مقالات

المطار الجديد.. لو كان مشروعاً خاصاً لما قبل القائمون عليه تأخير إنجازه يوماً واحداً

8 سنوات لإنشائه.. هل يعقل ذلك؟!

 

يظهر ان القائمين على مشروع المطار الجديد كانوا يمارسون علينا “كذبة ابريل” طوال الاشهر الماضية عندما اعلنوا ان افتتاحه سيكون في الاول من ابريل 2013، بل ليست “كذبة” واحدة منذ ان تم الاعلان عن البدء بالعمل في انشاء المطار الجديد قبل نحو 8 سنوات، وتحديدا في يناير 2005 عندما تم وضع حجر الاساس ايذانا بالبدء بالعمل في مطار الدوحة الجديد “مطار حمد الدولي”، وما تلا ذلك من مواعيد مفترضة لافتتاحه على ثلاث مراحل، وفي كل موعد لا يتم الالتزام، ويظهر القائمون على المشروع، وتحديدا لجنة تسيير المطار، بتبريرات اقل ما يمكن القول عنها انها “واهية” لعدم الالتزام بموعد الانتهاء من المشروع ولو كمرحلة اولى، والأدهى والأمر انه كان من بين التبريرات التي سيقت طوال الفترة الماضية.. دمج المرحلتين الاولى والثانية معا.. تشييده كواحد من افضل مطارات العالم.. تزويده بتكنولوجيا هي الاحدث..

اتعرفون الموعد الذي اعلن عنه في بداية المشروع لافتتاح المطار؟ بعد 3 سنوات من البدء بالمشروع، أي في عام 2008، اعلن عنه السيد عبدالعزيز النعيمي رئيس لجنة تسيير المطار خلال حفل وضع حجر الاساس عندما قال ان المطار الجديد سيكون جاهزا للاستخدام في نهاية عام 2008.

لا اتخيل الاخلال بالمواعيد لمدة 5 سنوات، حتى لو كان هذا المطار انشئ في افقر بلد افريقي فان عدم الالتزام بالمواعيد لن يتجاوز مرة او مرتين على اقصى حد، ولكن ان يتم الاخلال بذلك على مدار اكثر من 4 سنوات، وفي العام الخامس بعد الموعد الاساسي ايضا يتم الاخلال بالموعد، اعتقد ان الامر قد تجاوز كل الحدود، ولا يمكن القبول به تحت أي ظرف، وتحت أي تبرير كان.

خلال هذه الفترة تم الاعلان اكثر من مرة عن مواعيد لافتتاح المطار، منها انه سيكون في 2010، ثم انقضى هذا التاريخ ولم نشهد أي شيء، ولا حتى اعتذارا قدمه المسؤولون عن لجنة تسيير المطار للرأي العام، ثم كان الحديث عن موعد 28/11/2011، وكالعادة تم القفز على الموعد، واحالته الى النصف الثاني من عام 2012، ثم كان الحديث عن تاريخ “مميز” وهو 12/12/2012، ومضى هذا الموعد كما مضى غيره من المواعيد غير “المقدسة” لدى لجنة تسيير المطار، حتى وصلنا الى موعد 1/4/2013، وللاسف كان الامل الالتزام به، حتى ولو افتتاحا جزئيا لعدد محدود من شركات الطيران، ولكن تبخر الموعد، والسبب لجنة تسيير المطار، وليس الدفاع المدني، الذي حقيقة لابد من توجيه الشكر والتقدير لوزارة الداخلية ممثلة بالدفاع المدني، الذين رفضوا منح موافقة الاستخدام للمطار لعدم استيفاء كافة شروط الادارة العامة للدفاع المدني، وهو موقف يسجل للداخلية والدفاع المدني في حرصهم على سلامة وامن الركاب وشركات الطيران.

وليت الامر اقتصر على مواعيد الافتتاح، بل صاحب ذلك ارتفاع في التكلفة، بسبب التأخير في الانجاز، فاتفاقية المشروع في عام 2005 بالطبع تختلف في حال تأخيره عن الموعد ولو ليوم واحد فما بالكم بسنوات.

المشروع في بدايته كانت التكلفة التي اعلن عنها انها 5 مليارات دولار، منها 2.5 مليار تكلفة المرحلة الاولى، ثم ارتفعت لتصل الى 9 مليارات دولار، ولم تتوقف عند ذلك، بل ارتفعت ايضا الى 14 مليار دولار، وبقدرة قادر وصلت الى 15.5 مليار دولار في آخر الارقام المعلنة، وربما ترتفع عند استلام المشروع بصورة نهائية.

وطبعا نفس القضية بالنسبة لتبرير ارتفاع التكلفة، في كل رقم جديد يكون هناك تبرير جديد، كما حدث مع مواعيد الافتتاح، وتضارب التصريحات بين المسؤولين في لجنة تسيير المطار حتى في موعد “كذبة” ابريل، وفي كل مرة نقرأ تصريحات لعدد من مسؤولي لجنة تسيير المطار “تتحفنا” بمعلومات جديدة، و”تبشرنا” بقرب الافتتاح، حتى “ابيضت” اعين الرأي العام وهي تتلفت يمنة ويسرة، وتؤمل نفسها بأنها سوف تحضر افتتاح المطار في حياتها، حتى باتت قناعة لدى المواطنين انهم لن يشهدوا افتتاح المطار الجديد، ولم يعد لديهم ثقة بأي تصريح يخرج من لجنة “بيض الصعو”.

أتحدى لو كان هذا المشروع هو مشروعاً خاصاً لأعضاء لجنة تسيير المطار، أن يقبلوا بأي تأخير له، او زيادة في التكلفة بأي حال من الاحوال، ولكن مادام هو للدولة سنجد تبريرا امام الجهات العليا وامام الرأي العام، للخروج من الإخلال بالمواعيد الكثيرة التي تم الاعلان عنها، ولم يتم الالتزام بها.

لا يجب ان تمر هذه القضية مرور الكرام، لابد من وقفة جادة ومحاسبة المقصرين بصورة جادة وحقيقية، فنحن امام سمعة بلد، وامام مقدرات وطن، ولا ينبغي التهاون فيها، او التقليل من الامر.

قطر اليوم تتصدر المشهد في اكثر من صعيد ومحفل عالمي، ثم نأتي لإنشاء مطار جديد ونعجز عن الالتزام بموعد للانتهاء منه، ربما كان مقبولا الإخلال بموعد واحد، لكن كل هذه المواعيد.

اقل ما يمكن ان تقدم عليه لجنة تسيير المطار هي الاستقالة الجماعية، بدءاً من الرئيس ونائبه وانتهاء بكل الأعضاء، فليس هناك اعذار يمكن ان تقبل تحت أي ظرف كان.. كيف يمكن الاعلان عن موعد افتتاح المطار قبل نحو شهرين، ثم نفاجأ ليلة الافتتاح بأن المطار غير جاهز، وانه غير مستوفٍ لشروط الامن والسلامة؟!.. أي منطق هذا الذي تتحدث فيه لجنة تسيير المطار، التي تتحدث عن ان هناك اكثر من 100 شركة محلية وعالمية اسهمت في تنفيذه، ثم اذا به تنقصه إجراءات الامن والسلامة.

“مسلسل” المطار الجديد امر لا يصدقه عقل، ولا ينبغي السكوت عليه، ومطلوب إجراءات صارمة وحازمة بحق كل المقصرين، فنحن امام مئات المشاريع الكبرى خلال السنوات القليلة القادمة، ولا نريد ان يتكرر المشهد في مشاريع اخرى لا تقل اهمية ايضا عن المطار، سواء كان ذلك الميناء الجديد او المترو او مشاريع البنية التحتية.. وغيرها من المشاريع التي خصصت لها الدولة المليارات لإنجازها بالموعد المحدد، مع موازنات عالية، فلم تبخل القيادة والدولة في الصرف وتخصيص الموازنات على المشاريع التنموية في البلد.. التهاون في إنجاز المشاريع في مواعيدها المحددة، والتقاعس وإيجاد المبررات غير المنطقية لا تقل عن “خيانة” للامانة بحق هذا الوطن، الذي يستحق منا جميعا ان نبذل الغالي والنفيس في سبيل إعلاء دوره، ورفعة شأنه في كل شيء، ومن بينها، بل وفي مقدمتها الحرص على المصلحة العامة لهذا الوطن، في كل موقع، في الداخل والخارج.. لا يعقل ان يستغرق إنشاء مطار 8 سنوات.. هذه القضية يجب ألا تمر مرور الكرام، كما كانت كارثة مجمع فيلاجيو قد دفعت لمزيد من التشدد والحرص على اجراءات الامن والسلامة في المجمعات والمرافق والمنشآت المختلفة، فكذلك  يجب ان تكون واقعة المطار الجديد والإخلال بمواعيد التشغيل محفزا لمزيد من التشدد في مراقبة المشاريع المختلفة، ومدى التزامها بالمواعيد المحددة، والتزامها كذلك بالمعايير المطلوبة، والشروط الواجب توافرها، وان تكون هناك صرامة في محاسبة المقصرين، وعدم التهاون مع أي طرف كان، فمصلحة الوطن فوق الجميع، والإساءة إلى سمعة الوطن غير مقبولة إطلاقاً تحت أي عذر كان، ومن أي جهة كانت.

المطار الجديد درس يجب ان نتعلم منه الكثير، صحيح ان هناك احباطاً لدى شريحة واسعة من المواطنين بعد هذا التأجيل، لكن من المؤكد اننا سنستفيد من هذه التجربة بكل مشاكلها، وسلبياتها، وإخفاقاتها.. وكذلك إيجابياتها.

 

.. ولنــا كلمة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Newest
Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x