حوارات

وزير الإعلام الكويتي: الصدام بين الحكومة ومجلس الأمة سببه انعدام الثقة

أكد وزير الإعلام الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح ان حكومة بلاده غير عاجزة عن ضبط ايقاع العمل الإعلامي، نافيا في الوقت نفسه وجود وسائل اعلام تابعة لرجالات بالدولة او اشخاص متنفذين يمثلون التوجه الرسمي .

وقال في حوار شامل مع “الشرق” ان كثرة الصحف الصادرة بالكويت خلال الفترة الأخيرة لا تمثل مصدر ازعاج للحكومة، بل على العكس تمثل اضافة حقيقية للحياة الكويتية، وتعميقا للممارسة الديمقراطية .

وشدد على ان الحرية والديمقراطية لن تكون في يوم من الايام نقمة على الكويت، مشيرا إلى أن الكويت دولة مؤسسات تحكمها مبادئ الدستور والقوانين الوطنية .

وردا على سؤال حول الصدام المتكرر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وهو ما يشوه الديمقراطية الكويتية قال الشيخ صباح الخالد الصباح ان ما يحدث على الساحة السياسية امر محكوم بالدستور، وأضاف “الفترة الأخيرة شهدت تصعيدا نيابيا في وقت نرى فيه انه لابد من تضافر جهود السلطتين في ظل الاوضاع العالمية والاقليمية الحالية، وما يمر به العالم من أزمة مالية القت بظلالها وتداعياتها على الاقتصاد الكويتي”، مرجعا أسباب “التأزيم” بين السلطتين الى عدد من الأمور ابرزها انعدام الثقة بين السلطتين ، موضحا ان الحراك الديمقراطي هو في واقع الامر احد اهم مظاهر الحياة الكويتية، واضاف “يمكن القول ان السلطة التشريعية بشكل عام قد تجاوزت دورها التشريعي والرقابي المنصوص عليه في الدستور، فهي لها دور رقابي وتشريعي ولكن بضوابط، وبما لا يعطل عمل الحكومة أو يتسبب في تعطيل التنمية والمشاريع التنموية، وكذلك فإن الحكومة تضم ممثلين لتيارات سياسية ممثلة بالبرلمان (مجلس الأمة)، فالمسألة تتم وفق القواعد الديمقراطية».

واعرب الوزير الكويتي عن امله في ان يكون مجلس الامة الجديد على وفاق وتعاون مع الحكومة، داعيا النواب الى التخلي عن «الشخصانية» في الحكم على الامور .

وفيما يتعلق بإنشاء احزاب سياسية اكد ان هذا الامر قيد النقاش المجتمعي، مشيرا الى ان الكويت تضم تيارات سياسية عديدة لا تقل بأي شكل من الاشكال في قوتها ووجودها عن الشكل الحزبي .

وتحدث وزير الاعلام الكويتي عن عدد من القضايا المحلية والخليجية، والعلاقات الثنائية، وفيما يلي نص الحوار :

***

* تشهد الكويت ثورة إعلامية في مختلف المجالات.. هل يمكن ان نقول انها ظاهرة صحية؟

–  دولة الكويت فخورة بالثورة الإعلامية التي تشهدها في مختلف المجالات، فهي ثروة إنسانية وثقافية تضاف لزخم الحياة الكويتية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية، بنفس القدر الذي تحصل فيه من هذا الزخم على قوة الدفع والقدرة على الحضور والاستمرار والتطوير، فالمجتمع الكويتي يشهد حراكا نشطا على كافة المستويات، ووسائل الإعلام هي وليدة كل هذا، حيث يمثل ذلك التربة الصحية الخصبة لنمو وتطور هذه الثورة الإعلامية، خصوصا في ظل ما يكفله الدستور والقوانين المنظمة للإعلام، مثل قانون المرئي والمسموع وقانون المطبوعات من حرية للتعبير والرأي والرأي الآخر.. ومن ثم فإنه من المؤكد ان هذه الثورة تعد ظاهرة صحية وثروة حضارية بكل ما يمثل ذلك من معنى، وفي نفس الوقت هي ليست ظاهرة عشوائية أو منفلتة، بل حرية منضبطة وفق أسس وقواعد تحكم العمل الإعلامي بالكويت.

 

الحكومة وضبط الاعلام

* هناك من وسائل الإعلام من تجاوزات في طرحها كل الخطوط الحمراء.. هل الحكومة باتت تغض الطرف عن هذه المؤسسات ام انها عاجزة عن ضبطها؟

– لا أعلم ماذا تعني بالخطوط الحمراء، اللهم إذا قصدت النقد الشديد للحكومة.. فكما سبق وقلت فإن وسائل الإعلام بدولة الكويت محكومة بالدستور وقانون المرئي والمسموع وقانون المطبوعات.. والحكومة ووسائل الإعلام ملتزمان بذلك.. فنحن دولة مؤســــــسات تنظم القوانين العلاقة بين هذه المـــؤسسات.. ولم تقم الحكومة بغض الطرف وليست عاجزة عن ضبط ايقاع العمل الإعلامي، فعند صدور أي مخالفة من أي وسيلة إعلامية، تسارع الحكومة باتخاذ الإجراءات القانونية دون أي تأخير وأيضا دون أي شطط أو تشدد لا داعي له.. وطالما ارتضينا بالديمقراطية والحــــرية التي كفلها الدســــتور فعليــــنا ان نعي تماما ان هناك مسؤوليات وحقـــوقا وواجبـــــات علــى كل المؤسسات بالدولــــة بما فيهـــا وســـائل الإعلام.

أيضا.. لا يمكن ان تدعي اي حكومة في العالم انها مجتمع من الملائكة لا يخطئون فنحن بشر، وإذا أخطأنا أو جانبنا الصواب، فما العيب ان تخرج وسائل الإعلام لتقول لنا انتم أخطأتم في هذا الأمر أو ذاك، فمثل هذا النقد البناء مرحب به في كل الأحوال، ففي دولة الكويت مساحة الحرية كبيرة جدا، وسقف النقد الايجابي لا حد له.. وهذا نفخر به؛ فالحرية كما سبق وذكرت مكفولة طبقا للدستور والقانون، وأعتقد ان الجميع يدرك تماما مدى مساحة الحرية في الكويت والتي تحكمها أسس ديمقراطية، ولن أكون منحازا أو متجاوزا إذا قلت ان التجربة الديمقراطية في الكويت تجربة رائدة وناجحة بكل المقاييس والمعايير.

* هناك من وسائل العلام مرئية كانت أو مطبوعة تابعة للدولة أو لرجالات بالدولة او لأشخاص متنفذين ويمثلون التوجه الرسمي.. هل هذه الخطوة هي رد على الاعلام الذي يهاجم بشراسة الحكومة وبعض رجالاتها بحيث تتبنى هذه الوسائل الرأي الرسمي وتدافع عنه؟

– لا توجد وسائل إعلام تابعة لرجالات بالدولة أو لأشخاص متنفذين يمثلون التوجه الرسمي.. ومن ثم فإن الحكومة لم تقم باستخدامها للرد على الإعلام الذي يهاجم بشراسة الحكومة وبعض رجالاتها.. ولكن كما سبق وقلت، فإن سقف حرية التعبير بالكويت مفتوح في حدود المسؤولية، وشيء طبيعي ألا تجد اتفاقا تاما على كل ما تقوم به الحكومة، فلا توجد حكومة بالعالم تحوز على تأييد 100%، بل ما قد يراه شخص تصرفا ايجابيا من الحكومة قد يراه آخر أمرا سلبيا ويعارضه بشدة، فهذه هي الديمقراطية، حيث كل الأمور نسبية لا يستطيع كائن من كان أن يدعي امتلاك جانب الحق مائة بالمائة، وهذا ينعكس بدوره على وسائل الإعلام التي تمثل كافة التوجهات والأفكار، منها ما يجد تطابقا أو حتى تقاربا في الأفكار والتوجهات مع الحكومة وما تتخذه من قرارات ومنها من يقف على الجانب النقيض، فوسائل الإعلام بدولة الكويت ليست لونا واحدا، بل هي أطياف متعددة الألوان والاتجاهات، وكلها اتجاهات وطنية، تضع مصلحة الكويت أولا، لكن الاختلاف في الوسيلة وكيفية التطبيق، فأي قانون أو قرار تتخذه الحكومة هو بالطبع لمصلحة الوطن، لكن ليس بالضرورة ان يرضى عنه الجميع ليس في وسائل الإعلام فقط، بل وفي مجلس الأمة (البرلمان) ولدى رجل الشارع العادي، نحن لسنا دولة الفكر الاحادي، بل دولة مؤسسات تضم تيارات سياسية وفكرية مختلفة، ولكن كما سبق وقلت فإنها جميعا تمتد جذورها في عمق التربة الوطنية الكويتية.

ولكي أوضح أكثر.. فإن نفس الأمر ينطبق مثلا على مجلس الأمة (البرلمان) فعندما تتقدم الحكومة بمشروع قانون او تتخذ اجراء ما، فإن هناك نوابا يؤيدونها وآخرين يعترضون، ولكل من الطرفين أسباب منطقية من وجهة نظره، فهل هذا معناه ان هناك نائبا حكوميا وآخر غير حكومي، بالطبع لا.. فجميع النواب منتخبون من الشعب الكويتي ووصلوا إلى مقعد مجلس الأمة بعد حصولهم على ثقة الناخبين وليس الحكومة.. والصحافة انعكاس ومرآة حقيقية للمجتمع الكويتي ولا توجد حكومة ديمقراطية في العالم تحوز على اجماع من كل تيارات المجتمع بما في ذلك وسائل الإعلام. وعلينا ان نعترف بأن وسائل الإعلام هي بمثابة القاطرة التي تقوم بدور مهم في الارتقاء بمستوى المواطن فكريا وثقافيا وعلميا.. وتجعله مشاركا بشكل ايجابي في كافة فعاليات المجتمع.

 

كثرة الصحف

* ألا تشكل ظاهرة كثرة الصحف صداعا لكم؟

– لا يمكن أن تكون كثرة الصحف مصدر ازعاج لأي حكومة في نظام سياسي ديمقراطي، بل على العكس تماما، فنحن نفرح كثيرا بكل صحيفة أو قناة كويتية ترى النور، لأنها ستمثل إضافة حقيقية للإعلام الكويتي وتفتح آفاقا جديدة من حرية الرأي والتعبير، وفوق كل ذلك فإن الدولة هي من تعطي التراخيص لتلك الصحف والفضائيات طبقا للقانون، فكيف تعطي الدولة التراخيص لوسائل الإعلام ما لم تكن مؤمنة تماما بأنها تمثل إضافة حقيقية للحياة الكويتية بكل جوانبها وتعميقا للممارسة الديمقراطية التي تعد أحد مظاهرها المهمة وسائل الإعلام الحرة.

 

ضوابط اصدار الصحف

* يلاحظ ان السماح بإصدار صحف لم يخضع للجانب المهني بقدر ما خضع للإمكانيات المادية، وهو ما دفع كل من يملك تلك الإمكانية لإصدار صحف ومطبوعات قد تجيـــر لاغراض تضر بالمصلحة العليا للمجتمع.. ألا ترون ضرورة إيجاد ضوابط أكثر صرامة في إصدار الصحف؟

– أولا لا بد أن ندرك ان الإعلام بشكل عام هو صناعة بكل المقاييس ولا يمكن ان يقوم أي شخص بإصدار صحيفة ما لم تكن لديه القدرات المادية على ذلك، وهذا أمر متعارف عليه في كل دول العالم، فمن أين سيأتي بالأموال اللازمة لتأسيس مقر الصحيفة وتجهيزاتها الفنية والمعدات اللازمة لذلك، وكيف سيدفع رواتب الصحفيين والإداريين وكافة العاملين بالصحيفة، ومن المعروف ان اي صحيفة في العالم لا يمكن ان تحقق عائدا ماديا الا بعد فترة من صدورها وتوزيعها على القراء، قد تمتد هذه الفترة من شهر إلى سنة أو أكثر، أي أن المسألة مرتبطة بشكل أساسي بمعايير وأسس صناعة الإعلام.

هذا بالنسبة للجانب المادي، أما الجانب المهني فهو يعتمد على من يقوم صاحب أو أصحاب هذه الصحيفة باستقدامه للعمل في صحيفتهم، فالحكم على الجانب المهني لأي صحيفة لا يمكن ن يكون عادلا إلا بعد صدور الصحيفة، بل وبعد مرور فترة من الزمن تستطيع خلالها الصحيفة ان تضع وترسخ هوية لها، والحكم الفيصل في نهاية الأمر هو القارئ الذي قد يميل إلى هذه الصحيفة أو تلك، والقارئ الكويتي مثقف وذكي ويستطيع ان يحكم بنفسه على الصحف، ولا يمكن ان تستمر اي صحيفة مهما كان لديها من إمكانيات وموارد مالية ما لم تكن على مستوى معين من المهنية التي تقنع القارئ بشرائها او الاشتراك فيها، وحتى لو افترضنا ان هناك من يدفع أموالا طائلة لتغطية خسائر صحفية، فإن تأثير مثل تلك الصحيفة سيكون محدودا، ما لم يكن معدوما لأنها لا تجد صدى لدى القارئ.

أما بالنسبة لما تشير إليه من ضرورة وجود ضوابط أكثر صرامة، فإن دولة الكويت بها من القوانين التي سبق وأشرت إليها ما يجعل الشارع الإعلامي منضبطا تماما، وفي نفس الوقت فإن الدولة لا تتدخل في سياسة اي من وسائل الإعلام، بل على العكس ربما تكون الحكومة في مرمى نيران النقد الإعلامي أكثر من أي حكومة عربية أخرى، وهذا الأمر لا يزعجنا، بل على العكس نحن نرحب بكل وسيلة إعلام تقدم في حقنا نقدا بناء ونتجاوب مع وسائل الإعلام، لأنها بمثابة عين الحكومة على الشارع وعين الشارع ليس فقط على الحكومة، بل وعلى كافة مؤسسات المجتمع، فهي قنوات تواصل بين كافة فئات المجتمع الكويتي، ونحن فخورون بتجربتنا على أوسع مدى فأي إعلامي يستطيع الحصول على المعلومات وتوجيه الأسئلة لأي مسؤول او سياسي ولا نحجر على رأي او نخفي معلومة عن الإعلام، وذلك إيمانا منا بدوره الفعال في المجتمع.. فهذه هي الديمقراطية.

* في الوقت الذي نجد منافسة في وسائل الإعلام خاصة المرئية منها، نجد الإعلام المرئي الرسمي لا يواكب المرحلة التي يعيشها المجتمع.. هل هناك رؤية مستقبلية لتطوير أداء الإعلام الرسمي في الكويت؟

– الإعلام الرسمي الكويتي.. إعلام رائد في المنطقة ويقوم بدور فعال في المجتمع، ومعلوماته دائما مصدر ثقة لدى المواطن الكويتي، وهو بالفعل يجد منافسة من قبل وسائل الإعلام غير الحكومية، وهذا أمر طبيعي، ولا يعني بأي حال من الأحوال أنه لا يواكب المرحلة، بل على العكس تماما فإن الإعلام الرسمي يقف على مسافة واحدة من كافة التيارات والفعاليات الكويتية لا ينحاز لطرف تجاه الآخر، وهو ربما يكون من وسائل الإعلام القليلة التي ترى فيه كافة أطياف المجتمع الكويتي السياسي والثقافي والاقتصادي والفني، ولا يزال الرحم الذي خرجت منه كافة وسائل الإعلام غير الحكومية، وهو المدرسة والأم لهذه الوسائل الإعلامية، لما به من قيادات وخبرات تراكمية على مدار سنوات طويلة.

ورغم ذلك لا ندعي الكمال، ولدينا برامج دائمة لتطوير الإعلام الرسمي ورؤية  مستقبلية، عبر التدريب المستمر ورصد أي سلبيات أو معوقات لمسيرة الإعلام الرسمي الذي نفخر بأنه يضم كوادر إعلامية على أعلى مستوى.

 

الديمقراطية ليست نقمة

* الديمقراطية والحرية المتاحة في الكويت ربما غير متوافرة في أي مجتمع آخر.. لكن هذه الحريات البعض يسيء استخدامها.. هل أصبحت هذه الحريات نقمة في الكويت؟

– الحرية لا يمكن ولم يحدث في يوم من الأيام أن كانت نقمة ولن تكون نقمة على الكويت بل هي نعمة نحمد الله عليها، وكما سبق وذكرت، نحن دولة مؤسسات تحكمها مبادئ الدستور والقوانين الوطنية، واي تجاوز يقابل بالمحاسبة القانونية، ولا يوجد في الإعلام الكويتي تجاوزات بالشكل الذي يجعلنا ننظر إلى الأمر على أنه ظاهرة إساءة استخدام لوسائل الإعلام، بل على العكس نحن فخورون بهذا التباين بين وسائل الإعلام لأن هذا يعني التنوع في إطار ثقافة الرأي والرأي الآخر.

في نفس الوقت لا نستطيع اتهام وسائل الإعلام الكويتية ومنها الصحافة الكويتية بأنها أساءت استخدام الحرية المكفولة لها او انها وراء تعميق حالة الاحتقان والتأزيم بين الحكومة والبرلمان، فالتجربة الديمقراطية الكويتية والحياة السياسية الكويتية لها خصوصية مرتبطة بالطبيعة السياسية والاجتماعية وتركيبة الشخصية الكويتية نفسها.. أما الاحتقان والتأزيم بين السلطتين فله العديد من الأسباب وربما تساهم بعض الصحف في تهويل الخلافات وإبرازها.

 

الصدام بين السلطتين

* الصدام المتكرر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أخذ ابعادا تشوه الصورة الناصعة للديمقراطية الكويتية، وفي كثير من الأحيان على حساب تطور المجتمع.. كيف تنظرون إلى هذا الصدام المتكرر بين الحكومة ومجلس الأمة؟

– ما يحدث على الساحة السياسية أمر محكوم بالدستور وهذه هي طبيعة الحياة الديمقراطية، وان كانت الفترة الأخيرة قد شهدت تصعيدا نيابيا في وقت نرى فيه انه لابد من تضافر جهود السلطتين في ظل الأوضاع العالمية والإقليمية الحالية وما يمر به العالم من أزمة مالية ألقت بظلالها وتداعياتها على الاقتصاد الكويتي.

ولعل التأزيم بين السلطتين يرجع لأسباب كثيرة، أبرزها انعدام الثقة بين السلطتين، وعلى العكس مما قد يعتقده البعض، فإن الحراك الديمقراطي هو في واقع الأمر احد أهم مظاهر الحياة الكويتية بمختلف مناحيها، ونحن نعول كثيرا على طبيعة الحياة الديمقراطية الكويتية ونعتز بتجربتنا الرائدة في المنطقة، بل ان المجتمع الدولي يشيد بتلك التجربة.

ويمكن القول ان السلطة التشريعية بشكل عام قد تجاوزت دورها التشريعي والرقابي المنصوص عليه في الدستور، فهي لها دور رقابي وتشريعي ولكن بضوابط، وبما لا يعطل عمل الحكومة أو يتسبب في تعطيل التنمية والمشاريع التنموية، وكذلك فإن الحكومة تضم ممثلين لتيارات سياسية ممثلة بالبرلمان (مجلس الأمة)، فالمسألة تتم وفق القواعد الديمقراطية، وكما سبق وقلت فإن المشكلة هي أولا وأخيرا مسألة انعدام ثقة في المقام الأول، وأيضا إفراط في استخدام الأدوات الدستورية المكفولة للنواب ومنه الاستجواب الذي تم بشكل مفرط في الأزمة الأخيرة دون اللجوء إلى الخطوات والأدوات الأخرى، مثل السؤال والنقاش والتقارير وغيرها من الوسائل التي كفلها الدستور.

 

حلقة مفرغة

* حل الحكومة.. حل مجلس الأمة.. هي الدائرة التي نرى يسير فيها القرار السياسي.. إلى متى سيظل هذا الأمر قائما؟ وهل ترون أنه يمكن الاقدام على خطوات أخرى يمكنها التخفيف من حدة الاحتقان القائم بين الجهتين؟

– أولا، سواء كانت استقالة الحكومة أو حل مجلس الأمة، فكلها أمور تتم وفقا للدستور الكويتي، ولا أعتقد انها سوف تستمر فالشارع الكويتي يريد ان تستقر العلاقة بين السلطتين، وأرى ان الخروج من حالة التأزيم هو استعادة الثقة المفقودة بين السلطتين ونحن متفائلون بأن يكون مجلس الأمة الجديد على وفاق وتعاون مع الحكومة، وان يلتزم كل طرف بدوره دون ان يتجاوز أو يجور على دور الآخر، وساعتها لن يحدث تأزيم، كذلك لابد ان يتخلى النائب في مجلس الأمة عن الشخصانية في الحكم على الأمور لأنه طبقا للدستور، لابد ان يتعاون مجلس الأمة (البرلمان) مع الحكومة لتنفيذ الخطط الموضوعة وانجاز المشروعات فعلينا ان نتعامل معا بصفتنا شركاء أولا وأخيرا بدلا من ان يجلس كل من السلطتين على طرفي النقيض.

أيضا لابد من ترشيد استخدام الأدوات الدستورية وبالتحديد الاستجواب، وألا يقف طرفٌ متربصا بالآخر، وأنا متأكد أنه إذا خلصت النوايا لن يكون هناك تأزيم.

كذلك، فإنني أحب ان أوضح أمرا مهما وهو انه لا مانع لدى أعضاء الحكومة من ان يتم تقديم استجوابات بحق أحد أعضائها ولكن المشكلة في الافراط في استخدام الاستجوابات، ورغم ذلك نحن نؤكد ان الاستجواب حق دستوري مكفول لكل الأعضاء بمجلس الأمة.

 

الحياة السياسية مستقرة

* البعض كان متخوفا من حل غير دستوري لمجلس الأمة من قبل سمو الأمير.. هل يمكن الاقدام على مثل هذه الخطوة إذا ما تأزمت الأمور أكثر خلال المرحلة المقبلة؟

– أولا الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الكويت مستقرة تماما بفضل حكمة سمو الأمير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه فهو أب وحكم بين السلطات ويدعم مسيرة الحياة الديمقراطية، ولقد أكد صاحب السمو حرصه التام على الدستور، ومن ثم فإن سموه لم يكن ليلجأ إلى الحل غير الدستوري، وفي قرار سموه بحل مجلس الأمة كان سموه مستندا في ذلك إلى مواد الدستور، فهذا حقه الدستوري، وصاحب السمو بحكمته هو الأكثر حرصا على الاطلاق على التمسك بنصوص الدستور واستمرار الحياة الديمقراطية.

 

غياب الاحزاب

* طالما هناك حراك سياسي كبير في الكويت.. لماذا لا نرى أحزابا سياسية قائمة بشكل علني تمارس دورها وفق الضوابط المحددة؟

– بالنسبة لفكرة قيام الأحزاب السياسية بالكويت، فهي تطرح من حين لآخر وهي قيد النقاش المجتمعي، وفي دولة الكويت توجد تيارات سياسية عديدة لا تقل بأي شكل من الأشكال في قوتها ووجودها عن الشكل الحزبي، فهناك تكتلات وتجمعات سياسية سواء داخل البرلمان او خارجه وفي كل الأحوال فإن مثل هذا الأمر متروك للشارع السياسي الكويتي ليختار ما يشاء من صور التعبير الديمقراطي في إطار الدستور والأعراف السياسية المتجذرة في الشارع الكويتي.

* التنسيق القائم بين المؤسسات الإعلامية في دول مجلس التعاون الخليجي لا يرقى لعمر المجلس.. هل أنتم راضون عن التنسيق الإعلامي بن دول مجلس التعاون الخليجي؟

– على العكس تماما، فإنني اختلف معكم في الرأي حول التنسيق القائم بين المؤسسات الإعلامية في دول مجلس التعاون الخليجي، وبالطبع فإن الشارع الخليجي ونحن معه يطمح دائما إلى المزيد وهذا ما تسير عليه دول مجلس التعاون الخليجي وأعتقد ان الروابط والعلاقات بين دول المجلس في كافة المجالات تفوق نظيراتها في العديد من التكتلات الإقليمية المماثلة، وان كنا جميعا نطمح فيما هو أفضل ونعمل دائما من خلال اللجان المشتركة والاجتماعات واللقاءات على تطوير الأداء وتعميق التعاون.

 

الخطاب الاعلامي الخليجي

* يلاحظ أن الخطاب الإعلامي الخليجي الخارجي بحاجة إلى كثير من التوحد.. كيف يمكن الوصول إلى هذه المرحلة؟

– أولا.. لابد ان نعترف بأمر بالغ الأهمية، وهو أن معنى ومدلول توحيد الخطاب الإعلامي اختلف كثيرا عما كان عليه منذ ثلاثين أو أربعين عاما مثلا، فلا يمكن ان يتحول الخطاب الإعلامي بدول مجلس التعاون الخليجي والموجه خارجيا إلى إعلام أحادي النظرة والتوجه.. ولكن ما يمكن الحديث عنه الآن هو ضرورة وجود حزمة معينة من القواعد والأعراف يجب الحفاظ عليها والالتزام بها من قبل الإعلام الخليجي، وأرى أن هذا موجود بالفعل ومتحقق في الإعلام الخليجي.

وفي هذا الصدد، علينا ان نعترف أيضا أنه ربما يكون هناك من يسيء استخدام وسائل الإعلام الموجهة للخارج خصوصا الفضائيات بالشكل الذي قد يؤدي إلى بث الخلافات أو إظهار دول مجلس التعاون كما لو كانت تعاني من خلافات، لكن في نفس الوقت فإنه لا يمكن انكار ان وسائل الإعلام الخليجية بشكل عام والفضائيات بشكل خاص استطاعت ان تصل برسالة خليجية ايجابية إلى كافة أرجاء الوطن العربي والعالم. ولا يمكن لقناة أو صحيفة أو برنامج أو مقال منشور أن تجعلنا نغفل عن الشكل الايجابي والدور الفعال للرسالة الإعلامية الخليجية الموجهة للخارج.

* البعض من المواطنين بدول المجلس يرى أن هناك من وسائل الإعلام الخليجية ما بات يعمل ضد مصلحة المجلس، ويسعى إلى خلق بؤر توتر على المستوى الرسمي والشعبي.. هل أنتم مع هذا الرأي؟

– كما سبق وذكرت فإن قناة أو برنامجا بقناة أو صحيفة أو مقالا بصحيفة، لا يعني ان نعمم الحكم على باقي القنوات او الصحف، فإذا كانت هناك وسيلة إعلامية يرى البعض انها تعمل ضد مصلحة مجلس التعاون الخليجي وتسعى إلى خلق بؤر توتر على المستويين الرسمي والشعبي، فأنا أقول ان هذا لا يعني ان نغفل الغالبية العظمى من وسائل الإعلام الخليجية تضع مصلحة دول المنطقة في مقدمة أولوياتها، وتعمل على تعميق الروابط بينها.

أيضا.. لا يمكن ان ننظر لأي نقد لأداء مجلس التعاون على أنه مؤامرة ضد المجلس، فهناك نقد ايجابي، ينقل للمسؤولين نبض الشارع الخليجي، ولعل أي مراقب منصف للعلاقات الخليجية – الخليجية ولأداء مجلس التعاون الخليجي، يلمس بكل سهولة مدى التعاون الوثيق بين دول المجلس ومدى الترابط الأخوي والعلاقات المتميزة بينها فهي أمر لا تخطئه العين.

 

العلاقات الثنائية

* كيف ينظر معاليكم إلى العلاقات القائمة بين دولة قطر ودولة الكويت الشقيقة؟

– العلاقات الكويتية – القطرية، ليست وليدة اليوم، بل هي شجرة مثمرة، جذورها ممتدة بعمق العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين والشعبين، مظاهرها المصالح المشتركة والروابط الإنسانية المتأصلة في نفوس الشعبين، وكذلك عمق العلاقات السياسية بين الحكومتين.

أيضا يمثل التضامن العربي أحد أهم الثوابت السياسية الكويتية وهذا ما يؤمن به سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أشد الإيمان ويعمل على ترسيخه ومن ثم فإن العلاقات القوية والمتينة مع دولة قطر الشقيقة، انما هي تأكيد على وحدة الصف الخليجي بشكل خاص ووحدة الصف العربي بشكل عام.

كذلك فإنه لدولة قطر أميرا وحكومة وشعبا مكانة خاصة لدى دولة الكويت، نعتز برباط العروبة والإسلام وتراب الخليج الذي يجمعنا جميعا حيث نستظل تحت سماء واحدة، فضلا عن المصالح المشتركة بين البلدين والقائمة على التنسيق المستمر بين قيادات الشعبين ونحن في الكويت فخورون بعلاقتنا بدولة قطر الشقيقة وفخورون أيضا بالعلاقات المتميزة التي تربطنا بكافة الدول العربية الشقيقة.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x