حوارات

وزيرة الشؤون الخارجية الكينية: قطر أثبتت مكانتها في الشرق الأوسط وعالمياً

أكدّت سعادة السيدة أمينة محمد وزيرة الشؤون الخارجية والتجارة الدولية في جمهورية كينيا أنّ العلاقات القطرية – الكينية إيجابيةٌ ووثيقةٌ، وأنّها في تقدّمٍ مستمر، منوّهةً إلى أنّ القيادات الرشيدة في كلا البلدين تسعى إلى تحقيق رؤيةٍ شاملةٍ بعيدة الأفق تهدفُ إلى تعزيز التقدّم والازدهار على كافة الأصعدة، وأضافتْ في حوارٍ لـ الشرق: “نحن نشعر بالرضا حيال المستوى الذي وصلتْ إليه هذه العلاقات، وكينيا تتطلّع إلى توطيدها ومواصلة التعاون والعمل مع قطر لِتحقيق مزيدٍ من النهضة، وهو ما يتوافق مع (رؤية قطر 2030) المستقبلية الطموحة”. وأشادتْ سعادتها بالتعاون القائم بين البلدين، والذي عزّزته الزيارة الأخيرة لفخامة الرئيس الكيني أوهورو كينياتا إلى الدوحة مطلعَ العام الجاري، موضحةً أنّ الهدف من تلك الزيارة كان تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين واكتشاف آفاقٍ استثماريّةٍ جديدة. وقالتْ إنّ البلدين قطعا شوطاً متقدّماً في مسيرة التعاون الاقتصادي من خلال الاتفاقيات التي من شأنها أنْ تُشجّع وتُسهّل الاستثمارات بين البلدين، والتي قد سبق ودخلت حيّز التنفيذ، ومنها اتفاقية بشأن التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين حكومة دولة قطر وجمهورية كينيا، واتفاقية منع الازدواج الضريبي. ورحّبتْ وزيرة الشؤون الخارجية والتجارة الدولية الكينية بالاستثمارات القطرية، خاصّةً في القطاع المالي الذي عدّته من أبرز القطاعات التي يُمكن لرجال الأعمال القطريين الاستثمار فيها، منوّهةً إلى أنّ كينيا لا تزال تُعتبر بيئةً مستقرّةً وملائمةً لممارسةِ الأنشطة الاقتصادية واستقطابِ الاستثمارات الأجنبية بالرّغم من الاضطرابات التي يشهدُها محيطُها الإقليمي. وأشادتْ وزيرة الخارجية الكينية بالسياسةِ القطرية الحكيمة، وبالنهجِ الذي تتبنّاه الدولة في تفاعلها مع أبرز القضايا الإقليمية والدولية، قائلةً إنّ قطر أسّستْ نفسها على قاعدةٍ صلبةٍ، وأثبتتْ مكانتها في الشرق الأوسط وعالمياً، وأصبحت بذلك موضع ثقةٍ من قِبل المجتمع الدولي. وأشارتْ سعادتها في الحوار إلى وجود تشاورٍ سياسيٍّ وتنسيقٍ مستمرٍّ بين وزارتي خارجية البلدين، مُبيّنةً: “لقد سبقَ وناقشنا عدداً من القضايا المطروحة على الأجندة الدولية.. نحن نرى الأمور من منظارٍ واحد، فكلانا حريصٌ على تطوير بلده وإرساء دعائم السلام والاستقرار”.

***

◄  كيف تنظرون إلى العلاقات القطرية – الكينية وآفاق تطويرها مستقبلاً؟

► العلاقات بين قطر وكينيا علاقاتٌ إيجابيّةٌ وثيقة، ونحن نشعر بالرضا حيال المستوى الذي وصلت إليه. وقد سبق وتمّ افتتاح سفارتين في الدوحة ونيروبي، والسفيران القطري والكيني يلعبان دوراً نشيطاً وفاعلاً.

كما تعاونّا في تنظيم عددٍ من الأسواق، قد لا تبدو عوائد تلك الأسواق كبيرةً بعملة الريال، لكنّنا إذا ما حسبناها بالشلن الكيني فسندرك مدى قيمتها.

أمّا فيما يتعلّق بمجال الاستثمار بين البلدين فإنّه قد بلغ مستوىً متقدّماً، حيث تستقبل كينيا العديد من الاستثمارات القطرية ، وإنّنا – بغضّ النظر عن الأرباح التي مُمكن أنْ تُحقّقها تلك الاستثمارات – نُقدّر ثقة دولة قطر بالاقتصاد الكيني ونعتبرها إشارةً إيجابية تعكسُ عمقَ علاقات الصداقة التي تجمعنا.

► تطوير التعاون

◄  كان الرئيس الكيني أوهورو كينياتا في زيارةٍ رسميةٍ للدوحة في بداية العام الجاري، وتمّ خلال الزيارة التوقيع على عددٍِ من الاتفاقيات ومذكّرات التفاهم بين البلدين، فكيف يُمكن تفعيل تلك الاتفاقيات والمذكرات وتطبيقها على أرض الواقع؟

►  لقد سبق وتمّ تفعيل الاتفاقيات المُبرمة، ومنها على سبيل المثال اتفاقية منع الازدواج الضريبي التي من شأنها أنْ تشجّع وتسهّل الاستثمارات بين البلدين.. إذاً كلُّ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وُقّعت في مجالاتٍ متنوّعة، هي قيد التنفيذ حالياً ، وتُبرهن على هذا زيارة وفدٍ من رجال الأعمال القطريين لكينيا، حيث تندرج الزيارة ضمن إطار البحث في آليات دفع العلاقات الاقتصادية بين البلدين واكتشاف آفاق استثمارية جديدة.

◄ بالنسبة للوفود الاقتصادية، ما هي أبرز المشاريع التي يُمكن لرجال الأعمال القطريين إقامتها في كينيا؟

►  أرى أنّ القطاع المالي من أهمّ القطاعات التي يُمكن لرجال الأعمال القطريين الاستثمار فيها، وتتميّز دولة قطر بسمعةٍ حسنةٍ فيما يتعلّق بهذا المجال، وبمجال الضيافة، كما أنّها تُحرز تقدّماً ملحوظاً في مجال البنية التحتية، والتعدين، والصحّة، والإعلام.. كلّ هذه المجالات تُعتبر أرضاً خصبةً للاستثمار والتعاون بين قطر وكينيا.

◄ إذا تحدّثنا في الجانب السياسي، كيف يُمكن لقطر وكينيا أنْ تلعبا دوراً مُهمّاً في دعم استقرار وأمن منطقة القرن الأفريقي؟

►  يوجد تشاورٌ سياسيٌّ وتنسيقٌ بيننا وبين وزارة الخارجية القطرية، وقد سبق وناقشنا عدداً من القضايا المطروحة على الأجندة الدولية ، نحن نرى الأمور من منظارٍ واحد، فكلانا حريصٌ على تطوير بلده، وإرساءِ دعائم السلام والاستقرار، وتوفيرِ بيئةٍ آمنةٍ يترعرع في كنفها أطفال الوطن؛ كلانا حريصٌ على العمل والسعي لبناء مستقبلٍ أفضل للجيل الصاعد.

إنّ العيش بسلامٍ مع دول الجوار من بين الأمور التي نحرص عليها، وهناك مشاورات متواصلة بين قطر وكينيا، وأعتقد أنّ تعزيزها ضرورةٌ للمضيّ قدماً، لا سيما وأنّ المحيط الإقليمي للبلدين يواجه عدداً من القضايا الجدّية ، وبالتالي، نحن محتاجون للعمل عن كثب حتى نتمكّن من التعامل مع تلك القضايا. ويوجد تعاونٌ بين الجانبين القطري والكيني للمساهمة بدعم الاستقرار في الصومال، ونتطلّع إلى مزيدٍ من التعاون في حلّ مشاكل جنوب السودان أيضاً.

►  قطر موضع ثقة

◄  كيف تنظرون إلى جهودِ دولة قطر دبلوماسياً وسياسياً، ومبادراتها على المستوى الإقليمي والدولي؟

► قطر أسست نفسها على قاعدةٍ صلبةٍ، وأثبتت مكانتها في الشرق الأوسط.. والسياسةُ القطريةُ في التعامل مع أبرز القضايا، والتقدّمُ الذي أحرزته البلد حتى الآن، والجهود الحثيثة التي تبذلها سعياً نحو تحقيق الرؤية الوطنية الطموحة 2030، كلّها أمورٌ لا تخفى على أحد ، وعلاوةً على ذلك، تبنّت قطر نهجاً براجماتياً عملياً في تفاعلها مع الأطراف الإقليمية والدولية، وما المؤتمرات العديدة التي استضافتها الدوحة إلا دليلاً على أنّ البلد موضع ثقةٍ من قبل المجتمع الدولي.

►  الاضطرابات بالمنطقة

◄ الاضطرابات التي تشهدها دول الجوار، ما تداعياتها على أمن واستقرار كينيا؟ وكيف تُؤثّر على المناخ الاقتصادي، خاصّةً وأنّ الأمن والاستقرار شرطان ضروريان لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية؟

► كونُنا دولة مجاورة للصومال يفرض علينا تحدّياتٍ معيّنة، وذلك بسبب «تصدير الإرهاب» خارج حدودها..

لكنّني لا أرى أنّ ذلك يُشكّل أيّة عقبة أمام قدرة كينيا على جذب الاستثمارات الأجنبية، فالمستثمرون ليس لديهم أيّة مخاوف من دخول السوق الكينية؛ والدليل على هذا قيامُ عدد من الشركات العالمية الرائدة بافتتاح فروعٍ لها هنا في كينيا، ومن بينها شركة «BASF» لتصنيع كيماويات البناء، وشركة «IBM»، و»General Motors»، و»Microsoft»، وغيرها.. لكنّنا مع ذلك حريصون على أنْ نبذل كلّ ما في وسعنا لحماية الاستثمارات الأجنبية والمحلّية على حدّ سواء.

► مسؤولية عربية أفريقية

◄ بما أنّنا نتحدّث عن أفريقيا؛ سنتطرّق إلى ليبيا التي تشهد نوعاً من الانفلات الأمني وتدخّلات خارجية ، .. كيف تنظرون من موقعكم في الاتحاد الأفريقي إلى الوضع في ليبيا وإلى تلك التدخّلات الخارجية؟

►  إنّ ليبيا دولةٌ أفريقية وعربية، ولذلك نحن نشعر بالمسؤولية ذاتها التي تقع على عاتق العالم العربي حيال ما يحدث فيها، وعلينا أنْ نعمل معاً على دعمها ومساعدتها على الخروج من المشاكل التي تواجهها حالياً ، العنف لنْ يُنقذ الموقف، ما علينا فعله هو التروّي ومحاولة اكتشاف ما ارتكبنا من أخطاءٍ، ومن ثمّ تصحيحها،

وكذلك الوضعُ بالنسبة لأيٍّ من الصومال أو جنوب السودان أو سوريا أو العراق.. ترك الكثيرُ من الناس بلادهم – مع أنّها أكثر ثراءً من كينيا- وقصدوا كينيا بحثاً عن الأمن والاستقرار، ولتأمينِ مستقبلٍ أفضل لأولادهم، وعيشِ حياةٍ طبيعيةٍ، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية. إنّ المسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً كمجتمعٍ دولي، وكدولٍ مجاورة لليبيا وغيرها من الدول التي تواجه تحدّيات أمنية، ومن واجبنا أنْ نُساعدها على تجاوز تلك التحدّيات والمضيّ قدماً.

◄ بالنسبة لحالة عدم الاستقرار التي تشهدها بعضُ دول القارة الأفريقية في مرحلة ما بعد الثورات، كيف يُمكن للاتحاد الأفريقي أنْ يُعالج مثل هذه القضايا؟ وما هو موقفه من تلك الثورات؟

► كما هو معروف، الاتحاد الأفريقي علّق عضوية مصر عندما كانت تواجه مشكلاتٍ معيّنة، واستعادت مصر مقعدها في الاتحاد بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة وعقِب تشكيل الحكومة.. لكنّها بقيتْ مُدّة من الزمن معلّقة العضوية لأن الاتحاد الأفريقي يؤمن بشدّةٍ بأنّ تغيير الحكومة باستخدام القوة أمرٌ غير مقبول، هذا أحد مبادئ الاتحاد؛ ولهذا السبب نفسه لا نقبل بموقف المتمرّدين في جنوب السودان،

فالحكومة الشرعية هي المنتخبة من قبل الشعب، وستبقى موجودةً طالما الشعب يُريد ذلك ، وقد تعاملنا بالطريقة ذاتها مع الكثير من الدول الأخرى وليس مصر فحسب.. هناك حدود، وعندما تتخطّى تلك الحدود وتقوم بتغيير حكومة منتخبة فإنّ الاتحاد الأفريقي سيجمّد عضويّتك إلى أنْ تُعيد الأمور إلى نصابها. ما علينا القيام به الآن هو المشاركة في مساعدة تلك الدول وخاصّةً ليبيا على مواجهة التحدّيات الراهنة.

◄  لكنّ الاتحاد الأفريقي علّق عضوية مصر لفترةٍ على ضوء «الانقلاب العسكري»، ثمّ بعد ذلك رفع التجميد عنها.. هل أنتم تُقرّون بالانقلابات بعدما أقرّ الاتحاد بأنّه لا انقلابات عسكرية في أفريقيا؟

► لا، لقد تمّ وضع شروطٍ محدّدة: وهي إجراء الانتخابات ، ووضع دستورٍ والالتزام بتطبيقه، وإرسال بعثة من الاتحاد الأفريقي للإشراف على عملية الانتخابات، وفقط بعد أنْ التزمت مصر بكلّ تلك الشروط تمكّنت من استعادة عضويّتها.

◄ بالعودة للحديث عن العلاقات بين قطر وكينيا، كيف تستشرفون الآفاق المستقبلية لهذه العلاقات على جميع الأصعدة، منها السياسي، والاقتصادي، وغيره؟

إنّها في تقدّمٍ مُستمر، وكينيا تتطلّع إلى توطيدِ هذه العلاقات ومواصلة التعاون والعمل مع قطر على تحقيق مزيدٍ من النهضة والازدهار، وهو ما يتوافق مع «رؤية قطر 2030» للمستقبل.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x