مقالات

لله درك يا تميم

“اللهم اجعلنا من الذين تحبنا شعوبنا ونبادلها حباً بحب”..

بهذا الدعاء العظيم اختتم سمو الأمير المفدى -حفظه الله ورعاه- خطابه الشامل أمس أمام القمة العربية المنعقدة في دولة الكويت الشقيقة، صاحبة المواقف الجليلة، بعد أن استشهد سموه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم”.

هذه الكلمات التي خرجت من قلب مخلص، دخلت القلوب قبل الآذان، واستشهد بها البعيد قبل القريب، في أننا بحاجة إلى مثل هؤلاء القادة.. قادة تحبهم شعوبهم ويبادلونهم نفس الشعور، وليس قادة فرضوا على الأمة فرضاً، لا يعرفون عن شعوبهم شيئاً.

لقد لامست كلمة سمو الأمير بالأمس قضايا الشعوب العربية.. تحدث سموه بلسانهم، متناولاً أحوالهم، واضعاً يده على الجراح المثخن بها جسد الامة، بدءاً من فلسطين الحبيبة، وحصار أهلنا في غزة العزة، مروراً بمعاناة الشعب السوري البطل، وتسويف النظام السوري الذي يستمر في غيه دون وازع من ضمير، معتقداً أنه بما يملك من أسلحة فتاكة ومحرمة دولياً يمكنه القضاء على تطلعات الشعب للحرية، إنها تطيل المعاناة فقط.. ولم ينس سموه بلدان الثورات، وما قامت به شعوبها وشبابها من أجل الحرية والكرامة الإنسانية التي مرغت في التراب على أيدي أنظمة متعددة، انغمست في الفساد والتسلط، ومارست القمع والإذلال ضد شعوبها..

تحدث سموه بكل أمانة في هذه المرحلة التاريخية والمفصلية التي تمر بها الأمة، والتحديات التي تواجهنا على أكثر من صعيد، مستشعراً حجم المسؤولية الملقاة على القادة، الذين تنتظر منهم الشعوب وقفة صادقة لتعديل المسار الذي نمضي فيه؛ لأننا إذا لم نتدارك الوضع فإن مستقبلنا ومستقبل أجيال الأمة معرض لضياع وتفتت، ولن يقل سوءاً عن فترات انهيار الأمة بعد سقوط الأندلس، وتوزعها إلى دويلات تقتتل فيما بينها، وتتحالف مع العدو من أجل مقاتلة شقيقتها.

إن العدو على الأبواب يتحين الفرصة؛ لكي يفترس ما تبقى من هذه الأمة، ولنا أخوة يقاومون بكل بسالة دون أن يجدوا دعماً أو مساندة أو ظهيراً من أمتهم.. إنهم في فلسطين وفي غزة المحاصرة، بل إن هناك من يتآمر عليهم مع العدو، لكسر شوكتهم، والقضاء على نفس المقاومة.

وفي سوريا تتعاون أنظمة عربية مع نظام القتل والإرهاب والإجرام من أجل استعباد الشعب السوري البطل، الذي انتفض من أجل حريته وكرامته، افلا يستحق هذا الشعب أن يعيش كما هو شأن شعوب العالم أجمع، لماذا الاستكثار على الشعب السوري الحصول على حريته.. إنه شعب عظيم، لن تهزمه آلة القتل والقمع التي يحملها النظام وداعموه ومؤيدوه..، قد تطول المعركة، ويسقط المزيد من الشهداء، وتزيد المعاناة، ولكن في نهاية المطاف سينتصر الشعب السوري عاجلاً أو آجلاً، ويأتي يوم القصاص لكل من تلطخت أياديهم بالدم السوري، مشاركة أو دعماً أو مواقف مخزية، أو سكوتاً عن قول الحق، أو الانتصار لهذا الشعب.

لقد اتخذ الإرهاب شماعة لقمع المخالفين في الرأي في عدد من الأنظمة العربية، فالوقت الذي يتم فيه التغاضي عن الارهابيين الحقيقيين في أوطاننا العربية، تتم معاقبة أصحاب الفكر والرأي لمجرد الاختلاف مع توجهات الانظمة، إنه لأمر مخجل.

“نحن جميعاً ندين الإرهاب ولا خلاف في هذا الموضوع، وللإرهاب مفهوم محدد، انه استهداف المدنيين بالقتل والترويع وضرب المنشآت المدنية لأغراض سياسية، ولا يجوز أن ندمغ بالإرهاب طوائف كاملة أو نلصقه بكل من يختلف معنا سياسياً، فشأن ذلك أن يعمم الإرهاب بدل أن يعزله، كما لا يليق أن يتهم كل من يفشل في الحفاظ على الوحدة الوطنية دولاً عربية أخرى بدعم الإرهاب في بلده “.. فقرة مما جاء في خطاب سمو الأمير حفظه الله ورعاه بالأمس.

بالفعل هذا ما يحدث اليوم في عواصم عربية كثيرة، كل من يختلف مع النظام الحاكم، فإن مصيره تهم تلفق له، وإرهاب يوصم به، ويتم استهدافه بذرائع شتى.

للأسف لا نعرف كيف نختلف في عالمنا العربي، نعرف أن نكيل التهم لبعضنا البعض، لكن أن نتحاور حيال قضايانا التي نختلف حولها، فإن الحوار مفقود، وهو ما دفع أطرافاً عدة للغلو في أفكارها، والتطرف في خطواتها، وفي غالب الأحيان الأنظمة العربية هي من يتحمل مسؤولية ذلك، وتدفع الشعوب والأوطان أثماناً باهظة جراء هذا التباعد القائم بين الجانبين (الأنظمة والشعوب).

قد يطول الحديث عن خطاب سمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه بالأمس.. خطاب لامس بالفعل آلام وآمال الشعوب العربية، ووضع يده على الجرح، لذلك رأينا تفاعلاً كبيراً من كل الشرائح في العالم العربي مع هذا الخطاب، فمن تابع شبكات التواصل بالأمس رأى ردود الأفعال، وكيف أجمع المشاركون على أن تميم بن حمد كان يمثلهم في القمة، وخطابه كان يمثل الشعوب العربية.

لله درك يا تميم.. سلمت للوطن ذخراً، وللأمة وشعوبها سنداً.. ونشهد الله على أننا نحبك، ويحبك الأحرار في العالم أجمع.. كما أننا واثقون أكثر من أنفسنا أنك تبادلنا مشاعر الحب والإخلاص..

 

.. ولنــا كلمة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x