مقالات

العالم في قطر

العالم في قطر.. هكذا يمكن وصف استضافة الدوحة لمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية “الاونكتاد”، الذي يحضره اكثر من 8 آلاف مشارك يمثلون 194 دولة، من قادة ومسؤولين كبار وصناع قرار في مختلف القطاعات.

هذا الحدث الذي يقام لأول مرة في المنطقة العربية والشرق الاوسط، لم يكن ليعقد في قطر لو لا ثقة المجتمع الدولي بالقيادة الحكيمة لسمو الأمير المفدى، وما يتمتع به سموه من مصداقية عالية في مختلف الاوساط، والدور الريادي لدولة قطر في المحافل الاقليمية والقارية والدولية وعلى جميع الاصعدة، والحضور الفاعل والمؤثر الذي تتمتع به بين دول العالم وشعوبه، مما أهلها لتبوؤ مكانة مرموقة، واستضافة احداث عالمية مؤثرة في مسيرة المجتمعات الانسانية.

تعد قطر نموذجاً مثالياً وفريداً في كيفية استثمار الموارد والطاقات من اجل احداث تنمية مستدامة، وتسخير هذه الموارد من اجل بناء الانسان، الذي بدوره ينهض بالمجتمع، وبدونه لا معنى لأي تنمية، ولا يمكن القيام بها في ظل تجاهل الدور الانساني فيها.

وقد ترجم هذا الاستثمار فيما تشهده قطر اليوم من تطور ونهضة شاملة في مختلف المجالات، وهذا لم يتأت من فراغ، انما بفضل رؤية واضحة المعالم، واستراتيجية مبنية على ركائز قوية وثابتة، وهو ما خلق هذه التنمية الشاملة، وجعل قطر في مقدمة الدول التي تشهد نموا هو الاعلى في العالم، اذ بلغ معدل النمو الحقيقي للناتج العام الماضي 18.8 %، ومتوقع ان يزداد هذا العام 6 %.

اعتمدت قطر استراتيجية تنموية 2011/2016، والتي تنبثق منها استراتيجية لكل قطاع، لاستنهاض كل الطاقات، واستثمارها بصورة صحيحة وفق الرؤية الوطنية 2030، التي تستشرف المستقبل وفق تخطيط منهجي سليم، ينقل الدولة والمجتمع بمكوناته الفردية والمؤسساتية لمواكبة التطورات، وهو ما اثمر تحقيق كل هذه المكاسب والانجازات في فترة زمنية محدودة وقياسية مقارنة بعمر الامم، بل ومقارنة بدول اخرى تتوافر لها امكانات ربما اكثر مما يتوافر لدولة قطر، الا ان قطر بقيادتها استطاعت توظيف هذه الامكانات من اجل النهوض بالمجتمع، واحداث نقلة نوعية في اداء مؤسساته وافراده لإحداث تنمية مستدامة في مختلف المجالات، وهو تحد استطاعت قطر بفضل الرؤية الحكيمة لسمو الامير المفدى وسمو ولي عهده الامين حفظهما الله ورعاهما خوضه بكل نجاح وتفوق، جعل منها في مقدمة الدول والافضل امنا واستقرارا، وبيئة استثمار ناجحة وجاذبة.

العالم وضع ثقته في قطر وقيادتها في اكثر من قضية كانت عصية على الحل، فاستطاعت قطر بفلسفة وقيادة واعية ان تبرهن مدى قدرتها على ايجاد حلول ناجعة لتلك القضايا، فكانت مثار اعجاب وتقدير من قادة العالم ومؤسساته ومنظماته، فازدادت ثقة العالم بقطر وقيادتها، وان قيادة هذا البلد عندما توعد توفي بذلك، وعندما تقول شيئا تترجمه على ارض الواقع، سواء كان ذلك في ملفات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو رياضية..، ورأينا كيف وضع العالم ثقته بمنح قطر حق استضافة كأس العالم 2022، التي من المؤكد انها ستشهد ابداعا آخر في الاستضافة، كما فعلت قطر ذلك في اكثر من حدث رياضي، ظل راسخا في الاذهان.

ليس فقط الرياضة كانت مجالا للابداع والتميز في الاستضافة، بل ان جميع الاحداث التي استضافتها قطر كانت محل تقدير العالم اجمع، بما فيها الاقتصاد، وهنا نستذكر جيدا منتدى الاقتصاد العالمي “دافوس” 1997 ومؤتمر منظمة التجارة العالمية 2001، وقمة الجنوب لمجموعة 77 والصين 2005، وغيرها من المؤتمرات التي ظلت عالقة بالاذهان نظرا لتميز استضافتها.

إن العالم بشعوبه ينظر اليوم الى هذا المؤتمر، والى دور قطر تحديدا، بكثير من الامل في ان يخرج بقرارات وتوصيات تقلص الفجوة بين اغنيائه وفقرائه، وتخلق آليات جديدة تساهم في الحماية الاجتماعية، وتوفر فرص عمل للملايين من الداخلين الى سوق العمل سنويا، والذين يمثلون قنابل موقوتة اذا لم يتم استثمارهم بصورة صحيحة في مسيرة التنمية بالمجتمعات، ودعم الدول النامية لتقليل الاعتماد على الخارج في اقتصاداتها، وتصحيح مسار الاقتصادات في الدول النامية والاقل نموا، وصياغة الخطوات المقترحة للاستجابة للمتغيرات التي يشهدها العالم اليوم، مع وضع الخطط الكفيلة بمعالجة الاوضاع الاقتصادية لتحقيق تنمية في المجتمعات المختلفة، وغيرها من القضايا محل الاهتمام العالمي.

ان العالم على ثقة ان قيادة سمو الأمير المفدى للسنوات الاربع القادمة لمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية “الاونكتاد” سوف تحقق الكثير من المكاسب، وتترجم القرارات والتوصيات الى آليات عمل واضحة، تدفع نحو ايجاد تنمية حقيقية في مختلف المجتمعات، خاصة مجتمعات الدول النامية، التي تبحث عن بناء مستقبلها في ظل تحديات كبيرة تواجه هذه الدول في ظل عولمة تجتاح العالم.

قطر التي عرفت بمبادراتها الخلاقة، قادرة اليوم على ايجاد حلول لكثير من الازمات التي يعاني منها العالم في شقها الاقتصادي والتنموي، والتغلب على تلك الازمات وتفاديها، من اجل عالم يسوده الامن والاستقرار، والعيش بين ابناء البشرية بسلام وامان وتفاهم وتعاون.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x