مقالات

«الهروب» من التعليم.. لماذا؟

ولنا كلمة

 

دهشت من الاعداد الكبيرة من المعلمين والمعلمات الذين تقدموا لتحويل درجاتهم الوظيفية الى الامانة العامة لمجلس الوزراء “التحول للبند المركزي”، والذين فاق عددهم حسب المعلومات المتوافرة اكثر من 1200 طلب.

هذا “الهروب” الجماعي من التعليم يطرح اكثر من سؤال، ويضع اكثر من علامة تعجب، لماذا هذا “النزوح” او “الهروب” من التعليم في هذا الوقت تحديدا؟ ولماذا لم نجد مثل هذه الظاهرة خلال السنوات الماضية؟ ومن المسؤول؟ المجلس الاعلى للتعليم ام ادارات المدارس ام المعلمون والمعلمات..؟ واين المجلس الاعلى للتعليم من هذه القضية؟…

لو لم تكن هناك قضايا اخرى “تربك” التعليم في هذه المرحلة، لاستدعت قضية “هروب” الكوادر القطرية من التعليم بصفة عامة مؤتمرا عاجلا للوقوف على هذه الظاهرة الخطيرة، التي لا ينبغي السكوت عليها، او التغاضي عنها، او اعتبارها امرا شخصيا لكل من تقدم بطلب اعفائه من مهمته التعليمية.

وزير التعليم اليوم مطالب بسرعة التحرك للبحث عن الاسباب الحقيقية التي تدفع بهذه الاعداد الكبيرة من القطريين والقطريات الى الانسحاب من حقل التعليم، سواء كانوا مدرسين او مدرسات او اصحاب تراخيص، او عاملين بحقل التعليم اجمالا، هناك حالة من “الهروب” و”النزوح” الجماعي بصورة لم نعهدها من قبل، الا يستدعي ذلك وقفة جادة للبحث عن الاسباب والدوافع التي تجعل كل هؤلاء يبحثون عن مكان آخر ينتسبون اليه؟.

أي تبرير يساق لهذا “الهروب” وقبله هذا “العزوف” عن الالتحاق بالتعليـــم، بأن مهمـــة التعليم شـــاقـــة ومتعبــــة، وان هنـــاك خيارات وفرص عمـــل اخـــرى امـــام القطـــريــين للالتحـــاق بها، امر في غير محله، فيومـــاً ما كانت مـــدارس البنات تتجـــاوز نســـبة القطــريات فيهـــــــا الـ “80 %”، بـــل ان بعض المــــدارس وصلـــــت الى اكثر مــن 95 %، فلماذا اليوم لا اقول النسبة متدنية فحسب، بل ان هناك عزوفا كاملا من قبل القطريين والقطريات؟!.

 

والاكثر من ذلك ان العاملين بحقل التعليم اجمالا لا يريدون البقاء والاستمرار بالعمل فيه، وهي ظاهرة مقلقة وغير صحية، تستدعي ضرورة استنفار كل الاجهزة لدراسة هذه القضية المهمة، والبحث عن الاسباب الحقيقية، والنزول الى الميدان، وليس فقط الاكتفاء بتقارير ترفع، والقاء اللوم على المدرسين والمدرسات جزافا ودون وجه حق.

اليوم هناك حالة عدم رضا من قبل العاملين بالتعليم، واقصد هنا المدرسين والمدرسات تحديدا، لماذا؟ هل لدى وزير التعليم اجابة مقنعة، وهل حاول الاستماع الى مشاكلهم من خلال الحوار المباشر؟.

يجب على وزير التعليم الامين العام للمجلس الاعلى للتعليم ان يعقد لقاءات مباشرة مع العاملين بالميدان في السلك التعليمي، وان تتوسع هذه اللقاءات لتتحول الى مؤتمرات عامة، تتم من خلالها مناقشة ظاهرة “الهروب” من التعليم، لأن القضية ليست جانبا ماديا فقط، انما هناك اسباب نفسية وغياب لقيمة المعلم والمعلمة، واستهتار بدورهم ومكانتهم، حتى من قبل الطلاب، وقرارات تشجع على عدم احترام الكادر التعليمي، اضف الى ذلك الفجوة الموجودة اليوم بين المجلس الاعلى للتعليم وادارات المدارس، والقرارات المتضاربة في كثير من الاحيان بين الجهتين، وقضايا كثيرة ربما المكان لا يتسع لذكرها، لأن القضية اليوم وقف هذا “النزيف” المتدفق للمدرسين والمدرسات من حقل التعليم.

اعتقد ان اول خطوة يجب على وزير التعليم القيام بها هي جمع اركان وزارته ومجلسه بأسرع وقت ممكن، والاصغاء جيدا للمخلصين الذين قلوبهم على التعليم، وعدم الالتفات الى اصحاب “المصالح الخاصة”، الذين لا همّ لديهم الا البقاء على الكراسي حتى وان خلا التعليم من كل كوادره الوطنية.

اخي وزير التعليم؛ الامر جد خطير، وليس من مصلحة العملية التعليمية تفريغها من الكوادر القطرية، فسارع بالبحث عن الاسباب التي تدفع كل هؤلاء الى الخروج او بالاصح الهروب من حقل التعليم، ولا تعتقد ان هؤلاء لا يريدون العمل، او ان العمل يتعبهم كما يحاول البعض تصوير ذلك، فالغالبية منهم يعملون في التعليم منذ سنوات، ولطالما تلقوا شهادات تقدير وكتب شكر، فلماذا يريدون اليوم ترك الساحة؟.

من المؤكد ان هناك اسبابا تدفع نحو ذلك.. ابحث اخي سعادة الوزير عن بيئة العمل، واسْعَ جاهدا لتغييرها وتفعيلها وأشرك القائمين على العملية التعليمية في صنع القرار، وأصغ جيدا للملاحظات والمشاكل التي تطرح، وابحث عن العلاج قبل ان تتفاقم هذه المشاكل ومن ثم يصعب علاجها.

 

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x