مقالات

قطر توحِّد الأمة

حلم المونديال قطر 2022

مسيرة قطر طوال السنوات الماضية لم تخل من إنجازات وضعت الوطن في مصاف الدول المتقدمة، سواء كانت أنجازات سياسية أو اقتصادية أو رياضية أو اجتماعية…، لكن الانجاز الاخير المتمثل بالفوز باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 له طعم وطني آخر، وبعد عربي أشمل، لذلك جاء الاستقبال المهيب بالامس لسعادة الشيخ الفارس محمد بن حمد آل ثاني رئيس لجنة ملف قطر 2022 واعضاء اللجنة، والذي بالتأكيد جاء على قدر الانجاز الكبير الذي تحقق قبل يومين في زيوريخ.

هذا الانجاز الذي حققته قطر بفضل من الله اولا، ثم بالرؤية والفكر والاستراتيجية التي قادها سمو الامير المفدى حفظه الله ورعاه، هو انجاز بالتأكيد لقطر، لكن بنفس القدر هو انجاز للعرب.. انجاز للامة العربية، التي لطالما بحثت عن بارقة امل في ظل كثرة الالم، لذلك وجدنا هذا الفرح والابتهاج يعم كل العرب من المحيط الى الخليج، فقد رأينا مسيرات المحتفلين في كل العواصم العربية، ورأينا التفاعل الاعلامي الكبير مع الفوز القطري، خاصة انه جاء بجدارة واستحقاق ومنافسة قوية مع ملفات دول كبرى، كما هو الحال باستراليا واليابان وكوريا وامريكا، والاخيرة التي ظلت تنافس حتى المرحلة الاخيرة، التي وجهت لها قطر فيها ضربة قاضية اوقعتها ارضا، وهو ما افقد رئيسها اوباما صوابه عندما نطق “كفرا” بأن اسناد الفيفا تنظيم مونديال 2022 الى قطر قرار خاطئ.

لقد تعودت الادارة الامريكية ورؤساؤها ان كل ما يريدونه يحصلون عليه، ويجب ألا يقف احد في وجههم او ينتزع حقا مشروعا له من بين ايديهم، فكيف بدولة صغيرة جغرافيا ان تحسم معركة داخل منظمة دولية لصالحها، وبفارق اصوات كبير في جميع مراحل التصويت وليس فقط في المرحلة الاخيرة، التي فازت فيها قطر بنتيجة 14 صوتا مقابل 8 اصوات.

طبيعي ان تحصد قطر هذا الفوز، لأنها عملت بجد واخلاص، وخططت بصورة سليمة، ووضعت استراتيجية محددة، وعمل ممنهج، بعيدا عن التنظير، صاحب ذلك ارادة وتصميم واصرار على تحقيق الهدف، فكان ان تحقق ذلك، فليس شرطا ان تكون كبيرا في المساحة، او لديك مئات الملايين من السكان، في ان تحقق مكاسب او انجازات، اذا لم تعمل وفق رؤية وهدف، واعتمدت فقط على “ارهاب” الآخرين، والسعي لممارسة ضغوط سياسية عليهم، من اجل الحصول على مشاريع عمل الآخرون لها بصورة اكثر جدية واخلاص واصرار.

لقد قدمت قطر رؤية واضحة لما تريد، ودعمت ذلك بملف متكامل، اقنعت به دول العالم والاتحاد الدولي لكرة القدم، وهو ما تقوم به في كل الملفات التي تحملها بتفان، وتدافع عنها بإخلاص واصرار وعزيمة، فقد رأينا ذلك في المصالحات التي قامت بها قطر بين عدد من الدول العربية، والتي ساهمت في استقرار تلك الدول، واحلال السلام فيها.

لقد سخرت قطر وقيادتها امكاناتها من اجل خدمة قضايا امتها، وبذلت في سبيل ذلك الكثير، ولم تتوان عن القيام بأي دور يخدم مصالح الامة، ويصلح بين دولها.

هناك من يقول ان قطر دولة غنية، ولديها امكانات مادية كبيرة، وهذا صحيح، لكن كل الدول العربية لديها امكانات مادية بنسب متفاوتة، والبعض منها يمتلك اكثر من قطر، لكن ما الدولة التي شيدت مؤسسات فكرية واعلامية وثقافية كما فعلت قطر؟ وما الدولة التي اقدمت على قيادة مبادرات تصالحية بين الدول العربية كما فعلت قطر؟ ومن هو الرئيس او الزعيم او القائد الذي انتصر لغزة والقدس والسودان واليمن ولبنان وجزر القمر.. كما فعل امير قطر؟.

المال ليس كل شيء اذا لم تكن هناك رؤية وفكر وهدف….

إن الجهود الجبارة التي قام بها سمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه من اجل خدمة قضايا الامة العربية والاسلامية لهي اكثر من ان تعد، وتحمل في سبيل ذلك الكثير من الاذى، ولكن صبر على ذلك.

قطر على الرغم من جغرافيتها الصغيرة، فانها تقدم يوميا دروسا للعرب في كيفية الاعداد والتخطيط، وامتلاك الارادة التي تعمل دون كلل، والاصرار على تحقيق الهدف، وليس عيبا ان نستفيد من تجارب بعضنا بعضا، فياليت يستفيد العرب من التجربة القطرية الواعدة، والدبلوماسية النشطة، والقيادة الحكيمة، والادارة الواعية، والرؤية السديدة، والفكر الناضج، وان ندفع بالكفاءات، لتحمل المسؤوليات، والتصدي للمهام الصعبة كما فعلت قطر، التي قدمت نموذجا مشرفا من شبابها، خلال تنفيذ المهام، او تصدرهم الواجهات العامة، والنموذج الاقرب لذلك العرض الختامي لملف قطر في الفيفا.

قدمت قطر من خلال ابنائها في هذا العرض، العرب بصورة جديدة وحضارية، وقالت للعالم هؤلاء هم ابناء قطر وابناء العرب.

لقد وحدت قطر الامة العربية بفوزها بملف استضافة كأس العالم 2022 لكرة القدم، فكانت فرحة عارمة في كل العواصم والشوارع العربية، وكان هناك ايضا ترحيب دولي بهذا الفوز باستثناء امريكا واسرائيل وهو ما يدل على المكانة الكبيرة التي تتمتع بها قطر وقيادتها دوليا، والحضور القوي والفاعل لها على مختلف الاصعدة، وثقة العالم بها بفضل حكمة قائدها.. فهنيئا لهذا الوطن الغالي بهذا القائد العظيم.

 

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x