع الدول العربية الأخرى.

* هل تلقيتم وعودا عربية بتعزيز جهود السودان؟

– الموقف العربي كله داعم للسودان وأكد ذلك المجلس الوزاري العربي في اجتماعه الأخير بالقاهرة.

* الرئيس البشير في زيارته لدارفور قال انه سيحل الأزمة بأي طريقة سلمية أو غير سلمية هل نفهم من ذلك ان هناك سقفا زمنيا إذا لم تحل الأزمة سلميا سيكون هناك حل آخر؟

* السبب في هذا الموقف هو ان مواطني دارفور ما عاد لديهم الصبر على بقائهم في المعسكرات والمتمردون لا يمثلون أهل دارفور والتمرد لايمثل 10% من سكان دارفور، وبالتالي كلام الرئيس البشير اننا بدأنا بمبادرة اهل السودان لاننا في اكتوبر 2007 رضينا ان تأتي الامم المتحدة ودول الجوار وتقوم بمبادرة سرت وفي اكتوبر 2007 كان هناك ممثلان للأمم المتحدة وهما الياسون وسالم احمد سالم؛ بالإضافة إلى ممثلي الدول الكبرى كلها وذهبنا إلى سرت بوفد كبير برئاسة مساعد رئيس الجمهورية وفي سرت رفضت الحركات الحضور ومنهم عبد الواحد نور الجالس في باريس، ولما أبت ان تحضر بقينا سنة كاملة لكي تتحرك الأمم المتحدة وعندها قمنا بمبادرة اهل السودان وهي مبادرة شاملة لمعالجة قضية دارفور لكن لما جاءت المبادرة العربية الإفريقية برئاسة قطر أعطيناها فرصة باعتبار انه يمكن ان تأتي بالحركات وسنعطيها فرصة كاملة لكن لنفترض ان الحركات رفضت ان تأتي هل سننتظر سنة كاملة مثل سرت، لن ننتظر سنفعل المبادرة السودانية التي اشتركت فيها كل القوى السياسية واعيان دارفور وما سيقررونه هم ستنفذه الحكومة وتطبقه على دارفور.

 

اتفاقية الدوحة

* كيف تسير اتفاقية الدوحة حاليا؟

– نحن ملتزمون بها والآن هناك تحرك لتوقيع اتفاق إطاري والوزير القطري سعادة السيد أحمد بن عبد الله آل محمود والوسيط الأممي جبريل باسولي يتحركان مع الفصائل المختلفة لإقناعها وهناك تحركات نحو ارتريا لتشجيع الفصائل الموجودة في اسمرا على المشاركة في الحوار وأكدوا انهم مع مبادرة الدوحة تماما وهناك تحرك نحو ليبيا في نفس الإطار لدعم المبادرة القطرية وسمو الأمير عندما كان في زيارة للسودان تحدث بالهاتف هو والرئيس البشير مع الرئيس القذافي لتحقيق المصالحة السودانية التشادية والرئيس البشير زار القاهرة وأنا أتحرك نحو السعودية والحركة مستمرة لإعطاء أكبر قوة دفع ممكنة للمبادرة القطرية وعندنا ثقة كاملة أولا في قدرة قطر وهذه ليست جديدة فقطر تدخلت في الملف الفلسطيني واللبناني وبالتالي ليس غريبا ان تعمل في الملف السوداني وعملت من قبل في الملف السوداني من خلال المصالحة السودانية الاريترية وقطر مقبولة لدى الفصائل كلها ولا يوجد فصيل من الفصائل الأخرى انتقد الدور القطري فقطر لديها دبلوماسية حية تتحرك وتستوعب وعندها علاقات إقليمية ودولية واسعة جدا ونحن على ثقة بأنه ستوظف هذه العلاقات لإنجاح هذه المبادرة وبالتالي نعطي قوة الدفع للمبادرة القطرية وأي مبادرة أخرى نحن قمنا بتثبيتها لكي نعطي الفرصة كاملة للمبادرة القطرية ونحن على اتصال مستمر مع الأخوة في الدوحة.

* ماذا عن تشاد؟

– نحن في انتظار نتائج التحرك القطري الليبي ونأمل أن ينجح هذا التحرك في نزع فتيل التوتر بين السودان وتشاد لأنني أرى فيما يحدث بين السودان وتشاد استنزافا للبلدين هما في أشد الحاجة لهذه الموارد للبناء والتنمية ولكن واضح جدا ان الغرب وجد ان السودان اكتشف البترول وأصبحت لديه موارد وكذلك تشاد أصبحت لديها بعض الإمكانات باكتشاف البترول ولذلك هم يريدون ان يستنزفوا إمكانات البلدين بان تدعم تشاد المبادرة السودانية والسودان تدعم المعارضة التشادية ولذلك أنا قناعتي الشخصية الا مصلحة لا للسودان ولا لتشاد في هذا الذي يجري.

* اتفاقية الدوحة حددت 3 أشهر سيتم خلالها السعي نحو توقيع اتفاق إطار وصولا إلى وقف لإطلاق النار.. هل تتوقعون التوصل خلال هذه المدة لاتفاق؟

– اتفاق الدوحة لم يحدد ثلاثة أشهر لكن تحدثت عن بقاء مندوبان للحكومة وحركة العدل والمساواة موجودين الآن بالدوحة ويعملان على وضع تصور لاتفاقية إطار ويتحرك الوسيط القطري والوسيط الأممي الإفريقي بين الحكومة وحركة العدل والمساواة والفصائل الاخرى لاستئناف المفاوضات خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع وهذا ما يجري الآن حيث يوجد بالدوحة الوفدان وهما على اتصال مستمر مع الوسيط القطري لصياغة المقترح وأيضا يتحرك الوسيط القطري في كل الاتجاهات وسمو الأمير جاء إلى الخرطوم وزار ليبيا وتشاد والمبعوث الإفريقي الدولي باسولي يجري اتصالات بالحركات المختلفة ونحن نقوم باتصالات بالدول التي توجد لديها علاقة مع الحركات وكل هذه الجهود تصب في اتجاه واحد هو إنجاح المبادرة القطرية.

* هل لديكم تفاؤل بنجاح هذه الجهود؟

– اذا لم يكن هناك تفاؤل لما بذلنا كل هذه الجهود ويجب ان تعطى الفرصة الكاملة للمبادرة القطرية ونحن على ثقة بأنها اذا أعطيت الفرصة من كافة الأطراف ستنجح.

 

التعاون مع قطر

* ما هي آفاق التعاون القطري السوداني خصوصا في المجال الثقافي وقد أشرتم إلى مشروع مع متاحف قطر يجري تنفيذه؟

– القرار السياسي بتطوير التعاون القطري السوداني موجود وهذا التعاون بدأ بمساهمة قطر في مشروعات كبرى وكما رأيت قطر ساهمت في سد مروي هذا المشروع العملاق والعام الماضي جاءنا سمو ولي العهد ومعه معالي رئيس الوزراء وتم عقد منتدى الاستثمار السوداني القطري ووضع حجر الأساس للديار للتعاون في مجال العقارات وبالتالي فان الديار ستقيم عددا من المشروعات العقارية في السودان وانتقلنا بعد ذلك إلى التعاون في مجال البنوك وبنك قطر الوطني افتتح فرعا هو الآن من أنشط الفروع التي تعمل في السودان وبنك قطر الإسلامي افتتح فرعا يعمل كذلك في السودان وبنك قطر الدولي يعمل على فتح فرع، فحدث تنسيق في مجال البنوك وكانت تجربة رائدة جدا والمجال الثالث هو التعاون في مجال الأمن الغذائي وتم تخصيص عدد من المواقع للاستثمار الزراعي بين السودان وقطر خاصة في الولاية الشمالية وفي نهر النيل وتم تخصيص مليون فدان في الولايتين للاستثمار القطري السوداني لزراعة القمح وتم تخصيص شركة مشتركة ستتوسع في زراعة اي محاصيل تحتاج لها قطر أو يمكن تصديرها للمنطقة وهذا هو المجال الرابع ثم المجال الخامس بالتعاون في مجال الآثار وتحويل هذه الآثار إلى مواقع سياحية وهذا كان بتوجيه مباشر من سمو الأمير والرئيس البشير وتم تشكيل لجنة عليا برئاستي وهيئة قطر وجئنا وعقدنا ندوة في السودان استعرضنا فيها إمكانات السودان الأثرية والبعثات السودانية وعملها وانتقلنا إلى مواقع الآثار هذه ووقفنا عليها وهناك اتفاق على عقد ندوة الشهر القادم تحديدا 14 و15 و16 في الدوحة لعرض مشروع لمدة 5 سنوات نقسم ما الذي سننفذه في كل عام في مجال استكشاف وترميم وتطوير الآثار السودانية وستعرض ورقة أخرى كيفية تحويل هذه الآثار إلى مواقع سياحية وهنا تأتي الشراكة السودانية القطرية فقطر ستساهم معنا في الاستكشاف والترميم والتطوير ونحن أبدينا رغبتنا بان تشارك معنا في السياحة بحيث هي أيضا تستفيد من العائد السياحي بالنسبة لهذه المشروعات حيث ان هذه المشروعات تحتاج إلى فنادق وطرق إلى آخره لذلك فندوة الدوحة ستناقش خطة العمل في الخمس سنوات المقبلة وهذا لن يكون المجال الأخير فالمجالات مفتوحة وسنفكر أيضا في مجالات أخرى للتعاون والتنسيق لأننا ليس لدينا سقف محدد من القيادة في التعاون بين الدوحة والخرطوم ولذلك هذه رؤيتنا لتعاون منفتح يشمل التكامل في كافة المجالات الثقافية والعقارية والزراعية والمصرفية وكافة المجالات.

 

القمة العربية

* هناك قمة عربية ستعقد آخر الشهر ما هو المؤمل عليها في السودان؟

– أنا أصدرت كتابا عنوانه الأمن القومي العربي لأننا في تقديري بحاجة إلى مفهوم جديد للأمن القومي العربي ففي السابق كان المفهوم هو الأمن العسكري والاستخباراتي وفي تقديري أن هذا كان سببا في فشل التجربة العربية مقارنة بالتجربة الأوروبية التي نجحت لانها بدأت بالاقتصاد وارتفعت بمستويات الدول الغربية الضعيفة إلى اقتصادات الدول المتقدمة وأصبح المواطن في الدول الضعيفة اقتصاديا يحس بارتباط قوي مع الدول القوية في اقتصاداتها نحن بدأنا بالعكس بدأنا بالأمن والاستخبارات والقوات العسكرية ونسينا ان المواطن لابد ان يشعر بأننا كفيناه من الجوع ثم الخوف القرآن نفسه يقول “الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”، لذلك فهذا الكتاب الذي صدر هذا العام حرصت فيه على أن أضع تصورا لمفهوم الأمن القومي العربي وتحدثت فيه عن قمة الكويت التي للأسف الشديد كنا ننتظر منها الكثير ولكنها جاءت في أجواء غزة والانشقاق العربي ولذلك فان الآمال العريضة المؤملة عليها قد تبخرت رغم أنه كان يعول عليها ان تكون مدخلا ممتازا بالنسبة للأمن القومي العربي وفي الكتاب تحدثت عن حاضر ومستقبل الأمن القومي العربي وتحدثت عن الأمم المتحدة والقضايا العربية ومشروع الشرق الأوسط الكبير سعيا إلى استراتيجية عربية للأمن القومي العربي وآليات تنفيذ الاستراتيجية العربية للأمن القومي العربي وتحدثت عن النمو الاقتصادي العربي والعون الإنمائي وآفاقه وإمكاناته ومن هنا استطيع ان أقول أن المنتظر من قمة الدوحة ثلاثة أشياء؛ أولا تنقية الأجواء العربية لأنه بدون ذلك صعب جدا ان تنفذ اي مشروع عربي وهذا يحتاج إلى تحرك كبير وواسع والدوحة تستطيع ان تسهم في ذلك ولا يمكن للدول العربية ان تمضي إلى الأمام وأجنحتها منقسمة الآن ولو نظرنا إلى التقسيم الجغرافي هناك دول الخليج العربي شكلت مجموعة والمغرب العربي شكلت مجموعة ولو نظرت إلى التقسيم السياسي نجد الغرب سمى مجموعة الاعتدال ونحن سمينا نفسنا مجموعة الممانعة ولذلك لابد من تذويب هذه السدود التي نجح الغرب في ان يبنيها ونحن ساعدناه بضعفنا وجهلنا فمطلوب الآن مصالحة عربية والتصريح الذي سمعته من وزير الخارجية السعودي تصريح ايجابي بأنه لايمكن ان تكون هناك مشروعات ما لم يكن هناك فهم مشترك للأمن القومي العربي وهذا صحيح وفي الكتاب سقت فقرات من خطابات عمرو موسى سواء في قمة دمشق أو تونس أو الجزائر عما وصل إليه الوضع العربي من حالة مزرية تبعث على الشفقة والنقطة الثانية لابد من إعادة بث الروح في القمة الاقتصادية بالكويت صحيح هناك قمة مقترحة اقتصادية لكن لابد من التأكيد على ان التعاون الاقتصادي يكمن فيه الحل بالنسبة للتعاون العربي وإزالة واقع التجزئة الذي نعيشه الآن والموضوع الثالث هو موضوع النزاعات في الوطن العربي سواء النزاع الفلسطيني في ضوء ما تمخضت عنه المحادثات وهناك واقع جديد في إسرائيل بقدوم نتنياهو بتشكيل حكومة ستكون اسوأ حكومة في تاريخ إسرائيل وفي المقابل ماذا يمكن ان نفعله نحن، هذا هو الموضوع الرابع فلا بد من إعادة النظر في مفهومنا تجاه الأمن الإقليمي في المنطقة فلا يمكن ان تعتبر إيران عدوا وتركيا خارجة عن نطاق الأمن القومي العربي هذا لا يمكن والاستراتيجية الغربية تريد ان تخلق مجموعة عربية في مواجهة إيران والتجربة الأخيرة اثبتت ان إيران وتركيا جزء لا يتجزأ من امن المنطقة وعلينا نحن الا نعيش في الأوهام الغربية وأمريكا نفسها فيما يتعلق بأمنها القومي قبل ان تفكر في إسرائيل تفكر في كندا ولتنظر علاقات أمريكا وكندا الاقتصادية كما انها تفكر في أوروبا فلا يمكن ان يكون هناك قرار أوروبي وهي تتخطاه لمصلحة مع دول آسيوية أو إفريقية أو عربية ولذلك نحن لابد ان نعيد القراءة بالنسبة للتخوم العربية فهذه تعتبر تخوما وجزءا لا يتجزأ من الأمن القومي العربي وربما عندئذ نتحدث عن علاقة العرب بإفريقيا التي أصبحت الآن كيانا يخطب وده والصين تريد تأسيس المنتدى الصيني الإفريقي وأوروبا ومن قبلهم فرنسا لديها منتدى فرنسي إفريقي وبريطانيا لديها الكومنولث وأمريكا لديها خطة نحو إفريقيا والعرب الوحيدون خارج النطاق بالرغم من ان إفريقيا هي الأقرب لهم جغرافيا وثقافيا واقتصاديا وإذا اتخذ العرب هذه الخطوة سيستفيد منها السودان بحكم انه قطر عربي إفريقي في منع التدخلات الأجنبية في الساحة الإفريقية وبالتالي التأثير على الأمن القومي السوداني ولذلك فالمطلوب من القمة تصفية الأجواء العربية وإعادة الروح للقمة الاقتصادية وللتعاون الاقتصادي العربي وإعادة النظر في مفهومنا للأمن الإقليمي وعلاقتنا مع إيران وتركيا وبناء علاقات أفضل مع إفريقيا.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x