حوارات

خليفة بن جاسم الكواري مدير صندوق قطر للتنمية: 22 مليار ريال قيمة مساعداتنا لـ 100 دولة

صندوق قطر للتنمية واجهة الدولة الإنسانية وأياديها البيضاء التي تمد العون والإغاثة لمساعدة شعوب الدول النامية والمنكوبة حول العالم. مما يجعله محورا عالميا للجهود الإغاثية والتنموية في أكثر من خمسين بقعة جغرافية في القارات الخمس. وقد تمكن من أن يصبح شريكا فاعلا للمجتمع الدولي في المجال الإنساني والإغاثي.
 ونجح صندوق قطر للتنمية في إحراز تقدم كبير في إبراز دور دولة قطر في المجال التنموي من خلال مشاركته الفعالة في الاجتماعات والمحافل مع الصناديق التنموية للدول المانحة والمنظمات الدولية الإنمائية والإغاثية.
وعندما تصاب أي دولة من الدول الشقيقة والصديقة بكارثة أو أزمة أو حرب يتحول صندوق قطر للتنمية إلى خلية نحل تعمل فرقه اللوجستية على توفير جهوزية تامة للانطلاق الفوري بالمساعدات الإغاثية فور صدور التوجيهات السامية بهذا الخصوص.
ولعل هذا ما يجعل الحوار مع سعادة خليفة بن جاسم الكواري مدير عام صندوق قطر للتنمية ينطوي على قيمة إعلامية كبيرة خصوصا وأنه يتزامن مع إرسال المساعدات إلى غزة. حيث كشف سعادته عن استمرار إرسال المساعدات الإغاثية العاجلة إلى قطاع غزة، للتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها سُكان القطاع، نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة، لافتاً إلى أن آخر المساعدات التي تم إرسالها شملت 87 طناً من المساعدات الطبية والغذائية، والتي وصلت إلى مطار العريش في جمهورية مصر العربية، لإدخالها إلى القطاع في أسرع وقت ممكن.
وقال سعادته في حوار شامل لـ الشرق: إن فلسطين هي المستفيد الأول من المساعدات القطرية، بحكم أنها قضية المسلمين والعرب الأولى، واحتياجاتهم كبيرة، لأن فلسطين ليست دولة لديها الحرية للتنمية الاقتصادية، لذلك نساعدهم على بناء مؤسسات، وتأسيس بنية تحتية من مستشفيات ومدارس لمساعدتهم، مشدداً على أن الأزمات لا يمكن أن تحد من تنفيذ مساعدات الصندوق، كما أن المساعدات العاجلة تصل خلال 72 ساعة كحد أقصى.
ونوه مدير صندوق قطر للتنمية إلى أن العمل الإنساني والتنموي للصندوق يتسق مع أجندة دولة قطر أن تكون عضوا فاعلا في المجتمع الدولي، مما يعني أنه ليس هنالك أي أجندات غير مُعلنة فيما يتعلق بعمل الصندوق، مضيفاً أن الصندوق استطاع في الفترة بين 2014 حتى أبريل 2023م، أن يصرف 22 مليار ريال على مشروعاته في 100 دولة حول العالم، كان أغلبها من المنح بواقع 96 % والقروض التنموية الميسرة بواقع 4 %. ويوازي هذا الدعم السخي ما متوسطه 0.4 % من إجمالي الدخل القومي القطري. فيما يبلغ متوسط المساعدات السنوية المقدمة ما يقارب 575 مليون دولار أمريكي.
وأوضح سعادته أن الصندوق ليس لديه حدود جغرافية فيما يتعلق بتقديم المساعدات، ولكن يركز مشاريعه بالبلدان الواقعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى الأفريقية، ومنطقة وسط وجنوب آسيا. ولكن هذا لا يعني أننا لا نعمل خارج هذا النطاق الجغرافي إذا ما دعت الحاجة، كما لا يوجد سقف يتم تحديده لكل دولة من المساعدات… وإلى تفاصيل الحوار:

► بداية.. نود من سعادتكم إطلاعنا على جهود صندوق قطر للتنمية بشأن إغاثة أشقائنا في غزة، جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع؟
◄ كان يعاني قطاع غزة قبل الأزمة الأخيرة من أوضاع إنسانية كارثية، أما في الوقت الحالي فإن الأوضاع تأزمت بشكل غير مسبوق، إذ جاء العدوان الإسرائيلي على القطاع ليزيد من جراح الفلسطينيين، مما استلزم تدخلاً عاجلاً لإغاثة إخواننا من سكان القطاع، لحاجتهم لجميع المستلزمات الطبية، والوقود، والغذاء، وجميع المستلزمات الداعمة للحياة.
وكانت آخر المساعدات التي تم إرسالها، توجه طائرتين تابعتين للقوات المسلحة القطرية، إلى مدينة العريش في جمهورية مصر العربية، تحملان 87 طناً من المساعدات الغذائية والطبية، مقدمة من صندوق قطر للتنمية، والهلال الأحمر القطري تمهيداً لنقلها إلى غزة، وذلك في إطار مساندة دولة قطر للشعب الفلسطيني، ودعمها الكامل له خلال الظروف الإنسانية الصعبة جراء القصف الإسرائيلي الذي يتعرض له القطاع.
► ما هي آلية إدخال المساعدات الإغاثية إلى غزة في الوقت الراهن؟
◄  يجري التنسيق مع كل من الهلال الأحمر القطري، والهلال الأحمر المصري، للعمل على إدخال المساعدات في أسرع وقت ممكن. ويتم التنسيق مع الجانب المصري على أعلى مستوى، من أجل إيصال المساعدات.
► ما مدى استمرارية هذه المساعدات، في ظل الأوضاع الراهنة التي تُنذر باستمرار العدوان الإسرائيلي لفترة طويلة؟
◄  المساعدات إلى غزة مستمرة، ونأمل أن تتوقف الحرب في أقرب وقت ممكن، لكي نستطيع تخفيف معاناة سكان القطاع، وتنفيذ برامج عاجلة للحد من الكارثة الإنسانية هناك.

فلسطين المستفيد الأول
► هل المساعدات الإنسانية والإغاثية التي يقدمها الصندوق لقطاع غزة فقط أم تشمل مناطق أخرى في فلسطين؟
◄ فلسطين هي المستفيد الأول من المساعدات القطرية، بحكم أنها قضية المسلمين والعرب الأولى، واحتياجاتهم كبيرة، لأن فلسطين ليست دولة لديها الحرية للتنمية الاقتصادية، لذلك نساعدهم على بناء مؤسسات، وتأسيس بنية تحتية من مستشفيات ومدارس لمساعدتهم. وقطر لديها في فلسطين العديد من المشروعات سواء في غزة أو في الضفة الغربية.

إستراتيجية عمل الصندوق
► بالعودة إلى جهود صندوق قطر للتنمية في الشأن الإغاثي والتنموي.. كيف كانت انطلاقة الصندوق؟ وما هي إستراتيجية عمله؟
◄ أُنشئ صندوق قطر للتنمية بقانون رقم (2002/‏19م) بهدف تقديم المساعدات التنموية والإنسانية الفاعلة للبلدان النامية في العالم العربي والإسلامي وخارجه. فيعتبر صندوق قطر للتنمية أحد أبرز أركان القطاع الدبلوماسي لدولة قطر وأساسا لقوتها الناعمة، لما له من أهمية وأثر على العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف خصوصاً مع الدول النامية والفقيرة.
وطور صندوق قطر للتنمية إستراتيجيته تماشياً مع التغييرات في قطاع المساعدات الخارجية خصوصاً من ناحية بروز أهداف التنمية المستدامة وتسليط الضوء على أهمية إنشاء الشراكات الإستراتيجية، لتنسيق العمل التنموي والإنساني والوصول بفاعلية للمستفيدين في البلدان الفقيرة والنامية وتلك المتأثرة من الكوارث والحروب.
وقد ساهمت سياسة تفعيل صندوق قطر للتنمية في تعزيز وتقوية قطاع العمل التنموي والإنساني في دولة قطر. كما عمل الصندوق من خلال وزارة الخارجية، وبالتعاون مع البعثات الدبلوماسية والمؤسسات الخيرية الوطنية، على إطلاق مبادرة لتقييم الاحتياجات التنموية الإستراتيجية في عدد من الدول الأفريقية والآسيوية مثل سيراليون وغامبيا وليبيريا والفلبين والنيبال
أما على صعيد آخر، أطلق صندوق قطر للتنمية آلية فعَّالة لرصد وتقييم المشاريع التنموية والإنسانية بغية التعرف على النجاحات التي تحققت من مشاريعه. كما حقق الصندوق اتساقا في حجم التدخلات المالية التي قدمها على شكل منح وقروض ميسرة بواقع سنوي معدله 600 مليون دولار أمريكي، مما جعل دولة قطر من البلدان الثابتة في تدخلاتها التنموية والإنسانية وبالتالي القابلية للتوقع والاعتماد عليها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

رؤية قطر وأهداف الصندوق
► إذاً ما هو دور رؤية قطر الوطنية في تحديد أهداف الصندوق؟
◄  يندرج عمل صندوق قطر للتنمية في إطار جزء الشراكات والتعاون الدولي التي تنص عليه إستراتيجية التنمية الوطنية الثانية. وتعتبر رؤية قطر الوطنية 2030 مسألة التعاون الدولي جزءاً لا يتجزأ من عملية التنمية الوطنية. فقد حددت الرؤية أهم الغايات المستهدفة في مجال التعاون الدولي ومنها تعزيز الدور الإقليمي والعالمي لدولة قطر اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، خاصة في إطار منظومة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية، وتعزيز التبادل الثقافي مع البلدان والشعوب العربية بشكل خاص، ومع بقية الدول الأخرى بشكل عام، ورعاية ودعم الحوار بين الحضارات، وتعزيز التعايش بن الأديان والثقافات المختلفة، والمساهمة في صنع السلم والأمن الدوليين عن طريق المبادرات السياسية والمساعدات التنموية والإنسانية.
وسعى صندوق قطر للتنمية، إلى مواءمة عملياته مع متطلبات خطة التنمية الوطنية الثانية، إذ بادر لمعالجة العديد من التحديات القطاعية المذكورة في إستراتيجية التنمية الوطنية الثانية والمعنية بقطاع التعاون الدولي. فقد عزز الصندوق التواصل مع البعثات الدبلوماسية للدولة في الترويج لمشاريعه التنموية والفرص التي توفرها الدولة على صعيد المساعدات التنموية والإنسانية، كما لعب الصندوق دوره كهيئة تنسيق للعمليات والمشاريع التي تدعمها دولة قطر بهدف توحيد الجهود والتكامل بين الدولة والمؤسسات والجمعيات الإنسانية القطرية والشركاء الحكوميين وغير الحكوميين، والهيئات الأممية، والصناديق التنموية الأخرى.

تحديات إرسال المساعدات
► هل تحد الكوارث المتلاحقة في عدد من الدول من تنفيذ إستراتيجية الصندوق المعتمدة؟
◄ لا يمكن للكوارث والأزمات أن تحد من تنفيذ إستراتيجيتنا، ونحن جزء من عملنا هو التخطيط للكوارث، ولكننا في النهاية نعمل وفق ميزانية محددة، والأزمات تنتقص من حصة المشاريع التنموية بالموازنة، وهذا يعيق تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
► هل هناك مشاريع تعثر الصندوق في تنفيذها؟
◄ ليس لدينا أي مشروعات تعثرت، لأن دولة قطر تلتزم بالمشاريع التي تم الاتفاق عليها مسبقاً، في إطار سياسة الدولة، التي تحرص على الوفاء بجميع التزاماتها وتعهداتها للدول الأخرى.
► إذاً كيف تتجاوزون التحديات التي تواجهكم أثناء تنفيذ مشروعاتكم التنموية في البلدان التي تعاني من أزمات وصراعات؟
◄  بالتأكيد توجد بعض العوائق، ونحاول تجاوز هذه التحديات، من خلال العمل مع منظمات داخل دولة قطر إذا كانت لديها مكاتب في الدول المستهدفة، والتعاون أيضاً مع المنظمات الأممية والمحلية التي تعمل بداخل الدولة نفسها، لأننا وكما ذكرت سابقاً عملنا يعتمد بالأساس على الشراكات المحلية والإقليمية والدولية.

أجندة المساعدات
► هل لديكم أجندات في تقديم تلك المساعدات الإنسانية للدول؟
◄ أجندة دولة قطر أن تكون عضوا فاعلا في المجتمع الدولي، والوفاء بالتزاماتها كدولة تجاه الدول الأخرى، وفيما يتعلق بعملنا الإنساني والتنموي فهو يتسق مع أهداف الدولة التي ذكرتها، مما يعني أننا ليس لدينا أي أجندات غير مُعلنة.
► عند وقوع أي كارثة كيف يتم التنسيق وتجهيز المساعدات بشكل عاجل؟
◄ سعى الصندوق لتنويع قاعدة مورديه، حيث سنحت الفرصة للسوق المحلي لتوريد السلال الغذائية والخيام ومواد النظافة وغيرها من مواد الإغاثة العاجلة. لذا فإن الصندوق يحصل على التوريدات اللازمة في أقل من 48 ساعة، وتصل المساعدات خلال 72 ساعة كحد أقصى.

 البرامج والمشاريع
► ما هي أبرز القطاعات التي يتم التركيز عليها في مشاريعكم وبرامجكم؟
◄ نركز على قطاعات الصحة، والتعليم، والتنمية الاقتصادية من زاوية خلق فرص العمل وتمكين المرأة، وكذلك نركز في مشاريعنا على الفئات الشابة، ودعم البنية التحتية، والخدمات الاجتماعية، وكذلك دعم مشاريع التغير المناخي، ومكافحة الفقر والجوع من خلال المشاريع التنموية والإنسانية التي استهدفت الأمن الغذائي، خصوصاً في المناطق المعرضة للكوارث والحروب والجفاف الحاد.

قطر رائدة في العمل الإنساني
► قطر من الدول الرائدة في العمل الإنساني الدولي.. فما هو تصنيفها على الخريطة العالمية للمساعدات الإنسانية؟
◄ تطورت بيئة العمل في الصندوق، فأصبح من أبرز الفاعلين والمؤثرين في العديد من الندوات الأممية ومجالس إدارات الصناديق التنموية الدولية التي له تمثيل فيها. وقد استطاع الصندوق في الفترة بين 2014 حتى أبريل 2023م، أن يصرف ما يعادل 6 مليارات دولار أمريكي، أي ما يعادل 22 مليار ريال، كان أغلبها من المنح بواقع 96 % والقروض التنموية الميسرة بواقع 4 %. وقد توزعت هذه المساعدات على أكثر من 100 دولة حول العالم وعلى المنظمات الدولية ومتعددة الأطراف. والتي شملت قطاعات التعليم والرعاية الصحية والنمو الاقتصادي والتغير المناخي والأمن الغذائي، ودعم ميزانيات الدول الشقيقة، والمساعدات الإغاثية العاجلة وغيرها.
ويوازي هذا الدعم السخي ما متوسطه 0.4 % من إجمالي الدخل القومي القطري في تلك الفترة والتي تم تسجيلها بلجنة المساعدات التنموية، مـا وضع دولة قطر في مصاف الدول المتقدمة في حجم الصرف السنوي على مشاريع التنمية الدولية. فيما يبلغ متوسط المساعدات السنوية المقدمة ما يقارب 575 مليون دولار أمريكي.

آلية اختيار المستفيدين
► هل توجد آلية لاختيار البلدان والمنظمات المستفيدة من المشاريع التنموية لصندوق قطر للتنمية؟
◄ أود التأكيد في هذا الصدد على أننا ليس لدينا حدود جغرافية، ولكن نركز مشاريعنا بالبلدان الواقعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى الأفريقية، ومنطقة وسط وجنوب آسيا. ولكن هذا لا يعني أننا لا نعمل خارج هذا النطاق الجغرافي إذا ما دعت الحاجة.
ومن ناحية أخرى، وبما يخص آلية اختيار القطاعات ذات الأولوية، يعتمد الصندوق على تحديد حاجة القطاعات بناء على: الإستراتيجية الوطنية للبلدان المستفيدة، والتشاور مع الشركاء الإستراتيجيين في البلدان المستفيدة والاستماع إلى أولوياتهم، والتحليل الفني لخبراء الصندوق للبلدان النامية.
** في العالم العربي الاضطرابات السياسية تؤثر على العلاقات بين الدول.. فإلى أي مدى تأثر عمل الصندوق بأي خلافات سياسية على المستوى الرسمي في تنفيذ مشاريعكم؟
– أي تقلبات سياسية لا تؤثر على استكمال مشاريعنا في أي دولة، انطلاقاً من مبدأ قطر في الإيفاء بالتزاماتها تجاه الدول.

لا سقف للمساعدات
► هل يوجد سقف للمساعدات التي تُخصص لكل دولة؟
◄ لا يوجد هناك سقف محدد يتم تحديده لكل دولة، بل يتم تقديم المساعدات المقدمة من قبل صندوق قطر للتنمية بالنظر إلى عدة عوامل، أهمها الحرص على التركيز في تقديم المساعدات إلى الدول النامية المحتاجة، وبناءً على التعهدات والالتزامات المتفق عليها، وعلى حسب الأوضاع المتغيرة سواء على الصعيد الاقتصادي والتنموي والإنساني والصراعات والكوارث البيئية والصحية وغيرها من التحديات.

الشراكات مع المنظمات
► بالتأكيد جميع هذه الجهود تتطلب شراكات مع منظمات إنسانية محلية.. فهل يمكن أن تطلعنا على أبرز تلك الشراكات؟
◄ نحن نأخذ دورا رياديا في مشاريع العمل الإنساني والمشاريع التنموية، وعندما نعمل في دولة ننسق مع مختلف المنظمات المحلية التي تعمل في المجال الإنساني مثل منظمة التعليم فوق الجميع، وقطر الخيرية، والهلال الأحمر القطري.. كما نعمل أيضاً مع الوزارات مثل وزارة التربية والتعليم، وأشغال، وغيرها من المؤسسات، فنحن نتحرك كدولة وليس كجهة واحدة.

مشاريع دعم التعليم
► هل يُمكن أن تطلعنا على أبرز مبادراتكم لدعم التعليم، باعتباره أحد أبرز الركائز للتنمية المستدامة؟
◄ يؤمن الصندوق بأن التعليم يعد من أهم الركائز لنهضة وازدهار الشعوب والمفتاح الرئيسي لتحقيق النجاح وتعزيز السلام، وضمان الاستقرار والأمان لبناء مستقبل عادل ومنصف للجميع. ويعتبر قطاع التعليم من أكثر القطاعات التي يمولها الصندوق نظراً لدوره المهم في تحقيق الحياة الكريمة ومن أبرز المبادرات في هذا القطاع هو «برنامج منح قطر» الذي تأسس في عام 2018، بالتعاون مع العديد من المؤسسات التعليمية في دولة قطر وخارجها. كما يعتبر الصندوق داعما رئيسيا لمؤسسة التعليم فوق الجميع، ووصلنا إلى توفير تعليم لأكثر من 10 ملايين طفل.
ودعماً لرؤية قطر 2030 يسعى برنامج منح قطر إلى زيادة الوصول إلى التعليم الجيد وبناء القدرات لقادة المستقبل من البلدان النامية من خلال سد الفجوة وخلق الفرص عبر توفير المنح الدراسية وبالتالي تمكينهم لتحدي العديد من الأزمات والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة في دولهم وتعزيز الأمن والاستقرار حول العالم. واليوم يفخر البرنامج بوجود تنوع طلابي يضم أكثر من 700 طالب دولي من 90 دولة مختلفة منذ إنشائه.

التنمية الاقتصادية
► وماذا عن المشروعات في مجال التنمية الاقتصادية؟
◄ يعتمد الصندوق نطاقا واسعا للاستجابة لمختلف قضايا التنمية الاقتصادية، نظراً لأهمية قطاع النمو الاقتصادي في توفير أساسيات الحياة والتي يترتب عليها دعم قضايا حقوق الإنسان وتحقيق الرفاه للشعوب، حيث إن الاقتصاد يمثل أهم معيار لتحديد نجاح الدول وازدهارها. ووصلت قيمة المساعدات في هذا القطاع إلى ما يقارب 1.9 مليار دولار أمريكي وتشمل العديد من المشاريع والأنشطة أبرزها: تمويل مشاريع كبرى تساهم في النمو الاقتصادي والبنية التحتية في المناطق النامية، مثل المساهمة في مشاريع الكهرباء، والمجمعات الخدمية والوحدات السكنية، والمشاريع المتعلقة بالمناطق الريفية ومشاريع الطرق والمطارات، بالإضافة إلى تعزيز التمكين الاقتصادي من خلال دعم مختلف المهن والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتطوير القوى العاملة.

الرعاية الصحية
► باعتبار الصحة أحد أبرز القطاعات التي يدعمها الصندوق.. فما هي أبرز جهودكم في هذا القطاع الحيوي؟
◄ قطاع الرعاية الصحية أيضا من أهم القطاعات الرئيسية نظرا لأهمية هذا القطاع في تحسين وازدهار الحياة البشرية حيث بلغت قيمة المساعدات المقدمة في عام 2023 ما يقارب 999 مليون دولار أمريكي. وتشمل أنشطة الصندوق مساعدة البلدان النامية والمنظمات العالمية بمختلف المشاريع والمبادرات والبرامج المتعلقة بالرعاية الصحية، المساعدة في الجهود المبذولة لمكافحة وتخفيف تأثير الأمراض والأوبئة والكوارث الصحية خاصة في المناطق النامية بشكل خاص وبين السكان المعرضين للخطر، وتوفير الموارد الطبية مثل اللقاحات والأدوية والمعدات والأجهزة للأفراد والمجتمعات المحتاجة، وتعزيز رفاهية المجتمعات من خلال توفير الوصول إلى المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي، وكذلك تعزيز ممارسات النظافة.

شركاء الصندوق
► هل تعتمدون على شركاء في كل دولة لتنفيذ الأعمال الإغاثية والمساعدات الإنسانية؟
◄ يحرص الصندوق على أهمية تضافر الجهود لتلبية الاحتياجات العالمية وإحداث أكبر أثر إيجابي ممكن استنادًا إلى ذلك، ويسعى إلى تعزيز التعاون الدولي وتطوير علاقات وشراكات ثنائية ومتعددة الأطراف مع المنظمات الدولية والأممية. من خلال هذه الجهود تزدهر المعرفة والموارد والتكنولوجيا لمواجهة التحديات العالمية وتحسين وضع الفئات الأكثر احتياجًا في البلدان النامية في مجالات مثل الصحة والتعليم والتمكين الاقتصادي والتكيف مع التغيرات المناخية.
ويقدم الصندوق الدعم لهذه المنظمات على مستوى المشاريع أو عبر برامج تمويل مرنة تضمن استمرارية هذه المؤسسات. ومن أبرز الشراكات: الصندوق العالمي لتعزيز الرعاية الصحية والقضاء على وباء الإيدز والسل والملاريا، والتحالف العالمي للقاحات والمناعة (GAVI) لدعم برامج التحصين في البلدان النامية، كما يدعم الصندوق المعهد العالمي للنمو الأخضر لخلق فرص عمل خضراء وتطوير الصناعات الخضراء.
بالإضافة إلى دعم العديد من منظمات الأمم المتحدة التي تستهدف مختلف القطاعات مثل: الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وكذلك برنامج الأغذية العالمي للمساعدات الغذائية. كما يعمل الصندوق على توفير الدعم المرن متعدد السنوات للوكالات الأممية لضمان سرعة استجابة الوكالات للاحتياجات وتقديم البرامج والمشاريع التنموية والإنسانية للبدان الأكثر حاجة.

قائمة الدول المستفيدة
► وفقاً لأجندة الصندوق من هي الدول التي تتصدر مساعدتكم؟
◄ يحرص الصندوق للاستفادة من كفاءات ومهارات دولة قطر لتحقيق النتائج المرجوة، وتقديم خدمات تتوافق مع معايير عالمية رائدة وحلول مبتكرة لتمكين الشعوب ولقد قدم الصندوق منذ نشأته وحتى يومنا هذا مساعدات تنموية وإنسانية إلى أكثر من 100 دولة، ولاسيما توفير الأدوات المالية للبلدان النامية في العالم العربي وخارجه والاستجابة الفعالة للمساعدات، حيث تركزت مساعدات الصندوق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتحديداً للدول الشقيقة فلسطين متصدرة، وبعدها تأتي الصومال وتليها السودان وسوريا واليمن، ومن ثم تلتها مساعدات سخية إلى الدول ذات الأولوية في كـل مـن قــارة أفريقيا وآسيا، ومن ثم الدول الأخرى حول العالم والموجودة في القارات الأمريكتين وأوروبا وأوقيانوسيا.

مشاريع الصندوق في فلسطين
► باعتبار الدول العربية على رأس أولوياتكم.. ما هي أبرز المشاريع التنموية التي نفذها الصندوق في فلسطين؟
◄ دعماً لتعزيز الفرص التعليمية، تم تقديم منحة مالية من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله» لجامعة بيرزيت الفلسطينية للارتقاء بالعملية التعليمية والبحث العلمي في الجامعة عن طريق وزارة الخارجية خلال عام 2013- 2017، وقد باشر صندوق قطر للتنمية في إدارة المنحة خلال العامين 2016 و2017 وقد انتهت باستفادة 2000 طالب من خلال منح دراسية فصلية. كما تم توقيع اتفاقية منحة بـين صندوق قطر للتنمية وجامعة بيرزيت 2018م، مدتها خمس سنوات، وتهدف هذه المنحة إلى تعزيز جودة التعليم من خلال تقديم منح دراسية لدعم (1,301) طالب وطالبة حتى عام 2024 وتعزيز البنية التحتية للجامعة لتحسين البيئة الأكاديمية.
كما تم توقيع اتفاقية بين صندوق قطر للتنمية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى كما تم التبرع بمبلغ 50 مليون دولار من أجل حماية سبل وصول لاجئي فلسطين للتعليم الأساسي، بالإضافة لمبلغ 16 مليون دولار أمريكي. جاءت هذه المساهمة في الوقت المناسب للوكالة الذي مكنها من فتح مدارسها في الوقت المحدد لحوالي 530،000 من الطلاب والطالبات اللاجئين في 711 مدرسة تابعة للأونروا.
وفي عام 2021 وقع صندوق قطر للتنمية اتفاقية مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، لتقديم دعم مالي لأنشطة المنظمة الأممية على امتداد سنتين 2021 – 2022 بمبلغ 18 مليون دولار أمريكي، مع تقديم دعم إضافي شامل للاجئين الفلسطينيين في سوريا في قطاعات الصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية بمبلغ إجمالي قدره 7 ملايين دولار أمريكي.
هذا بالإضافة إلى دعم وتشغيل مستشفى صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للتأهيل والأطراف الصناعية في غزة، دعما لجهود دولة قطر الرامية إلى تعزيز الرعاية الصحية في فلسطين، إذ قام الصندوق بالتعاون مع وزارة الصحة العامة القطرية بإنشاء مستشفى سمو الأمير الوالد لإعادة التأهيل والأطراف الصناعية في غزة في 2019 على مساحة 12,000 متر مربع، بسعة استيعابية لعد 100 سرير ويقدر عدد المستفيدين من المستشفى بـ 42,589 مستفيدا. كما أنه تم توظيف الطاقم الطبي والإداري وشراء المستلزمات الطبية اللازمة للتشغيل.

المشاريع في الدول العربية
►  وماذا عن المشاريع المقدمة للشعوب العربية الأخرى التي واجهت أزمات وصراعات؟
◄ إن صندوق قطر للتنمية حريص على الإيفاء بتعهدات دولة قطر تجاه الشعب السوري الشقيق، فمنذ بداية الأزمة السورية تعهدت دولة قطر لصالح الشعب السوري الشقيق على مدار أكثر من ست سنوات منذ عام 2016م وحتى عام 2022م (مؤتمر لندن ومؤتمرات بروكسل)، وفي هذا الشأن بلغ مجموع تعهدات دولة قطر لصالح الشعب السوري 650 مليون دولار أمريكي، وما زالت دولة قطر حتى الآن مستمرة في دعم الشعب السوري الشقيق ومستمرة في العمل على الإيفاء بتعهداتها والتزاماتها الدولية.
وفي اليمن، وجَّه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني «حفظه الله» بتخصيص 100 مليون دولار أمريكي، دعما لجهود برنامج الأغذية العالمي في اليمن في عام 2021م، وفي شهر نوفمبر من نفس العام وقع صندوق قطر للتنمية اتفاقية مع برنامج الأغذية العالمي لتقديم مساهمة مالية بقيمة 90 مليون دولار أمريكي للمساعدة في تلبية احتياجات الأمن الغذائي العاجلة في اليمن، بهدف درء خطر المجاعة الذي يهدد ملايين اليمنيين بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وتأثير جائحة كوفيد- 19، حيث إن عدد المستفيدين المتوقع من العائلات والأفراد لهذه المساهمة المالية هو 7.6 مليون شخص. كما يسعى الصندوق جاهدًا إلى تقديم الدعم اللازم لأنشطة وبرامج تستهدف اللاجئين لضمان حياة كريمة ومستدامة لهم، ويعمل على تقديم الدعم الشامل للأسر المحتاجة الذي يتضمن توفير مساعدات نقدية لتلبية احتياجاتهم، وتوفير مواد غذائية لضمان تغذيتهم الصحية، وكذلك توفير سكن آمن وملائم. بالإضافة إلى ذلك، يسعى الصندوق إلى تعزيز التعليم الأساسي للأطفال والبالغين من خلال توفير فرص تعليمية، وضمان حياة كريمة ومستدامة لهم.
منذ عام 2012م وحتى أكتوبر من العام 2022م قدم صندوق قطر للتنمية مساعدات خارجية لصالح النازحين واللاجئين في العراق، وليبيا، وفلسطين، والسودان، وسوريا واليمن بمبلغ أكثر من 388 مليون دولار أمريكي، والتي تضمنت عدة مشاريع في عدة قطاعات (التعليم، والصحة، والتمكين الاقتصادي، والإغاثي).
وفي لبنان، بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت، تعهدت دولة قطر بتقديم المساعدات للجمهورية اللبنانية وبمبلغ قدره (50) مليون دولار أمريكي، وفقاً لمؤتمر المانحين الذي عُقد في باريس، كما وقعنا مذكرة تفاهم مع وزارة الصحة اللبنانية لإعادة إعمار وتجهيز المبنى (ب) لمستشفى كارنتينا حيث تضرر المستشفى القديم بنسبة كبيرة من انفجار مرفأ بيروت، وقد بلغت قيمة المنحة (30) مليون دولار أمريكي مع قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري، حيث سيساهم صندوق قطر للتنمية بمبلغ وقدره 15,164,850 دولارا أمريكيا. بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص مبلغ وقدره 5 ملايين دولار أمريكي على مدى ستة أشهر، لشراء مادة المازوت من السوق المحلي اللبناني وتوزيعه من قبل وزارة الصحة للمستشفيات والمراكز الحكومية الأكثر احتياجاً.
►  هل نتوقع أن تتخذ منظمة دولية إغاثية من الدوحة مقراً لها؟
◄ نأمل ذلك، ونحن نعمل على تقوية قطاع التنمية لكي تصبح دولة قطر مركزا رئيسيا للعمل التنموي والإنساني، ووجهة رئيسية لجميع الفاعلين في هذا المجال.

رسالة الصندوق
► أخيراً.. ما هي الرسالة التي يحملها الصندوق إلى العالم بوجه عام، وإلى المواطن القطري بشكل خاص؟
◄ عمل الدولة فيما يتعلق بمجال المساعدات الإنسانية، يعكس طبيعة هذه الدولة، وأعتقد أن المواطن القطري يرى هذا الشيء في نفسه، ونرى الآن مساهمة أفراد المجتمع في المساعدات المقدمة إلى الدول، ونحن نعمل يداً بيد مع جميع شركائنا من أجل تحقيق أهدافنا وغاياتنا، ومد يد العون للمحتاجين، وتحقيق التنمية المستدامة في الدول الأشد فقراً، والتي عانت من ويلات الحروب والنزاعات.

سفراء الأيادي البيضاء
►  هل يمكن أن تُحدثنا عن دور سفراء الأيادي البيضاء بالصندوق في تنفيذ المشاريع التنموية والإغاثية؟
◄ يفتخر صندوق قطر للتنمية بكوادره الشابة، التي تبذل جهوداً كبيرة من أجل التنسيق، ومتابعة المشاريع التي يجري تنفيذها في مختلف البلدان. وبالنسبة إلى فريق العمل بالصندوق فإن 90 % منهم قطريون، و80 % من الفتيات، وهو أمر يدعو للفخر، ويعكس مدى حرص الشباب القطري على مد يد العون للشعوب المحتاجة، انطلاقاً من سياسة الدولة في هذا الشأن.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x