مقالات

مراجع يسأل.. من المسؤول ؟

تصادف وجودي أمس في مكتب احد المسؤولين بوزارة التعليم والتعليم العالي، وجود مقيم يراجع الوزارة طالبا الحصول على شهادة تخص ابنته المتخرجة من ثانوية بقطر، ومتوقف قبولها باحدى الجامعات في بلاده على إرسال هذه الشهادة. الحوار الذي كان يدور بين هذا المراجع وبين الموظف ـ الذي كان للحق مهذبا ـ حول الجهة التي تصدر هذه الشهادة، ففي الوقت الذي قال فيه هذا الموظف: «ان مسؤوله ليس من اختصاصه، اصدار الشهادة، قام المراجع بذكر عدد من المسؤولين الذين قام بمراجعتهم، وكل مسؤول يقوم بإحالته الى مسؤول آخر، وسمعته يذكر 4  مسؤولين دون ان يتوصل الى المسؤول المخول بإصدار الشهادة، ويتحدث هذا المراجع عن انه في المرة الاولى راجع مسؤولاً وقال له ارجع بعد نحو3  ايام، وبالفعل عندما عاد وجد ان هذا المسؤول في اجازة ومكتبه مغلق، ولم يتوصل منذ ذلك الوقت حتى أمس الى المسؤول المخول بمنحه شهادة من يهمه الامر ـ أعتقد ذلك ـ الخاصة بابنته. هذا المشهد ـ وإن صح التعبير هذا المسلسل ـ يتكرر في اكثر من وزارة، ففي كثير من الأحيان يتعب المراجع من الدخول والخروج من مكاتب المسؤولين، بحثا عن انهاء معاملة، وفي كل مرة يقوم موظف بإحالته الى موظف آخر، وفي هذه الايام التي تكثر فيها اجازات الموظفين، يكون عذر بعض الموظفين القائمين على رأس عملهم ان معاملة هذا المراجع عند موظف قد خرج في اجازة، واذا افترضنا أن ذلك الامر صحيح، فهل يعني توقف العمل لحين عودة ذلك الموظف من إجازته ؟. إشكالية بعض الجهات استمرارية ذلك “الروتين” القاتل، و”البيروقراطية” المتجذرة في آلية العمل، دون ان تشهد هذه الجهات “ثورة” فعلية لتغيير هذه الانظمة التي عفّى عليها الزمن، بات تغييرها امرا لابد منه إذا ما أردنا قطاعا حكوميا ديناميكيا ومتناغما مع المرحلة التي تعيشها الدولة، والتي تتطلب سرعة في انجاز المعاملات، وعدم التقيد بقوانين وانظمة لا تتناسب وطبيعة العمل. غالبية الوزارات والمؤسسات الحكومية تتحدث عن ادخال العمل الالكتروني في عملها اليومي، وانه يمكن إنجاز المعاملات عبر الايميل او الشبكة الداخلية للوزارة، وانه يمكن للمراجعين الاستفادة من هذا التطور، وهو ما يعلن ليل نهار في وسائل الاعلام من قبل بعض المسؤولين، ولكن عندما ترى الواقع ترى ان هذه الاحاديث ما هي الا “احلام”، وما هي الا برامج موجودة فقط على الاجهزة، دون ان تتم ترجمتها فعليا، ودون ان يستفيد منها المراجع في إنهاء معاملاته اليومية، اللهم إلا بعض الوزارات والمؤسسات التي قطعت شوطا لا بأس به في هذا المجال. نريد استثمار هذه الثورة الالكترونية والتقنية، من اجل تسهيل إنجاز المعاملات، والقضاء على “الروتين” و”البيروقراطية” القائمة في بعض الجهات، والعمل على تطوير القوانين والتشريعات بما يواكب المرحلة المهمة التي تخطوها الدولة، بدلا من اعتماد سياسة “هذا ما وجدنا عليه آباءنا”، دون إحداث تغييرات جذرية في آليات العمل في هذا الجهات.

 

 

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x