مقالات

شعوب الخليج بعد أن كانت تتطلع إلى إزالة الحدود أصبحت تعتقل عند الحدود!

16 يوماً مضت على اعتقال شابين قطريين في مركز {الغويفات} الإماراتي

مضى 16 يوما على “اعتقال”.. “اختفاء”.. “اختطاف”.. مواطنين قطريين لدى وصولهما الى مركز “الغويفات” بدولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة، دون ان يتم الاعلان رسميا بأي حرف من قبل الاشقاء في الامارات، الا بتسريبات من قبل الامارات واجهزتها الامنية نشرتها صحف اماراتية.

على الطرف الآخر.. قامت وزارة الخارجية القطرية في 9 يوليو الحالي بنشر بيان واضح بعد تلقيها شكوى من قبل اهالي المواطنين بعد اختفائهما يوم 27 يونيو الماضي على الحدود الاماراتية، وتحديدا في مركز الامارات الغويفات التابع لسلطة ابوظبي، ولم تتلق الخارجية القطرية اي تعليق من نظيرتها الاماراتية، وهو ما يثير الدهشة والاستغراب لهذا الصمت من قبل الاشقاء في الامارات.

قبل هذا وذاك.. سبق لـ “الشرق” في العدد الصادر يوم 7 يوليو الحالي ان قامت بنشر تفاصيل دقيقة عن كيفية اعتقال الشابين في المركز الحدودي الاماراتي “الغويفات”، ولم يصدر اي نفي من قبل السلطات الاماراتية بذلك، وهو اقرار فعلي باعتقالهما، ولا يوجد تفسير آخر، خاصة ان عائلتي الشابين حاولتا زيارتهما الا ان سلطات الامارات رفضت ذلك، ولم تفصح عن مكانهما او الاسباب التي دفعت لاعتقالهما.

وبالرغم من ذلك لم يشأ الاعلام القطري فتح الباب على مصراعيه لتناول القضية، وفضل قدر الامكان التريث، وترك المجال للجهات المعنية للتواصل مع الاشقاء لمعرفة القضية، ونحن على ثقة ان الجهات المعنية القطرية بادرت منذ اللحظة الاولى للوقوف على اسباب اعتقال الشابين، لكن التجاوب من الاشقاء لم يكن موجودا نهائيا، وهو ما يثير الكثير من الدهشة لهذا الموقف غير المبرر.

الإعلام الاماراتي حسبما سرب له من السلطات ادعى ان الشابين هما خلية تجسس، وليته ادعى امرا آخر، فمن السذاجة اقناع الرِأي العام الاماراتي قبل الخليجي بمثل هذه القضية، ثم على ماذا تتجسس قطر حتى ترسل “جواسيس” للامارات، وهل لقطر سوابق في هذا المجال، عكس دول اخرى، لها سوابق؟!

ثم اي خلية تجسس يتم اعتقال اعضائها في اللحظة الاولى لدى وصولها الى المركز الحدودي، الا اذا كان لدى الاخوة في الامارات قراءة مستقبلية، وعلم بالغيب، لما سيقوم به هؤلاء الشباب عند دخولهم الى الاراضي الاماراتية، والا فليس هناك تفسير آخر لما اقدم عليه الاشقاء، او ان اعلامهم قد “ورطهم” في “فبركة” قضية وهمية، لكن من المؤكد ان هذا الاعلام لا يمكن ان ينشر كلمة واحدة عن هذا الامر الا بموافقة وايعاز مسبق من الاجهزة الامنية.

ولا استبعد ان الفريق الامني الاماراتي يبحث الآن عن مخرج لـ “ورطة” التجسس التي اشاعها عبر الأذرع الاعلامية، وربما يرسم سيناريوهات لمسرحية جديدة، قد توقعه في “مزالق” اخرى، وتدخله “نفقا” مظلما، وتزيده ارباكا.

ولا استبعد ايضا ان يتم عرض اجهزة امنية والادعاء ان هذه الاجهزة قد تم ضبطها مع هذين الشابين..!

زميل لي رئيس تحرير بصحيفة اماراتية كتب مقالا اشار فيه بعد ان تهجم فيه بالطبع على قطر، واساء اليها، وهو ما تعودنا عليه للاسف الشديد من اشقائنا في الامارات خلال الفترة الاخيرة؛ الى ان السجن هو المكان المناسب لكل من يعتدي على أمن الامارات، وانا اؤيده تماما في هذا المنحى، فأمن الامارات هو امن قطر، وهو كذلك بالنسبة لأي دولة خليجية، فأمن جميع هذه الدول واحد، ولا اريد ان اذكر هنا مواقف دولة قطر في التصدي لأشخاص ومنظمات كانت تريد الاساءة والإضرار بأمن واستقرار بعض الدول الخليجية، فكان ان تم ايقافهم في قطر، وسلموا لتلك الدول، ولم تتحدث قطر عن هذا الدور، لأنها تؤمن بأن امن اي دولة خليجية هو امنها.

واسأل هنا اخي رئيس التحرير بعد ان مضى 16 يوما على اعتقال الشابين القطريين: ما هي تهمة هذين الشابين؟ ولماذا لم تصدر الجهات الامنية بيانا بذلك؟ وهل يعقل اعتقال اشخاص على المراكز الحدودية والادعاء بأنهما يشكلان خطرا على امن الدولة، ناهيك عن تهمة التجسس وتشكيل خلية، وهما اصلا لم يدخلا بعد الى الاراضي الاماراتية؟ ثم لماذا لم يتم اشعار قطر بذلك طالما التهمة مؤكدة؟ ولماذا لم يسمح حتى هذه اللحظة بزيارة لهما حتى من اسرتيهما، هل هذه من عادات وقيم واخلاقيات الاسرة الخليجية؟ وهل مثل هذا الامر مناسب حدوثه ونحن في هذا الشهر الفضيل؟ وهل القوانين والتشريعات الاماراتية والدولية تقر حجز الافراد دون تهمة؟ وهل ذلك ايضا يسمح بعدم حضور محام او السماح للدولة التي ينتمي لها الشخص بزيارته او قيام اسرته برؤيته؟ هل هذا يمثل جوانب انسانية..؟…

قضية د.محمود الجيدة بالتأكيد ليست بالغائبة، فبعد نحو 9 اشهر من الاعتقال، اعلنت الجهات المعنية عن التهم الموجهة له، وبدأت ما يعرف بالمحاكمات.. هل يعقل ذلك؟!

علما بأنه اعتقل في مطار دبي خلال رحلة ترانزيت، وتم التكتم على اعتقاله لأكثر من اسبوع، وبعد ضغوط تم الكشف عن اعتقاله في مطار دبي ثم تحويله الى ابوظبي.

هذه الامور ليست تجنيا على اشقائنا في الامارات، فما ذكر هي حقائق، وما نشرناه ايضا في الشرق يوم 7 يوليو الحالي بالتفاصيل والاسماء ومكان الاعتقال وكيفية الاعتقال، ليس تجنيا، ولم يظهر مسؤول اماراتي لينفي او يؤكد الخبر.

هل يقبل اشقاؤنا في الامارات ان يتعرض ابناؤهم لمثل هذه الحالات دون ذنب او تهمة واضحة؟ هل يقبلون ان يعتقلوا في المراكز والمنافذ الدولية كما فعلت مع ابناء قطر في المطارات وعبر المنافذ البرية؟

نحن في قطر تعاطفنا كثيرا مع أخواتنا الاماراتيات اللاتي تعرضن للاعتداء والغدر في لندن في ابريل الماضي، واعتبرنا ان هؤلاء الفتيات لسن اماراتيات فقط، بل هن قطريات، وآلمنا كثيرا ما وقع لهن من اجرام غادر، وجريمة بشعة، لأننا نعتقد اننا اسرة واحدة.. اسرة خليجية واحدة، ما يجمعنا اكثر بكثير مما يفرقنا، لن اتحدث عن الجوانب الاسرية والاجتماعية والمصير الواحد..، يكفي التحديات المحدقة بنا جميعا من كل حدب وصوب.

كلنا عندما نذهب الى اوروبا ننتقل بالسيارة من بلد لآخر دون ان نشعر بانتقالنا من بلد لآخر، ودون ان نمر على مركز حدودي، ودون ان يوقفنا احد.. ونحن اجانب بالنسبة لهم، بينما نحن في دولنا الخليجية لا يمكننا ان نمر من مركز حدودي دون التوقف والانتظار، وربما التفتيش والتعطيل..

ليت الامر اقتصر على ذلك، فبعد ان كانت شعوب الخليج تتطلع الى الانتقال الى مرحلة الاتحاد وازالة الحدود..، باتت اليوم تخشى ان تمنع من الدخول او تعتقل عند الحدود..!.

خليجنا امام مفترق طرق.. لا ينبغي السماح للدخلاء الذين تسللوا الى مواقع القرار في بعض دولنا، واصبحوا “مستشارين” و”صناع قرار” وهم مطرودون من اوطانهم وتلاحقهم المحاكم في قضايا اجرام وقتل وفساد.. بأن يسيئوا الى علاقاتنا الأخوية، وأن يخرقوا خرقا في سفينتنا الخليجية، فوالله إن هؤلاء سيكونون اول الهاربين اذا ما تعرضنا لأي أزمة لا قدرالله، هؤلاء لو كان فيهم الخير لعملوا لأوطانهم.. إنهم يتآمرون على خليجنا.. انهم حاقدون على خليجنا.. انهم يريدون الانتقام من كل الخليج.. يريدون ضرب بعضنا ببعض من اجل مصالحهم الشخصية وبقائهم في مناصبهم.. لا يحك جلدك مثل ظفرك..

أشقاؤنا في الإمارات.. الشيخ زايد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته عرف بالحكمة وأنه حكيم العرب.. فأين أنتم منه.. نريد الحكمة ان تسود سياساتكم وقراراتكم وتوجهاتكم..

ثقوا ان لكم في قطر إخوة على السراء والضراء.. والله اذا ما تعرضت اي دولة خليجية للخطر لن ينفعنا احد سوى بعضنا بعضا، نحن في قطر قيادة وشعبا لا نقبل ان تتعرض الامارات الشقيقة لأي سوء، والحال نفسه مع باقي دولنا الخليجية…

خذوا حذركم ايها الاخوة والاشقاء في الامارات من مستشاري السوء، الذين يزينون الامور، ويفتعلون المعارك، ويدخلونكم في اوهام المؤامرات..

الشابان القطريان اللذان اعتقلا وهما يوسف عبدالصمد الملا وحمد علي الحمادي انا على ثقة ان لهما اهل واقارب في الامارات، فليس هناك بيت في قطر او الامارات او اي دولة خليجية الا وله اهل واقارب ومعارف.. هذه حقيقة لا يمكن القفز عليها.

16 يوما مضت ولا يعرف مصير هذين الشابين.. فماذا يمكن ان نسمي ذلك.. اعتقالا.. احتجازا.. اختطافا..؟!

نريد إجابة من الاشقاء في الامارات..

 

.. ولنــا كلمة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x