نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي: رؤية تركيا وقطر تهدف لجعل التحول في المنطقة سلميًا
أكد نائب حزب العدالة والتنمية التركي ماهر اونال ان الحملة التي تعرضت لها تركيا تمثل مؤامرة تستهدف جر البلاد الى الفوضى، مشيرا الى ان الاعتقالات التي تمت انتهكت جميع القواعد، وضربت عرض الحائط بالقوانين والدستور واللوائح..، موضحا ان الشرطة كانت تجري تحقيقا سريا لنحو 20 شهرا دون ابلاغ الرؤساء او الادعاء العام.
وقال اونال الذي يتولى ايضا منصب نائب رئيس كتلة حزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي في حوار مع “الشرق” ان ما شهدته تركيا خلال الفترة القليلة الماضية كان تدخلا في السياسة من باب محاربة الفساد، مشددا على ان حزب العدالة هو اكثر الاحزاب محاربة للفساد منذ توليه السلطة في 2002، وهو ما ادى الى تحقيق نمو واصبحت تركيا قوة بفضل محاربة الفساد، مشيرا الى ان الهدف الاصلي لمن قاموا بهذه العملية هو احراج الحكومة وليس التحقيق في الفساد، موضحا ان هناك مجموعات تغلغلت داخل الدولة واسست دولة داخل الدولة، مؤكدا ان تركيا دولة تحكمها القوانين، وليست بلدا تفرض فيه الجماعات السرية تنظيمها الداخلي على الدولة ومؤسساتها، وقال “سنتجاوز هذه الازمة ونمنع لوبيات الفوضى من خلال تحقيق المزيد من التحول الديمقراطي وبناء دولة القانون”.
وقال ماهر اونال ردا على سؤال حول الجهات التي تقف خلف ما تعرضت له تركيا مؤخرا “الذين ينزعجون من تنامي قوة تركيا هم من يقفون وراء العمليات الاخيرة.. انهم يريدون جر تركيا الى الفوضى مع كيانا تتحرك خارج اطار البنية المؤسسية للدولة واستغلالها لمصالحهم”، مشددا على ان بلاده ستخرج فائزة من هذا الصراع.
ودعا اونال الى ضرورة تصفية المجموعات الراغبة بتأسيس دولة داخل الدولة، من اجل سلامة الدولة والديمقراطية، مشيرا الى ان الشعب التركي يمثل اكبر ضمانة وداعم لحزب العدالة والتنمية، حيث خرج الحزب منتصرا في سبع مرات توجه الى الشعب عبر صناديق الاقتراع.
ونوه اونال بالعلاقات التي تربط بلاده مع قطر، مشيرا الى ان البلدين يمتلكان رؤية وسياسة تهدف الى جعل التحول في المنطقة يتم عبر الطرق السلمية، وانهما يبذلان جهودا كبيرة من اجل ذلك، واصفا قطر بأنها تملك رؤية اقليمية متقدمة.
***
◄ شهدت تركيا مؤخرا سلسلة من العمليات الأمنية والاعتقالات شملت وجوهًا قيادية في حزب العدالة والتنمية وشخصيات معروفة مقربة من الحزب.. تضمنت الادعاءات قضايا من قبيل الفساد والرشوة وغسل الأموال.. في أي سياق تقيمون العمليات، وما هي حقيقة هذه الادعاءات؟
► صحيح جرت في 17 ديسمبر من العام الماضي حملة اعتقالات بتهمة غسل الأموال والرشوة والفساد، وكان من المزمع إجراء عملية أخرى لاحقًا في 25 من الشهر نفسه.
الاتهامات المذكورة مجرد ادعاءات والأدلة المقدمة عليها لم تكن مقنعة بالنسبة لنا على الإطلاق، غير أن هناك حملة خطيرة ومؤامرة إعلامية عبر هذه الادعاءات، وهناك مساعٍ لجر تركيا إلى جو من الفوضى، هذا ما نراه بكل وضوح.
كان هناك 3 ملفات مختلفة في العملية الأولى عُرضت وكأنها ملف واحد بهدف تشكيل قناعة لدى الرأي العام فحسب، انتهكت جميع القواعد، وضُرب بالقوانين والدستور واللوائح والأنظمة عرض الحائط، فقد أجرت الشرطة تحقيقًا سريًّا على مدى يتراوح ما بين 15 — 20 شهرًا دون إبلاغ الرؤساء أو الإدعاء العام، لكن ما أن بدأت حملة الاعتقالات حتى أخذت كل تفاصيل الادعاءات طريقها إلى الإعلام المرئي والمكتوب مباشرة وقُدمت إلى وكالات الأنباء العالمية عن طريق بعض الأيدي الخفية، واقترف القائمون على الحملة جريمة إدارية ودستورية بانتهاكهم «مبدأ سرية التحقيق». الهدف هو تشكيل قناعة لدى الرأي العام، هناك من يريد جر تركيا إلى حالة من الفوضى عبر إحراج الحكومة.
يراد جرنا إلى الفوضى
كان موقف الحكومة ورئيسها، الرئيس أردوغان في هذا الخصوص واضحًا منذ البداية، فقد قال رئيس الوزراء مرات ومرات إنه إذا كان هناك فساد فإننا سنحاسب كل من تورط فيه كائنًا من كان، هذا خط أحمر بالنسبة لنا، وقد اتبعنا سياسة عدم التسامح الصارم في مواجهة الفساد حتى اليوم، فنحن حزب حارب الفساد منذ عام 2002 وحتى الآن، ولو أننا تغاضينا عن الفساد لما كان من الممكن أن تنمو تركيا وتزداد قوة بهذا القدر خلال عشرة أعوام فقط، لا يمكن أن نسمح أو نقف مكتوفي الأيدي حيال قضية كالفساد، نحن نعتبر هذه العمليات تدخلا في السياسة بحجة الفساد، فالأمر إذا هو استفزاز من قبل مجموعات غير مشروعة تريد جر تركيا إلى جو من الفوضى.
وعلى أي حال إذا كان هناك فساد فإن كل شيء سيظهر من خلال المحاكمة، لكن هناك من يسعى إلى عرقلة سير المحاكمة بشكل سليم عن طريق المناورات الإعلامية، فقد اعتُبر من وردت أسماؤهم في التحقيق مذنبين قبل مناقشة الادعاءات وقبل الحديث عما إذا كانت الأدلة دامغة أم لا، اذن فالهدف الأصلي لمن قاموا بالعملية هو إحراج الحكومة وليس التحقيق في الفساد، وهؤلاء هم مجموعات تغلغلت داخل الدولة، وتلقت أوامرها من الخارج، وأسست دولة داخل الدولة، وهي تمثل دولة موازية، ونحن في الحكومة نتخذ موقفنا بشكل واضح في مواجهة مجموعات عميلة تنفذ العمليات بأمر من عصابات وليس من مؤسسات الدولة.
تركيا بلد تحكمه القوانين وتسوده الأنظمة، وهي ليست ولن تكون بلدًا تفرض فيه الجماعات السرية تنظيمها الداخلي على الدولة ومؤسساتها، ردنا على هؤلاء واضح وصريح: سنتجاوز هذه الأزمة ونمنع لوبيات الفوضى من خلال تحقيق المزيد من التحول الديمقراطي، وبناء دولة قانون أقوى.
لا نتهرب
◄ يتحدث رئيس الوزراء أردوغان عن مؤامرات خارجية ضد تركيا، وهذا ما يعتبره البعض تهربًا من القضايا السياسية، ومحاولة لتحميل أطراف خارجية المسؤولية ومؤشرًا على العجز.. هل هناك فعلًا تدخل خارجي؟
► حزب العدالة والتنمية هو حزب واجه أخطاء الماضي في تركيا وأظهر إرادة من أجل حل المشاكل الكبيرة في الدولة والمجتمع.
عملية السلام الداخلية، التي ستضع حدًا لذرف الأمهات دموعهن على مقتل أبنائهن، وتوقف إراقة الدماء في هذا البلد، تسير بقوة، وتشهد تركيا مرحلة تطبيع العلاقات بين الدين والدولة، بين العسكر والمدنيين.. تضاءل بشكل كبير تأثير مجموعات رؤوس الأموال الكبيرة على السياسة، وأصبح الثراء مكسبًا مشتركًا للشعب.. وتراجعت لوبيات الفوائد، فيما نقاوم مقاومة كبيرة ونحقق النصر في مواجهة اقتصاد الاستغلال..
رؤيتنا بالنسبة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تلقى صدىً واسعًا في السياسة الخارجية.. تقدمنا خلال السنوات العشر الأخيرة ونحن نواجه المشاكل السياسية بشكل فعال.. واجهنا أزمات كبيرة جدًّا لكننا لم نتهرب من المسؤولية في أي منها، على العكس كافحنا سياسيًّا وما زلنا نكافح في مواجهة جميع المشاكل.
كما تعلمون السياسة الخارجية ليست مجالًا شفافًا وواضحًا كالسياسة الداخلية، فالسياسة الخارجية لها أوجه ظاهرة وأخرى خفية. ومن الممكن أن تكون هناك منافسة في قضية ما بينكم وبين دولة حليفة لكم في قضية أخرى، وأحيانًا ينزعج البعض من أن تكونوا أقوى مما أنتم عليه، أو من دعمكم للاستقرار في المنطقة.
الذين ينزعجون من تنامي قوة تركيا هم من يقفون وراء العمليات الأخيرة.. إنهم يريدون جر تركيا إلى الفوضى من خلال التعاون مع كيانات تتحرك خارج إطار البنية المؤسسية للدولة واستغلالها لمصالحهم، لكننا نعلم يقينًا أن شعبنا وحكومتنا سيحبطان هذه المؤامرة، لأن الدعم لحزبنا ورئيس وزرائنا قوي جدًّا، ونحن نعتقد أن تركيا ستخرج فائزة من هذا الصراع.
نواصل طريقنا بعزم
◄ هل تعتقدون أن الاستقالات من الحزب والتعديلات في مجلس الوزراء ستؤثر على الانسجام داخل الحزب؟ وهل يمتلك حزب العدالة والتنمية الدعم الشعبي القادر على توفير استمرارية نجاحاته في الانتخابات القادمة بعد قرابة ثلاثة أشهر؟
► لا.. لا على العكس، حزبنا يواصل طريقه بعزم وإصرار أكبر، وخططت الحكومة للتعديل الوزاري منذ مدة طويلة، والشارع التركي كان يتوقعه، وكان الكثير من المناصب الوزارية سيشغر لأن الوزراء ترشحوا لرئاسة البلديات في الانتخابات المحلية، كما أن الناطقين باسم حزب العدالة والتنمية ألمحوا إلى تعديل وزاري واسع النطاق قبل وقت طويل قبل هذه الاحداث.
أما استقالة الوزراء، الذين وردت أسماؤهم في التحقيق فكانت الأسلوب المفضل من أجل ضمان سلامة التحقيق، وهو الأسلوب المفضل في تركيا كما هو الحال في كل بلد ديمقراطي.
رجب طيب أردوغان زعيم سياسي قوي جدًّا، ويتمتع بقبول ودعم الشعب وهو على رأس الحكومة، لهذا فليس هناك مجال لعدم الاستقرار السياسي بأي شكل من الأشكال، كما ذكرتم ستجرى انتخابات محلية بعد فترة قصيرة، وبطبيعة الحال فإن الانتخابات المحلية والانتخابات النيابية عمليتان تتمتعان بمواصفات مختلفة، وتتأثران بالشخصيات واللاعبين المختلفين، حزبنا حصل في الانتخابات المحلية، التي جرت عام 2009 على نسبة 38 % من الأصوات، لكن استطلاعات الرأي التي أجريناها والاستطلاعات المستقلة تظهر أننا نمتلك في الوقت الحالي دعمًا أكبر بكثير من النسبة المذكورة، حزب العدالة والتنمية سيواصل نجاحه في الانتخابات المحلية القادمة.
لا للكيانات السرية
◄ هناك من يعتبرون أن الأزمة الحالية هي مرحلة التراجع بالنسبة لحزب العدالة والتنمية بعد صعود استمر عشر سنوات… هل هناك حقًّا تراجع وانحسار في قوة الحزب؟ هل لديكم ضمان في مواجهة احتمال النهاية التي عاشتها أحزاب أخرى سابقًا.. وكيف ستحمون أنفسكم؟
► كشفنا، بعد العمليات الأمنية، عن بعض المجموعات داخل القضاء والشرطة، وحلنا دون نجاح العمليات، ومن الضروري تصفية المجموعات الراغبة في تأسيس دولة داخل الدولة والساعية إلى ذلك، من أجل سلامة الدولة والديمقراطية.
القوانين والأنظمة هي من تحكم الدولة وليست الكيانات السرية، هذا ما نعارضه ونقدم على خطوات من أجله، أي أن ما أقدمنا عليه هو خطوات لتعزيز الديمقراطية والدولة، وما يطلبه شعبنا هو دولة ديمقراطية عادلة وشفافة وقابلة للمساءلة، ونحن نلبي مطالب الشعب، وخلال ذلك نلاحظ زيادة الدعم لنا، وهذا أمر مهم.
الشعب أكبر داعم
حزب العدالة والتنمية حزب يمارس السياسة مع الشعب.. قبول الشعب هو أكبر مرجع وقوة ودعم بالنسبة لنا، نحن لسنا حزبًا يمارس سياسةً لا يقبلها الشعب.
منذ تأسيس الحزب نفذنا كل ما وعدنا الشعب التركي به في ظل مبدأنا القائل «لن نخدع، أو نُخدع».. لم نعد بمشاريع ليس بمقدورنا إنجازها، وما وعدنا به أنجزناه، ونؤكد ان قيادة رجب طيب أردوغان كانت أكبر ضمان لوعودنا، لهذه الأسباب مجتمعة تعززت قوتنا وخرجنا بنجاح من المرات السبع التي توجهنا فيها إلى الشعب وهي ثلاثة انتخابات برلمانية وانتخابان محليان واستفتاءان شعبيان.. لا يسمح ضمير الشارع بأن يتعرض حزب يستمد قوته من الشعب في نظام ديمقراطي إلى اعتداءات بطرق لا ديمقراطية.. ضماننا الوحيد هو الله أولا ومن ثم شعبنا الذي نثق بحكمته ووعيه.
كان شعبنا شاهدًا على هذه الاعتداءات مرات عديدة خلال الأعوام العشرة الأخيرة، فهذه ليست المرة الأولى. تجاوزنا الأزمات من خلال تعزيز تمثيل الشعب وإرادته والديمقراطية وتحقيق المزيد من الحرية، وهذا ما سيحدث اليوم أيضا.
العلاقات الخارجية
◄ هناك تراجع في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.. كما برزت أزمات كبيرة في العلاقات مع دول الجوار.. ماذا يدور في السياسة الخارجية التركية؟ وأين هي سياسة «تصفير المشاكل مع دول الجوار»، التي أثنيتم وتحدثتم عنها دائمًا؟
► في الواقع نحن نواصل العمل بموجب المبادئ نفسها في السياسة الخارجية، لكن ما حدث هو أننا حدّثنا سياستنا الخارجية بما يتوافق مع ديناميكيات السياسة الخارجية المتغيرة، حسب المبادئ، نحن نريد منطقة تستند إلى العدل والمساواة والسلام والتجارة، نعتقد أن ذلك لصالح المنطقة بأسرها ويسهم في الاستقرار العالمي.
فعند النظر من هذه الزاوية نرى أن السياسة الخارجية عملية متعددة الأبعاد، على سبيل المثال مبدأ تصفير المشاكل مع دول الجوار أحدث تغييرًا كبيرًا في المنطقة، بدأنا بحث المشاكل مع الكثير من البلدان والمناطق على الصعيد الدبلوماسي، وتوصلنا إلى حل معظمها، ما تزال فاعلية هذا المبدأ مستمرة، فيما عدا بعض الأنظمة الاستثنائية كسوريا، فمن غير الممكن أن نتصرف وكأن شيئًا لم يحدث في علاقاتنا مع نظام قتل مئات الآلاف وشرد الملايين، لدينا علاقاتنا الوثيقة والقوية مع الشعب السوري، وعلاقاتنا المتمحورة حول الاستقرار والعدل والأمن والتجارة تتعزز باستمرار في المنطقة بأسرها.
العلاقة من «الاوروبي»
بالنسبة للسياسة المتبعة مع الاتحاد الأوروبي كان هناك توقف لأن الاتحاد لم يتمكن من اتخاذ قرار سياسي واضح حول كيفية إدارة عملية انضمام تركيا المتطورة ومتنامية القوة إلى عضويته، والاتحاد الأوروبي فضل إبطاء فتح فصول التفاوض بسبب الغموض داخله، ونحن حاليا حللنا المشاكل بهذا الخصوص لأننا تحدثنا بوضوح وصراحة مع الاتحاد حول تسريع المفاوضات، وبالفعل تم افتتاح فصول جديدة للتفاوض، وبدأت مرحلة التحضير من أجل دخول مواطنينا إلى أوروبا دون تأشيرة، وهذا الزخم الإيجابي سيستمر.
العلاقات مع امريكا
أما بخصوص الولايات المتحدة الأمريكية فنحن نريد علاقات مستقرة وتعاونا تم تحديد خطوطه العريضة. إدارة أوباما أيضًا تريد ذلك، بطبيعة الحال هناك خلافات طفيفة في بعض القضايا، لأننا من هذه المنطقة وعلينا أن نفكر مائة مرة ونناقش كل خطوة يتم الإقدام عليها بكل تفاصيلها، وعلينا أن نفكر أيضًا بالمراحل اللاحقة. على سبيل المثال، نحن نؤيد دعم المجموعات المناصرة للديمقراطية بشكل أكبر، هناك خلافات ناجمة عن هذه القضية وقضايا أخرى مشابهة، لكن علاقاتنا مستمرة على أرضية إيجابية. كما أن الولايات المتحدة تعلم أن تركيا قوة لا يمكن التغاضي عنها في المنطقة.
الاخوان ومصر
◄ البعض يعتقد أن الأزمات في تركيا ناجمة عن دعمها للحركات الإسلامية في مصر وثورات الربيع العربي.. هل ما زلتم تؤيدون حركة الإخوان المسلمين في مصر؟ كيف تسير علاقاتكم مع مصر بعد سحب سفيري الدولتين؟ هل هناك حل يلوح في الأفق من أجل الخروج من الأزمة مع مصر؟
► لم تتمحور السياسة التركية في المنطقة ولا يمكن أن تتمحور في أي وقت من الأوقات حول تأييد لاعب سياسي واحد في اشارة الى عدم دعم الاخوان المسلمين، فكما نجحنا في الداخل لأننا اتبعنا سياسة تحضن جميع قطاعات المجتمع، فإننا نتبع المبدأ ذاته في السياسة الخارجية، ونعتقد أنه لا يمكننا أن نتبع سياسة للمصلحة المشتركة للجميع إلا إذا مارسنا سياسة تخاطب الجميع. نحن لا نؤيد هذه المجموعة أو تلك في مصر، وإنما نعارض الانقلاب، ولو كان هناك آخرون غير الاسلاميين في الحكم لاتخذنا الموقف نفسه، وهناك أمثلة سابقة على ذلك. تركيا اتخذت مكانها إلى جانب القوى الديمقراطية في مصر وفي بقية البلدان، التي دخلت عملية التحول الديمقراطي، لأن بلدنا شهد أربعة انقلابات عسكرية، ونعلم جيدًا ما تؤدي الانقلابات إليه من خسائر، حتى الانقلابيون يتمنون بعد خمس أو عشر سنوات لو أنهم لم يقوموا بانقلابهم، لكن المصاب يصيب البلد، نحن حساسون في هذه القضية لأننا نعرف التجربة جيدًا، مهما كان الأمر، الأولوية دائمًا للأنظمة التي تحكمها حكومات مشروعة ومنتخبة، من كان مخطئًا يخسر الانتخابات، هذا لا علاقة له بتوازن القوى… لا يجوز التدخل بالسياسة عن طريق السلاح.
من هذه الناحية نحن لا نؤيد الإخوان المسلمين أو هذا المجموعة أو تلك، عندما نضع تجاربنا في عين الاعتبار نعارض الانقلاب، لأن الحكومات التي تأتي بانتخابات ديمقراطية لا يمكن أن تتغير إلا بعملية ديمقراطية وبلاعبين ديمقراطيين.
مصر هي قلب العالم العربي، وهي تمتلك علاقات صداقة وأخوة مع تركيا تعود إلى الماضي.. السياسة والأزمات السياسية والحكومات كلها تذهب وتأتي، وما يبقى هو صداقة شعبنا وأخوتنا.. ستنزاح الأزمات الحالية ويواصل الشعب المصري طريقه.. لا يمكن أن تزول التقاليد والتجارب المصرية الممتدة على مدى آلاف الأعوام بسبب أحداث ثلاثة أو خمسة أعوام.. علاقاتنا مستمرة حتى ولو لم يكن لدينا سفير في مصر، فعودة مصر إلى حالها الطبيعي وعدم سقوط خسائر بشرية أمران مهمان لأن المنطقة بحاجة لمصر التي تتمتع بإرادة لإيجاد الحلول.
نهاية الانظمة المفروضة
◄ هناك من يعتقدون أن منطقتنا ستكون مسرحًا لتغيرات وتحولات حادة، ويزعمون أن هذا التغيير لن يكون أقل حدة من سايكس — بيكو جديدة، تقع تركيا وسط هذه الأحداث.. كيف تقرأون التطورات في المنطقة خلال المرحلة القادمة مع أخذ المرحلة الماضية بعين الاعتبار؟
► وصلنا إلى نهاية الأنظمة المفروضة على المنطقة، فقد أدت التطورات الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية إلى زيادة العلاقات بين الأشخاص والمجتمعات، وبرز في منطقتنا تفاعل كبير بين شعوبها.. تريد الشعوب حكومات شفافة تشاركية تحترم حقوق الإنسان وتقبل المساءلة، تريد رؤية تعاون عادل يراعي المساواة في المنطقة، وتبرز هوية شرق أوسط جديد أكثر أممية وتشاركية وتعددية ثقافية ولغوية ودينية… ونعتبر هذا الأمر تطورًا إيجابيا. نعم هناك عملية تغير وعلينا أن ندير هذه العملية ونحللها بشكل صحيح، أي علينا ألا ننجرف مع التيار وألا نقاومه في نفس الوقت. نريد منطقة تأخذ فيها البلدان، وليس القوى الخارجية، زمام المبادرة وتدير التغيير.. ستواصل تركيا بذل جهودها لكي يكون التحول في المنطقة سلميًّا، وسنواصل تعاوننا مع الدول ذات الرؤية الإقليمية وفي مقدمتها قطر.
قطر وتركيا
◄ هناك تعاون تركي — قطري في الكثير من القضايا سواء في الأزمة السورية أم في ملف الرهائن الأتراك في لبنان… كانت تركيا من أولى الدول التي قام سمو الشيخ تميم بن حمد بزيارتها بعد توليه مقاليد الحكم، وفي الوقت نفسه رئيس الوزراء أردوغان قام بزيارة مؤخرا إلى قطر.. كيف تقيمون العلاقات بين البلدين في المرحلة الراهنة، وماذا تتوقعون في المرحلة المقبلة؟
► اعتبر علاقاتنا مع دولة قطر الشقيقة في هذه المرحلة تمثل مرحلة إيجابية وقيمة جدًّا.. فتركيا وقطر بلدان يمتلكان رؤية وسياسة تهدف إلى جعل التحول في المنطقة يتم عبر الطرق السلمية، ويبذلان جهودًا كبيرة في سبيل ذلك.
أعتقد أن جهودنا المشتركة ستزداد وتستمر، وأنه يجب دعمها بمشاريع في المجالات الشبابية والأكاديمية والإعلامية لأن هذا التفاعل سيعود بالكثير من الفائدة على قطر وتركيا في آن معاً.