مقالات

«نحرّم» على أبنائنا ما نحلله للآخرين!

منذ أكثر من ثلاث سنوات اعتمد المجلس الأعلى للتعليم قائمة بالجامعات التي يتم إرسال أبنائنا الطلبة إليها للدراسة ما بعد الثانوية العامة، وهي جامعات جميعها أمريكية وغربية على وجه العموم، وتمثل صفوة الجامعات العالمية، وهو أمر جيد، وان كان هناك وجه آخر به جوانب سلبية أو معوقة لمواصلة أبنائنا الدراسة في تلك الجامعات.

إلا أن حديثي لن يكون في هذا الجانب، على الرغم من أهميته، ففي الوقت الذي نطالب فيه أبناءنا بمواصلة التحصيل العلمي في جامعات عالمية كبرى، وفي الوقت الذي نرفض لأبنائنا نظام الانتساب، وفي الوقت الذي “نحرّم” على أبنائنا الالتحاق بالجامعات العربية، ونلزمهم بالجامعات الأمريكية والأوروبية، فان الوضع بالنسبة للمستقدمين للعمل من مختلف الجنسيات وفي مختلف الوزارات والمؤسسات أنهم لا تنطبق عليهم هذه الإجراءات الصارمة، ولا يسري عليهم هذا التوجه المعتمد والمفروض على الطالب القطري.

نظام الانتساب للجامعات غير مسموح به بالنسبة للقطريين، في حين انه متاح أمام الإخوة العرب المقيمين، وشهاداتهم تتم مصادقتها واعتمادها وقبولها في مختلف الوزارات والمؤسسات في القطاعين العام والخاص، فكيف يمكن تفسير ذلك؟.

الالتحاق بالجامعات العربية غير مسموح به، أو بمعنى أدق لا يتم ابتعاث الطلبة القطريين إلى أي جامعة عربية، في حين أن الذين يعملون في مختلف القطاعات بما فيها قطاع التعليم، هم في غالبيتهم من خريجي هذه الجامعات، كما أن الذين يتم التعاقد معهم من الخارج هم في الغالب من حملة شهادات جامعات عربية.

نعم هناك جامعات عربية هي دون المستوى، كما هو الحال مع جامعات في مختلف دول العالم، لكن في المقابل هناك جامعات عربية عريقة، ومتقدمة على جامعات أوروبية في الترتيب العلمي والبحثي حسب التصنيف الذي يصدره عدد من الجهات في دول العالم، وبالتالي فانه من الظلم معاملة كل الجامعات العربية معاملة المثل، ونفس الوقت فرض نظام على الطلبة القطريين لا يعمل به مع غيرهم.

اليوم إذا ما أتى موظف قطري بشهادة حصل عليها عبر الانتساب فانه لن تتم مصادقتها، وبالتالي لن تقدم تلك الشهادة شيئا بالنسبة لوضعه الوظيفي، أما زميله الآخر غير القطري إذا ما حصل على نفس الشهادة عبر الانتساب فانه تتم مصادقتها واعتمادها، ومن ثم النظر بمنحه درجة وظيفية في عمله!.

ونفس الأمر فيما يتعلق بالمتعاقد معهم من الخارج في وزاراتنا ومؤسساتنا المختلفة، الذين يأتون على درجات وظيفية عالية، وامتيازات متعددة، فانه لا ينظر في الغالب إلى الجامعة التي حصل منها ذلك الموظف المتعاقد معه على الدرجة الجامعية، بقدر ما يكتفى بالنظر في وجود شهادة جامعية فحسب، ومن ثم التعاقد معه واستقدامه.

جميل وضع معايير وضوابط في العملية التعليمية فيما يتعلق بالحصول على الشهادات الجامعية وما فوقها، ومهم ايضا اختيار جامعات ذات سمعة عالمية، واداء علمي واكاديمي مميز، لكن ان يكون ذلك على حساب الطالب او الموظف القطري فان هذا الامر بحاجة الى اعادة نظر فيه، وبحاجة الى دراسة وتقييم من جديد، لتعزيز الجوانب الايجابية، وتلافي القصور والسلبيات في النظام الذي تم اعتماده، سواء فيما يتعلق بنظام الانتساب او الجامعات المختارة للابتعاث في مختلف دول العالم، حتى الجامعات المدرجة حاليا في قوائم الابتعاث، فان ذلك لا يعفي من اعادة تقييمها.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x