مقالات

10/10/2010 ميلاد مرحلة نوعية في مسيرتنا الصحفية

 

إطلالة “الشرق” اليوم ليست فقط في الشكل الجديد، أو الثوب الجديد، إنما في المضمون الذي حرصنا أن يكون منسجماً مع طموحنا الإعلامي لتحقيق التكامل الإبداعي بين الشكل والمضمون، وفقاً لرؤيتنا الهادفة لخدمة مجتمعنا لكي نرضي تطلعاتكم، ونلبي طموحاتكم، فـ “الشرق” أولاً وأخيراً هي جريدة كل قارئ، وما نحن إلا جنود لكم، نعمل لنكون لسان حالكم، وحاملي آمالكم وآلامكم، منطلقين من مبادئ وقيم ديننا ومجتمعنا وتوجيهات قائدنا، واضعين نصب أعيننا مصلحة هذا الوطن فوق كل اعتبار.

التطوير الجديد يركز على أن تكون “الشرق” الأقرب للقارئ، ولنبض الوطن، كما عودتكم في المرحلة الماضية، لذلك ستجدون المساحات المخصصة للشأن المحلي كبيرة جداً، على اعتبار أن التحدي الحقيقي هو كيف نقدم لقارئنا العزيز مادة إعلامية مميزة، بمهنية عالية، ومصداقية وموضوعية كبيرة، مع الحرص على السبق الصحفي الذي لا يخل بالمصداقية أو الموضوعية، وهو الشعار الذي نحمله دائماً، عنواناً رئيسياً في مسيرتنا الصحفية لجريدتكم “الشرق”.

نؤكد دائماً أننا جزء لا يتجزأ منكم، ولا يمكننا أن نعمل دون دعم ومساندة من كل قارئ، كبيراً كان أو صغيراً، رجلاً كان أو امرأة، لا يمكننا أن نصفق بدون أن تلتحم أيدينا بأياديكم الكريمة، ولا يمكن لقلمنا أن يخط كلمة واحدة دون أن نتلمس طموحاتكم وتطلعاتكم، رغباتكم وآمالكم،..، نتطلع إلى شراكة حقيقية معكم من أجل خدمة وطننا وكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة المعطاء.

فنحن نتطور من أجلكم.. هذا هو الهم اليومي لكل العاملين بجريدتكم “الشرق”.. كيف يمكننا أن نواكب المرحلة التي يعيشها المجتمع والدولة، وتتطلعون إليها أنتم أيها القراء الأعزاء، الذين كنتم ومازلتم وستبقون، المحرك الأساسي في أي تطوير ننشده.

إن تطوير “الشرق” نبع من رغبة أساسية لدينا وهي الارتقاء بالصحافة المحلية بما يليق بمستوى النهضة والتنمية التي تشهدها دولتنا الحبيبة بقيادة أميرنا المفدى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي أعطى لقطر مكانة عالمية ودوراً ريادياً حاز تقدير وإعجاب العالم، ولعل هذا ما يضاعف مسؤوليتنا بتطوير صحافتنا لتنسجم مع هذه النقلة النوعية في وطننا.

لذلك راعينا في عملية التطوير متطلبات المرحلة، ووضعنا في الاعتبار عدة أمور أبرزها خصوصية مجتمعنا، وما يشهده الإعلام اليوم من تطورات، ودوره في التثقيف والتوعية، واحترام عقل القارئ، بعيداً عن الإسفاف والتسطيح، فما نسعى له هو إعلام يرتقي بالقارئ، حاملاً مضامين ومبادئ وقيماً وأخلاقيات.. تمثل جزءاً أصيلاً من مجتمعنا وثقافتنا العربية والإسلامية، وفي نفس الوقت يكون منفتحاً على العالم، نتقبل الرأي والرأي الآخر بكل شفافية وموضوعية.

انطلقنا في تطويرنا من سنة التغيير، في عالم متجدد ومتغير ومتسارع الخطى، وانطلقنا من مبدأ أن أساس الصحافة هو التفاعل وثمار التفاعل هي المواكبة، لذلك عقدنا العزم على أن يكون التطوير شاملاً بما في ذلك كلمة “الشرق” أو ما تسمى مصطلحاً “اللوغو”، وهو أمر فيه جرأة، لكنها جرأة محسوبة ومدروسة، وتأنينا فيها كثيراً قبل أن نقدم عليها، ورأينا أن الوقت قد حان للتغيير، فكان أن تم استبدال لوغو “الشرق” السابق الذي بالتأكيد أدى الغرض وكان مميزاً في فترة من الفترات إلى “اللوغو” الجديد الذي ظهرت به “الشرق” اليوم، فـ “الشرق” نفسها شهدت تطويراً لشعارها “اللوغو” منذ عددها الأول في الأول من سبتمبر 1987 أكثر من مرة، حسب متطلبات كل مرة.

إضافة إلى ذلك فإن “الشرق” خلال عمرها شهدت طفرات على المستوى التحريري، والفني، والتقني، فالجريدة يومها لم تتجاوز صفحاتها 16 صفحة، بينما اليوم نحن نتحدث عن متوسط عدد صفحات 84 صفحة يومياً، تتجاوز في أحيان كثيرة الـ “100” صفحة في اليوم، وتحولت من صحيفة قطرية إلى صحيفة لها مكانة بارزة على الصعيد العربي، بل ولها الحضور الدولي كذلك.

أما على المستوى الإداري فـالشرق اليوم دار متكاملة للإعلام، ليست فقط تصدر جريدة يومية، بل تصدر جريدة انجليزية هي “البننسولا”، إضافة إلى طباعة عدد من الصحف الأجنبية، مع توسع كبير في إداراتها، واستحداث إدارات ومراكز جديدة.

وعادة أي تغيير لابد أن يصطدم برفض مجموعات أو أفراد، وهو أمر طبيعي، حتى على مستوى التغييرات الإدارية في الوزارات والمؤسسات فإن شريحة من الناس ترفض ذلك، وتعتقد بأن التمسك بالقديم هو الأفضل، لكن كما قلت التغيير قادم وسنة الحياة.

على مستوى الصحف هناك أكثر من 100 صحيفة عالمية أقدمت على تغيير “اللوغو” خلال السنوات القليلة الماضية، كان من بينها صحيفة “اللوموند” الفرنسية، والحياة اللندنية، وربما أبرز الأسباب التي دفعت لذلك هو التحولات الإعلامية الكبيرة، إضافة إلى أن تحديات العمل الإعلامي جعل العديد من المؤسسات الإعلامية تعيد النظر في “اللوغو” الخاص بها، بل البعض منها لم يكتف بإعادة النظر بـ “اللوغو”، إنما قام بتغيير الاسم كذلك، كما أن هناك العديد من الصحف خاصة في أمريكا أقدم على إعادة هيكلة شاملة.

إذن هناك نزعة عالمية للتغيير، الذي لا يعني بالتأكيد إلغاء الماضي، وهذا لم يقتصر بالمناسبة على المؤسسات الإعلامية فحسب، بل رأينا العديد من المؤسسات المالية والاقتصادية كيف أقدمت على تغيير شعارها، وشهدنا ذلك على الساحة المحلية، ولمؤسسات مالية واقتصادية كبرى، سواء بنك قطر الوطني أو المصرف أو كيوتل أو البيت الحديث..، أو غيرها من المؤسسات التي عملت على مواكبة المرحلة الحالية عبر إحداث تغيير في الشكل وآليات عملها.

ومن الخطوات الأخرى التي أقدمنا عليها هي إصدار “الشرق” في جزء واحد، بدلاً من أكثر من جزء، فقد تم إدخال كل من “الشرق 2″ و”تحقيقات الشرق” داخل العدد، ليكون متوسط عدد صفحات العدد الرئيسي 52 صفحة يومياً، منها 38 صفحة معنية بالشأن المحلي، سواء من خلال التغطيات المحلية للشأن المحلي المتعلق بالوزارات والمؤسسات، التي سنعمل جاهدين على توثيق العلاقة معها بصورة أكبر، وسنسعى لخلق شراكات متعددة تهدف لخدمة المجتمع وقارئنا الكريم، وفي نفس الوقت إبراز دور هذه الجهات، أو الخاصة بالتحقيقات الصحفية، التي ستكون حاضرة بقوة في العدد الرئيسي، وهو ما عودناكم عليه طوال العامين الماضيين من خلال ملحق “تحقيقات الشرق”، الذي غاص في الشأن المحلي بصورة كبيرة، وقدم تحقيقات نوعية، وسيظل يقوم بهذا الدور المميز خلال المرحلة المقبلة.

أيضا التغيير كما تلاحظون شمل الإخراج بالكامل، بأسلوب مبسط وجذاب، يجمع بين إبراز الموضوعات، والقدرة على استيعاب أكبر عدد منها في الصفحة، وفق الإخراج الصحفي الحديث، بعيداً عن التعقيد.

كذلك تم استبدال الخط الخاص بالكتابة والعناوين أيضاً، بخط آخر مريح ومقروء بصورة أفضل، وهو نتاج عمل استغرق عدة أشهر للتوصل إليه، بعد إجراء تعديلات أكثر من مرة لكي يظهر بالصورة الجيدة، التي تتيح سهولة القراءة.

أما على مستوى المحتوى فقد تم استحداث عدد من الصفحات والملفات اليومية، لكن قبل ذلك تم اعتماد منهجية مهنية عالية في تناول الموضوعات المختلفة، سواء من خلال الصياغة أو العناوين أو الأسلوب المبسط الذي يتيح الوصول إلى المعلومة بكل سهولة ويسر.

على مدار الأسبوع سيكون هناك ملف متخصص يشغل 4 صفحات يومياً، يتم من خلاله تقديم مادة إعلامية تهم القارئ، تسلط الضوء على قضية مهمة، إضافة إلى الأخبار والتقارير ورسائل توعوية تفيد هذه الشريحة. فيوم الأحد سيُخصص ملف لشؤون التعليم، والإثنين للصحة، والثلاثاء لدوحة الأمة، وهو ملف خاص يتناول الشأن الإسلامي والخيري والإنساني، سواء على الساحة المحلية أو الخارجية، مع تسليط الضوء على المشاريع الإسلامية والخيرية التي تقوم بها دولة قطر والمؤسسات الخيرية خارجياً. ويخصص يوم الأربعاء لملف الثقافة والفكر، ويوم الخميس لملف السياحة، وهو ملف مهم، نظراً للجهود التي تبذلها الدولة على صعيد تنشيط السياحة داخلياً وخارجياً.

ومن بين الصفحات الجديدة غير المتعارف عليها في صحافتنا المحلية، صفحة خاصة بالتقارير الصحفية، فقد تم استحداث صفحة يومية لذلك، بحيث يتم تسليط الضوء على مختلف القضايا من خلال أحد الفنون الصحفية المهمة وهو التقرير، بهدف إبراز القضايا المحلية ذات الأهمية.

أيضا من بين الصفحات الجديدة، صفحات يومية للجاليات العربية المقيمة بالدوحة، بحيث يتم طرح الأخبار والموضوعات الخاصة بهم، فهناك صفحة للإخوة المصريين والإخوة السودانيين والإخوة السوريين والإخوة اللبنانيين والإخوة في العراق واليمن والإخوة في المغرب العربي.

ومن جديدنا أيضا عين على اليابان، وهي صفحة بعيدة عن السياسة، تتناول التجربة اليابانية في جوانبها الإدارية والفكرية والثقافية..، وتسلط الضوء على المجتمع الياباني بعاداته وتقاليده، وكيف استطاعت اليابان أن تحرز كل هذا التقدم مع المحافظة على القيم والعادات والتقاليد، دون التخلي عن مبادئها.

وتفاعلاً مع شؤون العمل نقدم صفحة عمل وعمال، وهي متخصصة في تناول القضايا العمالية، مع شرح مواد قانون العمل، وحقوق وواجبات العمال في المجتمع، متضمنة إرشادات وتوعية. وتفعيلاً لرسالتنا الإنسانية تجاه أبناء مجتمعنا فقد استحدثنا صفحة إنسانية تهتم بتفريج كربات المحتاجين تحت اسم “تراحم”، وهي مبنية على قاعدة “ارحموا من في الأرض”، وستكون بالتعاون مع الإخوة في الجمعيات والمؤسسات الخيرية العاملة بالدولة، الذين سيقومون بإمداد الصفحة بالحالات الإنسانية المحتاجة للدعم والمساعدة.

أيضا هناك صفحات متخصصة تتناول قضايا المحاكم والاستشارات والأسرة والبحوث العلمية والخدمات والترفيه… وغيرها من الصفحات، مع إبقاء عدد من الصفحات المتميزة خلال السنوات الماضية من بينها صفحات الشعر التي يشرف عليها الأستاذ والشاعر الكبير الزميل حمد بن محسن النعيمي.

◄ دعوة…

إننا نتوجه إلى القراء الأعزاء لنبدأ اليوم معاً مرحلة جديدة في عمر صحيفتكم “الشرق”، نتطلع من خلالها إلى مزيد من الشراكات مع المجتمع بأفراده ومؤسساته، ونمد أيادينا للجميع من أجل خدمة قضايا مجتمعنا، والتفاعل الإيجابي والبناء في طرح هذه القضايا بكل موضوعية ومهنية ومصداقية، ونعاهد الله ثم نعاهدكم على أن تظل “الشرق” هي جريدة كل مواطن، وكل مقيم، وكل ضيف في هذا الوطن العزيز، وهذا البلد المضياف.

وأجدد الدعوة لكل إخواني وأخواتي ولأبنائنا من الكوادر القطرية بالانتساب إلى “الشرق”، فنحن نفتح قلوبنا قبل أبوابنا، و”الشرق” هي جريدتكم، ولسان حالكم، ترحب بكل من يجد في نفسه الموهبة والقدرة على الكتابة الصحفية، والعمل الصحفي، للالتحاق بها، وسنجند كل إمكاناتنا من أجل الوقوف معكم، وتأهيلكم، ودعمكم، فمستقبل صحافتنا يعتمد عليكم وعلى دوركم فيها، ونتطلع إلى مساهماتكم البناءة معنا.

 

تدخل “الشرق” اليوم مرحلة جديدة في مسيرتها الرائدة والممتدة منذ عام 1987، وهي مسيرة شهدت الكثير من الإنجازات والقفزات النوعية تحريرياً وفنياً وتقنياً وإدارياً، وساهمت بفاعلية في الحراك الإيجابي والشامل الذي يشهده مجتمعنا في هذه المرحلة المهمة من تاريخه.

اليوم 10 /10 تطل عليكم “الشرق” بثوب جديد، وإطلالة نأمل إن تكون فيها إضافة نوعية للمسيرة الإعلامية بصورة خاصة، ولمسيرة التقدم والرقي والازدهار في وطننا العزيز بصورة عامة، ولمواكبة المرحلة المهمة التي تعيشها الدولة ويعيشها المجتمع، ولتظل شريكاً أساسياً في البناء، وعنصراً فاعلاً في الحراك المجتمعي

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x