الخوف أن تتكرر مشاكل الأمس في مشاريع اليوم
يظهر أن تجارب تخطيط البنية التحتية خلال السنوات الماضية، وما رافقها من سوء إدارة وتنفيذ ومتابعة.. ما زالت تلازم عمل اليوم في كثير من جوانبه، وهو ما يتطلب الوقوف ملياً قبل المضي في هذه المشاريع، ثم نصحو على واقع مؤلم، وغير مواكب لتطلعات الدولة والمجتمع.
مناطق سكنية أعدت لسكن المواطنين، فإذا بهم يفاجأون بوجود نقص في العديد من الخدمات المتعلقة بالبنية التحتية، سواء كان ذلك بالنسبة لخدمات الصرف الصحي، أو كيوتل، أو كهرماء، أو الخدمات المصاحبة، والأمر يتكرر اليوم في المناطق، التي يتم تسليم أراضٍ منها إلى المواطنين، حيث مازالت الشكوى تتكرر من عدم اكتمال الخدمات، وعلى الرغم من ذلك يتم صرف هذه الأراضي للمواطنين.
منطقة الأبراج مثال صارخ لغياب التخطيط والخدمات المتكاملة في منطقة تعد نموذجية، وتعد وجهاً حضارياً، فالشوارع الداخلية في ما بين هذه الأبراج، أو خدمات الصرف الصحي، أو المواقف المخصصة للسيارات، أو السعة الاستيعابية للمترددين عليها من الجمهور، غير مناسبة أبداً لعدد الأبراج القائمة حالياً، التي ترتفع أعدادها بصورة مطردة، وهو ما خلق حالة الازدحام غير الطبيعي في هذه المنطقة، خاصة مع ازدياد إشغال هذه الأبراج، سواء بوزارات، ومؤسسات حكومية، أو القطاع الخاص.
اليوم يتم بناء عدد من المدن السكنية والصناعية الكبرى، التي يزيد الاستيعاب السكني للبعض منها عن 200 ألف، وهو ما يعني ضرورة اكتمال البنية التحتية لهذه المشاريع قبل تسليمها، سواء كان ذلك على صعيد الشوارع، والطرق المؤدية لهذه المدن، أو الطرق الداخلية، أو الكهرباء، أو المياه، أو الاتصالات، ومشاريع هذه المدن السكنية والصناعية عديدة، من بينها مدينة لوسيل، ومدينة الوعب، وبروة البراحة، ومدينة الطاقة، ومشروع الارجوان، والمدينة الصناعية، وقرية بروة، وغيرها من المشاريع التي يتراوح حجم الاستيعاب السكاني فيها ما بين 30 و200 ألف نسمة، وهي أرقام عالية، يتطلب توفير مختلف الخدمات لها بما فيها بالطبع الصحة والتعليم.
لا نريد أن نقع بنفس أخطاء السنوات الماضية، والمشاريع التي نفذت، ثم اكتشفنا أن هناك نقصاً في عدد من الخدمات، وهو ما تطلب إعادة هدمها من أجل توصيل تلك الخدمات، وهو ما يعني إضاعة للوقت والجهد، إضافة إلى الخسائر المالية المترتبة على غياب التخطيط المسبق لمثل هذه المشاريع، وما تتطلبه من خدمات قبل البدء بالتنفيذ.
المدينة الترفيهية، التي يتم التجهيز لها، وتوفير البنية التحتية، هل وضع في الاعتبار كافة الخدمات المطلوبة قبل أن يتم مباشرة أعمال البناء، بما في ذلك الطرق المؤدية إليها؟.
حالياً يتم تشييد قرية بروة على طريق الوكرة، وتضم آلاف المحال التجارية، وسينقل إليها المناطق التجارية، التي ستزال في عدد من المناطق بالدوحة، وهو ما يعني أن الطريق المؤدي إلى الوكرة سيشهد ازدحاماً غير طبيعي، فهل تم التفكير بإيجاد مداخل، ومخارج إضافية تؤدي إلى قرية بروة، بحيث تخفف الضغط على الطريق المؤدي إلى الوكرة، والمناطق الجنوبية؟.
إلى هذه اللحظة ليس هناك نية لإيجاد هذه الطرق، فالتفكير فقط في سرعة إنجاز مشروع القرية بالدرجة الأولى، ولكن ما الذي يترتب على ذلك فإن الأمر “مؤجل” لحين حدوث الأزمة، ومشاهدة الازدحام، عندها سيتم التفكير بكيفية إيجاد طرق تخفف وطأة الاختناقات المرورية، علما أن المناطق الجنوبية ليس هناك فيها سوى شارع رئيسي واحد يوصل إليها، فكيف يتم إيجاد مشروع بحجم قرية بروة مثلاً دون التفكير بإيجاد طرق، وشوارع تؤدي إليه بسهولة، ودون إرباك مروري؟.
الأمر نفسه كذلك بالنسبة لشارع بروة التجاري، الذي سيشهد تشييد مئات وآلاف المحال التجارية، هل سيتم تخصيص طرق تؤدي إليه بعيداً عن الطريق الحالي، الذي يؤدي أيضا إلى المنطقة الصناعية القديمة والجديدة، الذي أصلاً يشهد حالياً ازدحاماً غير طبيعي طوال فترات اليوم، فما بالكم بعدما يتم الانتهاء من شارع بروة التجاري؟.
الطرق يجب أن تواكب حجم التطور، الذي يشهده المجتمع، ونفس الأمر بالنسبة للخدمات الأخرى، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية.
الخوف أن تتكرر مشاكل الأمس في مشاريع اليوم، وأن نصحو بعد الانتهاء من المشاريع الجاري تنفيذها على واقع به الكثير من المشاكل، التي كان بالإمكان حلها مبكراً.
تجارب العقود والسنوات الماضية، والمشاكل التي صاحبت العديد من المشاريع، يجب أن يتم تلافيها في مشاريع اليوم، وألا نقع في نفس الأخطاء، فقبل البدء بإنشاء أي مشروع من المهم التأكد من خدمات البنية التحتية، بحيث يتم توفيرها جنباً إلى جنب مع مراحل إنشاء هذا المشروع، وإلا ما جدوى مثلاً أن يتم توزيع أراض على المواطنين، وهي غير مكتملة الخدمات؟!.
الأمل أن تؤسس المشاريع على قاعدة متكاملة من الخدمات، والا نأتي في المسقبل لنكتشف عن قصور قائم في أوجه هذه المشاريع، فالوقت عندها قد فات، وأعادت تصميمها بحاجة إلى تكلفة مالية أخرى، وإلى إهدار للجهد، وتضييع للوقت.
ولنا كلمة