منير الدائمي: منصة 360 تضم 50 ألف ساعة من البرامج والوثائقيات وتتخطى الحجب
المنصة ستكون مرجعاً للمتابعين حول العالم وكنزاً حقيقياً للباحثين في تاريخ منطقتنا
منذ تأسيسه عام 2017 يواصل القطاع الرقمي في شبكة الجزيرة إنجازاته النوعية في مسيرة التحول الرقمي في الشبكة حتى أصبح ركيزة أساسية من ركائز الجزيرة مستندا إلى جوائز ذهبية عالمية ومشاريع نوعية جعلته علامة فارقة يتوجها اليوم بإطلاق منصة 360 التي تعتبر اكبر منصة رقمية مجانية للمشاهدة تضم مكتبة رقمية ضخمة للبرامج والوثائقيات، وأكثر من 20 برنامجا ينتج حصريا للمنصة. وتتيح المنصة مشاهدة أرشيف شبكة الجزيرة الإعلامية منذ انطلاقتها عام 1996، ويتضمن نحو 50 ألف ساعة من البرامج والوثائقيات أنتجتها قناتا الجزيرة الإخبارية، والجزيرة الوثائقية وقناة AJ+ عربي، ومنصة الجزيرة O2، بالإضافة إلى محتوى منصة «أثير» للبودكاست.
وفي لقاء حصري مع السيد منير الدائمي المدير التنفيذي للقطاع الرقمي في شبكة الجزيرة يقول إن برامج قناة الجزيرة الإخبارية، المتوقفة منذ أكتوبر الماضي بسبب التغطية المستمرة للأحداث في المنطقة والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ستعود لتبث حصريا على المنصة 360. موضحا ان البرامج التي ستنتجها المنصة تتنوع بين برامج ثقافية، وترفيهية، وحوارية، ودينية في قوالب جديدة، إضافة إلى عدد من الأفلام والبرامج الوثائقية والاستقصائية.
ويؤكد المدير التنفيذي للقطاع الرقمي ان منتجات المنصة متاحة للجمهور من دون قيود، متجاوزة بذلك حالة الحصار والتضييق الإلكتروني الذي تفرضه منصات التواصل الاجتماعي على المواطن العربي، وتتيح المنصة لجمهورها مطالعة محتواها في أي وقت ومن أي مكان، بالإضافة للبث الحي لجميع قنوات شبكة الجزيرة المختلفة. ويمكن للمتابعين الوصول إلى صفحات المنصة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب وتيك توك وإكس وواتساب وتليغرام وسناب شات.
ويقول الدائمي: تأتي هذه المنصة ضمن استراتيجية القطاع الرقمي للشبكة للوصل إلى جمهور جديد وشرائح عمرية متنوّعة عبر محتوى يستجيب لاهتمامات الجمهور في كل مكان وعبر العديد من الوسائل والأدوات حيث تبين ان 80 % من جمهور الشبكة يصل الى محتوى الجزيرة من خلال الهواتف الذكية.
وعلى الرغم من ان المنصة تفتح نافذة في جدار الحجب الذي تفرضه من المنصات العالمية لكن السيد منير الدائمي يقول إن «التفكير في بدائل لهذه المنصات صعب، ولا نرى أنفسنا في حالة عداء مع هذه المنصات بل نسعى لبناء شراكات وفتح نقاشات جادة معها، فجمهورنا موجود عليها وهدفنا إيصال رسالتنا لهذا الجمهور حيث كان».
وفي حواره الشامل مع “الشرق” تحدث الدائمي عن استراتيجية القطاع الرقمي التي تقوم على الإبداع وإطلاق المشاريع الرقمية الحديثة، وتوسيع وتحديث المشاريع القائمة، وتكييف القوالب بما يصل للجمهور على امتداد العالم. ويستعرض الدائمي مسيرة الانجازات والمشاريع في القطاع الرقمي حيث حققت منصة أثير نجاحا باهرا بلغ أكثر من مليار مشاهدة خلال اشهر فيما حققت وكالة سند المتخصصة بالتحقق من الأخبار أصداء عالمية واسعة.
وتطرق الدائمي الى ارقام المشاهدات التي شهدت خلال السنتين الماضيتين ارتفاعا مطردا جعل الجزيرة في صدارة المؤسسات الإعلامية العالمية من حيث نسب المشاهدات وأرقام المتابعين. وقال إن تفاعل جمهورنا على هذه المنصات بلغ 3.75 مليار، فيما حققت الفيديوهات على المنصات 59 مليار مشاهدة، إضافة إلى 2 مليار صفحة مشاهدة على مواقع الشبكة.
منصة 360
تطلق شبكة الجزيرة الإعلامية اليوم منصة الجزيرة 360، فماذا تعني هذه المنصة، وما أسباب إطلاقها في هذا التوقيت؟
عندما اخترنا هذا الاسم للمنصة، فإننا قصدنا أن تكون هى “بيت الجزيرة”، والجامعة لمحتواها، وبالتالي فإن من يتجول داخلها سيجد نفسه في الجزيرة، إذ سيجد كل منتجاتها عبر سنواتها الطويلة.
والمنصة، تعتبر خياراً إستراتيجياً للجزيرة، لرغبتنا في أن تكون كل منتجاتنا في مكان واحد، خاصة وأن مشاهدات الجزيرة مازالت قياسية، وهى استجابة لرغبة جمهورنا أيضاً. دراساتنا تشير إلى أن 80% من جمهورنا يشاهدنا من خلال “الموبايلات”، وهذا مؤشر بأن الناس يريدون مشاهدة الأخبار عبر أجهزتهم المحمولة، وليس فقط من خلال التلفزيون.
وهل يمكن تصنيف المنصة بأنها بديل عن منصات التواصل الاجتماعي؟
المنصة في فكرتها قائمة على “الفيديو” الطويل نسبياً، فلسنا منصة للتواصل الاجتماعي لنشر “الفيديوهات” القصيرة، أو غيره مما تنشره مواقع التواصل الاجتماعي، كما أننا لا نضع المنصة في منافسة مع مواقع التواصل الاجتماعي، كون هذا يتطلب الكثير من الامكانيات والجهد، وحاول غيرنا، ولم يوفق في ذلك.
لذلك، نرى أنفسنا في منصة للفيديو ولسنا في منصة للتواصل الاجتماعي. ولكننا مع ذلك نسعى أن تكون المنصة مستقبلا بيئة حاضنة لمنتجي المحتوى الذين يشاركوننا قيم الصحافة الحرة والوقوف مع الإنسان، خاصة وأننا نقدم منتجاً يهم الجميع في مختلف المجالات.
لا ندّعي أننا منافسون لمنصات التواصل الاجتماعي، أو بديل عنها، رغم حرصنا على استقطاب أصحاب المحتوى الرصين.
“بيت الجزيرة”
ربما هذا يقودنا إلى عملية التكامل بين نوافذ ومنصات القطاع الرقمي، فهل المنصة الجديدة تمثل شكلاً من أشكال التكامل بين بقية منصات ونوافذ شبكة الجزيرة؟
المنصة الجديدة هى بيت الجزيرة، وبالتالي فهى تجمع الجميع، وملك للجميع، وليست قاصرة على القطاع الرقمي. ومن يتجول فيها، سيشعر أنه أمام جميع منتجات الجزيرة وروحها ورسالتها وهويتها. ونحن نستند في انطلاقتنا على جمهور الجزيرة الوفي الذي يتابع منتجات الشبكة منذ سنوات طويلة.
وما هو الحيز المتاح لوسائل وأجهزة الإعلام الأخرى من خارج الجزيرة، فهل لها الحق في البث من خلال المنصة الجديدة؟
في إطار إبرام الشراكات يمكن ذلك. غير أن هذا يمكن أن يكون موضوعاً مؤجلاً، حتى تستقر المنصة بعد إطلاقها. وسوف نسعد للغاية مستقبلا أن تكون هناك منتجات أخرى على الجزيرة 360 من خارج بيت الجزيرة، طبعا مع الأخذ بعين الاعتبار الاشتراك في الهوية والرسالة وإبرام شراكات تحفظ حقوق الجميع.
إنتاج حصري
وماذا عن طبيعة الإنتاج الحصري للمنصة؟
هناك العديد من الانتاجات الحصرية للمنصة، والتي سيتم عرضها يومياً، بشكل تدريجي، وحريصون على من يتجول في المنصة أن يستمرّ بها، ولا يخرج منها. ونراهن في ذلك على نجوم الجزيرة وعلى المحتوى الحصري. ونحن محظوظون بأن تعود برامج قناة الجزيرة على المنصة، ومن ذلك برنامج “شاهد على العصر” الذي يقدّمه الإعلامي أحمد منصور حصريا على منصة الجزيرة 360. ونقدّر أن هذا سيجلب جمهورا واسعا للمنصة. بالإضافة إلى نجوم عرب مثل نجم الكوميديا المصري أحمد أمين، ود. خالد غطاس من لبنان، وغيرهم من المؤثرين الآخرين من دول عربية مختلفة.
أؤكد هنا أن الجزيرة لديها القدرة على إنتاج المحتوى الحصري، بسبب مهنيتها، وكفاءة طواقمها، وارتفاع درجة السقف الذي تتمتع به، علاوة على ثقة الجمهور بها.
وهل بقاء الجمهور لاستخدام المنصة الجديدة، يشكل تحدياً لكم؟
نعم، هذا تحد كبير لأي منصة فيديو. وأهم عامل في مواجهته، هو تنوع وتعدد المحتوى، ليلبي كافة الأذواق والاتجاهات، وهذا التنوع نحققه من خلال أرشيف الجزيرة، اعتماداً على الكنوز الثرية التي تتمتع بها، وكذلك من خلال السلاسل التي تقدمها المنصة. وهذا كله، يعطينا ميزة في الوصول إلى الجمهور عبر كل الأبواب المتاحة، حيث نضع الجمهور هدفنا، في التوجه إليه حيثما كان.
مشروع رائد
وهل يمكن أن نصف المشروع بأنه منصة خاصة تنفرد بها الجزيرة؟
منصة الجزيرة 360 هي أحد المشاريع الرائدة لشبكة الجزيرة الإعلامية، وما يميزها أنها ستجمع كل محتوى شبكة الجزيرة في منصة واحدة. ونحن نتحدث هنا عن أرشيف الجزيرة منذ انطلاقتها إلى يومنا هذا، وكل إنتاجات الجزيرة وقنواتها ومشاريعها، وإنتاجات جديدة من إبداع فريق المنصة وفرق القطاع الرقمي، إضافة للبث المباشر للقنوات. هذا إنجاز كبير جدا يأتي تتويجا لسنوات من العمل الدؤوب واستجابة لرغبة جمهورنا ومواكبة لتغيّر عادات استهلاك المحتوى عند المتابعين. لا نقول إن هذا المشروع غير مسبوق فمنصّات الفيديو عديدة جدا وهناك تجارب متميّزة في السوق، ولكننا نرى أن تفرّد الجزيرة كان ولا يزال في محتواها الرصين وعملها الصحفي الجاد وفي تراكم خبراتها عبر السنوات. وهو ما سيسهّل وصول هذا المشروع على حداثته إلى جمهور الجزيرة الوفي وشرائح أخرى جديدة.
محتوى غزير
وهل تعتقد أن المشروع بذاته يشكل محاولة جدية أولى من الشبكة للخروج من دائرة تضييق الشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي؟
نعم نحن نسعى لأن نوفّر منصة واحدة نمتلك فيها محتوانا الكبير والغزير الذي بدأناه منذ نحو ثلاثة عقود. أن تمتلك منصتك يعني أن تسيطر على محتواك وتصنع خوارزمياتك الخاصّة بلا شكّ.
ولكن إطلاق منصة الجزيرة 360 لا يعني أننا سنكون في حالة قطيعة أو انسحاب من بقية المنصات. إذ سنستمر في التواجد على كل المنصات خدمة لجمهورنا وسعيا للوصول إليه أينما كان. وفي نفس الوقت نطور من منصاتنا وأدواتنا الذاتية التي نمتلكها لتوفير وسائل متجددة لجمهورنا على اختلاف فئاته.
تعزيز الشراكات
لماذا اخترتم أن تكون المنصة مجانية، في زمن تسعى فيه جميع المنصات للربح من المحتوى المقدم؟
أحد أهداف الجزيرة ورسالتها منذ انطلاقتها إيمانها بحق الجمهور في الوصول للمعلومة والخبر والمحتوى بطريقة سهلة لا تفكر فقط بالربح، ذلك سبب رئيس لإطلاق المنصة الآن بشكل مجاني.
ولكن كأي مؤسسة أخرى فإننا في القطاع الرقمي نسعى لتعزيز شراكاتنا لتنويع مصادر الإيرادات لتحقيق نوع من التوازن المالي الذي يساعد على استمرارية العمل وإطلاق مشاريع جديدة.
هدفنا إذن وصول المحتوى لجمهورنا بكل الوسائل المتاحة وبأيسر طريقة ممكنة. وسنسعى لأن تبقى التجربة متاحة مجانا من خلال التفكير في حلول مبدعة وشراكات استراتيجية.
الوصول إلى الجمهور
وهل عزز القطاع الرقمي من توسع وصول الشبكة بقنواتها المتعددة إلى الجمهور، لا سيما من الفئات العمرية الشابة برأيكم؟
لا شك أن القطاع الرقمي بأقسامه المختلفة ومشاريعه الرائدة وحضوره الواسع على كل المنصات المتاحة ساهم بشكل كبير في تعزيز الوصول إلى جمهور جديد وشرائح عمرية متنوّعة.
ولكن من المهم التأكيد أن رسالة الجزيرة لم تتغيّر، وما نفعله هو أننا ننتج محتوى متخصصا وفق معايير الصحافة الرقمية الحديثة ونوصل محتوى القنوات للجمهور من خلال قوالب رقمية تستجيب لاهتمامات الجمهور في كل مكان وعبر العديد من الوسائل والأدوات لاسيما الهواتف الذكية التي يستهلك جمهورنا خلالها محتوى الشبكة بنسبة تزيد عن 80%. لدينا استراتيجيات وصول للجمهور المستهدف بفئاته العمرية وأماكن انتشاره، وهذه الاستراتيجيات تراعي سلوك الجمهور وثقافاته وتعدديته ولغاته، كما تحلل بشكل مستمر التغير في خوارزميات المنصات والمصادر المفتوحة.
ولكن رسالة الجزيرة واحدة، وقوتها الحقيقية هي في رسالتها والمحتوى المتنوع الذي تقدمه لجمهورها سواء ما تنتجه قنواتها، أو ما ينتجه القطاع الرقمي. وربما مما يعزّز ذلك أننا نلاحظ أن محتوى قناة الجزيرة ما زال هو الأكثر جذبا للجمهور والأقرب إلى اهتماماتهم وذلك لتميّز تغطياتها المكثفة ومصداقيتها واقترابها من الناس وبطولة طاقمها.
التضييق على المحتوى
تحاول الشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي التضييق على المحتوى الذي ينشر على المنصات، كيف تتعامل شبكة الجزيرة مع هذا التضييق؟
لا أحد ينكر أهمية هذه المنصات ودورها في رفع درجة الوعي وفتح أبواب تواصل غير مسبوقة للبشرية، وندرك حجم التحديات التي تعانيها وسائل الإعلام في تعاملها معها بسبب التغير المستمر في خوارزميات هذه المنصات مما يفرض تحديات في توصيل رسالتنا الإعلامية لجمهورنا الذي يسعى للوصول لهذا المحتوى من خلالها.
ولكن ندرك أيضا أن التفكير في بدائل لهذه المنصات صعب، ولا نرى أنفسنا في حالة عداء مع هذه المنصات بل نسعى لبناء شراكات وفتح نقاشات جادة معها، فجمهورنا موجود عليها وهدفنا إيصال رسالتنا لهذا الجمهور حيث كان.
لا شك مع ذلك أن هناك احتجاجا كبيرا من فئات من جمهور هذه المنصات على ما يلمسونه يوميا من قيود وسياسات حجب على أنواع من المحتوى خاصة ما يتعلق بقضايانا العربية والإسلامية وقضايا شعوب الجنوب عموما، والحوار مستمر ولا ينقطع مع هذه المنصات وإداراتها للوصول لحلول لهذه المشكلات، لأن حجب المحتوى مخالف لمبدأ حرية التعبير وحق الناس في الوصول للمعلومة.
مؤخراً، أعلنت شركة “ميتا” عن نيتها تقليل الوصول إلى الأخبار ذات الطابع السياسي على منصاتها، هل يمثل هذا قلقا للقطاع الرقمي في قناة الجزيرة على هذه المواقع وحجم انتشارها؟
الحقيقة أن هذا الأمر قديم، والجديد أن “ميتا” قامت بإعلانه بشكل صريح، نحن كما قلت سابقا، لا ندعو للخروج من هذه المنصات ونسعى فعلاً للشراكة معها لتوصيل المحتوى لجمهورنا الذي يبحث عنه في صفحاتها وتطبيقاتها.
لكننا في ذات الوقت نرى أن سياسات “ميتا” وغيرها تفرض سلطة على الجمهور وتقرر هي ما يجب أن يصله أو لا يصله، وهذا مناقض لمبدأ حق الوصول للمعلومات الذي تقره الدساتير والقوانين، ولا أفشي سرا إن قلت إننا في الجزيرة نخوض نقاشا مع مؤسسات إعلامية أخرى حول كيفية التعامل مع سياسات منصات التواصل، كما أننا مستمرون بتطوير أدواتنا ومنصاتنا الخاصة لتوصيل محتوى الشبكة لجمهورنا.
مشاريع رقمية حديثة
أطلق القطاع الرقمي عددا من المشاريع خلال السنتين الماضيتين، ما هي أبرز المشاريع التي عملتم عليها مؤخرا؟
الحقيقة أن القطاع الرقمي أطلق استراتيجية جديدة تقوم على أنه قطاع له شخصيته التحريرية المستقلة حيث يصنع المحتوى الخاص والمؤثر للجمهور. ولكن ذلك يأتي في إطار التكامل مع التلفزيون حيث يهتم القطاع بتوصيل المحتوى المتميّز والرائد الذي تنتجه شاشات وقنوات الشبكة ومشاريعها عبر الأدوات والوسائل الرقمية الحديثة.
نحن إذاً نطور من وسائل وصول المحتوى الذي عرفه الجمهور ولا يزال منذ تأسيس الشبكة عام 1996، كما أننا ننتج محتوى متخصصا لجمهور متعطش لأنواع المحتوى الرقمي عبر قوالب رقمية نعمل على تطويرها بشكل مستمر.
استراتيجيتنا أيضا تقوم على الابداع وإطلاق المشاريع الرقمية الحديثة، وتوسيع وتحديث المشاريع القائمة، وتكييف القوالب بما يصل للجمهور على امتداد العالم.
وبالحديث عن المشاريع الحديثة، فإن القطاع الرقمي أعاد إطلاق بودكاست الجزيرة عبر منصة “أثير” العام الماضي. وحققت “أثير” نجاحا باهرا جعلها تتبوأ مكانة متقدمة بين منصات البودكاست في العالم العربي. وبلغت مشاهدات أثير أكثر من 1 مليار مشاهدة للفيديو والمقاطع خلال أقل من عام.
طورنا أيضا عمل وكالة “سند” وهي وكالة متخصصة بالتحقق من أخبار المصادر المفتوحة وإنتاج التحقيقات من هذه المصادر. وأصدرت الوكالة تقارير خاصة كان لها صدى عالمي وتحوّلت إلى سند حقيقي لكل الفرق التحريرية في الشبكة.
وكان لنا تجربة متميزة وناجحة في إطلاق العديد من الحسابات على منصة تيك توك. وأطلقنا عشرات البرامج الجديدة باللغتين العربية والإنجليزية. واليوم نطلق منصة الجزيرة 360 للفيديو.
الجزيرة بالأرقام
في هذا الإطار، إذا تحدثنا بلغة الأرقام، ماذا تقول الأرقام عن الجزيرة ومنصاتها المختلفة؟
رغم أنني ممن لا يرون الأرقام هدفا في حد ذاتها بقدر أهمية المحتوى والرسالة، إلا أن أرقام المشاهدات خلال السنتين الماضيتين شهدت ارتفاعا مطردا جعل الجزيرة في صدارة المؤسسات الإعلامية العالمية من حيث نسب المشاهدات وأرقام المتابعين.
خلال العام الأخير مثلا، أدار القطاع الرقمي 200 حساب وصفحة على مختلف المنصات، بلغ عدد متابعيها 328 مليون متابع، وحقق تفاعل جمهورنا على هذه المنصات مستويات قياسية بلغت 3.75 مليار، كما حققت الفيديوهات على المنصات 59 مليار مشاهدة، إضافة إلى 2 مليار صفحة مشاهدة على مواقع الشبكة. كما تعتبر صفحة مصر هى الأعلى مشاهدة في دول العالم قاطبة، وذلك حسب الإحصاءات الدولية.
وتقول الأرقام، إنه خلال حرب غزة، وصلت محتويات الجزيرة على المنصات الرقمية المختلفة إلى أكثر من 53 مليار مشاهدة. وتستحوذ محتويات قناة الجزيرة على النصيب الأكبر من هذه الأرقام، لكفاءتها ومهنيتها، وقدرتها على تغطية الحرب على غزة.
كما أن مشاهدات الجزيرة نت وصلت إلى 750 مليون مشاهدة، منذ بداية العام، وحتى الآن، ونتوقع أن تصل إلى ما يزيد عن مليار مشاهدة، مع قرب انتهاء العام الجاري.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن هذه الأرقام هي انعكاس لأعمال القنوات ومنصات القطاع الرقمي ودليل على نجاح زملائنا العاملين في الشبكة وليس جهد فريق واحد.
انفتاح خليجي
وأين الانفتاح على المستوى الخليجي في هذا السياق؟
هذا أمر مهم وقائم لدى الإدارة، باعتبار الجمهور الخليجي مهماً للغاية، حيث نحرص على الوصول إليه سواء كان في قطر، أو في دول الجوار. ولذلك أطلقنا في “أثير” برنامجين خليجيين، أحدهما “ضيف شعيب” مع شعيب راشد، والآخر بعنوان “ما بعد النفط” ويقدمه سعد القحطاني، والبرنامجان يشهدان إقبالاً لافتاً عليهما.
كما أن الرحالة القطري خالد الجابر سيقدم عبر منصة الجزيرة 360 برنامجاً بعنوان “رجل الصحراء”، بالإضافة إلى تقديم برامج أخرى عديدة تتعلق بالسياحة والثقافة الخليجية، بجانب حوارات عديدة مع شخصيات خليجية.
وكثير من منتجاتنا تعزز الحضور الخليجي، لأهمية هذا الجمهور لدينا، خاصة وأن استخدامه للانترنت يعتبر الأعلى من غيره.
الجزيرة نت
لاحظنا في الآونة الأخيرة تطورا لافتا في موقع الجزيرة نت، وتوسعا في رقعة اهتمام الموقع. ما ملامح عملية التطوير التي يبدو أنها متصاعدة في الجزيرة نت؟
شهد موقع الجزيرة نت تطورا في تغطيته للأحداث كما ونوعا، وهو ما انعكس على نسب التصفح والدخول ومدة المكوث في الموقع، فبلغت قراءات الجزيرة نت في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024 ما يزيد على 753 مليون قراءة، أي بزيادة مقدارها 91٪ عن نفس الفترة في 2023.
قامت استراتيجية الإدارة الجديدة للموقع على فكرتين رئيسيتين: أن نغطي أوسع مساحة ممكنة من اهتمامات القارئ، وأن نغوص في عمق الأحداث ونقدم له تفسيرا وتحليلا لمجرياتها.
فعمدنا إلى إنشاء قسم للمقابلات يغذي الموقع بآراء الخبراء والسياسيين، كما أنشأنا قسما للإنتاج الخاص يقدم تحليلا للأحداث الساخنة ويستشرف مآلاتها، هذا فضلا عن إنشاء صفحة أبعاد المختصة بالصحافة المعرفية وتقديم الملفات المفضلة للقارئ.
تم أيضا تطوير مساحة الرأي في الموقع عبر رفد صفحتي المقالات والمدونات بكتاب جدد ومتخصصين مع الحرص على أن تتناول مقالاتهم أحداثا حيوية تجيب عن تساؤلات القارئ، وخصصنا فريقا لمتابعة تفاعلات الجمهور مع الأحداث من خلال منصات التواصل، كما قمنا بتطوير العديد من الصفحات التي تلبي استراتيجيتنا مثل الموسوعة والاقتصاد والرياضة مما زاد في نسب المقروئية والإنتاج.
ومن الناحية التحريرية حرصنا على زيادة التركيز على العديد من الملفات والساحات التي يوليها جمهورنا اهتماما عاليا وكان منها إطلاق صفحة مهتمة ومتخصصة بالشأن الأفريقي، يليها صفحات أخرى ستطلق للجمهور تباعا. وبالإضافة إلى ذلك قمنا بتطوير شبكة المراسلين والاعتماد على تقاريرهم في تمتين التغطية الإخبارية وإعطائها بعدا ميدانيا.
هذا التطور أساسه ككل مشاريع الجزيرة فريق مبدع ومتخصص يسعى للمواكبة والتطوير ويحقق استراتيجية القطاع في إنتاج المحتوى الرقمي بأنواعه وعبر القوالب والأدوات والوسائل التي تصل للجمهور المستهدف عبر خطط واضحة تتم مراجعتها باستمرار.
أكبر مكتبة رقمية
في الترويج للمنصة الجديدة يبرز شعار-أكبر مكتبة رقمية في العالم العربي- ما الذي تقدمه وتتيحه هذه المكتبة؟
لا شك أن الجزيرة تمتلك واحدة من أكبر مكتبات الفيديو الرقمي عربيا وربما عالميا. فنحن نمتلك مئات الآلاف من ساعات الإنتاج التلفزيوني، من برامج وتقارير وسلاسل إنتاج وأخبار وانتاجات خاصة بالمنصات ومواقع الانترنت وصور خام من مكاتبنا الممتدة عبر العالم. ولكن هنا لا بد من التوضيح أن هذا الكم الكبير من الأرشيف لن يكون متاحا من اليوم الأول لانطلاق المنصة. حيث لدينا خطة لتنزيل هذا المحتوى بشكل تدريجي يوائم بين بث الأرشيف الغزير للجزيرة إلى جانب الإنتاجات الجديدة سواء من قناة الجزيرة والجزيرة الوثائقية والجزيرة المباشر، إضافة لإنتاجات القطاع الرقمي سواء من منصة 360 أو أثير أو AJ+ ومشاريع القطاع الرقمي الأخرى.
ولأننا نعمل على مراحل فإننا متأكدون أن المنصة عندما تكتمل ستكون مرجعا للمتابعين حول العالم وكنزا حقيقيا للباحثين في تاريخ منطقتنا خصوصا.
دور القطاع الرقمي
إذا تحدثنا عن القطاع الرقمي بشبكة الجزيرة الإعلامية، فما هى فكرته، والدور الذي يقوم به؟
منذ تأسيسه عام 2017 كان للقطاع الرقمي دور أصيل عبر خططه للإنتاج الأصلي والخاص المتوافق مع المعايير الرقمية الحديثة للوصول للجمهور المستهدف عبر العديد من المشاريع والمنصات على امتداد العالم من خلال أربع لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية إضافة لإمكانات لا محدودة للوصول عبر لغات أخرى بما توفره تقنيات الذكاء الاصطناعي. وبالتوازي لدى القطاع الرقمي دور مكمل لدور القنوات التلفزيونية ابتداء من قناة الجزيرة الإخبارية، وبقية القنوات من خلال توصيل منتجاتها ومحتواها من برامج وأخبار وكل أنواع المحتوى المتميز لجمهور الجزيرة عبر قوالب رقمية ووسائل وأدوات حديثة. لا بد أن ننوه هنا إلى أن الجزيرة كانت دوما سباقة في مواكبة التطورات في المجال الإعلامي وقد احتضنت الكفاءات منذ نشأتها سنة 1996. وقد كانت من أوائل المؤسسات الإعلامية في تأسيس موقع إخباري متخصص هو الجزيرة نت الذي حاز الريادة منذ تأسيسه عام 2001. ثم أسست موقع الجزيرة باللغة الإنجليزية بعد ذلك مباشرة وبادرت إلى تأسيس فريق للإعلام الجديد في 2006 فالجزيرة بلس في 2014، وتفاعلت مع منصات التواصل الاجتماعي جميعها تباعا. وما تأسيس القطاع الرقمي في 2017 إلا دليل على سبق الجزيرة وتفاعلها مع التطورات المتسارعة في عالم الإعلام.
قفزات واسعة
وماذا عن مواقع ومنصات الجزيرة الأخرى؟
الحقيقة أننا حققنا في العام الأخير قفزات واسعة وتطورا كبيرا وأداء استثنائيا لاسيما في موقع الجزيرة باللغة الانجليزية، حيث إنه وسع من قاعدة جمهوره وانتشاره ليس فقط في الغرب وإنما في دول الجنوب عموما، وبات مصدرا أساسيا للأخبار والمحتوى في العديد من الأقاليم، وبات يقدم خدمات إخبارية عبر قوالب وبرامج متخصصة ومتجددة، نلاحظ عبر مراجعة الأداء مدى تلهف الجمهور لها. وقد أطلقت إدارة المحتوى الإنجليزي أيضا برامج رقمية جديدة نجحت سريعا في تصدر نسب المتابعة وساهمت في موازنة السردية في أهم الأحداث العالمية.
كما أود أن أشير للانتشار الواسع الذي تحققه قنوات AJ+ بلغاتها المختلفة العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية، حيث طورت كثيرا من محتواها وركزت بشكل أكبر على الجمهور في دول الجنوب، وهذه القنوات توسع من شراكاتها حول العالم، ولدينا طلبات متزايدة لهذه الشراكات لاسيما في أمريكا الجنوبية وإفريقيا.
وفي ذات السياق لدينا عمل مستمر لتطوير موقع ومنصات القناة الوثائقية التي تمتلك محتوى غزيرا ومختلفا، إضافة للتجربة المتميزة للجزيرة مباشر التي أنشأت وحدة متخصصة للإنتاج الرقمي، حيث تقوم استراتيجيتها على إنتاج المحتوى للجمهور الرقمي ونقله لجمهور الشاشة، وهي تجربة تعكس وعيا متقدما بأهمية إنتاج القوالب الرقمية، حيث اعتدنا على تكييف إنتاج التلفزيون للجمهور الرقمي، لكننا في تجربة المباشر ننتج للجمهور الرقمي ومن ثم يحول للشاشة.
كل ما سبق يؤكد على أن قوة الجزيرة تكمن في محتواها الذي تنتجه القنوات والشاشات ويعاد تكييفه ليقدم بالوسائل الحديثة للجمهور عبر المنصات والتطبيقات، بالتوازي مع الإنتاج الخاص للقطاع الرقمي.
غرفة الأخبار الرقمية
في ذات السياق نريد أن نعرف أكثر عن غرفة الأخبار الرقمية التابعة للقطاع الرقمي، ما ملامحها؟
غرفة الأخبار الرقمية هي نموذج للشراكة الصحية بين التلفزيون والقطاع الرقمي. فقناة الجزيرة شجعت تأسيس هذه الوحدة التي تهتم بتغطية آخر وأهم الأحداث لحظة بلحظة بتنسيق كامل ولحظي مع غرفة أخبار القناة من خلال قوالب رقمية مبتكرة وصديقة للموبايل والشاشات التفاعلية المختلفة. ويعمل فريق الغرفة المكون من صحفيين ومحررين ومنتجين وخبراء بلا كلل وبتناغم تام مع القناة لإنتاج محتوى إعلامي منافس يعكس وجهات نظر متنوعة ويلتزم بالمهنية والدقة والموضوعية.
وتتميز غرفة الأخبار الرقمية بمرونة قوالبها فهي تغطي الأخبار بمستويات مختلفة من العمق تراعي الدقة والسرعة كما تلتزم بالنزاهة الصحفية مع المحافظة على أعلى المعايير الأخلاقية المستمدة من قيم الجزيرة وتمتد تغطيتها إلى ما هو أبعد من نقل الأخبار من خلال التفاعل مع الجمهور في سرد قصص وتغطيات ميدانية حتى من مناطق الحروب والخطر نسلط فيها الضوء على القضايا الإنسانية.
وهنا لا بد من الإشارة إلى جانب مهم يقوم على أن أهمية هذه الغرفة وفريقها أنه يسعهم ما لا يسع الشاشة التي تلاحق الأحداث الكبرى وتبقي المشاهد على اطلاع وتفاعل مستمر معها، حيث تتوسع الغرفة في تغطية الأحداث في مختلف المناطق عبر صفحاتها وحساباتها العامة والمتخصصة والمحلية.
حققت غرفة الأخبار الرقمية نجاحات كثيرة تتعلق بمستويات المشاهدة والقرب من الجمهور العربي كما حصلت على جوائز دولية وشهادات تكريم مرموقة خلال الأعوام الثلاثة الماضية عبر منصات التواصل المختلفة.
الاستثمار الرقمي
برأيكم، هل يقتصر الاستثمار الرقمي في الشبكات الإخبارية على المعايير التحريرية، أي تعزيز غرف الأخبار الرقمية بخبرات صحفية رفيعة؟ أم يحتاج ذلك بالضرورة لاستثمارات تقنية أيضا؟
عَمَلُنا كما أسلفنا يجمع بين إنتاج المحتوى الرقمي الأصيل وإعادة تقديم محتوى التلفزيون بقوالب وأدوات ووسائل رقمية تسهل وصوله للجمهور. مطلوب بالطبع أن نستثمر في الكوادر الصحفية المتميزة حتى نضمن استمرار الرصانة التحريرية التي ميزت محتوى قناة الجزيرة وقنوات الشبكة المختلفة ونضمن في نفس الوقت القدرة على الوصول إلى الجمهور في سوق يعج بالتحديات.
هذه المعادلة الصعبة هي ما نفكّر فيه كلما فكرنا في إطلاق مشاريع رقمية جديدة أو تطوير المشاريع القائمة: كيف نضمن استمرار الريادة دون التضحية بالرصانة التحريرية؟ كيف ننتج محتوى يراعي رسالة الجزيرة، وفي نفس الوقت يلبي تطلعات وحاجات الجمهور خاصة من فئة الشباب التي تنتظر محتوانا عبر مختلف أنواع الشاشات لاسيما الهواتف الذكية؟.
كل ما سبق يضع على عاتقنا أهمية الاستثمار بالجيل الجديد من الشباب الرقمي المبدع وتدريبه على رسالة الجزيرة ورصانة وقوة محتواها، وهذا الاستثمار مهم وأساسي في عملية مستمرة لا تتوقف. وأود أن أشيد هنا بالدور الكبير الذي تقوم به فرقنا العديدة في قطر والعديد من البلدان في الإقليم والعالم.
مواكبة الذكاء الاصطناعي
وما استراتيجية القطاع الرقمي في شبكة الجزيرة لمواجهة التحديات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي؟
هناك استراتيجية للقطاع الرقمي تعمل بالتوازي والتكامل مع استراتيجية شبكة الجزيرة لمواكبة التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحدياته في سوق صناعة الإعلام.
وإلى جانب الاستثمار في الانسان، لدينا استثمار مستمر في الجانب التقني وهو جزء أصيل من عمل القطاع الرقمي، ونحن في حالة مواكبة يومية عبر فريق متطور ومتنوع يهدف لدراسة تحديات الذكاء الاصطناعي وما يوفره من فرص تساعدنا على تطوير منتجاتنا وخاصة صناعة المحتوى وخلق الأدوات المساعدة لتسهيل عمل الصحفيين وفرق العمل على اختلاف مستويات عملها.
القطاع الرقمي كان سباقا بإطلاق مشاريع ذكاء اصطناعي ومنها مثلا مشروع لبيب الذي يقدم العديد من الأدوات المساعدة للصحفيين والعاملين في القطاع، كما أن لدينا العديد من المبادرات الداخلية وهناك تفاعل كبير مع مشاريع عديدة نعمل على قياسها ومدى امكانية الاستفادة منها في التحرير والتدقيق وصناعة الصور والفيديو والعديد من التقنيات التي تعمل فرق على تطويرها واختبارها. وحاليا نعمل على تطبيق معايير الشبكة التي صاغها زملاؤنا في قطاع ضبط الجودة للتعامل مع المنتجات المولدة من الذكاء الاصطناعي.
وكل ما سبق كما أسلفت هو جزء أساسي من استراتيجية شبكة الجزيرة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي والتي يقوم عليها فريق متخصص ولديه العديد من الخطط والمشاريع التي نعتقد أنها ستكون مفيدة لعملنا في القطاع وعمل فرق الشبكة الأخرى.
التحول الرقمي
ما الدور الذي تعتقدون أن شبكة الجزيرة لعبته في إطار تطوير مفاهيم وآليات الإعلام الرقمي؟
لأن الجزيرة رائدة وسباقة كعادتها في وضع المعايير وخاصة التحريرية التي قدمتها عبر قنواتها ومشاريعها وخبرائها ومدربيها، فإنها كذلك تعمل على أن تكون رائدة في وضع معايير الإعلام الرقمي، ولدينا في القطاع تنسيق كبير مع قطاع ضبط الجودة في الشبكة لوضع معايير تحريرية للإعلام الرقمي ووضع برنامج تدريبي متخصص للعاملين في هذا المجال من خلال معهد الجزيرة للإعلام.
أنتج قطاع ضبط الجودة كتابا متخصصا في المعايير التحريرية للإعلام الرقمي بناء على نقاش مستفيض مع مسؤولي القطاع الرقمي. كما أنشأنا وحدة متخصصة لمراقبة الأداء التحريري. ولدينا فرق عمل تحريري تعمل بشكل تشاركي وتكاملي عبر اجتماعات اسبوعية وورش عمل متخصصة ومركزة. كما طورنا من عمل غرف الأخبار والتخطيط الرقمية.
وهذا كله يعزز إرث الجزيرة الرائدة في كل مجالات الإعلام. فكما كانت الجزيرة رائدة وسباقة في الإعلام التلفزيوني وصحافة الإنترنت، لديها اليوم تطوير وريادة في كل مجالات الإعلام الرقمي، وهذا يقع ضمن مسؤولياتنا كشبكة وقطاع رائد، كما أنه يعزز من تجاربنا ويجعلنا الرواد في كل ما يتعلق بالإعلام وتطويره في المنطقة ولا أبالغ إن قلت إن لدينا الآن تجربة رائدة على مستوى العالم.
دعم قطر
برأيكم، كيف يدعم القطاع الرقمي رؤية دولة قطر في التحول الرقمي؟
نحن محظوظون أننا نتواجد في دولة لديها استراتيجية ورؤية متقدمة في التحول الرقمي والشراكة مع مؤسساته. لدينا شراكة وثيقة مع وزارة الاتصالات القطرية التي تقدم لنا في القطاع الرقمي وشبكة الجزيرة دعما نعتبره أساسيا في تنفيذ مشاريعنا من خلال دعمها لشراكاتنا مع شركات عالمية مثل مايكروسوفت وجوجل التي لها تواجد كبير في البلد.
كما أن لدينا شراكة وثيقة مع مجلس قطر للبحوث والتطوير والابتكار، ومؤخرا وقّع المجلس اتفاقية مع قنوات AJ+ لإطلاق مبادرة رائدة لترجمة مقاطع الفيديو، ولدينا أيضا شراكة متقدمة مع المدينة الإعلامية في قطر سنعلن عن تفاصيلها قريبا إن شاء الله.
كل ما سبق يؤكد أننا نتواجد في بيئة حاضنة للتحول الرقمي ودعم مشاريعه وهذا ينعكس في النهاية على الجمهور الذي يحظى بأولوية في كل هذه الشراكات.
التوازن بين الكم والكيف
في ظل توسعات منصات القطاع الرقمي، ألا يشكل ذلك مخاوف لكم بأن يطغى الكم على نوعية المحتوى الذي تقدمه شبكة الجزيرة؟
لاشك أن القطاع الرقمي يحتاج إلى سيولة وكم، ليتم الإنتاج في أكثر من اتجاه، فنحن الآن ندير قرابة 200 حساب ومنصة للجزيرة، ولدينا قرابة 328 مليون مشترك، ولذلك فإن إدارة هذا العدد الكبير من الحسابات والمنصات، وكذلك المشتركين، يحتاج منا إلى بث محتويات مختلفة، لتباين أذواق الجمهور، وهذا يتطلب زيادة الإنتاج، مع مراعاة ألا يكون ذلك على حساب النوعية، حيث نحرص على التوازن بينهما. نرغب إذن بأن يكون إنتاجنا غزيرا، لجذب جمهور جديد، ولكننا نحافظ على النوع حتى نحافظ على الثقة التي ترسخت مع الجمهور الواسع.
مع تعدد وتنوع المشاريع الرقمية، ألا يجعلنا ذلك أمام “الجزيرة الرقمية”، لتقدم محتواها بشكل يتباين مع ذلك الذي يتم تقديمه بالشكل التلفزيوني التقليدي؟
إطلاقاً، فنحن لا نطرح أنفسنا نقيضا لزملائنا في التلفزيون ولا منافسا لهم. نحن نعتبر أنفسنا امتداداً ومكملين لهم. وكما ذكرت، فإن الجمهور يتوق إلى محتوى قناة الجزيرة، وهو المحتوى الأعلى مشاهدة على المنصات الرقمية.
وفي تقديري، فإن الجزيرة ستظل رائدة في الجانب التلفزيوني، لما تنتجه من محتوى رائد، كما أن اتساع عملياتها، وحُسن تموقعها، ووقوفها إلى جانب قضايا الإنسان، سيجعلها دائماً محط اهتمام الناس، والزملاء بتضحياتهم الكبرى في الميدان، قادرون على التغطية بشكل احترافي ومهني، بما لا يستطيع غيرهم فعله. ونحن في القطاع الرقمي، نحاول أن نعمل في مساحات قد لا يستطيع التلفزيون الوصول إليها، أو العمل فيها بحكم التغطيات الإخبارية المكثفة على الشاشة. كما نعمل في إطار توفير قوالب رقمية للمنتجات التلفزيونية لنصل إلى الجمهور الرقمي. وكل ذلك وفق الخط الناظم لعمل الجزيرة، وهو خطها التحريري الأصيل، لا نبتعد عنه، أو نغيره من أجل أي هدف آخر.
لذلك كله، ليس لدي هاجس المنافسة ولا نطرح القطاع الرقمي بديلا للتلفزيون. والجزيرة بقنواتها وبقطاعها الرقمي يبثون على موجة واحدة وفي تناغم كامل. نحن مؤسسة واحدة، نعمل مع بعضنا البعض، وما يتم إطلاقه من منصات حالية، أو لاحقة، كلها منصات تخص الجزيرة. إذ يتم البث الحي لها عبر منصة الجزيرة 360، كما أن برامجها ومنتجاتها موجودة عليها، ما يعني أن ما يتم بثه هو شاشة إضافية للجزيرة، وفي تكامل معها، دون إشكال في ذلك أبداً. كما أن منصاتنا الرقمية ملك لكل الزملاء في شبكة الجزيرة.