حوارات

الرئيس التنفيذي لمحكمة قطر الدولية: نسعى لجعل قطر عاصمة عالمية لتسوية المنازعات والتحكيم

شدد السيد فيصل بن راشد السحوتي الرئيس التنفيذي لمحكمة قطر الدولية ومركز تسوية المنازعات على أهمية وجود نظم تشريعية وقانونية متطورة في إرساء بيئة أعمال واستثمار مستقطبة للشركات العالمية، لافتا إلى الجهود التي بذلتها محكمة قطر الدولية في إرساء مثل هذه التشريعات المساعدة على جعل قطر واحدة من أهم العواصم العالمية في صناعة المال، كما أبرز الخطوات التي تم قطعها حتى الآن في هذا المجال والتطلعات المستقبلية، في ظل تواتر الأخبار المعلنة عن قرب صدور جملة من القوانين المتعلقة بمركز قطر والتحكيم والتي سيكون لها دون شك تأثير على بيئة الاقتصادية في الدولة.
 وأوضح السحوتي في حديث خاص لـ»الشرق» أن النظام القضائي الذي يتم إرساؤه حاليا سيكون مثالا يحتذى به وسيجعل من الدوحة عاصمة لتسوية المنازعات في المنطقة وواحدة من أهم العواصم العالمية في مجال التحكيم على غرار لندن وباريس وسنغافورة، لافتا إلى الدور الذي تلعبه المحكمة في توطين الاستثمار الأجنبي في قطر وجذب كبريات الشركات العالمية على اعتبارها واحدة من الأذرع المؤسسية التابعة لمركز قطر للمال، الذي يقع على عاتقه دور كبير في تنويع الاقتصاد القطري وتوفير الظروف الملائمة للشركات العالمية الراغبة في التواجد في قطر لإدارة عملياتها في الداخل والخارج، موضحا أن هذا توجه بدأت معالمه تتبلور خاصة مع الإعلان عن الخطة الإستراتيجية 2020 والاستعداد للانتقال إلى الحي المالي الجديد في مشيرب.
وقال السحوتي إن حجم الأصول المملوكة للشركات العاملة تحت مظلة مركز قطر للمال يبلغ نحو 75 مليار ريال، وأن الطموح يتمثل في رفع عدد الشركات العاملة في المركز من 300 شركة حاليا إلى نحو 1000 شركة بحلول 2020.

دور وقائي
وقال إن الشركات الموجودة في قطر كان لها دور كبير في تنشيط وتنويع الاقتصاد القطري من خلال التأثير المباشر وغير المباشر، خاصة أن هذه الشركات يحتاجها الاقتصاد خاصة في مجال الاستشارات.
وحول الإضافة للمحكمة لتحسين البيئة الاستثمارية في قطر، قال السحوتي إن الأمن والثقة يعتبران من العناصر الرئيسية لقرار الاستثمار، ووجود بيئة قضائية يطمحون لها سواء من حيث التشريعات والممارسات، قائلا: “إن تأسيس محكمة قطر الدولية التي تم في العام 2009 أتى استجابة للحاجة لوجود هيكل قضائي للفصل في النزاعات بين المستثمرين”.
وأضاف السحوتي: “إن عدم وجود هيكل يفصل في النزاعات التي قد تحدث بين المستثمرين وهو أمر بالمناسبة عادي ويتواتر في مجال الاستثمارات يرفع من التكلفة والمخاطرة لدى المستثمر لذلك نحن حريصون على توفير بيئة تساعد المستثمر والدولة على حد سواء”.
وحول القضايا التي تم الفصل فيها خلال الفترة الماضية، قال إن النسب وعدد القضايا ليس كبيرا لأن نشاط المحكمة يقتصر فقط على 300 شركة بالإضافة إلى هيئات المركز هو اختصاص المحكمة.
وقال إن عمل المحكمة لا يقيّم بعدد القضايا أو المبالغ التي تم الفصل فيها على اعتبار أنها جهة غير تجارية، قائلا: “إن وجود المحكمة يهدف لإقامة العدالة وتطبيق القوانين وفي هذا الإطار تمكنت المحكمة قطر الدولية من لعب دور وقائي لبعض الممارسات”.

إرساء العدالة
وأشار إلى أن المحكمة فصلت في نحو 50 قضية خلال السنوات الخمس الماضية، قائلا: “إن حجم ومبالغ القضايا المعروضة لدى أنظار المحكمة ليست بالمقياس وإذا أردنا التركيز عليها فنحن بالتأكيد نضيع البوصلة.. إن مبدأ إرساء العدالة عندنا أهم من أي مبالغ محل نزاع”.
وحول الدور المستقبلي الذي ستلعبه محكمة قطر الدولية في ظل تغير دور وإستراتيجية مركز قطر للمال بعد مرحلة التأسيس، قال السحوتي إن المحكمة سيتعزز دورها خلال الفترة القادمة من خلال لعب دور كبير في مجال التحكيم والمصالحة، لافتا إلى أن العقود القطرية التي تجمعها بأطراف أجنبية غالبيتها تحكم في الخارج، وقال: “نحن غير راضين عن هذا الوضع وفي حال نجحنا في جعل هذه العقود تحكم في الدوحة نكون قد قطعنا المرحلة الأولى والمتمثلة في بناء ثقة بين مختلف الأطراف”.
وأضاف أنه لا توجد حاليا عادات تشريعية تساعد المحكمة ومركز تسوية النزاعات على تحقيق الأهداف التي تم إرساؤها من أجلها، مشيرًا إلى عدم تفعيل دور مركز تسوية النزاعات لغياب هذه التقاليد التشريعية.. قائلا:”عندنا نقص وحاجة تشريعية في مجال التحكيم”.

قانون جديد
وحول أبرز ملامح قانون التحكيم الجديد، قال إن العنصر الأبرز في قانون التحكيم الذي سيرى النور قريبا يعطي للمستثمر خيار التوجه لمحكمة قطر الدولية وهو يعد سابقة على المستوى الدولي في هذا المجال، فالمتعارف عليه أن الأطراف التي ترغب في التحكيم، يتوجب عليها التوجه إلى المحاكم المحلية، مضيفا: “لقد وفّق المشرع القطري في هذه النقطة بخصوص قانون التحكيم الجديد ونتوقع أن تحذو عديد الدول حذو قطر في هذه النقطة”.
وقال إن قانون التحكيم الجديد يضم 38 فصلا وهو تقريبا يشابه ما هو موجود في المنطقة باستثناء الإضافة التي تمت الإشارة إليها آنفا.
وفي تعليقه على القانون الجديد لمركز قطر للمال لفت السحوتي إلى أن 80 % من هذا القانون يتعلق بالشكل القضائي حيث ستصبح المحكمة قطر الدولة تحت إشراف المجلس الأعلى للقضاء، وهذا الإجراء يعني أن المحكمة تكمل البيئة القضائية الموجودة في دولة قطر، كما أن القانون الجديد سيتيح للمحكمة الانفتاح على مختلف الشركات الموجودة في الدولة سواء تلك العاملة تحت مظلة مركز قطر للمال أو خارجه.
وحول سرعة البت في القضايا المعروضة على أنظار المحكمة قال الرئيس التنفيذي لمحكمة قطر للمال:”إن 80% من القضايا تم الفصل فيها خلال مدة لم تتجاوز السنة الواحدة وأن هناك قضية تم الفصل فيها خلال 48 ساعة بعد استيفاء جميع إجراءات الملف”.

تقارير دولية
وأشار السحوتي إلى أن التقارير دولية وضعت محكمة قطر الدولية في مراتب جد متقدمة في مجال اختصاصها، حيث تم تصنيف المحكمة ضمن أفضل 6 منظومات قضائية في العالم من قبل وزارة العدل البريطانية كما أشاد تقرير الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية بالمحكمة.
وحول نسبة التقطير وتكوين الموارد البشرية أوضح السحوتي أن هناك عملا كبيرا على العديد من المستويات حيث توجد جملة من المبادرات مع جامعة قطر بهدف دعم الإمكانات البشرية للمحكمة بالعنصر القطري حيث ارتفعت نسبة التقطير الموظفين من 15% قبل سنتين إلى حدود 50% حاليا أما بالنسبة لكادر القضاة فلقد تم الحديث مع رئيس مجلس الأعلى للقضاء لتزويد المحكمة بقضاة شباب، قائلا:”إن المستقبل للقطريين وهناك خطة لاستقطاب القطريين في هذا المجال والتي تتطلب بعض الوقت على اعتبار دقة وخصوصية العمل في المحكمة، ولكن السحوتي استدرك بالقول إن العنصر الأجنبي في المحكمة لا يمكن الاستغناء عنه لطبيعة نشاط المحكمة”.
وقال إنه في إطار تعزيز الإمكانات البشرية والبحثية للمحكمة تم إنشاء كرسي بحثي للسير وليم بلير بالتعاون مع جامعة قطر، حيث سيشجع الكرسي كلية القانون على طرح مزيد من المقررات المتخصصة في الوسائل البديلة لتسوية المنازعات – لاسيَّما التحكيم – وبشكل دوري، بالإضافة إلى تشجيع طلبة الكلية على الانخراط في الأبحاث المتعلقة الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، وكيفية نشرها وتطويرها.

وسائل بديلة
ولفت السحوتي إلى أهمية الأهداف التي يسعى كرسي السير وليم بلير رئيس المحكمة العليا التجارية في بريطانيا إلى تحقيقها، وأهمية تسليط الضوء على الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لتسوية المنازعات نظرا لما توفره من مزايا، يتمثل أبرزها في المرونة والسرعة في البت في النزاع، والحفاظ على سرية العمل، وإشراك الأطراف في إيجاد الحلول لمنازعاتهم، هذا فضلا عن كلفتها المتواضعة نسبيا.
وقال إنه بعد صدور القانون الجديد ستكون هناك خطة لتقطير سلك القضاة في قطر وسيكون سعادة مسعود العامري رئيس المجلس الأعلى للقضاء في قطر حاليا على رأس قضاة محكمة قطر الدولية.
وحول البنية التحتية المتوفرة في المحكمة، أشار السحوتي إلى أن قاعات محكمة مجهزة بأحدث التجهيزات التقنية ووسائل الاتصال الحديثة لتأمين سير المحاكمات يكون حضور الأطراف المعنية افتراضيا عبر الأقمار الصناعية وهي تجهيزات تعزز من تنافسية المحكمة مقارنة بغيرها عالميا.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x