حوارات

الأمير الحسن بن طلال: ثورة 25 يناير وضعت حداً لاعتبار العرب فائضاً بشرياً

أخيرا اندلعت الثورات العربية في وجه طغمة من الحكام الفاسدين..

أخيرا تتحول الشوارع والمدن في عالمنا العربي الى شوارع ومدن تشبه مدن الحريات والديمقراطية..

أخيرا يدخل العرب منتدى الحضارات مرفوعي الرأس كتفا بكتف، الشعوب التي نادت بالحريات وتنعم اليوم بالديمقراطية بعد ان كانت هذه الشعوب تعيب علينا أننا لا نثور ولا نضحي مثلها من اجل الحرية.

لكن مخاوف عديدة داخلية وخارجية تحيط بثورات الشعوب تستدعي اضاءة الطريق واستلهام الحكمة من حكماء الامة وفي مقدمتهم يأتي دور السياسي والمثقف والمفكر والقائد.

ويجتمع كل ذلك وغيره في شخصية الأمير الحسن بن طلال مؤسس ورئيس منتدى الفكر العربي ومؤسس الاكاديمية الاسلامية للعلوم ورئيس اللجنة الاستشارية الخاصة بالسياسات في المنظمة العالمية للملكية الفكرية. وهو عضو في العديد من المنظمات والهيئات الفكرية والسياسية منها المجموعة الاستشارية غير الرسمية التابعة للمفوضية العليا واللجنة التنفيذية في نادي روما وعضو مؤسسة البحوث والحوار بين الأديان والثقافات في جنيف، كما انه نائب رئيسها.

وعضو في الهيئة الدولية لمجلس العلاقات الخارجية.

وعضو فخري في اللجنة العالمية للثقافة والتنمية التابعة لليونسكو.

وعضو اللجنة الاستشارية الدولية للحوار بين الأديان التابعة لليونسكو.. وعن الثورات العربية كانت بداية الحوار الذي جرى بأريحية كبيرة من جانب سمو الأمير الذي بدا حريصا على الاجابة عن كافة ما طرحنا عليه من تساؤلات حول الثورات العربية ومستقبل التحولات التي تشهدها المنطقة العربية..

***

◄ المنطقة تشهد ثورات

◄ سموكم تعلمون ان المنطقة والثورات تنتقل من بلد الى آخر مع  بداية ربيع الدول العربية وتتعدد مطالب الثورات من الحريات والديمقراطية الى ان وصلت الى المطالبة بإسقاط الانظمة.. وتنتقل الثورات من بلد آخر ما تفسير سموكم لهذا التزامن؟ وهل هو سيناريو معد سلفا؟

► سبقني من قال ان هنالك فوضى متناغمة في الوطن العربي اليوم.. الظاهر ان الحركة بدأت في منطقة سيدي بوزيد في تونس وانتقلت الى ساحة التحرير في مصر — اذا أخذنا السرد التاريخي — الى البحرين ومرورا بليبيا وسوريا.. ولكن لا استطيع ان اقول ان هنالك وجه شبه بين الطروحات الثلاث الخارجية التي تتحدث عن الطروحات المحلية.. فالطروحات الخارجية تشتمل على وجوب الحفاظ على العلاقات الثنائية مع كل دولة عربية على حدة والسبب في ذلك قد يكون التركيز على ان الدول العربية بالدرجة الاولى الدول المصدرة للخامات الطبيعية ووقعها على الاقتصاد العالمي امر في غاية الاهمية حتى في قصة مأساة ليبيا المستمرة الآن.. وروسيا بطبيعة الحال عارضت الا ان اسعار المواد الطبيعية الروسية حتما ارتفعت نتيجة لما يجري على ارض الواقع في ليبيا، فهنالك معادلات خارجية في التأجيج او الترويج والوقوف.

سمعنا من الغرب حرصا على الديمقراطية.. ولكن اذا عدت اربعين عاما الى الخلف من يومنا هذا وتحدثنا عن بداية الستينيات وبداية الحركة الناصرية لقلنا انهم كانوا يروجون للثورة او الحركة القومية العربية ويعتبرونها مناوئة لأهدافهم، حيث ان التحالف كان مع الدول المعتدلة المرتبطة بالمسار الغربي كما يرون عندما تدخلت مصر عسكريا في اليمن على سبيل المثال وقامت الدول العربية القريبة من الولايات والمتحدة والغرب في محاولة فاشلة لإعادة الامام الى اليمن.. لكني اقول ان الترويج للحركة القومية العربية كان يحمل في طياته كلمة حق يراد بها باطل.. ان هذه حركة وطنية نروج لها قد تؤدي الى ديمقراطية مؤسسية، قد تؤدي الى اجماع في الرأي بين الاقطار العربية وتغيير في المفاهيم.

وأحب ان اذكر بالوثيقة التي امامي.. وثيقة الاصلاح الوطني السعودي عام 2003 وتبدأ هذه الوثيقة في مسار جديد في 2003، ميثاق اصلاح الوضع العربي وكأنما الوطنى المحلي ثم العربي القاري متعاضدان، ان الملوك والرؤساء العرب بعد ان استعرضوا الوضع العربي الراهن وما لاحظوه من صمت طال وتغاض يصعب فهمه عما يجري من امور على الساحة العربية توحي بالعجز وقلة الحيلة، الامر الذي جعل البعض يستسهل التهجم على الامة العربية والحاق الضرر بمصالحها المشروعة.. فكأنما المصالح الغربية شعرت في هذه البداية 2003 ما يذكر في موقف الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله في مطلع السبعينيات..انني نعم جزء من منظومة دولية بحسب الامكانات المتوافرة لدي وهي متشابكة مع الاقتصاد العالمي لا محال ولكن ذلك لا يعني ان الربيع سيتحول لخريف، واعتقد ان القول يتكرر على لسان ولي العهد وقتها الملك عبدالله بن عبد العزيز اليوم عندما يركز على وجوب التفكير في نهضة جديدة.. ولكن مع الاسف عندما نأخذ الجانب الخارجي ونظرة الخارج في التركيز على العلاقات الثنائية، حال دون الحل الشامل أو الحل الكلي المنشود للقضية الفلسطينية سيحول دون الوصول الى الاهداف الكلية للاصلاح والتصحيح التي تبتغيها الشعوب العربية وأخشى ان يتحول الربيع الى خريف وشتاء بسبب عدم التواصل بين انظمة الحكم والفكر المتجدد. وهناك فرق اساسي ما بين الاصلاح والتحديث.. أدوات التحديث قد تكون ميسرة لحياتنا.. الفكرة السلفية تقول: نعم للتحديث لأن الاسلام صالح لكل زمان ومكان ولكن لا تأتي ببرامج ذات محتوى والحركة الاسلامية كذلك بما في ذلك الاخوان المسلمون.. اقول قصة المبادئ هل ستصاغ المبادئ ام نتفق بالاجماع على صياغة هذه المبادئ.

استنادا الى وثيقتين الاولى هي وثيقة الاصلاح او وثيقة الاصلاح الوطنى السعودي لا شك ان من عكف على كتابتها هم من خيرة العقول العربية السعودية العربية.. والوثيقة الثانية وهي الميثاق الوطني الاردني.. واعتقد في العقود الماضية من الغرابة بمكان وثيقتان تصدران من انظمة ملكية من المملكة الاردنية الهاشمية ومن المملكة العربية السعودية في حين ان في الجمهوريات يعممون ويطرحون الشعارات ولا يتجاوزون الشعارات الى برامج موضوعية ذات محتوى.

 

حوار الطرشان

لا أرى في الوقت الحاضر ارادة للتعامل مع المضامين ولذلك نقفز من صفر الى عشر نقاط ونبدأ بالحديث عن الفقر والحرمان للمطالبة (الشعب يريد اسقاط النظام) لأن الحوار حوار طرشان، أكان من جهة أفواه الشباب في الشارع يطالبون او عبر الاتصال الاجتماعي يطالبون بالتغيير.

وبطبيعة الحال لا يعقل ان كل حكومة تدخل الاتصال الاجتماعي وليتناغم الشباب عبرها ولا تخلو وسائل الاتصال الاجتماعي من ايحاءات خارجية من عرب المهجر او من اجانب المهجر الذين عاشوا في العالم العربي فترة من الزمن وقد تكون مخترقة ايضا من قبل جهات مشبوهة..

ولكن اقول آن الاوان ان نسمو فوق الثنائيات في علاقاتنا وان نقرر بداية الطريق بإقامة ميثاق ومن ثم صندوق للتضامن الاجتماعي العربي باسلوب محاسب شفاف واضح المعالم لتمكين المواطن العربي من ان ينال الحقوق وخاصة في الانتاجية والعمل.

عقدت (الاتلانتك جورنال) في آخر عدد صادر مقارنة في ما يسمي بفهرس الابداع فقالت: تجد ان في باب الابداع ان المصري لا يتخلف عن الامريكي الا ببضع نقاط زهيدة.. ثلاث او اربع نقاط.. الصناعات الابداعية في الولايات المتحدة الامريكية لا يتجاوز عمرها خمسة اعوام.. واذا قدمت الحوافز للمصري التي قدمت لذوي الدخل المحدود لنظيره الامريكي يستطيع ان ينهض من الكساد الاقتصادي الذي هو فيه..كذلك اللبناني من الطبقة الوسطى لا تقل ابداعاته الا بضع نقاط قليلة عن الاسرائيلي..

ان الهالة عن الانجاز الاسرائيلي مبالغ فيها عندما ينظر الانسان الى جهد الفرد ولكن هل نستطيع ان نمكن هذا الفرد ونبتعد عن انماط الاستثمار الافتخاري الادخاري وبناء المشاريع الكبرى والحديث عن الطموحات يتجاوز المعقول في نظري.

 

الهجوم على النووي

والهجوم اليوم على النووي لابد ان يكون حديثا مدروسا عاقلا بالاعتماد على دورة طاقة اقليمية وانما الحديث عن النووي وربط النووي في الخارج او ربط النووي بعد ان ربطنا النفط والغاز بالصناعة الخارجية للمشتقات وحرمان ابنائنا من المشاركة في هذه الظاهرة لتوفير الطاقة الرخيصة او الطاقة البديلة — الطاقة الشمسية — أنا دعيت لمشروع الطاقة الشمسية في الخليج مرورا بشمال افريقيا نريد ان نرى محطة طاقة تحويلية لخدمة ابناء غزة لانه لما نتحدث عن محطة بالطاقة الشمسية لـ 50 ألف انسان ويمكن تصليحها وهي عبارة عن براويز شمسية..لماذا عمليا التلكؤ في هذه الصنعة.. كذلك نحن بحاجة عمليا لمياه نقية اليوم الدولة عاصمتها التاريخية تهدد اليوم بالرحيل نتيجة لحرمان ابنائها من المياه العذبة.. أقول مع شديد الاسف كل ما يخدم الناس في هذه المنظومة التي آمل في يوم من الايام ان نشرع فيها على غرار منظومة هيلسنكي.

أنا ذكرت الضمان الاجتماعي ولكن اذكرها في اطار الامن.. والامن ينقسم الى جزءين..جزء اول وهو الامن الاساسي مثل اسلحة الدمار الشامل بما في ذلك الان (السايدر) مفاعل نتانس والاشعاع.. ثم الامن الاجرامي يلاحظ انهم انتهوا من الحديث عن الامن في مواجهة الارهاب.

اسباب الارهاب وانا اقول عمليا انزال الحد على المجرم كما قال الصادق المهدي على السارق في السودان عند الحديث عن الشريعة: من شبه المستحيلات لانه اذا كان السارق محتاجا فبطبيعة الحال فان صاحب الطلب أرعن وقد يلجأ الى السرقة.. والبعد الآخر وهو الامن الناعم.. والامن الناعم بالنسبة لي ليس ان يتراخى الشرطي في القيام بواجبه عندما يطلب منه ولكن الامن الناعم هو معرفة الاسباب الاجتماعية التي دفعت الى الجريمة.

هناك غياب لقاعدة بيانات معرفية للاقليم كأنما الموضوع الاساسي من ثورة الانترنت وهو المعلومة مغيب عمدا.. نعم ممكن تأخذ معلومات كاذبة وصادقة وكثير منها ادخالات ولكن قاعدة بيانات معرفية للاقليم بحيث اننا نعرف تماما من هو الفقير السعودي ومن هو الغني السعودي ومن هو المنتج السعودي وهكذا الاردني او السوري او الكويتي بصورة الاستقلال المتكافئ..حافظ على هويتك العراقية وحافظ على هويتك اللبنانية.

ولكن اين صورة التكامل في استخدام الفرص المتلاشية في القوى البشرية على سبيل المثال حتما امامنا تحد و100 مليون فرصة عمل خلال عشرة اعوام.. نتحدث عن هذا الرقم المبهر ولا نصلح..

والخطوة الثانية البعد الاقتصادي نتحدث عن مسار هلسنكي اقتصاد وثقافة.. لماذا لا نحول مفهوم الاقتصاد ليس تسكير عجز الموازنة ولكن تفعيل الدخل للفرد والمجموع واقول ان مشكلتنا ان عصر الاولويات يعتقد البعض نتيجة للخصخصة انتهى التخطيط وانتهت الاولويات هذا كلام خاطئ.

كل اسرة لها اولوياتها وكل انسان له اولوياته فالمسؤول مطلوب منه ان يستمع الى هذه الاولويات ويتفاعل معها.

 

غياب العلاقة بين الحاكم والمحكوم

◄ هل غياب التفاعل بين الشعب وصانع القرار سبب في الاوضاع التي وصلت اليها المنطقة التي تطالب شعوبها بإسقاط الانظمة وليس اصلاحها؟

► اعتقد ان فشل فن ادارة الشأن العام فشل آداب المجلس فشل التواصل العقلاني بين رب الاسرة وابنائه.. هذا التواصل عمليا كان سمة من سمات الاجماع العربي بل الاسلامي.. ولكن اليوم رمينا الاجماع وراء ظهرنا وقبلنا بتعدد الاصوات المطالبة بالاصلاح فترى اصواتا عقائدية وترى اصواتا مصلحية وقد تكون هناك اصوات نابعة من جهات مقتدرة، كلمة حق يراد بها باطل.

عندنا الآن العراقيون المهاجرون الى الاردن انظر احياء عمان الغربية منهم من بنوا قصورا ولم يقدموا قرشا واحدا خدمة للاقل حظا من الذين لجأوا من العراق.. بأموال طائلة من العراق ولكن ماذا قدموا لفلذات اكبادهم واخوانهم.

اقول نعم هناك فشل كبير في التواصل العادي اليومي الكل مشغول بالانشغالات اليومية ولكن لاحظ في اي منطقة من العالم تحترم المؤسسي كل ثلاثة اشهر تختتم اللقاءات الوزارية على مستوى وكلاء الوزارات وصغار الموظفين، نظراؤهم في القطاع الخاص والقطاع المدني في لقاء وزاري كل ثلاثة اشهر وكل نصف عام لقاء على مستوى رؤساء الحكومات ناهيك عن ان هناك تقسيما ما بين دور البرلمان الاوروبي على سبيل المثال وما بين المجلس.. المجلس معين والبرلمان منتخب.. هناك مجال للاستماع الى الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي.. نحن مع شديد الاسف كما ذكرت اكثر من مناسبة اثرى رابطة او اتحاد وزاري في العالم العربي هو اتحاد وزراء الداخلية.. وزراء الطب العلاجي.

مع الاسف أين قطاع الطب الوقائي؟ اين وزارات الصحة والتربية والعمل والشؤون الاجتماعية واين الاحصاءات العامة الطبيعية والاقتصادية؟ اين المواطن من قربه المفترض في دولة حضارية من الاطلاع على المعلومة التي تهمه.

 

حقوق المواطنة

برامج القوى البشرية في كندا والولايات المتحدة شمال امريكا يستطيع المواطن بغض النظر عن خلفيته يدخل لا ليتذلل ولكن يقول اين فرصة العمل التي تناسب مؤهلاتي يعتبر ان ذلك حق من حقوقه وحق ان تقول له الدولة انت اعزب، فرصة العمل قد تبعد عن مكان اقامتك المتاحة لكل الآن اكسب خبرة نحن مع شديد الاسف من الجانب الآخر نتيجة لانقطاع الارشاد والتوجيه والتمكين جعل المواطن اكثر شراسة في مطلبيته ويطالب بالمعقول وغير المعقول في كثير من الاحيان لأن مع الاسف التعامل غير العادل مع طلبات المواطنين ادى الى (نظرية اسوة) اني اريد ان اتقدم بحياتي اسوة في فلان الذي وصل والوصولية مع الاسف تعني ليس ماذا تعرف ولكن من تعرف؟

أنا عندي الآن تاريخ 40 سنة من (الاستدعايات) بحسب المصطلح المحلي في الاردن كنت اتمنى على خريجي الجامعات المتخصصين ان يأتوا ويفتحوا هذه الاستدعايات، ماذا كانت المطالب وكيف كانت تكتب؟ في عام 1967 قياسا بـ 2011 كل هذا فن في ادارة الحكم على كافة المستويات.

 

السقوط السريع

◄ بالعودة الى موضوع الثورات في مصر وتونس نلاحظ انه لم تكن هناك مقدمات مع ما عرفت به الدولتان من قبضة أمنية أو حديدية.. أكثر المتشائمين لم يكونوا يتصورون ان تتم الاطاحة في مدة اقل من شهر بنظامين قويين.. ما هو تفسيركم لهذا السقوط السريع؟

► القراءة لهذا الموضوع عند وقوع الحدث وفي اسابيع عقبه من اللافت للنظر ان الدول العربية القريبة من الدوائر الغربية أخذت تشعر بأن تلك الدوائر ليست ذات اهتمام كما تدعي في القضايا الكبرى.. لنأخذ المغرب العربي على سبيل المثال (المغرب وتونس) عندما اجتمعنا في الدار البيضاء في عام 1994 في اجتماعات (المينا) كنت اتمنى ان تذهب الوفود العربية برؤية تعرض على العالم العربي وعلى العالم الخارجي وان المشروعات تضمن هذه الرؤية فلتكن الرؤية ايجاد استثمار لـ 24 دولة من المغرب الى تركيا في مشاريع الري، مشاريع الكهرباء والحفاظ على البيئة وايجاد فرص العمل وتذكروا في السبعينيات في منظمة العمل الدولية تقدمنا كمجموعة عربية للمطالبة بصندوق تعويضي للايدي العاملة المهاجرة.. وكان من المفروض من المجموعة الاوروبية ان تشترك معها الدول العربية والصناديق العربية وعندما اتخذت المجموعة الاوروبية موقفا قائلة انها لا تتعامل مع الاقليم كإقليم 24 دولة.. نحن نتحدث عن 30 مليارا عبر 10 سنوات..الجواب كان نحن نتعامل مع المتقدم الاول وكأنما هي قائمة مشتريات..نأخذ مصر فهى اوضاعها الاقتصادية معتمدة الى حد كبير على ذات العوامل التي جمعتنا في (مينا ).. فالصلح مع اسرائيل نحن ابعد ما نكون عنه كمجموعة كلية عربية واسلامية على الرغم من مبادرات الملك عبد الله بن عبد العزيز وقتها كان وليا للعهد.

ولكن اقول ان مصر بدأت تشعر بخيبة أمل فهي قريبة من غزة ولا تستطيع ان تقدم شيئا.. ونهضة الحركات الرافضة كما تسمى لدى الغرب حتى سميت بالمجموعة الرافضة وهي ايران وسوريا.. ومعروف الشيعة الايرانية وتأثيرها في الخليج مع ملاحظة الشيعة أنها عربية ولأن الامام علي عربي وليس عجميا ومن آل البيت..

واقول ان الثورة المصرية أدت اليوم الى تزاور مسؤولين ايرانيين ومصريين ومرور سفن حربية ايرانية عبر قناة السويس على الرغم من الاحتجاجات الامريكية والاسرائيلية.. فزيارة حماس من القاهرة الى دمشق.. ولكن هذه قد تكون مجاملات مصرية تجاه المشرق العربي والاسلامي ولكن المهم ان اول زيارة تقرر لرئيس الوزراء المصري عصام شرف هي كانت للسودان.. فكأنما عادت عقارب الساعة الى محمد نجيب الذي كان بطبيعة الحال مصريا سودانيا والى الحديث عن وحدة وادي النيل قبل الحديث عن اي امر آخر.. ولربما الاولويات في الخمسينيات كان يجب ان تبدأ بوحدة وادي النيل..

وأقول ان قضية تحويل النيل الازرق كانت من المؤشرات الخطرة جدا قبل الثورة في الشارع المصري.

والرئيس مبارك بطبيعة الحال كان معمرا اذ تجاوز الثمانين من عمره.. ومرحلة معينة توصل اليها الناس من الاستكانة والشعور بفقدان البوصلة.. فأتت الظاهرتان في وقت واحد.

ان الرئيس زين العابدين بن علي كان رجلا امنيا وتعامل مع القضايا بشكل امني مباشر.. وفي الجزائر عرض الرئيس بوتفليقة بدايات الاصلاح وهو يأمل في انتقال السلطة بصورة ترغب فيها المؤسسات والقانون والدستور.. والتوجه الجزائري مبني على الامل في ان تكون نوعية سلمية وهذا ايضا مبني على مجاملة للغرب الذي يشعر بخطر القاعدة والحركات التكفيرية في المغرب العربي.. خبرة الجزائر في منازلة الحركات الاسلامية تعتبر رصيدا للجزائر وربما للاقليم اذا حافظت على استقرارها في هذه الفترة القادمة والمغرب بطبيعة الحال شرعت في مسار نأمل لهم النجاح فيه خاصة ان المغرب مملكة هي الاخرى.. وفيما يتعلق بمصر وسوريا واليمن فمصير الدول الثلاث مرتبط منذ الوحدة قصيرة الامد منذ الستينيات بين مصر وسوريا وكذلك مرتبطة منذ الثورة المقلدة في مصر للثورة الناصرية، ولكن اعتقد ان التوقيت واضح جدا يأتي بعد ما جرى في مصر ونقول اننا انتقلنا الآن من منتصف الشاشة، الانشغال العربي في القضايا المحلية الداخلية يخفف من الضغط نحو ايجاد حل للقضية الفلسطينية.. انا سمعت مسؤولين فلسطينيين في لقاءات لندن يقولون لا امل في حل الدولتين واسرائيل بطبيعة الحال سعيدة في انكفائها خلف الجدار وسعيدة بانتقال مليوني لاجئ روسي وأوروبي شرقي لا رغبة لها عمليا في المضي الا في فرض السلام على الاقليم كما ترى مذكرة الشؤون الخارجية ذكرتها ليصبح ذلك الانجاز انتصارا أمريكيا اسرائيليا انهم توصلوا الى سلم لان هذا الامر الواقع سيفرض على اسرائيل وسيفرض على باقي دول الاقليم.

هنا اقول لماذا لا يبدأ التشاور من امس العربي للحديث عن الوضع الداخلي وسد الثغرات وهي كبيرة جدا بين الغني والفقير في ايجاد مؤسسات مستقلة مقتدرة على المضي ولماذا نروج لمؤتمر موسكو على سبيل المثال الذي كان عرضا سخيا على القيادة الروسية قد تكون موسكو وقد تكون لماذا نفكر في مؤتمر كلي لبحث كافة قضايا الاقليم.

 

تأثير الثورات على فلسطين

◄ نفهم من كلامكم ان الثورات اثرت سلبا على القضية الفلسطينية؟

► اثرت الثورات بمعنى انها ابعدت الدول العربية عن اهتمامها عن اليوميات الفلسطينية.. ولكن واضح ان الخلافات الفلسطينية أثرت سلبا على الموقف العربي لأن مع شديد الاسف الخلافات فتح وحماس من جهة..وحماس والحركة السلفية من جانب آخر..حقيقة عباءة المعارضة معاناة في الوقت الحاضر وهذا يشكل مجالا للرهان الاسرائيلي على ان العرب اتفقوا على الا يتفقوا في يوم من الايام.

 

الواقع سيتغير

◄ لكن هناك من يرى ان هذه الثورات ربما الآن لديها انشغالات داخلية لكن ستقدم دعما قويا لاستعادة الحقوق الفلسطينية؟

هذا ايضا ممكن الواقع على الارض سيتغير بالتأكيد خلال اسابيع.. ان العام 2011 مهم جدا في معرفة حلول مبنية على الدولتين كما قيل في الماضي هل ستشرع اسرائيل في مبادرة السكان و( قصة المناقلة) موجودة في الذهنية الاسرائيلية في اثناء الثورات العربية الطائرات الاسرائيلية كانت تقصف غزة والمستوطنات.. فهل ستتلكأ اسرائيل في ان تنتظر المجموعة العربية تتكتل ام تنال من الشارع العربي.

كان املي ان يبقى الوضع مستقرا في العالم العربي ويحتوى هذه الثورات ويعضد التوجه الوطني العربي في الشارع ويفوت الفرصة على الاختراقات الاسرائيلية.. ربما المجتمع الاسرائيلي مهدد في مثل هذه الثورات اكثر من المجتمع العربي لأن الفروقات داخل المجتمع الاسرائيلي يهودي غربي وشرقي ويهودي افريقي ويهودي ابيض كذلك هم لديهم مشاكل طائفية وفتن نائمة تحت الركام ان شعروا ان الخطر الخارجي تضاءل قد تتنامى هذه الفتن يقدمون الخطر الايراني وما شابه في هذه الفترة لقيامهم شرطي المنطقة باسم الولايات المتحدة.

 

لا اصلاحات دون ضغوط

◄ سمو الامير الم تلاحظ ان الدول التي حدثت فيها الاطاحة بنظم الحكم لم تعرض الاصلاحات الا بعد ضغوط من الشارع على الرغم من ان الانظمة معمرة وبقيت الحال كما هي.. لماذا لم تكن هناك اصلاحات دون ضغوط من الشارع تصل الى حد المطالبة بإسقاط الانظمة؟ لماذا لا يحدث تناغم بين الشارع والجهات الرسمية؟ وهل تصل الاحتجاجات الى اسقاط السلطة؟

► ارجع الى 2003 ان الاصلاح وتطوير المشاركة السياسية للدول العربية هما منطلقان اساسيان لبناء القدرات العربية وهذا موجود على الورق وموجود في النوايا وفي الخطابات الرنانة ولكن (كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون )..اذن هناك غياب في الصدقية.. الصدق مع الذات والصدق مع الآخر حب الكرسي امر واضح.. والرضا عن الفساد امر واضح..الصالح العام مغيب وهي مشكلتنا الاساسية المصلحة الشخصية للمجموعة القريبة من صانع القرار اهم من خدمة الصالح العام ودفع عجلة النماء بنزاهة واستقامة للامام..

اقول ان المعضلة معروفة وهي معضلة التجييش.. على سبيل المثال التسييس للمؤسسات الامنية لتصبح معنية في الامن الداخلي أكثر مما هي معنية في الامن الخارجي.. وحجم الموازنات العسكرية ومبادلة النفط بالسلاح. ولكن مع شديد الاسف اذا نظرت الآن الى المؤسسات التي كان من المفروض ان تخول مسؤولية البناء 16 مؤسسة عربية في الجامعة العربية.. عندما كلفنا الاستاذ سليم الحص بتقديم خطة اصلاح كان هو على غرار (ملكي نوك) لما تحدثنا عن الجامعة العربية وجه لنا سؤال: ما هي رسالة الجامعة العربية واذا بقيت القيادات العربية غير قادرة على الاجابة عن هذا السؤال فكيف يمكن لنا ان نتحدث عن اصلاح 70 % من لاجئي العالم مسلمين..وانا ذكر اسمي في يوم من الايام كمفوض سامي للاجئين، اول عمل كان يمكن اقوم به ان اقول للعالم العربي والاسلامي 70% من اللاجئين مسلمون..ماذا يترتب عليكم من مسؤولية؟ طبعا قلة من يقبلون مسؤولا عربيا مسلما سنيا يصل الى ذلك الموقع كان الامير صدر الدين اغا خان في يوم من الايام وبطرس غالي كان امينا عاما للامم المتحدة.. ومرة قال لي لا يمكن ان تصل الى هذا الموضوع او المناصب التي فيها ايثار اجتماعي.. قلت له لماذ؟ قال لأنك مسلم عربي ومن الصعب ان تصل الى هذا المكان.. قلت له اي مسلم عربي ام انا فقط؟ الحمد لله لا يوجد شخص كسر عيني وهذه من الاسباب التي التقينا فيها اليوم لست محسوبا على احد.. انا الفقير لرحمة الله تعالى اقول ان الحكام العرب وحكام العالم الثالث بصفة عامة عليهم ان يستشرفوا المستقبل على اساس معرفة الموروث المعرفي للماضي.. ونحن عمليا لم ننتشر كعرب في انحاء العالم الا بنزاهة واستقامة الراشدين.. وبعد الراشدين عمليا وقعنا في الممالك وفي البذخ والجزية وفي الخراج.. الامر الذي انهى نقاء ورسالة هذه الامة..

الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام واتم التسليم أتي ليتمم مكارم الاخلاق ونستشرف المستقبل على اساس من الاخلاق لأن ما هوالموروث الذي سنقدمه لابنائنا؟ نعم الكويت على سبيل المثال والنرويج اخذت منها الفكرة وأسست صندوق الاجيال القادمة هل المسألة تنتهي هنا دولة بأن تؤسس صندوق؟ ام تحافظ اخلاقيا وروحيا على وتيرة البناء الاجتماعي الداخلي (اولى لك فأولى ).

والمفارقة الغريبة يأمرون وينهون ولكن لا يشعرون بأهمية انهم ينظر لهم من قبل عامة الناس انهم صناع للقرار ولكن يبدو ان الانابة عملية صعبة.

انا قلت في اكثر من مناسبة لماذا يشرع رئيس الدولة في افتتاح البرلمان على سبيل المثال في الدخول في ادق التفاصيل وليس رئيسا شعبويا عندما يفتتح البرلمان هو رئيس السلطات الدستورية فليكن دستوريا في طرحه يتمنى للجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي والجهاز القضائي التوفيق في التكامل فيما بينهما الدولة في مكوناتها الدستورية، ولكن مع الاسف لا ارى انابة في هذه الايام للجهاز الاداري في ان يتحمل مسؤولياته لذلك التآكل الداخلي في كثير من هذه الانظمة اصبح سمة من سمات التآكل الامني.

 

الغياب عن الأهداف الأساسية

وقد غيبنا عن اهدافنا الاساسية ويقال ان حفظ الاسرار قوة.. واتذكر انه عندما بدأنا في خطط التنمية في السبعينيات وكيل الوزارة لم يجرؤ ان يتحدث امام الوزير ومدير الدائرة لا يجرؤ ان يتحدث امام الوكيل والآن مع التغيير المستمر للحكومات في كافة الدول العربية والتغيير المستمر للامزجة والشلل والمحسوبيات الى آخره.. فأنت عليك ان تختار والاختيار ليس الاكفأ بل المحسوب على تيار معين.. هذا التسييس ادى الى تغييب الهدف الاسمى اضافة الى ذلك تغييب الخبرات.. والآن الطوابير المتوقفة على ابواب السفارات الغربية طالبة الهجرة أدت الى فراغ وهذا الفراغ لن يعبأ الا من قبل الاقل قدرة وكفاءة.

احدهم قال لاحظوا الظاهرة السلفية.. هل اللوم عليهم ام اللوم كما قال الشيخ محمد نوح ابن المفتى الاسبق للملكة الاردنية هنا اللوم على الاجهزة التي سمحت الى الامام الذي لا يحمل التوجيهية العامة ان يتبوأ مسؤولية الخطابة من منبر رسول الله.

◄ هناك من يرى ان الاصلاح لابد من ان يصاحبه التغيير الا يمكن اصلاح انظمة عربية دون تغيير ودون الدخول في نفق مظلم يتطلب عمل لعدد من السنوات للاعادة مرة اخرى..الا يمكن اصلاح انظمة عربية فيها الان نوع من الترهل ام لابد من الاسقاط؟

► لا استطيع ان اقدم وصفات ولكن اقول رحم الله من عرف حده ووقف عنده..أنا بارادتي قابلت الاشارة.. وان اللبيب بالاشارة يفهم ان ابتعد عن العمل العام عند مرض أخي رحمه الله وشعرت ان المسألة ليست دائمة لي ولا لغيري..

وأقول انه آن الاوان لنفهم اننا جميعا لسنا مهمين اي المسؤولين والطبقة المسؤولة من حيث التكوين للكلمة.. سئل فأجاب وعندما تصل الى مرحلة انك لا تستطيع ان تجيب بشكل مقنع لسبب مرضي او لكبر سن تبتعد وتترك الدور لغيرك.

فقصة الخمسة اعوام حتى النظام الكوبي يقول الآن المسؤولية لخمسة اعوام ومن ثم اما التجديد او الرحيل. والنظام المجري الآن في دستوره الجديد يعطي الفرصة للتصويت من خارج المجر للمجريين المقيمين في الدول المجاورة هل نستطيع ان نوسع دائرة التصويت لعرب المهجر ونقبل تقييمهم لنا، هذه ايضا من العوامل المؤثرة على استمرارية التمسك بالكرسي. والبرتغال على سبيل المثال دولة تتقدم الآن للمجموعة الاوروبية وخطة الإنقاذ لها 85 مليارا وعجزها 152 مليارا ولكن من يقدم على اصلاح الوضع في البرتغال يقول للمسؤولين في البرتغال انكم عليكم ان تجدوا مسؤولين قادرين على القيام بالاصلاح.. انت تدفع مالا لجهة معينة ومن حقك ان تقول عمليا ان الرؤية ستنفذ من خلال هكذا من ادوات بشرية وهكذا من مديرين.. والتغيير سنة الحياة.. والعفن هو نتيجة للاستكانة.

الأنظمة الوراثية والملكية في العالم العربي اليوم اكثر استقرارا واكثر نموا اقتصاديا، بينما الانظمة الاخرى قد لا تنطبق على العالم الغربي.. الجمهوريات في العالم العربي تشهد تراجعا اقتصاديا وبطالة مرتفعة وهذه مشاكل قد لا توجد في الانظمة الوراثية او الملكية ما هو تفسير سموكم لهذه الظاهرة؟

القناعة هي اساس لاي عمل فاضل اذا كان النظام الجمهوري في الهند على سبيل المثال انتقل من نهرو الى انديرا غاندي الى راجيف غاندي ومن ثم الى سونيا غاندي رئيسة للحزب هذا قد يقال عنه وراثي في حزب الامة الهندي ولكن باسلوب ديمقراطي.. تعقد انتخابات لمليار ونصف المليار مواطن وعدديا هي اكبر ديمقراطية في العالم لايجاد التغيير.. فمن قال ان الاصلاح عليه ان يتعطل بل الهند احدثت تغييرا هائلا في المجالات الاقتصادية والدفاعية والتقنية الى آخره..

 

المهم التغيير إلى الأفضل

ان القناعة في ان الرسالة الاساسية هي التغيير من واقع الى واقع افضل هذا هو المعيار الحقيقي انما المعيار فقط ان يبقى فلان وفلان في مراكز فوق الهرم او الهيكل للدولة كنوع من الفلكلور الذي تعودنا عليه لفترة من الزمن حتما سيؤدي الى التغيير

الناس لا تستذكر الا الصفات عندما يقال الشيخ زايد في الخليج ينظر الى صفاته انه رجل كان ابا لمجتمعه ومتمسكا بالحق.

والمعجزة التي تحققت في دولة الامارات واضحة المعالم ولست بحاجة الى جولة في المنطقة العربية وصرف المجاملات..

ان الفرق الاساسي بين الانظمة الملكية والجمهورية هو ان الخدمة رسالة وليست وظيفة في الانظمة الملكية وهكذا يجب ان تكون.. بمجرد ما يبتعد من يخدم الرسالة عن رسالته فسيواجه اشكالا من الوهن وبطبيعة الحال عند الحديث عن الانظمة الجمهورية كذلك ارى ان تغييب المحتوى في البرامج المطروحة من قبل الاحزاب التي تؤدي الى مثل هذا التعيين الرئاسي والانتخاب الرئاسي والتجديد هو شكل من اشكال التجديد للتعيين لقد آن الاوان ان ننظر الى المرآة ونفهم ان هذا النوع من التجديد هو اعاقة للمسار الطبيعي للدول وسيؤدي الى تفتيت هذه الدول.. انظر الى السودان الآن هو بلدان هل سنرى يمنيين او لبنانيين او سوريتين؟.

 

قراءات ضحلة

◄ سموكم هل يمكن للثورات أن تنتج دولا جديدة بالمنطقة؟

► الثورات الحقيقية هي على الاسلام من أتباع الاسلام ولذلك اقول ان الاجماع في مكة امر لابد من الاعتراف به وتفعيله في وقت ما عودة لاهل السنة والجماعة والمذاهب الاربعة والجعفرية والزيدية لابد من حوار فيما بيننا والا سوف نقع فريسة في فخ المستشرقين الذين ينظرون للمنطقة من قراءاتهم بأن هناك خوارج وهناك شيعة وهناك سنة فهذه كلها قراءات تاريخية ضحلة لكن اليوم نحن في 2011 ميلادية علينا ان نفهم ان الاسلام متعدد، هناك عروق وخلافات تاريخية نعم ولكن نحن نتحدث عن القومية العربية وعلى خلفية اسلامية نقول الموالك في شمال افريقيا والشوافع في شرق آسيا وهم من اصول عربية حضارمة خاصة السادة منهم اقول انه قد دخل علينا ثراء من الفكر وثقافة الآخر، فلنعظم هذا الثراء في صورة جديدة زاهية وكذلك لنعترف ان الاسلام اصبح جزءا من اوروبا واصبح جزءا من الغرب، فلماذا لا نزهو بهذه الصورة انظر ميثاق حقوق المسلم الذي صدر عن مسلمي اوروبا قبل عدة اعوام، اقول ان الدول الصناعية والغربية منها جعلت خاصة بعد قصة هجمات سبتمبر بالرغم ان الكثير منا استهجن ماجرى لقتل الابرياء باسم الدين، اقول ان مع شديد الاسف ان المشروع الحضاري العربي الاسلامي لا يسير بما يخدم المصلحة الاسلامية والسبعة % من التجارة الدولية البينية هي عربية بينية ولكن الاسلامية البينية هي اقل من العربية البينية فلماذا العرب في هذه الايام التي نرى فيها اثارة عجمية عربية يقصرون في حق الامة الا يعلمون ان الامبراطوريات الفارسية مبنية على فسيفساء من الاقليات والعربية كذلك فقد تظهر هنا او هناك مطالبة كردية او مارونية وغيرها فهذه القوميات في صراع والمدارس الاسلامية في صراع والدول ما قامت الا لنتاج مساومات استعمارية.

◄ هل الحوار غائب عن الاقليم ولماذا تظهر العرقيات في الدول العربية؟

► لاتفكر.. وهذه هي الرسالة التي فهمتها من هجمات 11 سبتمبر.. يا عربي لا تفكر، يا مسلم لا تفكر وان فكرت راعي ظرفك لأنك ستصبح مستهدفا والشورى فيما بيننا يجب ان تعود ولكن لا ارى مثل هذا التوجه مثل لقاءات الحكماء او اهل الحل والعقد ولكن لا توجد فيما بيننا شورى في هذه الايام، نعم هناك لقاءات متلفزة وزيارات متبادلة واحاديث رسمية عبر الهاتف ولكن هل تكون فعلا رؤية؟ اقول انه آن الاوان ان يجتمع المفكرون العرب بصورة منتظمة وبصفتهم الشخصية ولكن اذا بقينا بصورة التقسيم الحالية رجعنا للخمسينيات. ونحن كلنا في قارب واحد ونواجه نفس التهديدات والتحديات.

◄ وما ابرز تلك التحديات سمو الامير؟

► اعتقد انه التهميش بالنسبة للعرب لأن هناك اربع دول مهمة في الاقليم، الولايات المتحدة واسرائيل وتركيا وايران، ونحن العرب حقيقة لا نقول كلمتنا ولا نمارس الوزن المطلوب ونحن حظينا بالاعتراف باللغة العربية كلغة خامسة في الامم المتحدة واذا كانت اللغة العربية فقط في احسن الاحوال ظاهرة صوتية فأين الرسالة العربية من العمل الاممي؟ فالتحدي هو ان نبني من جديد صرحا عربيا للاعراب عن القضايا العربية.

 

تهميش

◄ لكن هل نحن قادرون على ذلك في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة؟

► انا كلما حضرت مؤتمرا دوليا ولا اقولها مدحا في الذات أسمع مديحا من السفراء العرب والوزراء يقولون انت ممثلنا وتتحدث عنا جميعا واحيانا من باب المجاملة واحيانا من الشعور بنوع من العزل والتهميش مرة اخرى خاصة السفراء في الامم المتحدة واقول لهم اين نحن من تهيئة الوفود العربية للمشاركة مثلا في الالفية فأين الموقف العربي الموحد من القضايا الاخرى ومنها قضية وجود مؤسسة فوق قطرية للمياه والطاقة اللتين تعتبران قاسما مشتركا لنا جميعا، حيث نحتاج الى طاقة رخيصة ومياه عذبة نشربها ونحن منطقة عاطشة فلماذا لا نفكر عمليا في اقامة المؤسسات التي تريحنا من الجانب الفني على الاقل، واذا كان البعض يتحدث عن الطاقة النووية فهل الخبرة عندنا افضل من الخبرة عند اليابان التي تعرضت لكارثة نووية رغم انها اليابان؟

◄ كيف تصف العلاقة بين الغرب والعالم الاسلامي اليوم؟

► هي ليست موضوعية بمعنى ان العلاقة بين الغرب وتركيا وهي اقرب الدول الاسلامية جغرافيا الى المجموعة الاوروبية لا تتقدم كما كان مأمولا ولكن هناك دورا امنيا لتركيا في اطار الناتو وهناك دور اقتصادي لتركيا بحقوق العاملين الاتراك في المجموعة الاوروبية ولكن المجموعة العربية لا تتحدث مع اوروبا كمجموعة فأوروبا وقعت معنا اتفاقية المغرب ووقعت مع مصر وسوريا والاردن، وقد حضرت هذا التوقيع ولكن على هذه الدول ان تتجول لتطلب الرضا والموافقة من 22 برلمانا اوروبيا. فالعلاقة ليست موضوعية ولا متكافئة، لان برلماناتنا ليست مفعّلة ويستطيع الاوروبي ان يجزئ منظورنا في التعاون الى الاتجاه الذي يرغب فيه، وفي يوم من الايام كنا نتحدث مع اوروبا عن سعر البندورة بينما كانت مصر تتحدث معها عن سعر البطاطا فهل هذا مستوى التعاون؟ الموضوعات الكبرى وهي الامن والاقتصاد والثقافة مع شديد الاسف لا تناقش، بينما اسرائيل اصبحت الآن مدعوة للمشاركة في منظمة التجارة الدولية واستفادت من عزلتها فترة طويلة من الزمن في ان تقرع ابواب كافة الاندية والمنابر الاوروبية والغربية بنجاح وجزء منه كان عطفا على اسرائيل وجزء آخر اعترافا بالمنجز الاسرائيلي اقتصاديا وفنيا وتقنيا ونحن العرب لا نخدم قضايانا كما يجب حتى في تعيين العرب للمناصب الدولية وآخرها الفضيحة في اليونسكو حيث لم نستطع ان نوصل مرشحا عربيا لليونسكو للمرة الثانية.

 

إيران وتركيا

◄  أشرتم الى ايران وتركيا لكن كيف يمكن صياغة علاقة صحية مع هاتين الدولتين على اعتبار انهما مؤثرتان في الاقليم؟

► كان لي الشرف في تأسيس منبر غرب آسيا وشمال افريقيا وغرب آسيا يمتد من مصر الى حدود الهند وآن الاوان ان نستذكر ان واقعنا هو واقع آسيوي وتركيا وايران والعرب في المشرق نحن في الاطار الاقليمي عبر ثلاثة ممرات مائية اضافة الى المحيط الهندي، فضلا عن الممر البري عندما نتحدث عن الطرق والسكك الحديد واقول آن الاوان للحديث عن ان هذه الممرات هي مستقر لشعوب فان نتحدث فقط عن النفط وتصدير الطاقة دون الحديث عن سبل تحقيق الاستقرار لهذه الشعوب فاعتقد ان الثورة الاقليمية في اقليمنا اصبحت واقعا والبداية في اعتقادي ليست فقط استثمارية ومشاريع اقتصادية والبداية برؤية مشتركة لهوية آسيوية مشتركة ومبنية على قيم مشتركة اسلامية وعربية ومسيحية، وأتساءل مثلا عن رمز القدس ففي 69 بعد حريق الاقصى حضرت اللقاء واسسنا لجنة ملكية لشؤون القدس برئاسة ملك المغرب ولكن لماذا لم نستطع اعادة المعالم الثقافية في القدس ونعيدها كمدارس اسلامية تقدم افضل ما في الاسلام من فكر كأزهر جديد في القدس والعلاقة التركية الفارسية الآسيوية هي ضروب للفكر والانتماء الاسلامي فلنصنع المعجزة التي تنتظر ايجاد التشبيك بين هذه الشعوب التي كانت مؤسسة لحضارة استمرت قرونا من الزمن.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x