رئيس مجلس النواب الأردني: نعتز بالعلاقة بين قطر والأردن ونسعى للارتقاء بها
دعا رئيس مجلس النواب الأردنى المهندس عاطف الطراونة المؤسسات فى دولة قطر والمملكة الى الارتقاء بالعلاقات بين البلدين الى مستوى العلاقات الحميمة بين حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخيه صاحب الجلالة الملك عبد الله الثانى بن الحسين.وقدم الطراونة فى حوار مع «الشرق» الدعوة لسعادة السيد محمد بن مبارك الخليفى رئيس مجلس الشورى لزيارة الاردن للتباحث وتبادل الاراء. وأشار الى أن مصالح الحراك الشعبى فى المملكة تقاطعت مع رغبة جلالة الملك لتحقيق الاصلاح، موضحا أن السجال والشد والجذب بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مقبول طالما يتم للمصلحة العليا. ولفت الى طرح قانونين لتشجيع الاستثمار وضريبة الدخل أمام الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، كما كشف عن اعداد قانون انتخابى أكثر تطورا يترافق مع توجه لتقليص عدد اعضاء مجلس النواب البالغ حاليا 150 نائبا. وقال ان تعديل الدستور فرض تغيير العديد من القوانين لتنسجم معه وهذا ما نعمل على تحقيقه، معربا عن تأييده أن تكون فترة رئاسة مجلس النواب عامين حتى يستطيع القيام بدوره بالشكل المطلوب. وأشار الطراونة الى أن الافراج عن السفير الأردنى فى ليبيا تم من خلال تفعيل الاتفاقية الأمنية بين البلدين، موضحا انه لم تكن هناك مفاوضات مباشرة بين المملكة وخاطفى السفير، وأنه اذا حدث ابتزاز فى قضية الافراج عنه فهو للحكومة الليبية وليس للاردن. وشدد رئيس مجلس النواب الأردنى على أن المجتمع الدولى لا يقوم بواجبه الانسانى بشكل كامل تجاه اللاجئين السوريين فى الأردن، مبينا أن 15 % من سكان المملكة هم من سوريا، وأضاف: لا نعرف الى متى سيبقون ومتى تحل الأزمة. وفى معرض رده على سؤال حول المطالبات السابقة فى مجلس النواب بطرد السفير الاسرائيلى من عمان، تساءل الطراونة: ماذا يخدم القضية الفلسطينية طرد السفير او سحب السفير الاردنى من تل ابيب؟. وتاليا نص الحوار:
***
◄ بداية كيف تقيمون مستوى العلاقات التى تربط دولة قطر والمملكة الاردنية الهاشمية؟
► ايماننا مطلق بضرورة ان تساعد البرلمانات العربية الحركة الدبلوماسية الرسمية فى تفكيك بعض الشوائب والمعوقات فى العلاقات بين الدول، وان نكون بمستوى تطلع القيادات التى تسبق مؤسسات الدول فى الحرص على العلاقات الثنائية.
نحن نجد ان العلاقات حميمة بين صاحب الجلالة الملك عبد الله الثانى بن الحسين واخيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثانى أمير دولة قطر المفدى، ولذلك على المؤسسات ان ترتقى الى مستوى هذه العلاقة بازالة أى فتور فى حجم التعاون، وان تكون الامور على طاولة البحث، لانه قد يكون هناك بعض المعوقات الفنية غير المبررة، ومن خلال تبادل الزيارات يمكن تفكيك مثل هذه المعوقات.
ومن هنا اتشرف باسم مجلس النواب بدعوة سعادة السيد محمد بن مبارك الخليفى رئيس مجلس الشورى لزيارة المملكة للتباحث والاطلاع وتبادل الاراء فى العلاقات الثنائية والشؤون العربية.
◄ بالتالى كيف تنظرون الى تعزيز العلاقات بين البلدين من خلال ما يمكن أن نطلق عليه “الدبلوماسية الشعبية” عبر مجلس الشورى فى قطر ومجلس النواب فى الاردن؟
► لا شك أن هناك علاقة قوية تربط قيادتى البلدين الشقيقين، الى جانب العلاقات الاخوية القوية التى تجمع الشعبين الاردنى والقطرى على مختلف المستويات. ونحن نتطلع بكل فخر واعتزاز الى هذه العلاقة الثنائية ونسعى الى المزيد من اجل الارتقاء بها، ونحن فى النهاية شعب واحد ويجمعنا هم واحد وهدف واحد، ولو سألت أى عربى تجده يتحدث عن القضية الفلسطينية كأنه من قلب القدس أو الخليل، وبالتالى هذا موروث لنا جميعا ويجب ان تحمله القيادات والشعوب بهذا المستوى.
واذا كانت القيادات متفقة على مجمل الامور يفترض بمؤسسات الدولة ان تكون على ذات النسق، وبالتالى نحن مكملون لحلقة الوفاق المرسومة من قيادتى الشعبين الشقيقين.
◄ عودة السفير العيطان
◄ فيما يتعلق بعودة السفير الاردنى فى ليبيا فواز العيطان، كيف تنظرون الى ما جرى من اختطاف له، والنهاية السعيدة بالافراج عنه؟
► بلا شك ان فترة اختطاف السفير كانت عصيبة خصوصا وان الاختطاف تم فى دولة عربية شقيقة، وقفنا معها منذ بداية الاحداث فى ليبيا، ولكن هذا لا يعنى ان تأخذ احد بجريرة غيره من الخارجين على القانون.
والمحصلة كانت طيبة والحمد لله، حيث عاد السفير معافى وبصحة جيدة، وطيلة احتجازه كانت معاملته جيدة وهو قد اكد ذلك، وهذا كان محل اطمئنان الشعب الاردني، ونحن نفتخر بقيادتنا التى كانت على رأس المتابعين لهذه الازمة للوصول الى الحل المناسب، ونشكر جلالة الملك والاجهزة الامنية وفى مقدمتها المخابرات العامة التى تعاملت بكل حنكة وصبر وجلد، بحيث عاد السفير الى المملكة فى فترة وجيزة مقارنة بمثل هذا النوع من الحوادث.
◄ لكن دار لغط حول طريقة الافراج عن السفير، من وجهة نظركم هل كان ذلك نتيجة صفقة معينة أم جهود دبلوماسية تكللت بالنجاح؟
► عندما يكون هناك اختطاف لاى مسؤول فى أى دولة، يجب ان تتريث حتى تعرف مسببات هذا الاختطاف، هل هى سياسية ام مالية أم ثأرية، ولذلك الدولة وقفت حائرة فى الايام الاولى بشأن اسباب ما جرى، لحين الوصول الى هذا السبب.
كما نعلم هناك اتفاقات بين الاردن وغيره من الدول العربية، وكذلك بين مختلف الدول بشأن تبادل السجناء، واستطيع تأكيد انه لم تكن هناك مفاوضات مباشرة بين المملكة والخاطفين، حتى نقول ان هناك صفقة وقعت، وما جرى من افراج عن السفير هو نتيجة اتفاق تم مع الحكومة الليبية.. وهذا البلد نتمنى له ان يتعافى مما اصابه بعد سقوط النظام السابق وما جرى من احداث فى ظل الربيع العربي. نحن نتمنى ان تتماسك مؤسسات الدولة الليبية وأن يعود هذا البلد الى دوره الطبيعى فى اطار جامعة الدول العربية.
لكن تزامن هذا الاتفاق مع وجود شخص ليبى معتقل فى المملكة هو محمد الدرسي، وهو يعانى من بعض الامراض والعوارض الصحية، وقد تقدمت الحكومة الليبية بطلب تسليمها هذا المعتقل، وايضا لم يكن السفير الاردنى فى ليبيا سجينا حتى نقول ان هناك تبادل سجناء، لكن اذا كانت الحكومة الليبية فاوضت عائلة الدرسي، فهذا شأن ليبي، وبالتالى لم تكن هناك مفاوضات مباشرة بين الخاطفين والمملكة، والوسطاء كان دورهم لمعرفة مكان احتجاز السفير والاطمئنان على صحته وتذليل العقبات لتأمين الافراج عنه.
◄ الاتفاقية الامنية بين الاردن وليبيا هل وقعت قديما ام حديثا، بعد اختطاف السفير؟ وهل عرضت عليكم فى مجلس النواب؟
► اتصور ان ما جرى هو تفعيل للاتفاقية، ولم تعرض هذه الاتفاقية على مجلس النواب، فالمجلس يعرض عليه الاتفاقيات التى لها مساس بالمال العام او الممتلكات العامة، فلو كان هناك دفع لمبالغ مالية من المملكة لعرض ذلك علينا، ولكن ما جرى هو تطبيق لاتفاقية امنية سابقة.
ابتزاز للاردن أم ليبيا؟
◄ الا يمثل ما جرى نوعا من الابتزاز للاردن عبر اختطاف سفير والمطالبة بالافراج عن سجين قام بعمل اجرامى فى النهاية؟
► اذا حدث ابتزاز فهو للحكومة الليبية وليس للحكومة الاردنية، ومن تسلم السجين الليبى هى الحكومة الليبية، لكن هل اطلقت سراحه ام لا، ليس لى علم بذلك، وما جرى بين الحكومة الليبية والخاطفين ايضا ليس لى علم به، لكن ما جرى تم بشكل رسمى بين البلدين، وليس مع الخاطفين، وما يعنينا بالامر ان السفير عاد بالسلامة، وان هذا ابرز اهتمام جلالة الملك والحكومة والاجهزة الامنية بان الاردنى شخص عزيز، وتقدم اية تسهيلات للافراج عنه.
◄ العلاقة مع الحكومة
◄ عادة ما يكون هناك نوع من السجال بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، هل هذه الظاهرة قائمة ما بين مجلس النواب والحكومة؟
— لا اقول انه سجال بقدر ما هو حق دستورى لمجلس النواب مكفول بان يقوم بالرقابة والتشريع، ودائما ما يكون هناك خلاف فى وجهات النظر حول كيف يتم ذلك وفى أى قضية، ولكن طالما يتم ذلك فى اطار المصلحة العليا، فلا بأس ان يحدث سجال واختلاف فى وجهات النظر، وبالمحصلة الحكومة ملزمة بالمثول أمام مجلس النواب للمسألة بشأن جميع الاجراءات والنفقات والبرامج واليات التنفيذ. ولكن لا يخلو الامر من شد وجذب بين الطرفين.
◄ مجلس النواب مقبل على عقد دورة استثنائية، هل هناك قضايا محددة دفعت الى عقد هذه الدورة قبل دور الانعقاد العادي؟
► بالتأكيد هناك حاجة ملحة لعقد هذه الدورة، نحن عندما قمنا بتعديل الدستور قبل ثلاثة اعوام، برزت الحاجة الى تعديل العديد من القوانين لتنسجم مع الدستور المعدل، ومن هنا هناك خمسة قوانين منها ثلاثة على طاولة المجلس، وقانونان لدى الحكومة فى الطريق الى ان تعرض على المجلس.
وعادة يتم تبادل وجهات النظر مع الحكومة بشأن الاولوية فى القوانين والتشريعات الضرورية لاستكمال البرامج التنفيذية للحكومة، حيث يتقدم بها رئيس الحكومة، ومن ثم يقدم رئيس مجلس النواب هذه القوانين لكى تعرض على المجلس، كما تعرض تلك القوانين على لجان المجلس التى تنتخب فى بداية الدورة السنوية لانعقاد مجلس النواب، وكذلك الحال بالنسبة لرئاسة المجلس التى تنتخب سنويا، وهذا يشكل عبئا اضافيا على اللجان، التى تعود الى دراسة القوانين من جديد لكى تستطيع ان تدافع عن تعديلاتها أمام مجلس النواب، ومن هنا عرض القوانين أمام الدورة الاستثنائية يساهم فى كسب الوقت وتسريع دراستها واقرارها.
◄ انتخاب رئيس مجلس النواب ولجان المجلس سنويا، الا يشكل عبئا وارباكا لعملكم؟
► هذا ورد نصا فى الدستور ونحن نحترم الدستور، وانا لست مع ان يستأثر رئيس مجلس النواب بالرئاسة لمدة اربعة اعوام، مع ان عدم حاجة رئيس المجلس الى الاقتراب من النواب لغايات انتخابية يمكن ان يجعله اكثر حسما فى بعض الامور، لكن ذلك يمكن ان يدفعه الى التغول على النواب، ثم اذا كان رئيس المجلس ضعيفا ولا يقوم بعمله بالشكل المطلوب لماذا نجعل ذلك مستمرا لمدة اربعة اعوام، وبالتالى لماذا نفشل عمل المجلس ككل، ومن هنا انا مع ان تكون فترة رئاسة مجلس النواب عامين، حتى يستطيع ان يقوم بدوره بالشكل المطلوب.
◄ الدورة الاستثنائية
◄ ما ابرز مشاريع القوانين التى سيبحثها المجلس فى دورته الاستثنائية المقبلة؟
► هناك العديد من القوانين من بينها قانون ضريبة الدخل وقانون تشجيع الاستثمار، اضافة الى قوانين لها مساس بالدستور ومنها قوانين ذات علاقة بالاخوة المسيحيين.
◄ بخصوص قانون تشجيع الاستثمار، هل هناك من ملامح لهذا القانون المهم بالنسبة للاردن الذى يسعى الى استقطاب المزيد من الاستثمارات وتذليل العقبات التى تعترضها؟
► بالتأكيد، فعندما نتحدث عن مال اجنبى ومستثمر يدخل لاى بلد هو يبحث عن العديد من الاهداف واولها الامان، اضافة الى طبيعة القوانين المتعلقة بالاستثمار وهيبة القضاء، فهو يريد الاطمئنان الى مشروعه من حيث الربح والمحافظة عليه ومتابعته، والجدوى الاقتصادية المستدامة.
ونحن نفاخر والحمد لله بان الاردن بلد آمن رغم انه فى منطقة مضطربة خصوصا فى الاعوام الاخيرة التى اعقبت الربيع العربي، والمملكة نجحت فى الاستفادة مما جرى وتحويله الى فائدة ومصلحة وطنية عليا، بتوجيهات ملكية حثيثة بحيث تم تعديل الدستور وانشاء المحكمة الدستورية العليا، ونحن على مشارف اعداد قانون انتخابى اكثر تطورا من القانون الحالي، اضافة الى اعداد قانون جديد للاحزاب، وهذه جملة من الاصلاحات التشريعية التى تجعل المستثمرين يقبلون على الاستثمار فى المملكة الاردنية الهاشمية.
اتصور ان قانون تشجيع الاستثمار سيوفر كل ذلك، بحيث تتم المحافظة على مصلحة المستثمر ومصلحة الدولة.
مسيرة الاصلاحات
◄ يحسب للقيادة الأردنية أنها أجرت اصلاحات دستورية ملموسة، كيف تسير هذه الإصلاحات؟
► الاصلاحات التي تمت مهمة جدا، وهي بدأت من الدستور المحمي والمكفول من جلالة الملك، حيث أُخذت صلاحيات منه وأعطيت الى مؤسسات الدولة، وايضا حتى نعزز ثقة المواطن، ونحارب قوى الشد العكسي التي في كل دولة تضع عوائق وتحذر المسؤول وتخيفه من التقدم للأمام، خشية ان يكون القادم أسوأ.
لكن جلالة الملك كان هو الدافع الحقيقي للمضي قدما في مسيرة الاصلاح، وقد تقاطعت مصالح الحراك الشعبي الاردني، مع رغبة جلالة الملك، الذي وضع المؤسسات امام مسؤولياتها، وطلب ان تكون البداية من الدستور، ومن ثم انشاء المحكمة الدستورية لتكون هي المرجعية للجميع، فعندما ينتخب مجلس النواب كان المجلس هو من يبحث اعتراضات المرشحين الخاسرين في الانتخابات وهذا الامر مهما كانت الظروف والاجراءات سليمة لا يجوز، فلا يمكن ان يكون اعضاء في المجلس هم الخصم والحكم في نفس الوقت.
اليوم المحكمة الدستورية هي من ينظر في ذلك، كما توجه لها الاسئلة من مختلف مؤسسات الدولة، وهي من تنظر في القضايا الموجهة اليها من الحكومة ومجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان.
أيضا أصبح لدينا هيئة مستقلة مشرفة على الانتخابات وليس وزارة الداخلية كما هو في الوضع السابق، حيث لم تعد المسؤولية للوزارة التي لم تكن تنجو من الاتهامات التي قد تكون جزافا او لا تكون، هذه كلها نقلات نوعية، فما تم تعديله هو نحو 42 مادة في الدستور، اضافة الى المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخابات، ومن ثم قانون انتخاب جديد، حيث اصبح لدينا قوائم انتخابية، ولكن هناك توجها حاليا لتعديل ما برز من سلبيات وثغرات، ومن بينها مثلا ان عدد اعضاء مجلس النواب الحالي هو 150 نائبا، وهذا قد يكون عددا مبالغا فيه في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، وبالتالي اتوقع تقليص عدد اعضاء مجلس النواب وهذا توجه قوي.
كذلك الحال هناك مراجعات لتعديل قانون الاحزاب وللقائمة الانتخابية الوطنية، وفتح الدائرة الانتخابية على مستوى المحافظات وليس الاولوية فحسب، بحيث يستطيع أي أحد من أبناء المحافظة الترشح على كافة مقاعد المحافظة ككل وليس اللواء فقط كما هو في القانون الحالي، فالتنافس يصبح على عدد مقاعد أكبر.
◄ جبهات مشتعلة
► كيف ترون وضع المملكة في ظل الجبهات المشتعلة من حولها في أكثر من منطقة؟
— هناك العديد من القضايا المؤثرة علينا، لنأخذ مثلا الازمة السورية الأكثر تأثيرا، حيث كانت التوجيهات منذ البداية سواء من جلالة الملك والحكومة أو من مجلس النواب، هي عدم التدخل في الشؤون السورية الداخلية، وابعاد الاردن عن تجاذبات الازمة، والا يتم زج الاردن بها، واننا مع ان تكون الدولة السورية قوية ومتماسكة، وان تبقى الروابط قوية معها، وان يكون تدخلنا بالنصح والارشاد وان تكون المفاوضات السلمية هي الطريق للحل ولحقن الدم السوري الذي ينزف، ونحن كذلك مع وحدة الاراضي السورية ولسنا مع أي تقسيم لها وقد كانت مواقفنا واضحة منذ البداية، ولكن نتيجة للالتزام العربي والقربى والجوار والقانون الدولي الذي احترمناه فتحت الحدود بين البلدين، وأصبح لدينا اليوم حوالي مليون و300 ألف سوري يعيشون في أرض المملكة، جزء كبير منهم يعيشون في المخيمات وانتم تعرفون المعاناة الاقتصادية الاردنية وحجم الموازنة، والطاقة الاستيعابية للبنية التحتية، وحجم الفرص الوظيفية.
ونحن تجربتنا قديمة مع اللجوء بداية من القضية الفلسطينية حيث نتقاسم لقمة العيش مع اللاجئين من فلسطين وهم اهل واشقاء يعيشون في المملكة، ثم كان هناك اللاجئون من العراق الشقيق على مدى عدة سنوات، وكذلك استقبلت المملكة عشرات الجرحى من ليبيا الشقيقة، ونحن لا نعتبر انفسنا متفضلين على اشقائنا بهذه المواقف، وانما ترك هذا لدينا الخبرة الكافية في ألا ننخرط كطرف في النزاعات الداخلية ما بين الاهل في كل بلد.
الدعم الدولي
◄ هذه الأعباء التي تحدثتم عنها.. كيف كان تعامل المجتمع الدولي معها، هل تعتبرون انه قدم الدعم الكافي للاردن بالنظر الى حجم المأساة خصوصا في موضوع اللاجئين السوريين؟
► بهذه المناسبة أتقدم بالشكر والعرفان الى الاشقاء العرب بالدرجة الاولى، اما المجتمع الدولي فلا يقوم بواجبه الانساني بالشكل المطلوب والكامل بالمقارنة مع حجم المأساة، فهو يقدم القليل، عندما نتحدث عن ان 15 % من سكان المملكة من سوريا، لا نعرف الى متى سيبقون ومتى سيتم حل الازمة وما هي الموازنة المطلوبة في ضوء ذلك، فضلا عن ما يقدم للاجئين محدود ولمدة ايام فقط.
من هنا ينبغي على المجتمع الدولي ان يعي حجم المشكلة وتأثيرها على الاردن، وان يقف نصيرا ومساندا له، ولاي دولة انسانية توفر ملجأً للناس المحتاجين، وان يكون الدعم المقدم مبرمجا ومستمرا، حيث تواجه المملكة تداعيات عديدة لهذا اللجوء، وهناك تأثيرات اجتماعية وامنية مثل انتشار بعض الجرائم كالاتجار بالمخدرات، ومن هنا المفروض ان يتم المحافظة على الاستقرار في المملكة، وقواتنا المسلحة تقوم بجهود كبيرة في هذا المجال، عدا عن توفير هذه القوات كل ما تستطيع لمساعدة اللاجئين والمحافظة على ارواحهم، كلها جهود لا تُرى بالنسبة للمجتمع الدولي.
اليوم الوفود تأتي لزيارة مخيم الزعتري في محافظة المفرق والذي اصبح بمثابة مدينة توفر الخدمات الاساسية للاجئين، ولكنك لا تستطيع الاستمرار في ذلك دون ان ترصد له الميزانية المطلوبة وتعرف المدد لهذه الخدمات.
◄ مخاوف أمنية
◄ في ظل هذه الظروف الا تخشى المملكة من تسلل مجموعات مسلحة اليها للقيام بأعمال تخريبية عبر دول الجوار التي تشهد أوضاعاً أمنية مضطربة؟
► عندما تدور النزاعات والحروب الداخلية على بعد كيلومترين من الاردن فانت تتوقع دخول ارهابيين وحدوث اعمال تخريبية، ولكن نحن نعول على قواتنا المسلحة وعلى رجال الامن، وهناك خطان للحماية: القوات المسلحة التي تقف على الحدود وكأنها في حالة حرب، والاجهزة الامنية التي تتابع مجريات الامور.. فهناك جهد كبير يبذل، الى جانب وعي الشعب الاردني وهو ما يحفظ أمن الاردن.
◄ طرد السفير الاسرائيلي
◄ أثير مؤخرا في مجلس النواب موضوع طرد السفير الاسرائيلي من الاردن.. هل لا يزال هذا الموضوع مطروحا؟
► ملف القضية الفلسطينية ملف شائك وجلالة الملك يتابعه حصريا، والحكومة تتابع ما ينجزه جلالته في هذا الاطار. موضوع السفير الاسرائيلي أثير عندما استشهد القاضي الاردني رائد زعيتر على الحدود، ومجلس النواب كان في حالة غضب وتعبير عن حالة الشارع الاردني، وقد تزامنت جلسات المجلس مع جلسات الكنيست الاسرائيلي وما رافقها من هجوم من بعض النواب الاسرائيليين واقتحام للمقدسات الاسلامية في القدس، ومن هنا نحن نقول إن الحفاظ على تلك المقدسات يعتبر من الثوابت الاردنية، وفي ذلك انتهاك لاتفاقية وادي عربة بين الاردن واسرائيل.
نحن دولة تحترم الاتفاقات والمواثيق والعمل المؤسسي، وقد كان هناك نواب مع طرد السفير وتصعيد الامور، ونحن كان رأينا مع التعقل، وكان السؤال ماذا يخدم القضية الفلسطينية طرد السفير الاسرائيلي او سحب السفير الاردني من تل ابيب. اليوم نتحدث عن دولة احتلال تنتهك مقدساتنا يوميا، وتبني المستوطنات والجدار العازل وتعيش بعقلية القلعة.. هذه الدولة لها نفوذ على مستوى العالم.. فهل من المصلحة طرد السفير، وهناك معلومات شبه يومية تصل من خلال السفارة الاردنية في تل ابيب والسلطة الوطنية الفلسطينية وهي بأمس الحاجة للدعم اللوجستي في ظل الموقف السياسي الحالي.
نقولها بكل وضوح انت تتعامل مع دولة تعمل على كسب الوقت، ومن هنا ماذا يخدم سحب السفير وماذا بعد ذلك، هل هناك جاهزية لشن حرب لتحرير فلسطين؟ وهل هناك موقف عربي مشترك وواضح لكي يكون الاردن ساحة لهذا الامر؟ نحن دولة نعرف امكانياتنا وكان الرأي الاغلب هو الزام مجلس النواب للحكومة لكي يكون هناك تحقيق مشترك للقضاء والاجهزة الامنية الاردنية في استشهاد زعيتر وهذا اعتبره نجاحا برلمانيا.
كما حاول مجلس النواب طرح الثقة بالحكومة، ولكن هل من المصلحة ترحيل الازمة لكي تصبح داخلية، بدل ان تكون اسرائيلية ودولية، فنحن ازاء دولة تقتل اناس ابرياء حيث وصل الى حد قتل قاض بدم بارد، وهذا يضع دولة الاحتلال ازاء مسؤولياتها أمام المجتمع الدولي، ومن هنا نحن لا نرى ان حكومة عبد الله النسور هي المسؤولة عن مقتل زعيتر.
◄ المصالحة والمفاوضات
◄ المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، وتوقف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية.. كيف ينظر الاردن الى الامرين؟
► الاردن دائما مع اية مصالحات فلسطينية فلسطينية أو عربية عربية، وهو يباركها، حيث سياسة الدولة تجنح الى السلم. الطرف الاسرائيلي كان يتحدث قائلا مع أي طرف اتفاوض في ظل الانقسام الفلسطيني ومن هو الذي يمثل الشعب الفلسطيني، اليوم انت تسحب هذه الحجة من الطرف الاسرائيلي وتقوي موقفك التفاوضي، وتضع الشعب الفلسطيني موحدا تحت راية واحدة ومطالب واحدة.
عندما نتحدث اين وصلت المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، المفاوضات ما بين كر وفر منذ سنوات، ولا شك ان الوضع العربي الحالي ساهم في تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية والانشغال عنها، ولكن تبقى القضية الفلسطينية هي القضية الام.
◄ رفع الأسعار
◄ في ظل الوضع الاقتصادي الصعب يبقى هناك تخوف لدى المواطن الاردني بخصوص رفع الدعم عن بعض السلع والخدمات وبالتالي حدوث ارتفاع في الاسعار؟
► لا يفوتني ان اتقدم بالشكر الى دول مجلس التعاون كافة ودولة قطر على مواقفها المشرفة والنابعة عن اصالة وعروبة في دعم الاردن في الوقت الذي نحن بامس الحاجة للدعم.
الشعب الاردني واعي اننا لسنا دولة نفطية، وجلالة الملك يعول على وعي الشعب، وقد مارس الشعب هذا الوعي حيث لم ترق نقطة دم واحدة خلال المطالبة بالاصلاحات.
الامر الضاغط هو تزامن الغلاء مع البطالة وقلة فرص العمل، ولكن اذا ما وجدت فرص استثمارية فسيخف هذا الضغط، وافراد الشعب هم من فئة الشباب بنسبة 75 %، وبالتالي توفير فرص العمل امر مهم وهذا يمكن ان يتحقق من خلال المشاريع التي تأتي الى الاردن.
اما بخصوص رفع الاسعار فلا يوجد أي توجه بهذا الخصوص حيث تم رفع الاسعار سابقا، ولكن يبقى التحدي هو دعم الاردن لمواجهة الظروف الصعبة التي يعيشها في ظل الاوضاع الامنية المتفاقمة على حدوده وقدوم مئات آلاف من اللاجئين اليه، وهو ما يحتم على المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته.